انتهى كل شيء في اليمن إلى نقيضه، فهو أكثر تمزقًا عن ذي قبل، وأكثر عُرضةً لنهب موارده، وأقل وحدة من أيِّ قت مضى ولا يُظهر النزاع أي مؤشرات حقيقية على الانحسار. فالمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا عينه على إعلان الدولة الجنوبية، والتي يعتبرها مسألة وقتٍ، يصير معها اليمني يمنين. في المقابل فإنّ الرئيس اليمني المتفاخر بـ”شرعيته” بقي كما هو نزيلاً دائمًا في فنادق الرياض “هاديًا غير منصور”.
الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دوليًا، بقيت حبيسة الرياض لم يعد بحوزتها سوى وثيقة اسمها “اتفاق الرياض”، كلما اشتدت المواجهات وبسط المجلس الانتقالي سلطانه على محافظة أو مدينة استدعت المطالبة بالعودة للاتفاق، وباتت وظيفته كوظيفة المصطلحات الكبرى في الملفات المركبة مثل مفهوم “حل الدولتين” الذي تلوكه الألسنة.
الإمارات والسعودية لم تحققان نجاحًا بعيد المدى كما تحقق في إضعاف ما شكّلت تحالفًا عسكريًا لدعمها، حتى بقيت الأطراف المناوئة لجماعة الحوثي (الشرعية بكل مكوناتها)، شراذم من فتات مسلح، تتعدى عدد الألوية والمجموعات المسلحة عدد المكونات السياسية على الأرض.
اقرأ أيضًا| خلاف سعودي – إماراتي يتردد صداه في اليمن
على سبيل المثال، فإن المكون الجنوبي باعتباره طرفًا سياسيًا يتفرع منه أكثر من 4 أجسام عسكرية: قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الحزام الأمني المنتشرة في محافظات عدن ولحج وأبين وجزء من محافظة الضالع، وقوات النخبة الشبوانية المنتشرة في أجزاء من محافظة شبوة، وقوات النخبة الحضرمية المنتشرة في مدن ساحل حضرموت.
أما الحوثيون المدعومين من إيران فباتوا أقرب إلى “شبه دولة” في الشمال وجزء من الوسط. كما أدت الأحداث المتراكمة بين الأطراف الجنوبية إلى تقوية شوكة “الشماليين”. وهنا أتعمد وصفهم جغرافيًا باعتبارهم نجحوا في ضمان ولاء قبائل الشمال حتى تلك المختلفة معهم أيديولوجيًا، من خلال تزكية نعرات قديمة مع قبائل الجنوب. كل ذلك حدث خلال سنوات الحرب أمام أعين الأطراف المؤثرة والمتأثرة بالأزمة اليمنية، فإمَّا شغلتها مصالحها عن تلك المواجهة السياسية أو أنّها غضت الطرف عن ما يمكن أن تستفيد منه لاحقًا في مشروعها باليمن.
إطالة أمد الحرب
تمثل التعقيدات الداخلية ومصادر التمويل الذاتية لأطراف الصراع في اليمن، واحدة من الأسباب الرئيسية لإطالة أمد الحرب. خاصة أنّ السعودية والإمارات حولتا طبيعة عمل وكالات الإغاثة الدولية إلى مؤسسات تساهم في زكية أسباب استمرار الحرب. ذلك أن أموال الإغاثة يسمح للدولتين، باعتبارهما طرفين مباشرين في الصراع باستمرار تغذيته، لتحقيق أهداف تتعلق بالنفوذ الميداني.
أما التأثير الأكبر للتدخلات الخارجية يتمثل في تمزق النسيج الوطني الاجتماعي باليمن، حتى باتت كافة الأطراف تتحدث عن “عدوان”. في سياق اتهامها للطرف الآخر. وهو ما يعني أن بنية الوعي السياسي الداخلية تمزقت إلى الحد الذي ما بات يُعرف من صاحب الحق من اليمنيين.
