بدأت الحكومة المصرية خطة لترميم وتجديد المعالم الدينية، خاصة أضرحة السيدة نفيسة، والسيدة زينب، والإمام الحسين بن علي. وذلك بشكل متكامل يتضمن أيضًا ترميم الصالات الداخلية بالمساجد، وما بها من زخارف معمارية راقية وغنية. وهو ما يتماشى والطابع التاريخي والروحاني للأضرحة والمقامات، جنبًا إلى جنب مع تطوير كافة الطرق والميادين والمرافق المحيطة والمؤدية إليها.
وأثارت خطة الحكومة تساؤلات حول أسباب عدم توظيفها السياحة الشيعية كأحد الموارد الاقتصادية. في ظل وجود تقديرات بإمكانية تحقيقها دخلاً لا يقل عن 10 مليارات جنيه من استقبال الراغبين في زيارة أضرحة آل البيت المنتشرة في ربوع مصر، ولدى بعضها شعبية كبيرة على المستوى الخارجي وليس الداخلي فقط.
الموالد والفاعليات الصوفية
كان عبدالله الناصر حلمي، أمين عام تجمع آل البيت الشريف واتحاد القوى الصوفية. قد طالب قبل ثماني سنوات الحكومةَ المصرية بإحياء سياحة ما أسماه بـ”المراقد المقدَسة بمصر” لتحسين الدخل القومي. وتوقع بأنها ستدر أكثر من (642 مليون دولار).
ترتكن تقديرات اتحاد القوى الصوفية إلى احتضان مصر العديد من أضرحة كبار الأئمة وآل البيت والصحابة. والتي أصبح بعضها بالمحافظات يعاني الإهمال ومحاصرة من المخلفات، وامتداد الأسواق العشوائية لبعضها لتصبح الأضرحة وسط بائعي الدواجن والدواب. وفقًا لحلمي الذي قدم تلك الدعوة على أحد المواقع المهتمة بالنشاط الشيعي.
لطالما اصطدم سعي مصر لإدخال السياحة الشيعية بالتخوف من نشر الفكر الشيعي، رغم اعتدال المصريين دينيًا وثقافيًا. بالإضافة إلى موقف الأزهر الوسطي من الصوفية. بجانب قدوم أعداد محدودة من زوار مسجد الحسين من الشيعة على مدار عقود دون حدوث أي مشكلات أمنية أو سياسية.
لا يتجاوز عدد الشيعة المصريين عدة آلاف فقط، ينتمون للمذاهب المعتادلة شديدة القرب في طقوسهم من غالبية السنة. ولم تصادفهم أي مشكلات باستثناء أحداث زاوية أبو مسلم في الجيزة. حينما توجه إليها القطب الشيعي حسن شحاتة و3 من مرافقيه في 2013 لحضور تجمع ديني، وتعرضوا للهجوم من متطرفين.
أضرحة شهيرة
تتضمن مصر قائمة من المزارات التي قد تجذب الشيعة لزيارتها مثل أضرحة: السيدة زينب، والحسين، والسيدة نفيسة والرفاعي والشافعي بالقاهرة. كما تتضمن مزارات لأولياء من الصوفية مثل: السيد البدوى بطنطا، والمرسى أبو العباس في الإسكندرية. وإبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ، وأحمد القناوي في قنا.
يمثل الشيعة تركيبة كبيرة العدد من سكان دول الخليج العربي ذات الملاءة المالية الكبيرة. إذ يمثلون نحو ٥٥% من إجمالى سكان البحرين، و٢٠% من عدد سكان الكويت، و10% في قطر و5% من عمان. ونحو 15% من الإمارات، وحوالي مليوني سعودي. وفق دراسات متباينة بينها تقرير الحرية الدينية في العالم، الصادر عن الخارجية الأمريكية للعام 2006.
يطالب رؤساء شركات سياحية بالاهتمام بالسياحة الدينية، ومن بينها شيعة الخليج ذوي الثراء. موضحين أن أعداد السائحين من ذوي الاهتمامات الدينية محدودة، رغم الثراء الذي تضمه مصر من آثار لجميع الديانات السماوية التي تؤهلها للعب دور كبير في هذا الصدد.
وبدأت الحكومة تحركات لإحياء مسار العائلة المقدسة الذي يضم 25 نقطة مر بها السيد المسيح والسيدة مريم في رحلتهما بمصر. وتمتد لمسافة 3500 كلم ذهاباً وعودة من سيناء حتى أسيوط. كما يحتوي كل موقع حلت به العائلة بمجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية. وفق ما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر.
