بفصاحته المعتادة، أطلق الرئيس التونسي قيس سعيد قبل أيام رسالة لمن قال إنهم يخططون لاغتياله مفادها: “لا يخاف إلا من الله، وإن مات سيكون شهيدًا”. وبعد أيام أوقفت سلطات الأمن التونسي مواطنًا ينتمي لتنظيم “داعش”، تسلل مؤخرًا من ليبيا حيث تلقى تدريباته، وبحوزته “خطة اغتيال الرئيس”.

تلك ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها “سعيد” لمحاولة اغتيال، إذ كشفت الرئاسة التونسية قبل أشهرٍ عن مخطط لاغتيال الرئيس عن طريق “ظرف مسموم”. بينما كرر الرئيس التونسي قوله إن أطرافًا وصفها “بالمتآمرين”، تسعى “لتأليب الدول الأجنبية على رئيس الجمهورية وعلى بلادهم”.

الرئيس التونسي قيس سعيد
الرئيس التونسي قيس سعيد

قبل تلك الواقعة حصد رصاص الاغتيال 9 زعماء عربًا، اثنان منهم على الهواء مباشرة، واثنان في ساحة المواجهة المسلحة في حرب أهلية، وثلاثة ملوك، ورئيسان لبنانيان لم يحكما لأيام معدودة. كما خطف المغتالون أرواح 7 رؤساء وزراء، ثلاثة منهم مصريون ومثلهم لبنانيون ورئيس وزراء أردني. فضلاً عن قائمة طويلة من اغتيال السياسيين، أغلبهم لبنانيون.

التاريخ حافل بوقائع اغتيال دامية لزعماء عرب اختلفت دوافعها، لكن تبقى أغلب تلك الاغتيالات ذي صبغة سياسية. بينما كان الغدر من المقربين (سواء حرّاس أو موظفون) سمة عامة لأغلب تلك الاغتيالات.

دماء على الهواء

اثنان من الزعماء العرب أريقت دمائهما على الهواء مباشرة، بينما كانوا يطلون على شعبهم في فاعليات رسمية أطلق الرصاص عليهما اغتيالات أمام الكاميرات، هما الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، والرئيس الرابع للجزائر محمد بوضياف.

السادات.. غدر المنصة

في السادس من أكتوبر عام 1981، رفض السادات نصيحة مستشاريه، وأصرّ على الذهاب للاحتفال “وسط أبنائه”، قبل أن يترجَّل ثلاثة من “هؤلاء الأبناء” باتجاه منصة كان يرقب خلالها السادات عرضًا عسكريًا إحياءً لذكرى حرب أكتوبر، وصوبوا الرصاص باتجاهه فأردوه قتيلاً.

نفذ عملية الاغتيال الملازم أول خالد الإسلامبولي الذي حكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص لاحقاً في أبريل 1982. وعقب الاغتيال تولى صوفي أبو طالب رئاسة الجمهورية مؤقتًا لمدة ثمانية أيام، حتى جرى انتخاب محمد حسني مبارك رئيسًا للجمهورية.

سبق عملية الاغتيال عدة أحداث جعلت حياة السادات في خطر، بدءًا بموقفه من إسرائيل، وتوقيع اتفاق كامب ديفيد. ثم حملة الاعتقالات التي عرفت باسم “اعتقالات سبتمبر”، قبل أقل من شهر من اغتياله. قالت عنها وثائق سرية للخارجية البريطانية إن قرار السادات شن حملته “للتطهير” في سبتمبر قد ساعدت في منع محاولات (اغتيال) سابقة.

لاحقًا أقر خالد الإسلامبولي، المنتمي حينها إلى جماعة الجهاد الإسلامي، بأنه نفذ عملية الاغتيال بناء على فتاوى دينية تعتبر أنّ السادات “ارتدّ” وأنه “لا يحكم بما أنزل الله”. بعدها اتهم الشيخ عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية، بأن فتوى له كانت دافعًا للاغتيال وتم محاكمته في هذه القضية في مصر وحصل على البراءة.

