حصلت وزارة القوى العاملة، عبر ذراعها صندوق تمويل التدريب والتأهيل، مؤخرا، على موافقة مجلس الوزراء بالاشتراك في تأسيس شركة مساهمة مصرية باسم “سفر لإلحاق العمالة بالخارج” بغرض إلحاق العمالة المصرية بالداخل والخارج، وسط تساؤلات عن الأسباب التي دفعت الوزارة لإنشاء شركة في ظل امتلاكها مكاتب تمثيل في الخارج وانتشار شركات إلحاق العمالة المصرية.

ويأتي تأسيس الشركة الجديدة وسط تسارع مستمر في عدد الشركات الوهمية التي يتم ضبطها من قبل الأمن والتي تتخصص في الحصول على أموال من المواطنين بزعم تسفيرهم للخارج، ووصلت المشكلة إلى ضبط خمسة مكاتب في محافظات مختلفة خلال الأسبوع الماضي فقط.

ووفقًا لوزارة القوى العاملة، فإن الشركة الجديدة تهدف إلى تنويع أدوات الدولة في تشغيل الشباب، وعدم اقتصارها على الأدوات الحكومية النمطية، وتنمية مهارات وقدرات العمالة المصرية المستهدف إلحاقها للعمل بالخارج لتكون نموذجاً مشرفاً للعمالة المصرية وجاذباً لإلحاق المزيد منها.

وتقتنع الحكومة بأن مشاكل العمالة المصرية تبدأ منذ لحظة خروج العامل المصري البسيط من مصر بصورة عشوائية تفتقد للتخطيط والتنظيم دون جهة تتأكد من خبرته ومهنته أو قدرته علي العمل في الدولة التي يسافر إليها.

وتخطط الحكومة منذ سنوات بأن يتم تأمين عقد عمل لأي عامل قبل سفره، وأن تتحول الجهة المنوط بها العمل والعمال إلي بيت خبرة تكون مهمته دراسة أسواق العمل القريبة لمصر دراسة وافية والتعرف علي القطاعات التي تحتاج للعمالة حتى يتم إعدادها وتدريبها بغرض أفضل استثمار للموارد البشرية

لا منافسة مع شركة إلحاق العمالة

وقال مصدر بوزارة القوى العاملةـ، لـ”مصر 360″، إن الشركة الجديدة لن تنافس شركات إلحاق العمالة المتواجدة في السوق التي تواصل عملها كالمعتاد لكنها ستعمل على مساعدتها عبر التدريب والتأهيل، مشيرًا إلى الترخيص لـ 123 شركة لمزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية بالعمل في الخارج خلال السنوات الست الأخيرة، وتجديد ترخيص 1088 شركة أخرى، وإلغاء ترخيص 81  شركة لمخالفتها أحكام القانون.

وأكد المصدر أن الوزارة قامت بتشغيل 2.3 مليون شخص بالداخل، بجانب 3.8 مليون بالخارج خلال السنوات الست الأخيرة عبر مكاتب التمثيل العمالي بالخارج، بجانب تطوير 113 مكتبًا للتشغيل وربطها إلكترونياً بالمديريات التابعة لها والوزارة من إجمالي 300 مكتب تشغيل على مستوى الجمهورية.

ووفقا لمسئولين بوزارة الخارجية، فإن 90% من مشاكل المصريين خارج مصر ترتبط بالعلاقة بين العامل وصاحب العمل، مؤكدين أن المصريين لا يلجئون للسفارة أو البعثة الدبلوماسية علي الإطلاق وربما يكون ذلك للموروثات الموجودة في ذاكرتهم حول التعامل مع السفارات.

لكن لا تخلو أهداف الشركة الجديدة أيضًا من الوفاء بالطلب الكبير على العمالة المصرية خاصة في قطاع المقاولات، مع سعي مصرللحصول على كعكة من عقود إعادة الإعمار في ليبيا والعراق، واللتان لديهما تاريخ طويل لتواجد العمالة المصرية بهما.

