حركة أنصار الدين واحدة من التشكيلات التي يثبت مسارها أن التمويل هو الأهم في تحديد التبعية.

الحركة المالية التي سبق وأعلنت ولائها لتنظيم القاعدة. سرعان ما غيرت ذلك الولاء لصالح “داعش“. بعد صعود نجمها ومن ثم إمكانياتها المالية وقدرتها على التمويل.

وحركة أنصار الدين المعروفة بأنها أكبر التنظيمات المسلحة في إقليم ازواد. أعلنت أنها تستهدف الحصول على حكم ذاتي للإقليم واتخذت  من تطبيق الشريعة الإسلامية في المنطقة شعاراً وهدفاً لها.

البداية والانطلاق

أسس حركة أنصار الدين واحد من قادة الطوارق المشاهير وهو “إياد آغ غالي”. الذي حارب ضد الحكومة المالية داخل صفوف “الحركة الشعبية لتحرير أزواد”. وكان واحداً من الذين حاربوا في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي واستقر في جبال قريبة من كيدال وهناك بدأ تكوين حركته.

و”أنصار الدين” في بدايتها تشكلت من بقايا المحاربين في تكتلات سابقة عليها. خاصة الطوارق في ديسمبر من عام 2011. وانطلقت الحركة للنور من كيدال في شمال مالي. ورغم أن فكر قائدها كان أقرب لليساري القومي إلا أنه اعتنق السلفية الجهادية بعد ذلك وطالب في 2013 بتطبيق الشريعة الإسلامية.

أهداف الحركة

ظهرت أهداف هذا التنظيم جلية وتبلورت عام 2013 حينما تدخلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للتفاوض ووضع حلول لأزمة مالي. فكان للحركة طلباً غير قابل للتفاوض وهو تطبيق الشريعة الإسلامية في شمال البلاد.

كما أعطت الحركة للدفاع عن هوية الطوارق مكانة في برنامجها السياسي بجانب الشريعة. وكانت أكثر ليونة في مطالبتها بالاستقلال فاكتفت برغبتها في حكم ذاتي تحت مظلة دولة مالي.

وتبنت الحركة محاربة القوات الأجنبية “الاستعمارية” وفي مقدمتها فرنسا. ما أعلنته بشكل واضح في يناير 2012 عندما انضمت إلى حركة تحرير أزواد.

ويأتي التواصل مع مختلف دول العالم الإسلامي في ترتيب متقدم ضمن أهداف الحركة التي تسعى للعمل على إيجاد وتكوين خلافة إسلامية واسعة النطاق. بالإضافة إلى سعيها للتخلص من مختلف مظاهر الشرك –على حد تعبيرها- بما فيها الأضرحة الصوفية والعتبات الدينية التي هدموا بعضها عندما سيطروا على تمبكتو شمال مالي. رغم إدراجها على لائحة التراث العالمي من قبل اليونسكو عام 1988.

هدم الأضرحة في مالي
هدم الأضرحة في مالي

تاريخ مهادن لقائد الجماعة

بعد حرب طويلة انتهت عام 1991. تم توقيع اتفاقية سلام مع من تم وصفهم آنذاك بمتمردي الطوارق بعد وساطة إقليمية. وبعدها أصبح “إياد آغ غالي” واحد ممن تولوا مناصب حكومية فأصبح قنصل مالي في السعودية. وهو أحد قادة الطوارق التاريخيين الذي اختفى لنحو 10 سنوات من الساحة. ليعاود الظهور في عام 2000 كمفاوض للإفراج عن رهائن القاعدة البالغ عددهم نحو 14 أوروبي وأغلبهم يحملون الجنسية الألمانية.

إياد آغ غالي قائد جماعة أنصار الدين
إياد آغ غالي قائد جماعة أنصار الدين

وترك  مدينته كيدال متأثراً بالجفاف ومعه الكثير من الشباب متجهاً إلى ليبيا. ليصبح عضواً في كتائب معمر القذافي، وعاد معتنقاً الفكر الجهادي ليبدأ في تأسيس جماعته.

وبعد تأسيس التنظيم واستقطاب عددا من قادة الجيش الرسمي لمالي. قرر إياد أن يتقرب إلى تنظيم القاعدة ليحصل منهم على الدعم المالي أسوة بباقي التنظيمات الموجودة.

