“تحملي نتيجة اختيارك” بهذه الجملة غالبا تنتهي كل الزيجات ويتم الطلاق بدون أي حقوق للزوجة. فهناك عدد لا بأس به من النساء لا يلجأن للمحاكم خاصة في ظل طول فترة التقاضي في قضايا الطلاق. بينما تختار أخريات التنازل عن حقها في مقابل الحصول على الطلاق. وتحارب الباقيات من أجل الحصول على حقوقهن.
قصص وحكايات تؤكد على وجود نمط واحد للطلاق في مصر سمته الأساسية الصراعات والتقاضي ولا مجال للتفاوض. حيث إن هذه المحاولات في معظم الحالات تصل إلى طريق مسدود.
تشير آخر إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن حالات الزواج والطلاق في مصر إلى وقوع حالة طلاق كل دقيقتين وحالتان زواج كل دقيقة.
طلاق بلا حقوق
“ضغط عليا جدا عشان اتنازل عن حقوقي كلها وكنت عايزة الموضوع يخلص بهدوء”. هكذا وقع طلاق منى بدوي (اسم مستعار) وكان زوجها رجل أعمال ميسور الحال. إلا أنه قرر التخلي عن واجباته تجاهها بعد أن طلبت الطلاق.
وأوضحت منى أن الطلاق وقع بعد تأكد طليقها من إبرائه من كافة الحقوق. واستكملت حديثها قائلة “مكانش حارمنا من حاجة”، وأشارت إلي مكارم أخلاق زوجها. أثناء الزواج الذي دام تسع سنوات وأثمر عن طفلين بنت وولد.
وقالت إنها كانت تخشى من تغير المستوى المادي والاجتماعي لأولادها بعد الطلاق خصوصا أنهم عاشوا في أرقى التجمعات السكنية في مصر.
وأضافت متحدثة عن سبب الطلاق “لا يستطيع البعد عن أمه.. وحماتي سبب الانفصال”. ومن هنا بدأت وتيرة المشاكل تتصاعد، حيث إن الزوج رفض استئجار منزل خاص لطليقته وأولاده وفق قانون الأحوال الشخصية. وتوقف عن دفع مصروف البيت من باب “العند” فقط على حد قولها.
وبعد محاولات عديدة من قبل عائلة الزوجة للوصول إلى حل بعد حوالي.. رضخ الزوج لمطالب طليقته وقام باستئجار شقة مناسبة وتعهد بدفع مصروفات أولاده.
وتنص المادة 18 مكرر ثالثا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929م المضافة بالقانون لسنة 1985م. بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية: “على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب. فإذا لم يفعل خلال مدة العدة استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة. وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به. إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة ويخير القاضي الحاضنة. بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها فإذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يحوز المسكن مع أولاده”.
وتوضح منى أن الوضع تحسن بعد وفاة والدة طليقها، قائلة: “بدأ يعزمنا أنا والأولاد في مطاعم فخمة. ومن حين إلى آخر نذهب في نزهة أسرية مع الأولاد كما كان يفعل قبل الطلاق”.
وبالنسبة لحقوقها بعد الطلاق قالت منى إنها لم تحصل عليها حتى الآن. مضيفة “طلاقي تم على الإبراء بناء على طلبه وقررت عدم اللجوء إلى قضايا لأني عارفة إني مش هاخذ حاجة”.
جهات استرشادية
وفي تجربة أخرى لنيرمين صلاح مع الطلاق والتي تحمل عنوان (تحملي نتيجة اختيارك). وهو الأسلوب الذي تعمد طليقها استخدامه، حيث إنها أم لبنت وولد وزوجة سابقة لرجل. متفتح العقل، ميسور الحال، كثير التردد على الدول الأوروبية على حد ذكرها.
وتقول نرمين لمصر 360: “كنت خايفة يسافر قبل الطلاق”. موضحة أن إتمام الطلاق مرهون بالتنازل عن كل حقوقها كزوجة ولخوفها من سفره قبل وقوع الطلاق. فاضطرت للتنازل عن حقوقها كاملة حتى لا تصبح معلقة.
وأضافت “الطلاق شيء مؤذي وطليقي فعل المتعارف عليه في مجتمعنا وتحول الأمر إلى خناقة” هكذا وصفت صلاح تجربتها مع الطلاق. وأكدت أن الخلافات المستمرة تسببت في سوء حالتها النفسية ما انعكس على أطفالها. حيث كانت ترغب في بيئة سليمة وصحية لأولادها.