اعتمدت الجماعة الإسلامية “القتال” ضد رموز السلطة وقوات الأمن في مصر منهجًا طوال فترة الثمانينيات وفترات متقطعة من التسعينيات، لكن أجهزة الأمن وجهت ضربات أمنية متلاحقة ضدها واعتقلت معظم أعضائها وضربت قواعدها، حتى أصبحت الجماعة بدون أي تأثير.

بوضياف.. أنفاس أخيرة أمام الميكرفون

كان “سي الطيب الوطني”، كما لقّب الجزائريون رئيسهم الرابع محمد بوضياف، يلقي خطابًا على الهواء مباشرة بعد أقل من 6 أشهر على توليه السلطة، حتى صوّب أحد حراسه رصاصة إلى رأسه فوقع غارقًا في دمائه أمام كاميرا التلفزيون الجزائري الرسمي في 29 يونيو 1992.

عندما كان في زيارة تفقدية لولاية عنابة، ألقى بوضياف خطابًا أذيع على الهواء في دار الثقافة، وأمام حشد من مسؤولي الدولة وممثلي المجتمع المدني، كانت رصاصة من سلاح الملازم الأول لمبارك بومعرافي قد أنهت حُلمًا كبيرًا لمن يمتلك تاريخًا نضاليًا كبيرًا من أجل استقلال الجزائر بعدما عاد من المنفى لإنقاذها.

كان بوضياف أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني، ورفع شعار محاربة الفساد والتشدد وتحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. عندما عاد إلى الجزائر بعد 30 عامًا في المنفى، كانت بلاده منقسمة إلى جزئين، بين المؤسسة العسكرية للجيش، وجبهة الجماعات الإسلامية المسلحة.

https://www.youtube.com/watch?v=z2wqb1GCZU0

أدانت محكمة جزائرية الضابط بومعرافي بالإعدام، لكنه لم ينفّذ بسبب تخلي الجزائر عن تطبيق هذا النوع من الأحكام منذ 1993 فتحولت عقوبته إلى السجن مدى الحياة، لكن الغريب أن الجريمة جرى اختصارها في تصرف شخصي لضابط، لم ينطق بكلمة واحدة خلال المحاكمة التي استمرت 15 يوما فقط، وظلت القضية غامضة حتى اليوم.

لكن الرأي العام الجزائري لا يصدق الرواية الرسمية لاغتيال بوضياف، فيما يتردد في الأوساط الإعلامية والسياسية أن مسؤولين بارزين قتلوه بعدما اعتزم محاسبتهم في جرائم فساد خطيرة.

اغتيال ملوك

طال رصاص الاغتيال ثلاثة ملوك عرب، من العراق إلى الأرض والسعودية، تباينت الأهداف والدوافع، لكنّها تبدو في تلك الحالات دوافع سياسية في المقام الأول، سواء كان نزاعًا على العرش أم تدبيرا خارجيا.

الملك فيصل.. لماذا قُتل؟

كان الملك فيصل بن عبد العزيز ثالث ملوك السعودية، عندما قرر الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز إنهاء حياة عمه برصاصات وجَّهها إلى جسده داخل بلاط الديوان الملكي فوقع قتيلاً، في 25 مارس عام 1975 في الرياض. ونفذت السلطات السعودية حكم القصاص قتلاً بالسيف في الأمير فيصل، بعد ما وصفته الحكومة بأنه مختل عقليًا.

ضجت كتب التاريخ بروايات نضالية، قيل إنّها السبب المباشر وراء اغتيال الملك فيصل، خاصة قراره قطع النفط عن قوى غربية عام 1973 في أثناء حرب أكتوبر، وقتها رجّح متابعون أنّ يكون ابن أخيه العائد لتوّه من الولايات المتحدة، نفذ عملية الاغتيال، بتحريض من واشنطن.

لكن تلك الرواية هدمتها وثائق ويكيليكس المسربة، بكشفها أن قطع النفط لم يكن خيارًا سعوديًا خالصًا، وأن أحد أهم أسباب قطعه هو استغلال الموقف ورفع سعر النفط.

