انخفض معدل الزيادة السكانية بمحافظة بورسعيد بنسبة 2٪ في عام 2021، مخالفًا النمو المرتفع الذي تسجله باقي محافظات الجمهورية. التي زادت بنحو مليون نسمة خلال 273 يومًا فقط. لتثير تساؤلات حول أسباب تراجع النمو بالمحافظة، التي احتلت المرتبة الأقل في معدل النمو السكاني للعام الرابع على التوالي.
تراجع النمو السكاني ببورسعيد ذات النشاط التجاري من 16٪ العام الماضي إلى 14% في الأشهر الثمانية الأولى من 2021. أرجعته المحافظة، التي يبلغ عدد سكانها 775 ألف نسمة فقط، إلى إنشاء وحدة السكان لسرعة الاستجابة المحلية للقضية.
تشير المحافظة إلى تعظيم دور الرائدات الريفيات مع الجمعيات الأهلية في التوعية المتنقلة. وتجميع البيانات وإنشاء نظام ولوحة معلوماتية وإعداد تقارير مستمرة وتحديد المعوقات التي وقفت في طريق حملات مواجهة الزيادة السكانية السابقة.
برامج شبيهة
لكن لا يمكن اعتبار إنشاء تلك الوحدة السبب الأساسي في ضبط النمو السكاني بالمحافظة. ففي غالبية المحافظات توجد برامج قريبة الشبه بأهدافها لم تؤت ثمارها، وارتفع فيها المعدل اليومي ليصل إلى 3636 مولودا. بما يعادل 152 طفلاً للساعة الواحدة و24 للثانية.
وتنفذ الحكومة مبادرة منذ سنوات لتشجيع المواطنين على سياسة “اثنين كفاية”. لكن تواجه معوقات في تغيير أفكار الأسر المصرية حول استمرار الإنجاب حتى مولد ذكر، وتقاليد العزوة وترسيخ الزواج بزيادة عدد الأبناء.
فكرت الحكومة في استحداث مقررات دراسية حول السعادة الزوجية، تغير أفكار الشباب حول الإنجاب وربطه بالقدرات المالية للأسرة. ومدى ارتباطها بتعليم جيد للأطفال.
لكن توفر البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تفسير أكثر منطقية لارتباط النمو السكاني بالفقر. فبورسعيد تسجل أقل المعدلات على مستوى الجمهورية في الفقر عند 7.6%.
تؤكد “الغربية” أيضًا تلك الرؤية، بعدما سجلت ثاني أقل المعدلات في الفقر على مستوى الجمهورية عند 9.4%. وأقل المحافظات نموًا في الدلتا بنحو 5 ملايين و316 ألفا و193 نسمة في المركز العاشر.
تحتل القاهرة، المركز الأكبر لعدد السكان في مصر، وهي الوحيدة التي يزيد عدد السكان فيها على 10 ملايين نسمة. ما رفع نسبة الفقر داخلها إلى 31.1%، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2019.
يسجل معدل الزيادة الطبيعي في إقليم الوجه القبلي (قياس الفرق بين المواليد والوفيات) نحو 27.4 في الألف، ويلاحظ ارتفاع هذا المعدل بالمقارنة بالرقم المسجل لإجمالي الجمهورية، والذي يبلغ 24.5 في الألف.
وفقا للبيانات الرسمية، فان أسيوط التي تحتل المركز الأول في الفقر بنسبة 62٪، بينما بلغ معدل المواليد أقصاه في المحافظة ليبلغ 31.3 في الألف.
فرص العمل
تصدرت محافظة بورسعيد، باقي محافظات الجمهورية في عدد المشروعات القومية بنحو 270 مشروعا، بتكلفة 357 مليار جنيه. تليها محافظة القاهرة، 1204 مشروعات، بتكلفة كلية نحو 343 مليار جنيه، ومحافظة الجيزة 685 مشروعا بتكلفة 242 مليار جنيه. ومحافظة الإسكندرية 410 مشروعات، بتكلفة 134 مليار جنيه.