وتابعت “الدولة تكفل حقوق المطلقات ولكن لا تأخذ في الاعتبار التأكد من وصول كل الحقوق لكافة المطلقات”.
واستكملت نرمين حديثها قائلة: “مجرد ما بروح أسجل إني مطلقة في المحكمة محدش بيقولي حقوقك أيه أو المفروض أعمل ايه”. وتطالب نيرمين بوجود أي جهة استرشاديه للمطلقات للإجابة عن أي استفسار خاص بحقوقهن حيث إن معظمهن لا يعرفن حقوقهن.
وعن علاقة الأب بعد الطلاق بأولاده اشارت نرمين إلى دور والدتها المحوري في هذه العلاقة. حيث أوضحت صلاح أن والدتها تعمل مدير عام في محكمة الأسرة وهذا كان يربك طليقها. مما يجعله حريص على إقامة علاقة طيبة مع أولاده وعلى دفع المصاريف الخاصة بهم.
ولكن بعد وفاة والدتها يعند الزوج ويرفض دفع أي مصاريف خاصة بأولاده أو حتى تحسين العلاقة بينهم. موضحة أن المحاكم “حبالها طويلة” وفي النهاية لن تحصل على كامل حقوقها.
القانون لا ينصف الرجل
وعلى الجانب الآخر يقول عادل المالكي، 42 عاما، إنه يقوم بدفع نفقة طفلته بالكامل ولكنه لا يراها بانتظام، مؤكدا أن طليقته تستغل البنت للضغط عليه.
وأضاف لمصر 360 أن قانون الأحوال الشخصية لا ينصف الزوج فيما يتعلق بأحقية الحضانة والرؤية وحقوق الأجداد في الرؤية، مطالبا بضرورة إنصاف الرجل ووضعه في ترتيب متقدم في الحضانة.
أيضا أحمد عبدالمهيمن، 43 عاما، يواجه نفس المشكلة وهي الرؤية، مشيرا إلى أنها أزمة معظم الرجال المطلقين. ويقول إن زوجته منعته تماما من رؤية ابنه ذو الخمس أعوام رغم قيامه بدفع مصروفات المدرسة والنفقة لكن لا يمكنه رؤية ابنه لمدة “خمس دقائق” على حد تعبيره.
ويوضح أحمد أنه لم يقوم منذ البداية بحرمان زوجته من حقوقها الشرعية، موضحا أنها ترغب في الحصول على ما هو أكثر من حقوقها الشرعية في مقابل رؤية الابن.
ويرى أحمد ضرورة وجود إجراءات ملزمة للأم بمواعيد الرؤية خاصة أن هناك طرق للتحايل على حق الرؤية مثل ادعاء أن الطفل مريض وغيرها من الأساليب التي ينصح بها المحامين.
نظرة المجتمع للمرأة
وترى انتصار السعيد رئيس مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون أن أحد أسباب الخلافات وقت الطلاق وبعده عدم وجود قوانين توجب تقسيم الثروة المشتركة بين الزوجين، قائلة: “الطلاق يتم بناء على رغبة أحد الطرفين ونادرا ما يحدث بناء على اتفاق الطرفين”.
وتقول السعيد لموقع مصر360 إن الأسباب الحقيقة لعدم وجود طلاق مبني على التفاهم تكمن في النشأة المجتمعية للأفراد وطبيعة التربية الشرقية وما يتضمنها من عادات وتقاليد ومعتقدات، مشيرة إلى النظرة الدونية المعتادة للمرأة من قبل المجتمع وأنها أقل من الرجل ويجب أن تضحي دائما.
واختتمت سعيد حديثها بالتأكيد على دور المجتمع، موضحة أن المجتمع ينقصه قيم عديدة كالمساوة بين الجنسين، واحترام المرأة بشكل عام حتى يتم الانفصال بشكل سوي.
تعديلات تشريعية
ومن جانبها رأت المحامية عزيزة الطويل أن القوانين غير منصفة لذلك يحدث مشاكل عند الطلاق فقوانين الأحوال الشخصية في حاجة إلى مراجعة لتكون منصفة للطرفين، قائلة “القوانين المصرية أحد العوامل التي تسببت في عدم وجود طلاق بصورة منصف”.
وأوضحت الطويل أنه تبعا لقوانين الأحوال الشخصية الطلاق لابد أن يقع بعد إثبات الضرر. وهذا يأخذ الكثير من الوقت والجهد، مما يضطر الكثير من النساء لإقامة دعاوى الخلع وبالتالي يتم التنازل عن كافة حقوقهن.
كتبت: هنا الداعور