لم يتبق سوى 7 أيام على انتهاء المدة الزمنية لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، فيما لم تنته عمليات الإجلاء من البلاد، في حين ترفض طالبان أي محاولات أمريكية للتأجيل، مهددة بعواقب وخيمة في حال تأكد الأمر.
وتجرى عمليات الاجلاء بحق مواطنين أمريكان، وأفغان منذ أيام على قدم وساق، إذ قررت السلطات الأمريكية إرسال 18 طائرة تجارية مدنية لنقل أشخاص أصبحوا خارج أفغانستان.
في غضون ذلك تواجه تلك العمليات بعض العقبات اللوجستية، ومن المتوقع أن يطلب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من الرئيس الأمريكي جو بايدن إبقاء القوات الأمريكية على الأرض في أفغانستان بعد الموعد النهائي للانسحاب مع نهاية أغسطس الجاري.
وذلك خلال قمة الدول السبع الطارئة التي قرر الرئيس الأمريكي حضورها، في وقت تجمع فيه عدة آلاف من الأشخاص حول مطار كابول في محاولة يائسة للهروب من حكم طالبان.
ومن المقرر أن يخصص اجتماع مجموعة السبع بالكامل لأفغانستان، كما ستطلب المملكة المتحدة أيضًا من دول مجموعة السبع النظر في فرض عقوبات على طالبان في حال انتهاكها لحقوق الإنسان، أو السماح للبلاد بأن تصبح مرة أخرى ملاذًا للإرهابيين.
طالبان: الإجابة لا لتأخير الإجلاء
في المقابل فإن طالبان ترفض أي حديث عن تأجيل موعد خروج القوات الأمريكية، وفي حديث لشبكة سكاي نيوز الأمريكية، قال المتحدث باسم طالبان سهيل شاهين إن الموعد النهائي للخروج “خطا أحمر”.
وتابع: “إذا أرادت الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة السعي للحصول على مزيد من الوقت لمواصلة عمليات الإجلاء، فالجواب هو لا، أو ستكون هناك عواقب”، ولكنه لم يوضح طبيعة الخطوات التي سيتم اتخاذها في هذا الشأن.
واضاف: “سيخلق أي تأجيل مناخ من عدم الثقة بيننا، إذ إن أي تأجيل يعني تمديد الاحتلال، فاذا كانوا عازمين على استمرار الاحتلال فان ذلك سيثير رد فعل”.
من جانبه، فتح بايدن الباب لاحتمالية التأجيل، وقال إن المناقشات حول تمديد الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان جارية، لكنه قال إن “أملنا هو أننا لن نضطر إلى ذلك”.
كما أن نائبة بايدن كامالا هاريس وخلال وجودها من سنغافورة قالت إن “الولايات المتحدة تركز على جهود الإجلاء الجارية في أفغانستان وإنه سيكون هناك متسع من الوقت لتحليل ملابسات انسحاب القوات”.
وأضافت: “لكننا في الوقت الحالي نركز فقط على إجلاء المواطنين الأميركيين والأفغان الذين عملوا معنا والأفغان المعرضين للخطر، ومنهم نساء وأطفال. هذا هو ما ينصب عليه تركيزنا حاليا”، ولكنها لم ترد على أي أسئلة تخص مسالة التأجيل.
وسبق وأن قالت الولايات المتحدة إن قواتها ستغادر أفغانستان بنهاية أغسطس، كما أن القوات الأمريكية وسعت محيط مطار كابول لتعزيز جهود الإجلاء وأن طالبان تعاونت في هذا الأمر.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد اتفقت مع حركة طالبان على الانسحاب حتى الأول من مايو، لكن إدارة الرئيس بايدن أجلت الانسحاب أربعة أشهر، لينتهي في سبتمبر، قبل أن تحدد 31 أغسطس، موعدا نهائيا للإجلاء.
هذا التأجيل أثار غضب حركة طالبان، وكتب الناطق باسمها في قطر محمد نعيم آنذاك “إلى أن تنسحب كل القوات الأجنبية من بلادنا، لن نشارك في أي مؤتمر قد تتّخذ خلاله قرارات بشأن أفغانستان”.
خوف أم هجرة اقتصادية؟
مع ذلك، أكد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أن المملكة المتحدة طلبت بالفعل من الأمريكيين البقاء لفترة أطول.
وقال: “الشيء الذي أعتقد أننا تعلمناه جميعًا خلال الأسبوع الماضي هو أن الجداول الزمنية ليست دائمًا تحت السيطرة، من الواضح أنه كلما كان لدينا المزيد من الوقت، زاد عدد الأشخاص الذين يمكننا إجلائهم وهذا ما ندفع من أجله”.
وبينما ينفذ الوقت الباقي وتتوارد الصور اليائسة لآلاف السكان الذين يحاولون المغادرة، بأي ثمن حتى أن بعضهم حاول التشبث بالطائرات المغادرة، يعتبر المتحدث باسم طالبان أن الأمر مجرد هجرة اقتصادية، ولا يتعلق بأي مظاهر قلق أو خوف.
وقال: “إنهم يريدون الإقامة في الدول الغربية وهذا نوع من الهجرة الاقتصادية لأن أفغانستان بلد فقير ويعيش 70٪ من سكان أفغانستان تحت خط الفقر ، لذلك يريد الجميع الاستقرار في الدول الغربية ليحيا حياة مزدهرة. لا يتعلق الأمر بالخوف”.
وأجلى الجيش الأمريكي منذ 14 أغسطس 37 ألف شخص من أفغانستان، في حين تريد واشنطن إخراج 15 ألف أمريكي و50 إلى 60 ألف أفغاني مع عائلاتهم.
أما الجيش البريطاني أعلن إجلاء 5725 شخصا من أفغانستان منذ 13 أغسطس، بينهم 3100 أفغاني، كما أجلت ألمانيا أكثر من 2500 شخص والمملكة المتحدة أكثر من 5700 شخص.
النساء وطالبان.. مستقبل غامض
في المقابل ظهرت لقطات فيديو تزعم أنها تظهر طالبان وهم يتنقلون من باب إلى باب وهم يهددون الناس ويبحثون عن موظفين حكوميين سابقين، كما وردت تقارير عن إغلاق مدارس للفتيات في بعض المقاطعات.
وقال الدكتور شاهين رداً على هذه التقارير “كل الأخبار الكاذبة”، “يمكنني أن أؤكد لكم أن هناك العديد من التقارير من قبل خصومنا تزعم ما لا يستند إلى حقائق”.
وتابع شاهين قائلا: “الآن، استأنفت المعلمات العمل لقد استأنفت الصحفيات عملهن، لم يفقدن شيئا”.
ومع اقتراب تاريخ مغادرة القوات البريطانية و الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان، سأل المحاور من سكاي نيوز: “ما الذي ستقوله طالبان لعائلات أولئك الذين ماتوا وهم يحاولون مساعدة أفغانستان؟!”.
فرد المتحدث باسم طالبان قائلا: “إنهم احتلوا بلادنا .. إذا احتلينا بلادك.. ماذا ستقول لي .. لو قتلت أهلك في بلدك ماذا ستقول؟ أعتقد أن كل الناس عانوا الكثير. إراقة الدماء، الدمار. كل شيء. لكننا نقول إن الماضي هو الماضي. جزء من تاريخنا الماضي. الآن نريد التركيز على المستقبل”.
وفي الأيام الأخيرة ، تم إجلاء 300 طالب – معظمهم من الفتيات – إلى قطر حفاظًا على سلامتهم، إذ ناضلت النساء بقوة من أجل حقوقهن في أفغانستان من أجل التعليم والعمل والحريات الأساسية.
لكن العديد من النساء والفتيات يشعرن الآن بالرعب مما قد يخسرنه تحت حكم طالبان.
في حين يقول شاهين: “لن يخسروا شيئاً. فقط إذا لم يكن لديهن حجاب ، سيكون لهن الحجاب، يجب أن تتمتع المرأة بنفس الحقوق التي تتمتع بها في بلدك ولكن بالحجاب”.
وقد شوهدت مذيعات على الهواء مرة أخرى منذ سيطرة طالبان على البلاد، ولكن هناك العديد من الروايات الأخرى لنساء قلن إنهن خائفات للغاية من العودة إلى العمل أو طُلب منهن البقاء في المنزل.
كما أن هناك مخاوف من تدهور الأوضاع في البلاد بعد انسحاب القوات الدولية ووسائل الإعلام الأجنبية.
أوروبا ومسألة اللاجئين
ومع اقتراب ذلك التاريخ ومحاولات مكثفة للمغادرة من الأفغان، تخشى القارة العجوز من وصول هؤلاء اللاجئين إلى شواطئها خاصة بعد تجربتها مع طالبي اللجوء السوريين في السنوات الماضية.
وقد تنوعت الاقتراحات لمواجهة الأزمة التي تلوح في الأفق ما بين بناء سياج حدودي مثلما فعلت اليونان، أو تمويل إعادة توطين اللاجئين في دول خارج الاتحاد الأوروبي مثل تركيا وباكستان، إلى جانب توفير حماية فورية ولكن مؤقتة من الاتحاد الأوروبي.
وتدرس الحكومة الأمريكية مواقع جديدة، بما في ذلك أوروبا، لنقل الأفغان مع اقترابها من الطاقة الاستيعابية في بعض دول الخليج والتي منها قطر والامارات والكويت، وهي الدول التي ساعدت في عمليات الإجلاء مؤخرا.
في الوقت نفسه يرى المراقبون أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الأفغاني بعدما منح لحركة طالبان الشرعية عندما وقع اتفاقية السلام معها خلال السنوات القليلة الماضية.