كثفت الدولة خلال السنوات الخمسة الأخيرة من النشاط الصناعي في بورسعيد، خاصة مجمع للصناعات الصغيرة بمنطقة جنوب الرسوة. الذي تم افتتاحه قبل أعوام ويضم 118 مصنعًا بمساحة إجمالية تبلغ 181 ألف متر مربع حيث ستتراوح مساحات المصانع المطروحة بين 300 و560 و840 متر مربع. وتم تخصيص 54 مصنعًا من إجمالي 118 لشباب المستثمرين.
كانت نسبة البطالة قد وصلت إلى 85% من سن 19 عاما إلى 29 عاما بعدما تضرر النشاط التجاري المتعلق بالملابس وتقلبات أسعار الصرف. وسحب منطقة القنطرة في الإسماعيلية الأضواء منها، قبل أن يغير كثير من التجار نشاطهم نحو التصنيع خلال السنوات الخمس الأخيرة، وبدأت أعداد البطالة في التراجع.
وخرجت المحافظة حاليا من قائمة الأعلى في البطالة التي تتضمن القاهرة ثم ة الشرقية فالجيزة ثم الإسكندرية والقليوبية والبحيرة.
وتؤكد بورسعيد أيضًا الرابطة بين الأمية وتزايد الإنجاب، بعدما احتلت المرتبة الأخيرة في معدل الأمية بين المحافظات الحضرية في معدل الأمية بنسبة 14.1%. وفق إحصائيات عام 2019.
وتتضمن المنطقة الصناعية غرب بورسعيد التي تضم 6 مشروعات صناعية مقامة على أكثر من 3 أفدنة. والمنطقة الصناعية شرق بورسعيد، علاوة على المدينة الصناعية الروسية بشرق المحافظة التي على وشك الافتتاح، بجانب مشروعات ضخمة في مجال الأسماك.
وتتسم تلك المشروعات بالكثافة الشديدة في ظل وقوعها بمحافظة لا تزيد مساحتها على 1351 كيلو متر فقط ولا يزيد عدد أحيائها عن خمسة هي: حي بور فؤاد، الشرق، المناخ، العرب، الضواحي، حي الزهور. الذي صدر قرار بإنشائه سنة 2000 استقطاعًا من حي المناخ وكلها أحياء سكنية، باستثناء “بور فؤاد” الذي يتسم بنمط عمراني خاص على شاطئ القناة.
التنمية هي الحل
تعتبر الحكومة الزيادة السكانية خطراً على مصر على المدى الزمني المتوسط بعدما تزايد أعداد السكان في مصر بين عامي 2010 و2011 بنحو 20 مليون نسمة.
أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي مشروعًا لـ”طرق الأبواب” للحد من الزيادة السكانية، مع الالتزام بمبدأ عام وهو حق الأسرة في تحديد عدد أبنائها. مع تأمين حقها في الحصول على وسائل تنظيم الأسرة التي تمكنها من الوصول إلى العدد المرغوب من الأبناء.
يقول خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن التحسن الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده بورسعيد انعكس على معدل الزيادة السكانية. ما يؤكد أن التنمية هي الوسيلة الأولى لمواجهة النمو السكاني، وأن المواطنين لديهم الرغبة في تحقيق حياة هادئة بضغوط أقل.
كانت محافظة بورسعيد هي الأولى في تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل في يوليو عام 2019، وبلغ عدد المسجلين أكثر من 700 ألف مواطن بالمنظومة التي تعتبر نظاما تكافليا اجتماعيًا. تقدم من خلاله خدمات طبية ذات جودة عالية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، وتتكفل الدولة من خلال تلك المنظومة بغير القادرين، وتكون الأسرة هي وحدة التغطية.
أضاف الشافعي أن بورسعيد كانت مدينة تجارية وأصبحت صناعية وسمكية ما وفر فرص العمل، وهو أمر تسعى الحكومة لتكراره في باقي المحافظات. عبر زيادة المشروعات وخفض نسبة البطالة وتحقيق التنمية المستدامة، وتكرار تجربة الدول الأوروبية التي كلما زاد فها معدل الرفاهية للأفراد كلما قل النمو السكاني.