مراقد وأضرحة
كما تضم مصر مراقد وأضرحة غير مشهورة محليًا، لكنها معروفة بقوة لدى الشيعة العرب. في مقدمتهم «مالك بن الأشتر» قائد جيوش على بن أبى طالب في مصر ووالي عليها، والموجود بالقلج بالقرب من الخانكة. وكذلك محمد التيمي القرشي، الذي شارك مع علي بن أبي طالب في عدة معارك، وتولى ولاية مصر قبل أن يتم قتله في قصره والتمثيل بجثته، وتم دفنه فى ميت دمسيس في أجا بالدقهلية.
تتضمن المزارات مرقد رأس زين العابدين بن علي. ومشهد كلثوم بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق الذي يقع بجوار مسجد الشافعي بمصر القديمة. ومرقد السيدة رقية ابنة الإمام على الرضا والسيدة سكينة بنت الحسين، والسيدة عائشة بنت الإمام الصادق بحي السيدة عائشة.
كما يعتبر مرقد السيدة زينبمرقد السيدة زينب أحد أهم الأضرحة المقدسة في الفكر الشيعي. بعدما عاشت في مصر 11 شهرًا مع نساء بني هاشم فاطمة ابنة الحسين وسكينة في دار الحمراء بجوار والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري. ويقام لها مولد صوفي ضخما خلال شهر رجب من كل عام، وهو التاريخ المتفق عليه لوفاتها. كما يمثل المشهد الحسيني أهم المراقد التي تحظى بتقدير لدى الشيعة، ويتم الاحتفال به ثلاث مرات فى السنة يوم مولده فى شعبان.
وتبنت الحكومة خطة قبل سنوات لتطوير منطقة مسجد الحسين، بما يتلاءم مع المكانة الدينية والتاريخية والأثرية للمسجد، والمنطقة المحيطة. ليتكامل مع خطة التطوير الشاملة التي تنفذها الحكومة في عدة مناطق بالقاهرة التاريخية. أبرزها سور مجرى العيون، ومنطقة الفسطاط، وشارع المعز، ومنطقة العتبة، والقاهرة الخديوية.
مخاوف مستمرة
المخاوف التي تواجه السياحة الشيعية في مصر متشابهة تمامًا مع الأردن التي تتضمن مقامات الصحابة في المزار الجنوبي. ومن بينها مقام جعفر بن أبي طالب، بعد مطالبة رئيس الوزراء الأردني الأسبق ممدوح العبادي بفتح الجنوب أمام السياحة الشيعية. وأكد أن مصلحة بلاده الاقتصادية أولاً؛ لأنها بحاجة إلى مخرج اقتصادي وسياحي. واعتبر أن من لا يوافق على السياحة الدينية والعلاجية والترفيهية، أعداء لاقتصاد المملكة.
ويعتبر العراق أكبر مستقبل للسياحة الشيعية في الوطن العربي، ويعمل على خدمتها نحو 544 ألف شخص في مدن كربلاء وسامراء والنجف. والأخيرة تستقبل سنويا مليون ونصف المليون زائر، بجانب مئات الآلاف في الزيارة الأربعينية التي تعد أكبر تجمع شيعي.
وقال عاطف عبداللطيف، رئيس جمعية مسافرون، إن مصر تولي اهتماما بالسياحة الدينية بجميع أشكالها. بداية من مشروع مسار العائلة المقدسة، الذي يتوقع أن يجذب السائحين المسيحيين في العالم.
رئيس جمعية مسافرون: مصر تهتم حاليًا بتطوير الآثار الإسلامية من مساجد ومناطق أثرية وفي القلب منها أضرحة آل البيت. التي لديها قدر من الإجلال بين المصريين خاصة الصوفية
وأضاف أن مصر تهتم حاليًا بتطوير الآثار الإسلامية من مساجد ومناطق أثرية وفي القلب منها أضرحة آل البيت. التي لديها قدر من الإجلال بين المصريين خاصة الصوفية، دون أن يكون الهدف الجذب السياحي في المقام الأول.
وأوضح أن “اليونسكو” طالبت بالاهتمام بأي نوع من الآثار، طالما سيكون مصدرًا للدخل البشري. فأي آثر يتم تطويره يشهد افتتاح مناطق خدمات مثل المطاعم والفنادق، والتي تفتح المجال أمام فرص عمل, وفرص للشراء من الباعة المحليين للصناعات التراثية، وهو الهدف الأول من السياحة بخلق رواج في الأسواق.