استمرار لمحاولات البحث عن طرق للتعايش. حاول عدد من المواطنين تعبئة بنزين من المستودع المموه الذي كشف عنه ثوار بلدة “تليل بعكار” شمال لبنان. لكن لم تكن النتيجة على حد توقعهم، حيث وقع الانفجار.
مقتل 20 شخصا على الأقل وأكثر من 70 جريح. بجانب عدد من المفقودين تم تسجيلهم في محيط موقع الخزان، هو الحصيلة الذي أفاد بها الصليب الأحمر.
دخلت الأزمة الاقتصادية الطاحنة في لبنان مرحلة جديدة. بسبب رفع الدعم عن الوقود. إذ شح الوقود من المحطات في أنحاء لبنان تقريبا. أدى إلى ظهور ما يعرف بـ “طوابير الذل”، التي يقف فيها اللبنانيون لساعات أمام المحطات، وقد تطول لأيام.
إن كنت محظوظا
يقول حسن جمعة صيدلي، إنه حتى يمد سيارته بـ 20 أو 10 لتر، حسبما كان متوفر. فإنه يضطر إلى الانتظار ساعات أو يوم أو يومين. قائلا:” بنركن السيارات أيام قبل ما صاحب المحطة يشتري صهريج بنرين حتى يبيعه للزباين، أي بنركن السيارة وبنعود للمنزل، ثم نعود مرة أخرى بعد ساعات أو يوم أو أكثر”.
لم يكن ذلك الانتظار كافيا للحصول على البنزين. فالمواطن يضطر للانتظار من 5 إلى 6 ساعات أخرى مع بدء تعبئة البنزين حتى نصل إلى الدور إن كنت محظوظا.
يعلم الشعب اللبناني، أن الأزمة الاقتصادية “باقية وتتمدد”. حتى مع مداهمة الجيش لمحطات البنزين في محاولة منه لإنقاذ الوضع. حيث صادر الكميات التي عثرت عليها بهدف بيعها للمواطنين.
ويتاع: البنزين والمازوت موجودين بكميات قليلة، وأسعار السوق السوداء أغلى 4 مرات.
السوق السوداء
وفيما يتعلق بالأسعار، يشرح جمعة الوضع: سعر 20 لتر مازوت عند الدولة 57 ألف ليرة. بينما بالسوق السوداء أقل سعر هو 300 ألف ليرة. أما بنزين 20 لتر لدى الدولة بـ 78 ألف ليرة، بالسوق السوداء من يومين كان أقل سعر 500 ألف ليرة.
الصيدليات نهارا فقط
لم تقف الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها بعيدة عن حياة جمعة وعمله، حيث توقف عن العمل في الصيدلية فترات الليل لعدم وجود الكهرباء. وكذلك لعدم توفر المازوت الذي يساعد على تشغيل موتور الكهرباء الخاص به.
“البنزين مقطوع وسيارات نقل الدواء ما بتوصل على الصيدلية. وهذا يجعل الدواء يتأخر على المريض”. يحكي جمعة عن خسارته في الأدوية، ويؤكد أنه بجانب أزمة الوقود، خسر “الأنسولين” الذي يحتاج إلى تبريد دائم.
عبرت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي. عن قلق المنظمة الدولية، من امتداد تأثير أزمة الوقود إلى خدمات الرعاية الصحية والمياه. وأن تؤثر على ملايين اللبنانيين.
ودعت رشدي الجهات المعنية إلى إيجاد حلول مستدامة للمستشفيات لإنقاذ الأرواح. مجددة استعداد الأمم المتحدة المتواصل لتقديم الدعم.
قبيل شهرين، حذر البنك الدولي. من أن لبنان غارق في انهيار اقتصادي قد يضعه ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن الـ 19. في غياب لأي أفق حل يخرجه من واقع مترد يفاقمه شلل سياسي، بحسب منظمة هيومن رايتس.
بوادر من عاميين
يقول صائب كيالي، مواطن لبناني. أن أزمة المحروقات أو الفيول كما يطلق عليها اللبنانيون. بدأت بوادرها من أغسطس 2019. وأن السبب الرئيسي هو اعتماد البلد على الاستيراد حتى صار هناك شح في العملة.
ويضيف كيالي: أعلن البنك المركزي عدم توفر العملة. ومن هنا بدأ التجار بإخفاء البنزين والمازوت بكميات كبيرة لبيعها بسعر أعلى. خاصة بعد رفع الدعم، ما أحدث أزمة بسبب جشع التجار.
يعتمد الشعب اللبناني على المازوت في التدفئة في الجبال والصناعة وأفران الخبز. ما يفيد بأن أساسيات الحياة قد تأثرت بشكل مبالغ فيه، ويضيف كيالي:” نحن لدينا أزمة كهرباء من قبل ولذلك نقوم بدفع فاتورتين للكهرباء أحدهما للدولة والأخر للكهرباء الخاصة والتي تعمل بالمازوت وبالتالي لم يعد لدينا إنارة لعدم توفر الوقود”.
المستشفيات تغلق أبوابها
وفي بيان استغاثة. أعلنت مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت حاجته لتعبئة مولداته بمادة المازوت قبل أن تنطفئ كليًا بعد 48 ساعة. مشيرة إلى أن 40 مريضا و15 طفلا يعيشون على أجهزة التنفس الصناعي سيموتون فوراً.
بجانب أن 180 شخصاً يعانون من الفشل الكلوي سيموتون خلال أيام من التسمم في حال توقف غسيل الكلى. ولفتت إلى أن المئات من مرضى السرطان، من البالغين والأطفال معرضون للموت. في الأسابيع اللاحقة بسبب غياب العلاج المناسب.
وكمثل باقي المستشفيات التي تعاني من شح المازوت. أطلقت مستشفى المقاصد صرختها. محذرة أن مخزون المازوت لديها يكفي لـ48 ساعة.
ومن جانبه قال الدكتور محمد بدر المدير العام التنفيذي للمستشفى. إن مخزون المازوت لدى المستشفى يكفينا لمدة يومين أو ثلاثة بالكثير، الوضع صعب، ولا يمكن السكوت عن الأمر، ولدينا ما يكفينا لمدة قليلة في تقديم العلاج الحيوي كغسيل الكلى للمرضى ولكن أيضا لمدة محدودة.
وأضاف، بدر: لم يصلنا شيء من المديرية العامة للنفط، ولذلك أطلقنا صرخة لخطورة الأمر”، مشيرا إلى إن المستشفى استقبلت بعض المساعدات من مواطنين وفروا 5 طن من المازوت “لايكفي لاستخدام يوم واحد”، بحسب بدر.
يؤدي النقص الحاد بمخزون المازوت إلى إغلاق المستشفيات. ولكن مستشفى المقاصد أعلنت الاستمرار في خدمتها الإنسانية لعلاج المرضى والطوارئ.
أدت تلك الأزمة إلى إحداث أزمة مواصلات أيضا، بجانب الكهرباء، والإنترنت الذي بات هناك توجهات بتقنينه، فيقول كيالي:” سيعمل 4 ساعات وينقطع مثلهم، باستمرار”.
تفاقم الأزمة للخبز
وتشهد معظم المدن اللبنانية حالات قطع طرق وتحركات احتجاجية بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. ولا تزال حالة القلق والغضب عقب رفع الدعم عن المحروقات مسيطرة. وانعكست تداعياتها على مختلف القطاعات الحيوية من أفران ومستشفيات وصيدليات ومتاجر. واللافت دخول ربطة الخبز في ما يسمى “السوق السوداء”، إذ تخطى سعر الربطة الواحدة العشرين ألف ليرة.