اقرأ أيضًا|
كما إطالة أمد الحرب تسمح للأطراف الإقليمية الداعمة لطرفي النزاع الاستفادة من غياب عملية السلام. بالنظر إلى تعقيدات ذات ارتباطات بملفات أخرى كالبرنامج النووي الإيراني أو أزمات إقليمية في دول أخرى تتقاطع مع النزاع اليمني. وهو ما تستفيد منه الدولتان الخليجيتان إلى حد كبير في حساباتها الاستراتيجية.
السبب المهم لاعتبار أن أفق الحل بعيدًا، هو تأثير الأطراف الخارجية على تعميق سمات داخلية في اليمن. تلك التي تتعلق بالجغرافيا الطبيعية والتاريخية مناطقيًا ومذهبيًا واجتماعيًا. وهي العوامل الأكثر تأثيرًا في إشعال الحرب واستمرارها، ومن ثم الحديث عن طيّها يحتاج جهدًا كبيرًا.
لذلك فإنّ الوضع الداخلي في اليمن شديد التعقيد، بالنظر إلى حالة الانقسام المنطقي والمذهبي التي يصعب تجاوزها. ولا يمكن اعتبار الشراكة في الحكم وفق التصورات الدولية سبيلاً معالجة تلك التراكمات، التي تزادات خلال سنوات الحرب الستة. وعلى المجتمع الدولي إعادة التفكير في النهج الذي يتبعه لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن، وهو ما يتطلب إعادة تقييم الصراع، وإدراك أن الأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه في الظاهر
توحش اقتصاد الحرب
في سياق هذا التعقيد، فإن الأطراف اليمنية بمساعدة خارجية وإقليمية كونت رؤوس أموال كبيرة، وتغير الاقتصاد اليمني بطريقة تخدم أطراف الحرب. ذلك يجعل تفكيك اقتصاد الحرب أصعب من الوصول إلى حل سياسي.
باتت كافة الأطراف مستفيدة من تلك الحالة الانسيابية للحرب، والتي سمحت لهم بجباية أموال باهظة والسطو على إيرادات الدولة، وعقد صفقات مع الدول الخارجية. وهو ما رصدته تقارير دولية تحدثت عن أموال منهوبة بمليارات الدولارات، متطور في بعضها مسؤولون حكوميون نافذون، وأمراء حرب، فكيف لهم أن يضعوا نقطة في نهاية الرواية؟
كما خلقت السعودية والإمارات على وجه التحديد اقتصادا موازيًا في الداخل اليمني، عبر مشروعات يديرها الأطراف الموالية لهم في مناطق نفوذهم، وهو ما يجعل أن مجرد التفكير في الوصول لحل سياسي ينتج عنه دولة مرتبة بنظام حكم موحد، بمثابة ضياع هذا النفوذ الخارجي محليًا.
لذلك فإن تنامي اقتصاد الحرب وتطور وسائل التمويل الذاتية، فلن “تعجز شركات ومهربو الأسلحة والذخائر وصانعوها المحليون عن إيجاد طرق جديدة لتغذية الصراع وجر البلاد إلى حروب داخلية أخرى أطول أمداً وأكثر تعقيداً ربما لن ينحصر أثرها داخل حدود اليمن فقط”، وفقما خلص إليه تقرير بريطاني مؤخرًا.
تقويض التنمية
خلال مراحل تصارعهما على موارد اليمن ومواقعها الاستراتيجية، خاصة جزيرة سقطرى وميناء عدن، أظهرت السعودية والإمارات أهدافًا أخرى ليس من بينها تنميتها أو تطوير بنيتها التحتية، حيث يسعيان لعدم تمكين اليمن اقتصاديًا، لأن ذلك يعني استقلال القرار السياسي للبلد ذات الموقع الاستراتيجي. وهو ما يفسر تعطيل استئناف تصدير النفط والغاز اليمني، خاصة أنّها لا تصدر سوى50% من إنتاجها النفطي، وتذهب الإيرادات لحسابات شخصية، تتحالف مع البلدين الخليجيين.