وقررت مصر وليبيا قبل شهور تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين بشأن تنظيم وتسهيل تنقل الأيدي العاملة، ووضع آليات جذب العمالة المصرية للعمل في إعمار ليبيا، مع الربط الإلكتروني بين وزارتي العمل في البلدين لتحديد الاحتياجات الليبية من التخصصات المهنية المطلوبة، بحانب تشكيل لجنة للطوارئ لمواجهة الأحداث والمشكلات التي قد تطرأ عند بدء العمل بالمنظومة.

العمالة المصرية في ليبيا

وتستهدف المرحلة الأولى من إعمار ليبيا تسفير مليون عامل مصري، ومن المقرر أن تعمل تلك العمالة في 10 مشروعات تنفذها الشركات المصرية كمرحلة أولى لإعادة إعمار ليبيا، فور إطلاقها، على أن يرتفع بعدها عدد العمال إلى 3 ملايين يقتربون من عدد العاملين العائدين منها عقب اندلاع أحداث الثورة.

كما بدأت مصر أيضًا التحرك لاقتناص عقود إعادة الإعمار في العراق، بعد توقيع 15 اتفاقية أخيرًا، واستحداث آلية النفط مقابل الإعمار، والتي يتوقع أن تجذب ملايين العمال المصريين وإعادة فترة الثمانينيات التي شهدت وجود  نحو 5 ملايين بالمدن العراقية كان أغلبهم من عمال البناء، مع مجموعات أقل عددًا في مجالات التدريس والزراعة والبترول.

 

اقرأ أيضا:

100 مليار دولار تنتظر مصر من استقرار ليبيا

نقص التدريب المهني.. مشكلة مزمنة

واشتكت وزارة القوى العاملة قبل سنوات من من مشكلة كبرى تواجه العمالة المصرية عند عرضها على الدول تتمثل في نقص التدريب المهني، ما دفعها للتوسع في إنشاء عدد كبير من المراكز بمختلف المحافظات منها الثابت ومنها الوحدات المتنقلة، وسعت تلك المراكز على تأهيل الشباب المتدرب الراغب فى الالتحاق بسوق العمل بالداخل والخارج، واستقبلت خريجين جامعيين أيضًا أرادوا تغيير مجالات تخصصاتهم إلى أخرى تتماشي مع سوق العمل.

الشكوى الحكومية من نقص العمالة المدربة، تكررت قبل عدة سنوات أيضًا من قبل بعض شركات التشييد والبناء التي قالت إن لديها نقص في العمالة التيى تمثل العنصر الرئيسي في صناعة المقاولات، وطالبوا بالاستثمار في الموارد البشرية لتحسين المستوي الفني للعمالة والفنيين، واعادة النظر في المناهج الدراسية لمدارس التعليم الفني بحيث تضم جوانب عملية تساعد علي تأهيلهم لسوق العمل.

من المقرر تأسيس الشركة الجديدة التي تحمل اسم “سفر لإلحاق العمالة بالخارج” وفقا لأحكام قانون شركات المساهمة، وشركات التوصية بالأسهم، والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، ما يعني أن الحكومة ستتولى الإشراف العام على الشركة.

وتوقع بعض الخبراء أن تسهم الشركة الجديدة في منع بيع التأشيرات المفتوحة وغلق جميع مكاتب المشبوهة والسفر بطرق عشوائية التى كانت تسبب أزمة فى العلاقات المصرية الخارجية، بعدما قامت بعض شركات التسفير بتوفير فرص لمواطنين في الدول الخارجية بمهن لا تناسبهم.

وربما تساهم الشركة الجديدة في منح المواطن المصري شرعية في الخارج للتعامل مع الكيانات المحلية والحصول على حقوقه كاملة حال تعرضه للانتهاك والتوقف عن السلبية، مثلما حدث فى واقعة صفع عامل مصري في متجر كويتي ، ورفضه تقديم شكاوى رسمية تجنبا لمشكلات قد تؤدي لإنهاء عمله.

أمام نقص فرص العمل المحلية أمام بعض التخصصات الوظيفية، لجأ مواطنون للسفر  كسياحة والبحث بعدها عن أي فرصة تناسبهم، خاصة في إيطاليا التي استقبلت آلاف المصريين الباحثين عن أي فرصة عمل، في موجات من الهجرة غير الشرعية حتى عام 2016 الماضي.