في وقت تستعد كابول للعودة من جديد لحكم طالبان، يعاني واحد من كل ثلاثة أشخاص في أفغانستان من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بسبب الصراع المستمر وجائحة كوفيد-19 وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفشي البطالة. بل تتوقع الأمم المتحدة أن تتدهور حالة انعدام الأمن الغذائي على المدى القصير.

إن أفغانستان “تخرج عن نطاق السيطرة” داعيا جميع الأطراف إلى فعل المزيد لحماية المدنيين. يقول أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة.

موسم الحصاد يتأثر بالجفاف 

وبالإضافة إلى الوضع الأمني المتدهور على نطاق واسع، من المتوقع أن يكون موسم الحصاد القادم في سبتمبر أقل بكثير من المعتاد بسبب الجفاف الحالي الناجم عن ظاهرة النينيا المناخية.

وتعمل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في أفغانستان مع الشركاء والحكومة لتوفير المساعدة الضرورية لسبل العيش من خلال الإسهامات الزراعية والتدريب الزراعي، بالإضافة إلى المساعدة النقدية المنقذة للحياة للفئات الأكثر ضعفا بما في ذلك المزارعون والرعاة والأسر، لزيادة صمود سبل عيشهم وتحسين الأمن الغذائي والتغذوي.

يقول راجندرا كومار أريال، ممثل الفاو في أفغانستان: “تمكنا من دعم أكثر من 150,000 أسرة بمختلف الإسهامات الزراعية، وإسهامات الثروة الحيوانية، والتدريب والتوعية، لأننا ندرك أن هناك أشخاصا آخرين.. المزيد والمزيد من الناس عرضة للخطر، ويعانون من انعدام الأمن الغذائي.”

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة في الشهر الماضي وحده، قُتل أو أصيب أكثر من 1000 شخص بجراح بسبب الهجمات العشوائية على المدنيين، وبشكل ملحوظ في ولايات هلمند وقندهار وهرات. واضطر 241,000 شخص على الأقل إلى الفرار من ديارهم. في الوقت الذي تتنامى الاحتياجات الإنسانية كل ساعة.

وقال الأمين العام: “حتى بالنسبة لبلد عرف أجيالا مأساوية من الصراع، فإن أفغانستان تعيش في خضم فصل آخر من الفوضى واليأس – مأساة لا تُصدّق لشعبها الذي طالت معاناته”.

تزويد المزارعين بالبذور والأسمدة

وفي محاولة لحل الأزمة وتدارك خسائر الصراع الفادحة وتأثيره المدمر على المدنيين، تدخلت منظمة “الفاو” بتزويد عدد من المزارعين الأفغان ببذور وأسمدة عالية إلى جانب تقديم التدريب الخاص على ممارسات زراعة القمح لتحسين الإنتاجية.

ويقول خيالي غول، وهو مزارع أفغاني من إحدى القرى في كونار، :”تلقينا هذا الدعم عندما كنا بحاجة إليه. لقد تم دعمنا بـ 50 كيلوغراما من القمح، وهي بذور معتمدة، و50 كيلوغراما من سماد اليوريا و50 كيلوغراما من سماد DAP.”

ولعدم لجوء الأفغان إلى الاضطرار بالضيق إلى الهجرة الريفية وإلى تدهور الأمن الغذائي. قامت” الفاو” بتزويد أصحاب المواشي والرعاة بإمدادات الثروة الحيوانية والتدريب والدعم البيطري للحفاظ على صحة مواشيهم. وذلك لمنع المواطنين من بيع ماشيتهم – مصدر دخلهم الوحيد – بسبب اليأس. 

يقول مالك نعمت خان، ممثل مجتمع كوتشي في لغمان: “لقد تلقى هؤلاء الأشخاص حقيبتين من علف الحيوانات لحماية مواشيهم. يسعد الناس جدا لهذا الأمر لأنه يمكن أن يطعم حيواناتهم لمدة تصل إلى شهرين أو ثلاثة. حتى لو تم التخفيف عن شخص ما لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، فهذا أيضا إنجاز ضخم.”

ونظرا لما آلت إليه القتال في أفغانستان فإن المستشفيات مكتظة والعام والإمدادات الطبية تتناقص، كما إنه يوميا يتسبب الصراع في خسائر أكبر على النساء والأطفال. حيث يدفع المدنيون الثمن الأعلى.

كما ساهم الوضع في نزوح العديد من المواطنين إلى كابول والمدن الكبيرة الأخرى وذلك في محاولة للبحث عن الأمان لأنفسهم ولعائلاتهم. وأشار التقرير الأممي إلى أن “تحقق المجتمع الإنساني من وجود 10,350 نازحا داخليا وصلوا إلى كابول بين 1 يوليو و12 أغسطس”. 

وفي ولاية كونار شرقي أفغانستان، نزح منذ 25 يوليو، عشرات الآلاف من الأشخاص بسبب الصراع المتصاعد. حتى الآن، تم تحديد حوالي 14 ألف نازح داخليا من كونار لتلقي المساعدة.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك :”قدمنا مع شركائنا الطعام لحوالي 4 آلاف شخص وتلقى 3900 شخص المأوى في حالات الطوارئ ومواد الإغاثة مثل أطقم المطبخ، وتقدم الفرق المتنقلة خدمات الصحة والتغذية الأساسية.”

التزام بالعمل في أفغانستان

على الرغم من الصراع الدائر تلتزم منظمة الفاو بمواصلة توفير سبل العيش والمساعدات النقدية لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها وتجنب تدهور حالة الأمن الغذائي.

يقول ممثل الفاو في أفغانستان: “التركيز الرئيسي لمنظمة الفاو لعام 2021 هو مواصلة العمل، والإتزام بالبقاء، نحن نعتزم استهداف ما يقرب من نصف مليون أسرة في عام 2021 – مع التركيز بشكل خاص على المقاطعات التي تعاني من المرحلة 3 والمرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي الحاد – ودعمها بالإسهامات الزراعية وإسهامات الثروة الحيوانية والتدريب وما إلى ذلك”.

وتأمل الأمم المتحدة إلى محاولة ضمان السلام من خلال تسوية سياسية تفاوضية بقيادة أفغانية، بجانب المناقشات في الدوحة بقطر بين ممثلي جمهورية أفغانستان الإسلامية وطالبان – مدعومة من المنطقة والمجتمع الدولي الأوسع – إلى استعادة المسار نحو تسوية تفاوضية للصراع.