عانت منيرة رسمي من ألم مستمر، أرجعه طبيب النساء الخاص بها إلى ورم ليفي في الرحم. وأخبرها أن هناك عدة حلول لمواجهة هذا الورم، منها إزالته، ولكنه فضل ما وصفه لها بالإجراء السريع وأيضا السهل. وهو التدخل في الرحم من خلال قسطرة، وبالفعل استجابت للأمر.
بعد التدخل من خلال القسطرة. لم ينته النزيف الذي عانت منه منيرة. وبدأت رحلة جديدة مع الأطباء انتهت بإزالة الرحم. وهو الإجراء الذي كان لا بد أن يجريه الطبيب في الأول وفقا لما أكده الأطباء الذين ترددت عليهم.
“أولهم هو طبيبي الخاص الذي أتابع معه باستمرار .. أخبرني أن ما سيتم هو نوع جديد من التقدم في الطب، ولكن الوجع لم ينته واستمر حتى استئصال الرحم”. تقول منيرة
حياة المرضى أمام المكسب السريع
وصفت منيرة ما تعرضت له بالاستسهال بحياة المرضى. والبحث عن المكسب السريع: “العملية التي أطلق عليها الطبيب الأول أنها لا تقع تحت بند الجراحات دفعت مقابل لها 25 ألف جنيه. وهو مبلغ ليس بالقليل، ومع ذلك لم تنته الأوجاع”.
ويقع تحت ما يمكن أن يطلق عليه بيزنس العمليات الجراحية أيضا، “الولادة القيصرية التي يلجأ لها الأطباء، وتكلف الكثير من الأموال في مقابل الولادة الطبيعية. ما دفع لخروج العديد من المبادرات للمطالبة بوقف هذا البيزنس. كان آخرها مبادرة “أوقفوا الولادة القيصرية غير الضرورية“.
تحتل مصر المركز الأول عالميا في الولادة القيصرية بنسبة 63% بينما لا تتجاوز النسبة 51% في أي مجتمع.
عمليات بالتقسيط
واقعة جديدة تعرضت لها ثناء على بعد الولادة القيصرية، ليبدأ طبيبها إقناعها بإجراء عملية “تضييق المهبل”. وهي عملية أخبرها بأنها تعمل على تقليل جحم فتحة المهبل التي تتأثر بعد الحمل والولادة وأيضا ممارسة العلاقة الزوجية.
“عرض على الطبيب إجراء الجراحة وأخبرني أنها ستنتهي خلال دقائق معدودة، وتكلفتها 12 ألف جنيها، ويمكنني تقسيط المبلغ إذا رغبت. وحصل مني في البداية على 28 ألف جنيها مقابل الولادة”.
رفضت ثناء إجراء العملية، لزيادة تكلفتها المادية “شعرت أيضا أنها تجارة عندما عرض عليها الطبيب تقسيط المبلغ، فرفضت على الفور، وعلمت عقب ذلك أن هذا الإجراء نصب على العديد من السيدات، فلا تتأثر فتحة المهبل ولا تؤثر تلك العملية عليه أيضا”.
مع تطور عالم الطب أوجدت عمليات خاصة بتضييق المهبل، بهدف حل عدة مشاكل، أشهرها التوسعات وارتخاء جدار المهبل، الناتجة عن الولادات المتكررة أو في فترة ما بعد انقطاع الطمث كنتيجة لانخفاض مستوى هرمون الاستروجين في الجسم. ما يؤدي إلى ضعف الأنسجة الداعمة لمنطقة الحوض والمهبل، وتظهر النتائج الإيجابية لعملية تضيق المهبل بكونها عوضا عن تحسين المظهر الخارجي للمهبل، هي تساعد في زيادة النشوة الجنسية، وتخلص المرأة من البرود الجنسي، وفقا لعدد من الأبحاث الطبية.
تجميل المهبل
نشرت مؤخرا نتائج دراسة رائدة حول موضوع عمليات تجميل المهبل في مجلة British Journal of Obstetrics and Gynaecology.