خبر اغتيال الملك فيصل
خبر اغتيال الملك فيصل

لكن للمشهد زوايا أخرى، بعضها يقول إن الأمير كان يثأر لأخيه الذي قُتل على يد قوات الأمن السعودية بعد اقتحامه مبنى التلفزيون في العاصمة الرياض. وشقيقه الأكبر خالد بن مساعد، قاد تظاهرات وإضرابات في أواسط الستينيات وحاول اقتحام مقر التلفزيون السعودي بالسلاح، وانتهت العملية بمقتله على يد قوات الداخلية في 8 سبتمبر 1965.

الزاوية الثالثة في الجريمة السياسية الغامضة، تقول إن الأمير القاتل تربطه صلة قرابة من أمه مع “آل الرشيد”، وتلك العائلة كانت المنافس الأول لآل سعود على حكم الجزيرة العربية قبل هزيمتهم.

تولي الملك فيصل الحكم لم يخل من ضغائن بأوساط الأسرة الحاكمة، فقد عزل علماء الدين والقضاة الملك سعود وتنصيب الملك فيصل بدلاً عنه عام 1964. بعد خلافات نشبت بين الشقيقين في أعقاب محاولة الملك سعود اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر.

الملك فيصل الثاني.. إعدام ثوري

صبيحة الرابع عشر من يوليو عام 1958، استيقظ العراقيون على نهاية النظام الملكي، كما استيقظ آخر ملوك العراق الملك فيصل الثاني على أصوات الرصاص وقد أحاطت بالقصر، والإذاعة الرسمية تبث بيانات ثورية، فاستسلم وخرج للثائرين بصحبة أسرته فأطلقوا الرصاص عليه وعلى بعض مرافقيه، وأردوه قتيلا.

آخر ملوك العراق فيصل الثاني
آخر ملوك العراق فيصل الثاني

تلك كانت المرة النادرة التي تحكم فيها الفئة التي قتلت الزعيم، حيث سيطرت “الحركة التموزية” على مفاصل الحكم، وأعلنت الجمهورية، وأصبح قائد الحراك الثوري عبدالكريم قاسم رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة ، قبل أن يعدم في 1963 في انقلاب عسكري.

بمقتل الملك فيصل الثاني، مات الاتحاد العربي الهاشمي، الذي دعا له الملك الحسين بن طلال ملك الأردن في فبراير 1958 بين المملكتين الهاشميتين في العراق والأردن في أعقاب تشكيل الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، فأصبح الملك فيصل الثاني ملكًا للاتحاد الذي دام لستة أشهر فقط قبل الإطاحة بالنظام الملكي في العراق.

الملك عبدالله الأول.. رصاص على أعتاب الأقصى

بعد ثماني محاولات فاشلة، كان مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية وملكها الملك عبدالله الأول يزور المسجد الأقصى في القدس في 20 يوليو 1951، عندما أطلق الفلسطيني مصطفى شكري عشي، ثلاث رصاصات على رأس الملك فأرداه قتيلاً أمام بوابة المسجد.

ورغم أن أسباب الاغتيال لا تزال غامضة، فقد تفسّر مواقفه مصيره هذا، حيث كان يعبر دائمًا عن رفضه للتدفق اليهودي على فلسطين في عشرينيات القرن الماضي، وناهض كثيرًا عمليات النزوح، رغم علاقته الجيدة مع الزعامات اليهودية العربية، كما شارك في الثورة العربية ضد الدولة العثمانية.

الملك عبدالله الأول
الملك عبدالله الأول

ورغم غموض الدوافع وراء عملية الاغتيال، فإنّ متابعين لهذا الملف يعتقدون أن أدوات الاغتيال قد تكون أردنية وفلسطينية. كما أن الملك الراحل كان مهتمًا بمشروعات عربية، من بينها تحقيق مشروع سوريا الكبرى، ومشروع اتحاد كامل بين الأردن والعراق.

وتولى الأمير طلال بن عبدالله الحكم بعد والده، بعدما جرى توجيه الاتهام إلى عشرة أفراد بالتخطيط للاغتيال، وأصدرت محكمة في عمان حكمًا بالإعدام على ستة، وبرأت الأربعة الباقين.