وتبدو الخريطة الميدانية حاليًا مقسمة بين الإمارات والسعودية، وهذا التنافس أضعف النظام المؤسسي الحاكم. ففي الوقت الذي تسيطر فيه الإمارات على موانئ عدن افتتحت الحكومة المدعومة سعوديًا ميناء قنا النفطي والتجاري بالشريط الساحلي بمديرية رضوم (إحدى مديريات محافظة شبوة الواقعة تحت سيطرة الإخوان المسلمين). حمل هذا الميناء عدة دلالات باعتباره منافسة مع الموانئ التي تتحكم فيها الإمارات بعدن وباب المندب.
الشريط الساحلي لليمن الآن بات تحت سيطرة متفرقة ما بين الإماراتيين والسعوديين والحوثيين المدعومين من إيران، بينما يبقى أصحاب الأرض مجرد محرك ميداني لتثبيت الوضع القائم، الآخذ في التشرذم إلى الحد الذي يصعب جمعها مرة أخرى.
إضعاف “الشرعية”
تبدو أكثر المصطلحات غرابة في المشهد اليمني، هي لا غيرها “الشرعية” التي جرى كل شيء باسمها. حتى بات الرئيس نفسه عبد ربه منصور هادي أوفر شرعية قبل الحرب منه بعدها، لم يعد يملك من أمر تلك الحرب شيئًا.
مثّلت الشرعية الغطاء الشرعي لفعل كل ما هو غير شرعي في اليمن، فالسعودية والإمارات ليستا منشغلتين بصنعاء وإعادة هادي بشرعيته إليها قدر انشغالها بالجنوب. بل إن عدن التي بسط المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا سلطانه عليها صار أصعب منالاً للحكومة اليمنية من صنعاء.
مفردات خطاب الحرب في اليمن ذات أبعاد مضللة، من قبيل أنّ ثمة “شرعية” في اليمن. ذلك أنّ أحداث سقطرى كشفت أن من يعملون على تقوية الشرعية، هم أنفسهم الذين يضعفونها من حيث لا يبقى منها إلا ما يخدم مشروع الدولتين السعودية والإمارات في اليمن.
كما أظهرت أحداث سقطرى الاستراتيجية العلاقة السعودية الإماراتي المرتبكة طيلة سني الحرب، التي برزت فيها الأهداف الإماراتية لمراكمة غنائمه في السواحل والموانئ.
كانت الإمارات الأكثر سعيًا لتقويض الشرعية، فعندما هاجمت قوات موالية لأبو ظبي القصر الرئاسي في عدن شنت الإمارات هجمات جوية لمساعدة القوات الجنوبية للسيطرة على المؤسسات الشرعية في عدن. وردًا على ذلك استهدفت هجمات جوية سعودية مواقع تابعة للجنوبيين. بعدما قصف الإماراتيون قوات موالية للحكومة بزعم “الدفاع عن النفس” ضد هجمات “إرهابية” وشيكة. وعكس هذا الاقتتال العسكري الداخلي في “جبهة الشرعية” مستقبل الحكم في اليمن.
إحياء مشروع الدولة الجنوبية
الرئيس عبدربة منصور هادي نفسه ينظر إليه الجنوبيين بعين الريبة، وهم يستدعون التاريخ، حين كان يقود القوات الحكومية ضدهم خلال حقبة الحرب الأهلية، كما أنّ منصبه السابق كنائب للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، يضعه في في خانة المدافِع عن مصالح الشمال، وفق النظرة الجنوبية.
يبدو المشروع الجنوبي النزاع إلى الانفصال أكثر الأطراف تماسكًا، خاصة أنه يضم سلفيين واشتراكيين مسلحين وأنصاراً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة،. فكل هذا الشتات من الأيديولوجيات تجتمع على رؤية انفصالية.
قضية استقلال الجنوب وقيام دولته الفدرالية الجديدة وعودته للمجتمع الدولي عضوا في كل المنظمات الدولية، قضية مصيرية للشعب الجنوبي لا رجوع عن ذلك ولا حل نهائي لمشاكل اليمن إلا بذلك، والانتقالي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي يحمل هذا المشروع ويحمل السلام للشمال ولكل دول المنطقة وللعالم.
