من حين لآخر، تظهر بعض المقترحات الرسمية والشعبية لإدارج ثقافة أو حرفة أو أكلة  تمس هذا البلد وتاريخه، على لائحة اليونسكو للتراث العالمي غير  المادي للبشرية. أحدث مقترح كان بطله قرية إسبانية تعتبر جلسات الدردشة الليلية بالصيف تقليدا ثقافيا مهما. حيث يقوم خلالها سكان القرية بنقل الكراسي إلى الشارع وإجراء محادثات ودردشات في الهواء الطلق.

خوسيه كارلوس سانشيز، رئيس قرية “ألجار”، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1400 نسمة، قال إن الهدف من هذه الخطوة هو حماية العادات التي تعود إلى قرون، واعتبرها كنزا ثقافيا، في حين يرى البعض أنه سطو على التراث المصري فهي أشبه بالجلسات الليلية بالقرى والنجوع المصرية.

وفي بعض القرى التي ترتفع فيها درجات الحرارة في إسبانيا يخرج الجميع من بيوتيهم ومعهم مقاعدهم الخاصة قاصديين الهواء الطلق. ليتبادولون أطراف أحاديث حول ما يدور في يوميهم، وهو ما يشبة بالضبط الذي يحدث من جلسات السمر في أقاليم ونجوع مصر.

والتراث هو مجموعة من الموروثات والعادات والتقاليد الشعبية والمعمار والفنون وغيرها من الإرث الشعبي. الذي يعتبر سلسلة ممتدة عبر الأزمان تربط بين الأجيال وبعضها، وينبثق منها سلوكيات وأخلاقيات الأفراد وتعبر عن الإطار العام للمجتمع.

التحطيب وسيرة بني هلال والنسيج

 

السعي وراء تسجيل ثقاقات وعادات في اليونسكو توليه حكومات كثيرة اهتماما، وهو تنبهت إليه مصر في العقد الأخير الذي شهد تسجيل موروثات مصرية كثيرة.

هناك جهود كثيرة بذلت لضم بعض الفنون المصرية للتراث، ففي عام 2016 بذلت وزارة الثقافة المصرية جهودا كبيرة لإدراج فن التحطيب أو عصاية المحبة ضمن قائمة اليونسكو للتراث، وهو ما تحقق بالفعل باعتبار اليونسكو التحطيب رقصة ابتدعها الشعب المصرى، وأنه أحد أشكال الفنون القتاليّة.

Abdu El Kholy and Hamdey Abo El Hamed dance with their ‘El Nabout’ canes as they perform Tahteeb, an ancient form of martial arts and dance, in Sohag, Egypt, September 19, 2017. Picture taken September 19, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany

التحطيب لعبة اشتهر بها صعيد مصر فعلى أنغام المزمار يمسك كل شخص عصاه في يده ويقوم بمبارزة الآخر.

وبالرغم من كونها لعبة قديمة جدا إلا أنها مازالت متواجدة حتي الآن في الصعيد ونراها أيضا في المشاهد الدرامية التي تم تصويرها في الصعيد.

ومن صعيد مصر، أيضا تم إدراج السيرة الهلالية (سيرة بني هلال) في القائمة نفسها عام 2008 وهي إحدي الحكايات الشعبية التي نالت شهرة واسعة بين الناس. وهي تتناول حركة انتقالات قبيلة بني هلال من نجد إلى مثواها الأخير بتونس مرورا بصعيد مصر. وبالرغم من مرور الزمن على أحداث هذه الرواية إلا أنها مازالت محفورة في ذاكرة الشعبية المصرية.

عام 2018 شهد تسجيل ملف الأراجوز في قائمة الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي، بعد محاولات استمرت سنوات عديدة بدءا من الوزير فاروق حسني.

وحرفة النسيج اليدوي في الصعيد أيضا كان لها نصيب من التسجيل في القائمة وبالفعل نجحت مصر في إدراج ملفها عام 2020.

الأكلات المصرية التراثية

ومن العناصر الشعبية إلى المؤكلات التاريخية فبدون شك أن الأطباق الشهيرة في المجتمعات تعد أيضا من ضمن التراث الشعبي العريق. وهذا كان رأي بعض الباحثين والمهتميين بالشأن التراثي، وأن قائمة التراث الغير مادي التابعة لمنظمة اليونيسكو لابد أن تحتوي علي بعض المؤكلات التي ترسخت في وجدان الشعوب والمجتمعات المحلية على اعتبار أنه نوع آخر من الفن يتميز به كل شعب على حدة.

الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبى والفلكلور بكلية الآداب جامعة القاهرة قدم اقترحات عديدة لأشهر الأطباق المصرية التي من الممكن أن تضاف إلى القائمة اليونسكو. منها الكشري، باعتباره طبقا شعبيا في متناول جميع الطبقات، وبالطبع الفول والطعمية الطعام لا تخلو مائدة إفطار منه.

مسعود شومان الشاعر والباحث في الأدب الشعبي والتراث يرى أيضا ان طبق البصارة والكشك أكلات مصرية صرف لابد من إدراجها في القائمة.

وأشار شومان في تصريحاته إلى أن دول أوروبا تعمدت سرقة بعض المؤكولات ونسبتها لنفسها بغرض التربح المادي مثل الفطير المصري البلدي.

اقتراح بضم الجرافيتي

في هذا السياق، يقول الشاعر زين العابدين فؤاد إن مفهوم التراث مفهوم واسع جدا يضم كل الأشياء التي ورثناها من أجدادنا كالملبس والمأكل والعادات والتقاليد”.  ورأى أن فن الجرافتي وطبق الطعمية المصرية الشهير  لابد أن يسجلوا في قائمة اليونيسكو للتراث باسم مصر نظرا لأهميتهم الثقافية البالغة وبعدهم الفني.

جرافيتي مصري في دمياط

ويري عابدين أن الثقافة الشعبية الآن لم تع جيدا بأهمية ما ورثنا من أجدادنا وتم طمس بعد العادات والتقاليد. قائلا: “في الأفراح مثلا تبدلت الأغاني العرس الشهيرة في مظاهر الاحتفال بالعرس”.

وأشار الشاعر في حديثه إلى ما أوردته عملية المزج الثقافي وانفتاح بلادنا على الخليج من تغيير في بعض العادات والتقاليد. خاصة أيام حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهجرة الكثير بحثا عن فرص عمل أفضل، مؤكد أهمية الاحتفاظ بتراثنا المصري الأصيل منعا من تعرضه للاندثار خاصة في زمن التطور التكنولوجي والانترنت.

 

كتبت- هنا الداعور