لبنان.. دماء في الطريق إلى الحكم

كانت ولا تزال لبنان الدولة الأكثر نصيبًا من العنف المرتبط بالعملية السياسية، ففضلاً عن مقتل زعماء وقادة سياسيين، فقد شهدت البلد عمليات اغتيال لمفكرين ومؤثرين في الرأي العام، بفعل الطائفية والموقع والأجندات الخارجية.

بشير الجميّل.. الرئيس الذي لم يحكم

بكت بيروت الشرقية، وانتهى حُلم المسيحيين في حكم لبنان يوم 18 سبتمبر عام 1982، حين سمع صراخ وعويل يقولون: “الرئيس قد قُتل”. بشير الجميّل أحد أبرز قادة الحرب الأهلية في لبنان، كان من ألد أعداء النظام السوري في تلك الفترة، وناصب حافظ الأسد العداء العلني، وحظي بشعبية واسعة خصوصًا بين المسيحيين، بينما كانت شريحة أخرى من اللبنانيين تلقبه بـ”الحبيب العدو”، وتظهر تململاً بسبب علاقاته مع إسرائيل التي اجتاحت لبنان في العام 1982.

اغتيل الجميّل، بعد عشرين يومًا على انتخابه رئيسًا للبنان، من خلال تفجير استهدف مقر حزب الكتائب اللبنانية في منطقة الأشرفية ذات الغالبية المسيحية في بيروت.

بشير الجميّل
بشير الجميّل

وفي 2017، بعد خمس وثلاثين سنة على اغتيال الجميل، أصدر المجلس العدلي اللبناني حكمًا غيابيًا بالإعدام بحق حبيب الشرتوني بعد إدانته بتنفيذ عملية الاغتيال. واعترف الشرتوني، العضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، بعد توقيفه حينها بعملية التفجير التي أودت بحياة الجميل و 23 شخصا آخرين.

وأوقفت السلطات اللبنانية الشرتوني، إلا أنه بعد ثماني سنوات تمكن من الفرار من سجنه في 13 أكتوبر 1990، مع دخول الجيش السوري إلى شرق بيروت. وبقيت ملابسات فراره من السجن غامضة. ولم يشاهد الشرتوني منذ ذلك الحين في العلن، باستثناء بعض الظهور النادر في الإعلام.

رينيه معوّض.. قتلوه في ذكرى الاستقلال

حكم لبنان لمدة 17 يومًا فقط، وأثناء مرور موكبه من القصر الحكومي في طريقه إلى منزله، انفجرت عبوة ناسفة قتلت الرئيس رينيه معوض، وهو أول رئيس للبنان بعد اتفاق الطائف الذي فتح الباب لانطلاق مسيرة المصالحة والسلم.

انتخب رينيه معوض رئيسًا للجمهورية في 5 نوفمبر 1989، واغتيل يوم عيد الاستقلال في 22 من نوفمبر. ومع اغتياله أطلق لبنان رصاصة أخرى على التعايش السلمي والمصالحة، وأضاعت فرصة نادرة كان بطلها رجل يمتلك قدرات هائلة خاصة على التفاوض والحوار.

رينيه معوّض
رينيه معوّض

لذلك كان رينيه موضع ثقة مختلف الأطراف، اقترن ذلك بوضوح خطه الوطني وتشبثه بالثوابت الوطنية. فكان رمزًا للاعتدال، كما كان واحدًا من الشخصيات النادرة في لبنان التي يفهم عمق وأبعاد اللعبة السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

مواجهات ميدانية

النوع الأخير من اغتيال الزعماء العرب، جاء خلال مواجهات ميدانية في أعقاب أحداث الربيع العربي، فكان الرئيسان الليبي معمر القذافي، واليمني علي عبدالله صالح دليلاً على التشبث بالسلطة إلى آخر نفس.

القذافي.. نهاية في بربخ

الأول من سبتمبر عام 1969. كانت ولادة من رآها مأساة ليبية، صعد إلى ركام المملكة الليبية ضابط نحيف اسمه معمر القذافي، قاد وزمرة من رفاقه الضباط انقلابًا على الملك إدريس السنوسي، فألغوا الملكية وأقاموا نظامًا جمهوريًا.

كانت مواقف القذافي طوال فترة حكمه لا تخلو من الخشونة. قال ذات يومٍ أمام الجامعة العربية تعليقًا على إعدام صدام حسين  إن “الدور آت على الجميع”، كان يتصور أن الموت لا يكون إلا أمريكيًا، فضحك الجالسون في كراسيهم.

استغل الشعب الليبي انتفاضة أطلَّت برأسها من الدولة المجاورة ضد الرئيس التونسي، فخرجوا يقولون إن الشعب يريد تغيير النظام، لكن النظام ورأسه تمسك بخيار إحالة ليبيا إلى الجحيم، ولما سُأل العقيد عن من قاموا بالثورة ضده في العام 2011، لم يراهم إلا “جرذانًا”.

وفي 20 أكتوبر 2011 خلال معركة سرت، عُثرَ على العقيد مختبئًا في بربخ (أنبوب للصرف الصحي) غربي المدينة، كان وقتها في يد قوات المجلس الوطني الانتقالي. بعد وقت قصير من القبض عليه فارق القذافي الحياة، وأظهر شريط فيديو مصور أن العقيد كان حيّ رفقة عناصر من الثوار انهالوا عليه بالضرب وهو يطلب الصفح منهم، حتى فارق الحياة، وبعدها دخلت ليبيا في مستنقع من الحرب الأهلية لا مدى لنهايتها.

علي عبدالله صالح.. قتله الحلفاء

في 4 ديسمبر 2017، كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح يهرول فارًا من صنعاء وتلاحقه قوات الحوثي، التي تعاون معها للسيطرة على العاصمة، حتى أمسكوا به وأعدموه رميًا بالرصاص إثر توقيف موكبه، بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في مديرية سنحان جنوب العاصمة.

كان الرئيس اليمني الراحل، صاحب أطول فترة حكم لرئيس في اليمن، من 1978 حتى تنازل عن الحكم في 2012، بعد ثورة 11 فبراير 2011. وهو صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب.

وسلم صالح السلطة بعد سنة كاملة من الاحتجاجات بموجب “المبادرة الخليجية”. التي أقرت تسليم صالح للسلطة وضمان حصانة من الملاحقة القانونية. وسمحت تلك الحصانة له بلعب دور حاسم في تأمين التحالفات القبلية والعسكرية التي سمحت للحوثيين بالسيطرة على عمران ومن ثم صنعاء في 21 سبتمبر 2014.

لكن لاحقًا، قال المتحدث باسم الحوثي محمد عبد السلام. إن جماعته رصدت رسائل بين صالح ودول خارجية قبل ثلاثة أشهر من وفاته. ومعها انهار التحالف بين صالح والحوثي في أواخر عام 2017.

رؤساء وزراء

فضلاً عن اغتيال الزعماء، فقد طالت يد الاغتيالات 7 رؤساء وزراء. من بينهم ثلاثة مصريين هم: محمود فهمي النقراشي عام 1948، وأحمد ماهر باشا عام 1945، وبطرس غالي عام 1910. بالإضافة إلى ثلاثة رؤساء وزراء لبنانيين هم: رياض الصلح عام 1951، ورشيد كرامي عام 1987، ورفيق الحريري عام 2005. ورئيس وزراء الأردن وصفي التل عام 1971.

يمكننا استنتاج جملة من الدلالات في الحوادث السابقة:-

– التجربة الوحيدة التي اُنتزع فيها الحكم باغتيال الزعيم هي التجربة الثورية في العراق، التي أنهت فترة الحكم الملكي.

– تنوعت دوافع القتل بين الرغبة في استعادة السلطة أو تكفير الحاكم أو أسباب مجهولة، لكن النسبة الأكبر تتمثل في الدوافع السياسية.

– إحصائيًا، فإن الاغتيالات طالت 3 ملوك و6 رؤساء، بعضهما لم يستمر في الحكم إلا أياما معدودة.

– لبنان الدولة الأكثر نصبيًا من عمليات الاغتيال.

– أغلب عمليات الاغتيال لا تزال تثير الجدل، وسط التشكيك في الروايات الرسمية، وغموض يحيط بالدوافع.

– أربعة اغتيالات فقط من بين 9 حالات جرى فيها محاسبة القتلة.

– كان الغدر من المقربين سمة عامة لأغلب تلك الاغتيالات.