توفي في لندن، هذا الأسبوع، العلامة اللاهوتي “المحروم كنسيًا” هاني مينا ميخائيل، صاحب العديد من الإصدارات اللاهويتة التي أثارت بعض الجدل داخل أروقة الكنيسة المصرية.

الدكتور هاني مينا ميخائيل أحد الذين قام البابا شنودة الثالث بحرمانهم كنسيا، لخلافات في التفسير بينهما، ودون عقد محاكمة كنسية له، حيث كان هاني ميخائيل يعاني من جلطة بالقلب منذ سنوات، فتلقى نبأ الحرمان وهو على فراش المرض. فما هي قصة هذا الرجل؟ وما هو الخلاف الذى قاد إلى هذا الحرمان؟

يقول أحد خدام كنيسة مارجرجس أسبورتنج بالاسكندرية -رفض نشر اسمه- إن الدكتور هاني تتلمذ في طفولته وشبابه في كنيسة مارمينا شبرا  على الأستاذ كمال حبيب (الأنبا بيمن أسقف ملوي فيما به) وارتبط به ارتباطا وثيقا.

والمدقق في كتابات الدكتور هاني والموضوعات التي اهتم بها سنجدها هي نفس الموضوعات التي اهتم بها الأنبا بيمن مثل موضوع الخلاص والموضوعات التي تتعلق بالإنسان والجنس وماشابه.

ثم انتقل الشاب هاني مينا للخدمة في كنيسه مارمرقس مصر الجديدة وتعرف على القمص أنطونيوس أمين تلميذ البابا كيرلس السادس وزميل الأب متى المسكين الذي كان أب اعترافه، وكتب له مقدمه كتاب الإنسان والكون المادي في المفهوم الأرثوذكسي ١٩٩٢ وشجعه على طباعة كتاب “العدالة الإلهية حياة لا موت مغفرة لا عقوبة” الذي طبع بعد نياحة القمص أنطونيوس عام ٢٠٠٧.

تتلمذ الشاب باسم لمعي ( القمص داوود لمعي) على الدكتور هاني مينا في كنيسه مارمرقس كليوباترا وكان يدّرس كتب وأفكار الدكتور هاني في اجتماعات الخدام عندما كان أمينًا للخدمة قبل رسامته كاهنا.

هاني مينا وجورج بباوي

وعرف الشاب هاني مينا على الدكتور جورج بباوي، أحد اللاهوتين المحرومين كنسيا، الذي كان يعظ في اجتماع الشباب وعلى الأنبا صمويل أسقف الخدمات الذي كان صديقا حميما للأب أنطونيوس أمين في كنيسه مارمرقس كليوباترا.

هاجم البابا شنودة كتابات الدكتور هاني في كتيب له وحرمه الأنبا بيشوي مطران دمياط السكرتير العام للمجمع المقدس الأسبق المتنيح  سنة ١٩٩١ شفاهة وأرسل له القمص بيشوي فرج في المستشفي ليبلغه بالحرمان، ولكنه أخذ حلا بالتناول في الكنيسة مره أخري ولم يسر عليه الحرمان.

تعرف الدكتور هاني علي المطران أنطوني بلوم وأساتذه معهد فيلاديمير الأورثوذكسي في نيويورك وكانت له علاقات رائعة معهم. واقام بصفة دائمة في لندن حتى وفاته.

فؤاد نجيب، رئيس تحرير مجلة كتاب الحياة في أمريكا، يذكر أنه كان على اتصال بالراحل هاني في مطلع التسعينات وكانا يتحدثان تليفونيا عن كتبه وآرائه المثيرة للجدل.

كانت المشكلة مع أول كتاب أصدره وهو كتاب “الله والإنسان والكون المادي” الذي انتشر على نطاق واسع وتسبب في أزمة مع الأنبا شنودة. كان شنودة يتصدى لهذه الأفكار والكتب بشكل صارم لذا اكتسب مينا عداوة شنودة.

“حتى لو الكتاب ليس به أي شيء، فما بال لو كان الكتاب بهذا التحرر الفكري، حتى جلدة الكتاب كانت مبتكرة وجميلة ومتحررة بمقاييس الكنيسة في ذلك الوقت، الكتاب كان جديدا تماما وانتشر بسرعة حتى أنه وصلنا في أمريكا وكان الكل يتخاطفه ويتكلم عنه، كل ذلك يتعب الأنبا شنودة جدا” يتحدث نجيب عن مينا وكتبه.

يشير إلى أن هناك كاهن في لندن كان معروفا بالوشاية لعب دورا سيئا في تشويه علاقة الدكتور هاني بالكنيسة في مصر، وخاصة أن القمص أنطونيوس أمين قدم للكتاب وهو من الشخصيات التي كانت تتحدى البابا في ذلك الوقت.

قصة الحرمان الكنسي

وكان البابا يحارب كل من كانت له علاقة بخدمة مدارس الأحد الجيزة ومع الأنبا صموئيل. ما حدث أن الأنبا شنودة أرسل الأنبا بيشوي في مهمة خاصة محددة ليقوم بحرم الدكتور هاني، والغريب في الأمر أنه استقبله في بيته بكل حفاوة ومحبة وعزمه في مطعم، لدرجة أن الأنبا بيشوي كان يشعر بالخجل من نفسه وهو يوقع عليه قرار الحرمان، وكان يقول له أنا قادم لهذا الغرض ومطلوب مني أن أنفذه ولا أملك إلا أن أحرمك “أول مرة أحرم واحد وأنا باضحك!”.

بعدها تعرض الدكتور هاني لأزمة قلبية خطيرة ترتب عنها أن دخل المستشفى وأجريت له عملية كانت في غاية من الخطورة فكان قريب جدا من الموت لكن نجا بمعجزة.

يتذكر رئيس تحرير مجلة كتاب الحياة أن بعد ذلك سُمح له بالتناول بسبب مرضه لكنه ظل ثابتا على موقفه وتعاليمه حتى أصدر كتابه الثاني الذي كان قنبلة أكثر من الكتاب الأول، ومن قدم له الأنبا أثناسيوس الند العنيد جدا للأنبا شنودة، لذلك فمعلموا الدكتور هاني بدا من الانبا بيمن أسقف ملوي الذى كان يعلم بتأليه الإنسان وهي العقيدة التى اعتبرها البابا شنودة شركا بالله.

ومرورا بالأنبا أثناسيوس الذى كان يرفض فكرة الغضب الإلهي بديلا عن المحبة المسيحية هم من كانوا علي خلاف مع البابا شنودة والأنبا بيشوي لذلك تم الانتقام منهم في شخص الدكتور هاني.

يقول الباحث اللاهوتي ماجد غطاس إن الاختلاف بين الدكتور هاني ميخائيل وبين البابا شنودة اختلاف فى عمق المفهوم الإنساني للمسيحية.

وعلى عكس الدكتور جورج بباوى فإن هانى مخيائيل كان أكثر هدوء فى تعاليمه وأقل هجوما أو ردا على من حرموه وكفروه كالعادة.