وتمكن “المفاوض أو المهادن” من تشكيل تنظيم له صفات جذب فهو ملبي للبعد القبلي والقومي لدى الطوارق من جانب. وكذلك يحمل أهداف الدعوة الجهادية التي كانت تلقى رواج واسع في المنطقة آنذاك. ما جعل الإقبال عليه كبير وساهم أيضاً في تسريع وتيرة تمكينه وتصعيده فيما بعد.

تحالفات جماعة أنصار الدين

عام 2012 قررت حركة أنصار الدين التحالف مع “تحرير أزواد” وكانت واحدة ممن وقعوا على اتفاقية حفظ الأمن في المنطقة خلال ديسمبر من نفس العام بالجزائر.

 وفي مارس 2017 تم الإعلان عن تأسيس تحالف حمل إسم “جماعة نصرة الاسلام والمسلمين” من عدة جماعات في المنطقة وهي “أنصار الدين، والمرابطون، وجبهة تحرير ماسينا”، بقيادة إياد آغ غالي.

وتكمن أهمية هذا التحالف في أنه كان عبارة عن محاولة لتعزيز نفوذ تنظيم القاعدة التي بايعته تلك الحركات المتحالفة في مواجهة “داعش” التنظيم المنافس لها من جهة والقوات التي تحارب الإرهاب وعلى رأسها فرنسا على الجانب الآخر.

إدراجها على قوائم الجماعات الإرهابية

قررت الجماعة في أغسطس 2014 الرد على إدراجها على قوائم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة. بنشر فيديو يوضح مسار عملها خلال فترة ما بعد التصنيف وحمل خطابها تهديداً لفرنسا على لسان قائدها إياد آغ غالي.

وحظرت الولايات المتحدة على المواطنين الأميركيين التعامل مع جماعة أنصار الدين بعد إدراجها على قوائم الإرهاب في مارس من عام 2013. بعد اعتبارها  إياد آغ غالي زعيماً إرهابياً في فبراير من نفس العام.

ويعني إدراج شخص أو جماعة على القائمة السوداء للولايات المتحدة الأميركية تجميد كل ما يخصه من أموال محتملة بها فضلاً عن توقف كامل معاملاته مع حاملي الجنسية الأميركية في مختلف أنحاء العالم.

ماكرون في زيارة لقوة "برخان" الفرنسية في مالي
ماكرون في زيارة لقوة “برخان” الفرنسية في مالي

وتمكنت قوة “برخان” الفرنسية في عام 2015 من قتل نحو 100 جهادي شمال مالي لكن زعيم حركة أنصار الدين تمكن من الفرار للحدود الجزائرية لينجو من تلك الهجمات.

وفي عام 2018 استهدفت القوات الفرنسية جماعة أنصار الدين بعملية جوية وبرية تمكنت من قتل 10 أفراد بينهم أحد المقربين من زعيمها إياد آغ غالي.

ترويع الآمنين بهدف تطبيق الشريعة

أنصار الدين واحدة من الجماعات التي تعاملت مع تطبيق الدين بأسلوب أقرب “للعصا” فقد فرضت تنفيذ بنود الشريعة كما ترتئيها وقررت معاقبة المخالفين واضعة يدها على سلوك المواطنين.

ومنعت الحركة بمنع التدخين والموسيقى وغيرها من الأمور التي صنفتها بأنها “أفعال شيطانية” وتخالف الشريعة وتعاليم الدين الصحيح في مناطق نفوذها.

وتمسكت الحركة إلى حد بعيد بالمظاهر فانطلقت تهدم كل مظاهر “الشرك” في تقديرها بما في ذلك الأضرحة والمناطق التي يتبارك السكان بزيارتها في كسر لكل الأشكال الغير متعارف عليها إسلامياً.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية أن المواطنين الماليين تعرضوا للتعذيب والإعدام على يد أفراد جماعة أنصار الدين في المناطق التي يسيطرون عليها قبل التدخل الفرنسي في يناير 2013، مستشهدة بقيام الجماعة بإعدام نحو 82 جندي مالي واختطاف نحو 30 آخرين في مارس 2012.