الدراسة، التي أجريت في معهد صحة المرأة في جامعة كوليدج في لندن، أجريت كتكملة لعمل باحثين من نفس الجامعة الذين فحصوا دراسات سابقة حول جراحات تجميل المهبل، ووجدوا أن القليل جدا من الأبحاث قد أجريت حول الآثار الجانبية على المدى الطويل لمثل هذا النوع من العمليات.
وشملت الدراسة 33 امرأه رغبن بإجراء عملية تجميل الشفرين. كان متوسط عمر النساء 23، حيث كانت أصغرهن بسن 11. وفحص الباحثون بفحص المهبل لدى هؤلاء النساء. ووجدوا أن حجم الأشفار كان ضمن المعدل الطبيعي لدى جميع النساء. فقط لدى ثلاثة منهن ظهر عدم تباين كبير الذي يمكن أن يبرر إجراء مثل هذه الجراحة، على الرغم من الاستنتاجات التي ظهرت من خلال الفحوصات. فان 40٪ من النساء كن معنيات بإجراء هذه الجراحة. بغرض تحسين مظهر المهبل لديهن.
الدكتورة سارة كريتون، التي ترأست فريق البحث، تقول إنه في حالة عدم وجود أدلة للضرورة الطبية للجراحة. فعمليات تجميل المهبل لا تختلف قيد أنملة عن العمليات الجراحية التي تجرى في الثقافات المختلفة التي تهدف إلى إحداث تشوهات في العضو التناسلي. وتشير إلى أن الأخيرة محظورة في بريطانيا. وعلاوة على ذلك، فجراحات تجميل المهبل يمكن أن تتسبب في نفس الآثار الجانبية التي تحدث نتيجة للعمليات التي تهدف إلى تشويه العضو التناسلي.
العزوف عن التصدي للأورام
هذا البيزنس لا يستهدف النساء فقط. أو ما يخصهن من عمليات، أيضا جراحات المخ والأعصاب تشهد نفس الأمر.
الدكتور الجوهري محمد الجوهري، أستاذ جراحات المخ والأعصاب بالقصر العيني، يقول إنه يقابل شخصيًا عددا كبيرا من الأطباء العاملين في نفس مجال تخصصه. عزفوا عن التصدي وعلاج مرضى أورام المخ واكتفوا بالجراحات البسيطة للعمود الفقري كالانزلاق الغضروفي و خلافه. مع إن جراحات المخ وأورامه هي الأهم، فهذه الظاهرة لم تكن بهذا الحجم في ثمانيات وتسعينات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثالثة.
وتابع الجوهري، أن السبب هو أنه يرى هذا العدد الكبير من أطباء هذا التخصص أن العزوف عن ممارسة هذه الجراحات هو “عين العقل”. لما تحمله من مشقة وجهد خارق أثناء الجراحة ومن بعدها في متابعه المرضى، وفي ظل حالة مجتمعية أخلت بعلاقه الطبيب بالمرضى، وضربتها في مقتل.
ويرى الجوهري، أن هؤلاء الأطباء اكتفوا بالجراحات الأبسط فمنها يقتاتون أرزاقهم بأقل عناء وجهد. وعلى الجانب الثاني فكثير من هؤلاء المرضى لا يقدرون على تكاليف هذه العمليات في ظل الحالة الاقتصادية المتردية التي يعيشها معظم الشعب المصري في الوقت الحالي. و يفضلون الموت بهذا المرض على خراب الديار. كما يظنون ويعتقدون خطئا على عكس الحقيقة، فجراحات هذه الأورام نعطي فيها نتائج جيدة. والجراحون المصريون تفوقوا وتميزوا على نظرائهم في المراكز المتخصصة حول العالم. فالكل يلهث وراء الرزق السريع، هكذا يؤكد الجوهري، ويفسر نفور الأطباء من الجراحات الدقيقة.