بدأت الحكومة المصرية تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية، التي تستهدف تقليل فاتورة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي والتحكم في الأسعار. كما تحمي المزارعين من مخاطر تقلبات السوق، وعبء التسويق.
والتحول نحو الزراعة التعاقدية يساهم في ضبط الأسعار، بالنظر إلى تحكم الحكومة في حجم المعروض بما يتناسب مع حجم الطلب. وبالتالي فهو واحد من مسارات تحقيق الاكتفاء الذاتي وفي الوقت نفسه دعم المزارعين.
ماذا تعني الزراعة التعاقدية؟
تعني الزراعة التعاقدية قيام المزارعين بإبرام اتفاقيات مع أطراف أخرى، مثل المصدرين ومصانع إنتاج الأغذية وكبار تجار الجملة. والذين يتسلمون بدورهم المنتجات الزراعية محل العقد والتصرف بها في نهاية الموسم.
لذلك فهي معاملات استباقية، يجرى خلالها الاتفاق على كميات وأسعار محددة وحسب مواصفات معينة، وبالتزام من جميع الأطراف. وهو خيار مختلف عن مجرد طرح المنتجات في السوق والحصول على أسعار متقلبة ومخاطر عالية.
حكوميًا، تقوم هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين بالتعاقد على الأرز وقصب السكر بشكل مبكّر. وهي بذلك تضمن توريد الكميات التي تحتاجها دون حدوث أي خلل أو عجز.
وفكرة الزراعة التعاقدية قديمة ومتعارف عليها ومطبقة في العديد من الدول، وحققت نجاحات متفاوتة. وهي ناجحة بشكل كبير في تسويق المنتجات الحيوانية والسمكية على وجه الخصوص.
ما المستهدف من تطبيق نظام الزراعة التعاقدية؟
تستهدف الحكومة من تطبيق نظام الزراعة التعاقدية تحقيق الأمن الغذائي، وفي الوقت نفسه ضبط الأسعار وحماية المزارعين من تقلبات السوق.
في هذا يقول نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، إن التعامل وفق منظومة الزراعة التعاقدية ينهي أزمات الإنتاج. ولفت إلى أن التأخر في التنفيذ كان سبباً في انهيار أسعار العديد من المحاصيل الزراعية.
وبينما توفر هذه الممظومة معلومات كافية للمزارعين، يقول أبو صدام، إنّ الفلاح كان يتخبط قبل اختيار نوع المنتج الذي سيزرعه. وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعارض بين حجم المعروض والطلب.
والزراعة التعاقدية تقلل فاتورة مصر الاستيرادية، وتفتح المجال أمام التصدير خاصة في مجال التصنيع الزراعي. كما تساهم في رفع نسبة مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي، وتوازن الأسعار وتضبطها.
وأكد نقيب الفلاحين، في تصريحات لـ”مصر 360″، أن المنظومة تؤمِّن موقف المزارع ومعدل إنفاقه على محصوله. فضلاً عن ضمان مرحلة البيع وإزالة عبء التسويق عن كاهل المزارع، وتأمين احتياجات المصانع على الجانب الآخر.
وأضاف أبو صدام أن رئيس الجمهورية أصدر قراره بالتحول نحو العمل بالزراعة التعاقدية منذ عام 2015. وأن وزارة الزراعة بدأت بالفعل التطبيق على محصولي عبد الشمس وفول الصويا، وتكاد تكون نجحت في الأمر.
وتوقع التوسع في العمل بالمنظومة خلال الفترة المقبلة، خاصة أنها تساهم في تقليل معدل البطالة. وتساعد في الحصول على العملة الصعبة كنتاج لزيادة معدل التصدير.
نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة: التحول نحو الزراعة التعاقدية يساهم في ضبط الأسعار. بالنظر إلى القدرة على التحكم في حجم المعروض وإتاحة اللازم لاحتياجات المواطنين.
نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة، حاتم نجيب، يقول إن التحول نحو الزراعة التعاقدية يساهم في ضبط الأسعار. بالنظر إلى القدرة على التحكم في حجم المعروض وإتاحة اللازم لاحتياجات المواطنين.
وأضاف نجيب في تصريح لـ”مصر 360″ أن الزراعة التعاقدية تحمي الشعوب من مخاطر الأزمات، كما هو الحال في جائحة كورونا. وذلك من دون الاعتماد على الاستيراد. وتابع: “تحقيق الاكتفاء الذاتي واحد من أهم الأدوات التي تمنح الدول الحق في تقرير مصيرها وتوفير احتياجات شعوبها”.
البداية بعباد الشمس وفول الصويا
إزاء ذلك، بدأت وزارة الزراعة حصر القرى التي يصلح التعامل فيها بنظام الزراعة التعاقدية لبدء المرحلة الأولى لمبادرة “حياة كريمة”. وذلك بهدف ضمان الاستقرار في إنتاج بعض المحاصيل الضرورية والاستراتيجية.
وأعلن وزير الزراعة سيد القصير، في وقت سابق، التنسيق مع الوزارات والجهات المعنية للبدء التدريجي في التعامل بنظام الزراعة التعاقدية. على أن يتحول إلى التعميم بعد الانتهاء من تجريبه على بعض المحاصيل.
وأوضح القصير في بيان أن الدولة تعاقدت مع الفلاحين على محصولي فول الصويا وعباد الشمس بأسعار مجزية خلال العام الجاري. الذي يتم خلاله استهداف زراعة نحو 100 ألف فدان من عباد الشمس بسعر 8500 جنيه للطن. ونحو 250 ألف فدان من فول الصويا بسعر 8000 جنيه للطن.
وتدرس وزارة الزراعة طبيعة وطرق إيجاد مشترين ومتعاقدين، خاصة للمحاصيل الاستراتيجية كالقطن والذرة وغيرها. وتم بالفعل زراعة نحو 22 ألف فدان، بينهم 7 آلاف فدان من عباد الشمس، وباقي الأفدنة لفول الصويا.
ويصل حجم الفجوة فى زيت الطعام في مصر إلى %95، وهي الأكبر بين السلع الاستراتيجية فى السوق. لذلك تسعى وزارة الزراعة لسد تلك الفجوة عبر التعاقد على مساحات كبيرة.
إنشاء مراكز للزراعات التعاقدية
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً رئاسياً، نشر في الجريدة الرسمية في مارس 2015 حمل رقم 14 لنفس العام. وذلك بإنشاء مركز للزراعات التعاقدية، مع وضع نماذج استرشادية للعقود المشار إليها أو المستهدف إبرامها.
وأكد نقيب الفلاحين أن القرار الرئاسي جاء بعد مطالبات عديدة من المزارعين، خاصة بعد تأثرهم بأزمات أكبر من طاقتهم. سواء الناتجة عن إصابة المحاصيل بالحشرات أو التأثير السلبي بالتغيرات المناخية والتي هددت المزارع الصغير.
وأضاف أبو صدام أن التوجه العام خلال الفترة المقبلة هو تأمين عمل المزارع للحصول على النتائج المرغوبة في ضوء السعي للاهتمام بالقطاع الزراعة كطوق نجاة للاقتصاد وقاطرته في الفترة المقبلة.
وفي مارس 2021، أكد مجلس الوزراء التوجه نحو التوسع في النظام التعاقدي مع المزارع. وذلك وفق أولوية تستهدف تقليل فاتورة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي.