سقطت وزارة الصحة في اختبار “معلوماتي” جديد في زمن كورونا، بعدما أعلنت الوزيرة هالة زايد اليوم عن وجود إصابات بمتحور دلتا في مصر منذ منتصف يوليو الماضي، خلافا للتصريحات الصادرة عن اللجنة العلمية لمكافحة الفيروس ومستشار الرئيس لشؤون الصحة الدكتور محمد عوض تاج الدين بعدم وجود حالات مصابة فعليا.

ما أعلنته الوزيرة اليوم في مؤتمرها الصحفي عرضها لانتقادات كبيرة بسبب تضارب المعلومات بين المسؤولين عن ملف الصحة في مصر، خصوصا أنها ليست المرة الأولى التي يتكرر فيها هذا التضارب المعلوماتي.

فسبق أن تباينت التصريحات الصادرة عن الوزارة والجهات العملية بخصوص انتشار مرض الفطر الأسود عقب وفاة الفنان سمير غانم، بين نفي لوجود هذا المرض في مصر من الأساس والاعتراف بوجوده قديما، بل والإشارة إلى عدم وجود دولة في العالم ليس بها الفطر الأسود.

خطورة المتحور دلتا

من ناحية أخرى، قللت الوزيرة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته اليوم من تأثير “دلتا بلس”، باعتبار أن السيدة التي تم اكتشاف إصابتها حالتها لم تستدع الذهاب إلى مستشفى.

وينشط الفيروس المتحور في عدد من البلدان، من بينها بريطانيا التي تعتبره متحور مثير للقلق. وإلى جانب دلتا يوجد ألفا وبيتا وغاما انتشروا في بلدان كثيرة من بينها جنوب أفريقيا والبرازيل.

زايد لا تعتبر، وفقا لدراسات، أن تحور دلتا بلس هو الأشرس لكنه أسرع في الانتشار، كما أثبتت الدراسات أن اللقاحات فعالة وآمنة مع المتحور.

لكن دراسة بريطانية حديثه في ميدان الصحة العامة كشفت بأن الحماية التي يوفرها أكثر لقاحين استخداما في العالم حاليا، هما فايزر-بيونتك أو أسترازينيكا  للوقاية من سلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا، السائدة حاليا، تضعف في غضون ثلاثة أشهر، وقد يشكلون خطرا أكبر على الآخرين.

وتعتمد مصر بشكل أساسي لقاحات: سينوفارم، سينوفاك، سبوتنك، فايزر، أسترازينيكا، موديرنا، ما يعني أن كثيرين ممن تلقوا لقاحي فايزر وأسترازينيكا مهددون بتأثرهم من هذا التحور خلال الأشهر المقبلة.

المتضررون من اللقاح الصيني 

كما تدخل مصر الموجة الرابعة من فيروس كورونا، بالتوازي مع رغبة المواطنين للسفر للعودة إلى أعمالهم، فمن خلال استغاثة وجهها مصريون عرفوا أنفسهم بـ “المتضررون من اللقاح الصيني”بعد اشتراط أغلب الدول بأخذ جرعة تنشيطية، حيث اشترطت دول مثل السعودية والكويت لمن أخذ اللقاح الصيني بأخذ جرعة تنشيطية.

من جانبها، قررت وزارة الصحة إمكانية إعطاء هؤلاء المسافرين لجرعات تنشيطية من خلال التقدم إلى وزارة الهجرة بالتسجيل، بجانب إتاحه حصول الراغبين على اللقاح “استرازينكا” خلال فترة قصيرة، بعد تقليل المدة الزمنية الفاصة بين جرعتي الأولى والثانية مدة 4 أسابيع، بدلا من 12 أسبوع. 

وأوضحت وزارة الهجرة، في بيان لها، أن هذا التنسيق جاء عقب تلقي العديد من الاستغاثات والمناشدات من المسافرين والمتلقين للقاح غير معتمد لدى الدول، وفي هذا الصدد فقد طالبت وزارة الهجرة المسافرين الراغبين في تلقي اللقاح المعتمد بتسجيل بياناتهم.

تقليل المدة بين جرعتي أسترازينيكا أمر مقلق

يتحدث الدكتور فايد عطية، الباحث في مجال الفيروسات، عن إشكالية تقليص الفارق الزمني بين جرعتي أسترازينيكا، مستندا إلى الدراسات الإكلينيكية والسريرية والتجارب التي أجريبت على المتطوعين.

يوضح عطية، لـ مصر 360 أن تقليل المدة هو أمر مقلق نوعا ما، فنحن علينا الالتزام بتعليمات وزارة الصحة العالمية والدراسات وذلك لأبحاث الشركة المنتجة أسترازينكا والتي أعلنت أن الفاصل بين الجرعتين هو 3 أشهر، موضحا” هذا النوع من اللقاحات تقيل نوعا ما ومجهد على الجهاز المناعي فلا ينصح بتقليل المدة”. 

جرعة واحدة من لقاح جونسون أفضل

وفيما يتعلق بقرار وزارة الصحة المصرية بإعطاء أسترازينكا مع تقليص المدة للمسافرين، يشير فايد إلى أنه من الأفضل الابتعاد عن ذلك اللقاح، فجرعة واحدة من لقاح جونسون أفضل بدون المخاطرة بمشاكل صحية للمتلقح.

وبالبحث على موقع منظمة الصحة العالمية لم يتم التوصل إلى تقارير تفيد بإتاحة تقليص المدة، بجانب إنها لا توصي بعدم إعطاء الجرعة الثالثة ولا مزج اللقاحات.

حماية أقل

وفي نفس السياق، يقول كبير المسؤولين الطبيين في المملكة المتحدة، الدكتور مايكل ماكبرايد إن هناك بعض القلق من أن الفاصل الزمني الأقصر بين الجرعات سيؤدي إلى حماية أقل ضد الفيروس بما في ذلك المتغيرات.

وقالت مجموعة من الخبراء الأستراليين الاستشاريين للتحصين إن الفعالية ضد الأعراض المرضية “تتراوح من نحو 62% إلى 73%، وتصبح الفعالية أعلى بعد فترة أطول بين الجرعات”. لكن هذه الفعالية لا تزال جيدة إلى حد ما عند إعطاء جرعة ثانية بعد اليوم 22 – نحو ثلاثة أسابيع – بعد الجرعة الأولى.

وتنص نصيحة المجموعة على أن “تقصير الفترة الزمنية من 12 أسبوعاً إلى ما لا يقل عن أربعة أسابيع بين الجرعات أمر مقبول وقد يكون مناسباً في ظروف معينة، على سبيل المثال السفر الوشيك أو الخطر المتوقع للتعرض للفيروس”.

لن تدوم طويلا

“الجانب السلبي الوحيد من تقليص المدة بين الجرعتين، تتمثل في الحماية التي سيوفرها اللقاح ضد عدوى كوفيد-19، لن تدوم لفترة طويلة”، يوضح المسؤول البريطاني.

وكانت هيئة الصحة العامة في إنجلترا قد حذرت من الاكتفاء بتلقي الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا، لأنها توفر حماية جزئية، بالإضافة إلى أن فعاليتها ضد متحور دلتا “السلالة الهندية” ومتحور ألفا “السلالة البريطانية” المنتشرين في البلاد الآن انخفضت من 50 إلى 33%.

وأظهرت نتائج فعالية اللقاح من المملكة المتحدة أنه فيما يتعلق بالحماية من الاستشفاء، فإن أسترازينيكا فعال بنسبة 71% بعد جرعة واحدة، و92% بعد جرعتين.

 زيادة المدة أكثر فعالية 

وفي دراسة نشرتها جامعة أكسفورد، يونيو الماضي، كشفت أن مدة زمنية من عدة أشهر بين الجرعتين الأولى والثانية من لقاح أسترازينيكا ضد فيروس كورونا تحسن المناعة التي يؤمنها، معتبرة أنه عامل “مطمئن” للبلدان التي تواجه مشاكل في الحصول على اللقاح.

وأظهر الباحثون أن الفترة الزمنية التي تصل إلى 45 أسبوعا بين الجرعتين تحسن الاستجابة المناعية للفيروس، ولا تقلل من فعالية اللقاح. 

وأكد أندرو بولارد مدير مجموعة أكسفورد للقاحات التي طورت لقاح كورونا بالتعاون مع مجموعة الأدوية السويدية إنه هناك استجابة ممتازة للجرعة الثانية حتى بعد مهلة زمنية من عشرة أشهر من الجرعة الأولى”.

وفي دراسة أخرى لجامعة أكسفورد، شرت في مجلة “ذي لانست” إلى أن فعالية اللقاح أكبر مع فارق 3 أشهر بين الجرعتين بنسبة 81% مقارنة مع فترة من ستة أسابيع بنسبة 55%.

وكشف الباحثون أن إمكانية إعطاء جرعة ثالثة تعطي بعد أكثر من ستة أشهر من الثانية تؤدي إلى “زيادة كبيرة” للأجسام المضادة وارتفاعا كبيرا” في الاستجابة المناعية ضد فيروس كورونا، بما في ذلك ضد النسخ المتحورة.