يبدو أن رحيل أسطورة برشلونة التاريخي، الأرجنتيني ليونيل ميسي هداف البارسا وقائده ونجمه الأبرز عبر العصور. سيكون مؤثرًا بلا شك على مستوى وأداء الفريق الكتالوني فهو لاعب بقدرات خاصة واستثنائية.
لكن الهولندي رونالد كومان مدرب البلوجرانا كان ذكيًا للتعامل مع أول مباراة للفريق بعد ميسي في الدوري. عندما واجه ريال سوسييداد بالكامب نو مساء أمس الأحد. حيث اختار اللعب الجماعي كحل للتغلب على الفراغ المهول الذي تركه البرغوث في شكل ومستوى البارسا.
ميسي الذي كان عنوانًا لأكبر مفاجآت الألفية الجديدة في التعاقدات وسوق الانتقالات الصيفي. عندما أعلن رحيله عن برشلونة لأسباب مالية طاحنة يمر بها النادي الإسباني لم تمكنه من تجديد عقده معه. معلنا عن انتقال مجاني مدوي لنادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان المملوك للقطري ناصر الخليفي. ليرحل عن النادي الكتالوني بعد 17 عامًا قضاها مع الفريق الأول منذ تصعيده في 2004.
وبعد أقل من أسبوع على رحيل ميسي بشكل رسمي، خاض برشلونة أول مباراة رسمية بدونه أمام ريال سوسيداد. وانتهت بفوز عريض برباعية مقابل هدفين، غلب عليها الطابع الجماعي للفريق. وشهدت لمعان أكثر من نجم سواء جديد بالميركاتو أو قديم بالفريق من المواسم الماضية.
بيكيه يدخل التاريخ بعد ميسي
دخل جيرارد بيكيه مدافع برشلونة تاريخ النادي، بعدما سجل أول هدف رسمي للفريق الكتالوني في حقبة ما بعد ميسي. حيث نجح في الدقيقة 19 من عمر المباراة من تسجيل أول هدف لبرشلونة في حقبة ما بعد ليو. وذلك بعدما حول كرة عرضية برأسه من الهولندي ممفيس ديباي.
ولم يكن الهدف مثيرًا بقدر احتفال بيكيه به، حيث حرص على تقبيل شعار برشلونة على القميص، مع التوجه ناحية الجماهير الكتالونية الموجودة في ملعب كامب نو. وذلك جاء بعد ساعات من توجيه النادي الشكر له بسبب تخفيض جزء كبير من راتبه. ليتمكن البارسا من تسجيل صفقاته في الموسم الجديد.
يذكر أن ميسي رحل عن برشلونة وهو يحمل شارة قيادة الفريق، ليكون سيرجيو بوسكيتس هو القائد الجديد يليه جيرارد بيكيه ثم جوردي ألبا وسيرجي روبرتو.
حيلة اللعب الجماعي لنسيان الملك
أدرك كومان من اليوم الأول لرحيل ميسي حجم الفقد الذي سيعاني منه فريقه بعد خروج البرغوث من كامب نو. لذلك كان عليه التصرف سريعًا لإنقاذ الفريق من مرحلة الغرق من بعده. وكان ذكيًا للغاية في تغيير أسلوب لعب ونمط الفريق تمامًا من الاعتماد الفردي فقط على الملك ليو في الهجوم لأسلوب جماعي بين كل اللاعبين لمحاولة ملء ذلك الفراغ الفني العظيم.
ولذلك في أول مباراة بعد رحيل النجم الأهم بالعالم وتاريخ كرة القدم، باتت طريقة لعب برشلونة تتسم أكثر بالجماعية وتقديم جميع اللاعبين كل ما لديهم. سواء في الدفاع أو الهجوم. حيث فهم المدرب الهولندي مع لاعبيه أنهم بحاجة لإيجاد حلول أخرى للمشاكل التي كان يحلها ميسي وحده. لذا عملوا على تقريب الخطوط وتقليل المساحات الفارغة وإغلاق منافذ التمرير. ونقل الكرة سريعا إلى الأمام، مع حرمان الخصم من الاستحواذ قدر المستطاع.
كذلك فإن الفريق ككل لم يظهر بشخصية ضعيفة كما كان متوقعًا بعد رحيل ميسي، بل تحمل المسؤولية ورفض السقوط في فخ التعثر. ولم يهتز بعد تسجيل سوسيداد هدفين في الدقيقتين 82 و85، وأطلق رصاصة الرحمة على الضيف الباسكي في الدقيقة 90+1 بهدف سيرجي روبرتو.
وفي حالة واصل برشلونة تقديم هذا الأداء فيما تبقى من الموسم، فيمكن القول إنه تمكن من الوصول إلى أفضل مستوى ممكن في عام رحيل ميسي.
برايثويت ينفجر ويعبر عن نفسه بقوة
بشكل غير متوقع، كان نجم برشلونة الأبرز في تلك المباراة هو المهاجم الدنماركي مارتن برايثوايت. الذي يطلق عليه جمهور كرة القدم بشكل ساخر لقب “الظاهرة”.
برايثوايت سجل الهدفين الثاني والثالث كما صنع الهدف الرابع، وعلى الرغم من أنه بالطبع لن يعوض ميسي. لكن يمكن القول إن حصوله على مزيد من الفرص بعد رحيل النجم الأرجنتيني قد يصب في صالح الفريق الكتالوني.
تعد هذه هي المرة الأولى التي يسجل فيها برايثوايت هدفين في مباراة واحدة بالدوري الإسباني منذ انضمامه إلى برشلونة في منتصف موسم 2019-2020. علمًا بأنه لعب 40 مباراة قبل مواجهة سوسيداد، سجل خلالها 3 أهداف فقط وصنع هدفين.
أول الغيث قطرة للصفقات
واصل الوافد الهولندي ممفيس ديباي، تألقه بعد ظهوره بمستوى طيب خلال الاستعدادات الودية قبل بداية الموسم. وقدم تمريرة حاسمة جاء منها الهدف الأول في الدقيقة 19 من توقيع بيكيه.
فعلى الورق لعب ديباي في مركز رأس الحربة ضمن خطة (4-3-3) التي اعتمد عليها المدرب كومان. وجاوره الثنائي أنطوان جريزمان ومارتن برايثوايت على الرواقين.
لكن حتى بعد رحيل ميسي لم يتوقف برشلونة كومان عن الاعتماد على طريقة “المهاجم الوهمي”. والتي تسمح لثلاثي المقدمة بتبادل المراكز والأدوار بسلاسة، وبهذا أصبح ديباي وزميلاه في الهجوم يتحركون بمرونة.
وكان ديباي أكثر نشاطًا في جهته المفضلة اليسرى، وبرع في إرسال الكرات إلى منطقة جزاء سوسيداد سواء من الطرف أو العمق. كذلك فإن النجم الهولندي قدم مساهمة دفاعية لا بأس بها. كما كان يحرص في كثير من الأوقات على تسلم الكرة من وسط الملعب وإكمال الهجمة إلى الأمام.