— هاني بن بريك (@HaniBinbrek) August 20, 2021
قبل يومين أعاد القيادي الجنوبي هاني بن بريك، المقيم في أبو ظبي، القول إن “استقلال جنوب البلاد وحصوله على عضوية كاملة في المنظمات الدولية، أمر لا عدول عنه”. هذه التصريحات تأتي امتدادًا لإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا في أبريل 2020، “الإدارة الذاتية للجنوب”، وذلك بعد أشهر من سيطرته على مدينة عدن ومناطق جنوبية أخرى، بعد معارك مع القوات الحكومية. لكن في يوليو من العام نفسه أعلنوا تخليهم عن إعلان الإدارة الذاتية وتعهدوا بتنفيذ اتفاق تقاسم السلطة، غير أنّ ذلك لم يحدث حتى الآن.
تفكك الجيش اليمني
بعد ست سنوات من القتال بين مكونات الجيش اليمني المنقسم بين الجنوبيين والحكومة، بلغ عمق الانقسام داخل الجيش نقطة اللاعودة. لكن ثمة استدعاء تاريخي لهذا الانقسام، الذي أشعلته الاختلافات الجغرافية والعقائدية، بالنظر إلى أنّ الشماليون يسيطرون على تركيبة الجيش، بسبب التوحيد الذي حصل في عام 1990 وهزيمة الجنوب في الحرب الأهلية عام 1994. ومنذ ذلك الحين بقي الجنوبيون إلى حد كبير خارج الجيش الموحَّد، ثم جاءت الرغبة الإماراتية الداعمة للنزعة الانفصالية فأشعلت الفتيل.
كان للمشروعين المتناقضين (السعودي والإماراتي) أرضية خصبة، باعتبارها متناقضين ومتنازعين على السيادة في اليمن. ساعدهم على ذلك أن الجيش والقوات الجنوبية لا يشكلان كتلا متراصة. فالجيش اليمني يدور حول شخصيتين رئيستين، تحتكران كل شيء عسكريًا، وهما الرئيس هادي في أبين، ونائبه علي محسن الأحمر في مأرب. والاثنان كان لهما دور كبير في النظام السابق الذي خاض حروبًا ضد الجنوبيين الانفصاليين. في المقابل، فإنّ القوات الجنوبية قائمة على هويات محلية مختلطة، لكن يجمعها العداء للشماليين وممثليهم.
النقطة الأهم هو إضعاف الدولة اقتصاديًا، وباتت اليمن تعتمد على المساعدات الخارجية، خاصة القادمة من السعودية والإمارات. لذلك فإن رواتب القوات ومصروفات الجيش تخرج من جيوب الدولتين الخليجيتين، اللتين بطبيعة الحال تسيطران على كل شيء في اليمن إلا الهواء.
إعادة تنظيم القاعدة
أعادت السعودية تنظيم القاعدة إلى ميدان اليمن مرة أخرى، من خلال الاستعانة بمجموعات سلفية في خضم المواجهات التي دارت مع القوات الجنوبية، حتى إن حلفيتها الإمارات تحدثت رسميا عن تحركات وشواهد لتنامي تنظيم القاعدة في مناطق سيطرة القوات المدعومة سعوديًا.
وخلال أحداث أبين الأخيرة اعتبر منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس الانتقالي اليمني أنَّ “ما حدث جاء بالتعاون بين الجيش اليمني وعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، التي هدفها إحكام السيطرة على مدينة لودر التي تربط محافظة البيضاء المعقل الرئيسي للقاعدة في اليمن”.
إعادة تنظيم القاعدة إلى واحدة من أهم معاقله سابقًا يؤذِن بأفق لا نهائي للتوتر الأمني في اليمن. خاصة في بلد ظل يوصف بأنه واحد من قلاع المحافظة، ما سمح بسيطرة تنظيم القاعدة على محافظة أبين في العام 2012، قبل فقدها، وانسحاب من مدينة المكلا في العام 2016 بعدما أجرى تفاهمات مع زعماء قبليين محليين.
حرب بالوكالة
غيّرت الدولتان الخليجيتان، خاصة الإمارات، تكتيكها في اليمن إلى الحرب بالوكالة بعدما خفضت عدد قواتها هناك. وفي الوقت نفسه قوّت عزيمة القوات اليمنية الموالية لها، ورغم ذلك زاد نفوذها في المناطق الجنوبية، تزامن ذلك مع السيطرة على موانئ ومواقع استراتيجية يمنية.
لم يعد غائبًا على المتابعين للمشهد اليمني عن قرب رؤية الجنوبيين وهم يتغنون بالإمارات. بل وصل الأمر إلى تسلم كل شيء للقوات الإماراتية، من قبيل أنها باتت تدير الموانئ والمطارات والمواقع الاستراتيجية. وليس من باب الفكاهة أن تطالع خبرًا يقول إن القوات الإماراتية منعت سعوديين من الهبوط في إحدى المطارات، الحديث عن مطار يمني!
هذه السيطرة الإدارية يقابلها انسحاب شبه كامل من جبهات القتال وترك الأمر للقوات الموالية للطرفين. وهو ما بدا في التوترات الأمنية التي شهدتها مدن الجنوب على مدار الأشهر الأخيرة. هذا فضلاً عن فعاليات شعبية وتظاهرات ترفع أعلام وصور قادة الدولتين الخليجيتين.
مأرب الفاصلة
أما المواجهات الدائرية في مأرب يمكن أن ترسم معالم واضحة لمستقبل اليمن، خاصة أن الحوثيين يرفعون سقف مطالبهم بلا مبرر. يتشبثون برفض وقف إطلاق النار، كما يرون في الاستيلاء المحتمل على مأرب «غنيمة كبرى»، تفوق في أهميتها أي تنازلات تستهدف إعادة الأمن والهدوء إلى البلاد.
وفي حال سيطرة الحوثيين على مأرب، فإن أفق الحل السياسي يبدو معقدًا إلى أبعد حد. باعتبار أن الطرفين الرئيسيين (الحوثيون والشرعية) يقتسمان البلاد مناصفة فيما بينهما. وهو ما يبرر تمسك الحوثيين بمواقفهم الرافضة لأي مبادرات ترمي لإحلال السلام, خاصة المبادرة السعودية أواخر مارس الماضي.
هنا يؤكد الحوثيون شرعيتهم غير القابلة للنقصان، ويشككون في نية من يراد أن يكون التفاوض معهم. بيد أن الرغبة السعودية تريد مرحلة لا هي انتقالية بوصفها خطوة نحو استقرار نهائي ولا هي بنود تفاوضية. لكونها هدنة ليست أكثر ومن ثم بدء تفاوض من نقطة الصفر. لذلك فإن السعودية تبدو مستفيدة من استمرار الوضع المتفكك، شريطة أن تضمن وقف هجمات الحوثي على أراضيها.
مستقبل السلام
اقترب الحوثيون من السيطرة على مدينة مأرب، التي تعد آخر معقل في شمال اليمن للحكومة المدعومة سعوديًا. بعدما أسفرت الهجمات عن سيطرة حوثية على كثير من المناطق وقطع خطوط إمداد بعض الجبهات. لذلك، فإنّ الحوثيين لن يدخلوا محادثات سلام قبل السيطرة على مأرب التي يحاولون كسبها عسكريًا منذ أكثر منذ عام ونصف. ذلك أن إتمام هذه المهمة بمثابة السيطرة على كامل الشمال اليمني، وهو ما يعدُ ضربة للحكومة اليمنية ويضعف موقفها التفاوضي.
وكان ينظر إلى مأرب الصحراوية (120 كيلومترا شرق صنعاء) على أنها ملاذ آمن للفارين من القتال في أماكن أخرى بالبلاد. خاصة في المواجهات بتخوم العاصمة، وهو ما يجعل جبهات الحكومة وقوات الانتقالي الجنوبي مكشوفة على مجهول.
وخلال مواجهات مأرب اشتكت القوات الحكومية كثيرًا من أن قوات التحالف تركتهم إلى مصير مجهول، ولم تقدم لهم الدعم المطلوب. وهو الاتهام نفسه الذي وجّه للقوات الموالية للإمارات باعتبارها تهتم بالسيطرة على مناطق جنوبية بيد الحكومة أكثر من اهتمامها بصد هجمات الحوثي بوسط البلاد.