ارتفعت وتيرة الزيادة السنوية في الاقتراض الخارجي بالتزامن مع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي حصلت مصر بموجبه على 12 مليار دولار. وزاد الدين بأكثر من الضعف خلال الفترة بين عامي 2017 و2020. بحسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

التقرير الذي حمل عنوان “الدين الخارجي 2020: كورونا ترفع الاستدانة”. أوضح  أن الدين ارتفع بما يقرب من أربعة أضعاف مستواه في عام 2010، وبلغت نسبته حوالي 35% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. مقابل 15% في 2010.

نصيب المواطن من الدين

تناول التقرير، نصيب المواطن من الديون. الذي وصل إلى حوالي 900 دولار للفرد. مقابل 400 فقط في نهاية العقد الأول من القرن الـ21.

رفض التقرير تحميل جائحة كورونا، سبب القفزة التي شهدتها نسبة الديون. مؤكدا أن تحليل البيانات يعكس نفس الاتجاه المتزايد للاقتراض الخارجي خلال السنوات العشر الأخيرة.

ولفت التقرير إلى أن الحكومة المصرية اتخذت العديد من التدابير لتفادي انخفاض قيمة الجنيه. في ظل نقص الموارد الدولارية بسبب التداعيات الاقتصادية لكورونا. شملت تلك التداعيات خروج المضاربين في الأوراق المالية الحكومية قصيرة اﻷجل من سوق الديون المصري. بالإضافة إلى ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي وإيرادات السياحة، وكان اللجوء إلى الاستدانة من الخارج من أبرز التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تلك الظروف الطارئة.

تضاعف الدين الخارجي إلى 4 سنوات
تضاعف الدين الخارجي إلى 4 سنوات

انخفاض حصة التعليم والصحة ومساعدات الفقر 

عدم وجود مشروعات مدرة للعوائد الدولارية. يفاقم من التأثيرات السلبية لتزايد القروض. بحسب التقرير الذي انتقد أيضا عدم توجيه القروض إلى أولويات الإنفاق الاجتماعي مثل التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية. حيث تشير البيانات الرسمية إلى انخفاض حصة التعليم والصحة ومساعدات الفقر من إجمالي اقتراض الحكومة الخارجي، إلى نسبة لا تتجاوز 3.6%.

ولفت التقرير، إلى أن أهم أدوات الاقتراض هذا العام تمثلت. في أذون الخزانة المملوكة لغير المقيمين في مصر. وهي قروض بالجنيه المصري واجبة السداد خلال أقل من سنة، وبلغت قيمتها 26 مليار دولار في يناير 2021، ورغم أن هذه القروض لا تندرج تحت الرقم الإجمالي للدين الخارجي، فمن الضروري إضافتها إليه عند تقييم الوضع الخارجي لأن حائزيها غير مقيمين وسدادها يتم بالدولار، ومن ثم تمثل عبئا على سوق الصرف.

أذون الخزانة 

سبق للأجانب أن تخلصوا من 60% من أذون الخزانة التي اشتروها من السوق المصرية، أثناء الإغلاق الجزئي في الفترة بين مارس ومايو 2020، بسبب التخوف من الأخطار الاقتصادية التي قد تصيب العالم مع انتشار جائحة كورونا، ما أدى إلى خروج موارد دولارية تقدر تقريبا بـ 18 مليار دولار. غير أن ارتفاع أسعار الفائدة التي تقدمها السلطات المصرية سرعان ما أغرى الأجانب بالعودة إلى إقراض الحكومة عن طريق شراء أذون الخزانة، سعيا وراء ارتفاع الأرباح (رغم تصنيف مصر كبلد مرتفع المخاطر، إلى جانب جنوب أفريقيا وتركيا)، حيث تمنح مصر واحدا من أعلى معدلات العائد الحقيقي على أذون الخزانة في العالم.

وبحسب التقرير: ساهم هذا الوضع في ارتفاع مخصصات سداد القروض الخارجية، والتزاماتها المحتملة، إلى 50% من احتياطيات النقد الأجنبي في سبتمبر/ ايلول 2020. أي أن أكثر من نصف الاحتياطيات الدولية التي يحتفظ بها البنك المركزي موجهة لسداد مستحقات ديون قصيرة الأجل.

وإذا كان أحد مؤشرات سلامة سوق الصرف هو عدد الشهور التي تغطيها تلك الاحتياطيات من اللوازم المستوردة، فقد بلغ هذا المؤشر 8 أشهر في ديسمبر 2020 إلا أنه باستبعاد مستحقات الديون قصيرة الأجل فإن حقيقة الوضع هي أن المتبقي من الاحتياطيات لا يغطي سوى 4 أشهر من الواردات.

أعباء الديون 

تزايدت المبالغ السنوية التي تخرج من مصر لسداد أعباء ديونها خلال السنوات الأخيرة. ويوضح التقرير أنه خلال العام المنتهي في مارس 2020 كان عليها أن تسدد مبلغا قياسيا يقدر بـ 28.6 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق إجمالي الصادرات، ويعادل خمسة أضعاف دخل قناة السويس، ويساوي هذا المبلغ إذا تم حسابه بالجنيهات نحو 3 أضعاف ميزانية التعليم الحالية، وحوالي 5 أضعاف ميزانية الصحة، ومخصصات سداد القروض هي موارد كان من أولى أن تبقى في مصر وتوجه من أجل التنمية العادلة والخضراء.

وبحسب التقرير: تضطر مصر بسبب سداد تلك المبالغ الكبيرة سنويا، إلى إعادة تدوير ديونها، أي إعادة الاقتراض من أجل السداد، ما يطرح أسئلة عن هشاشة الاقتصاد المصري وإلى أي مدى تمت تقوية قدراته خلال تلك السنوات العشر التي زادت فيها القروض بهدف أن يصبح أكثر قدرة على مواجهة وامتصاص الصدمات، دون الاعتماد بشكل أساسي على الاقتراض الخارجي.

ولفت التقرير، إلى أن تناقض هذا الوضع مع سياسات الاقتراض الرشيد. حيث يفترض أن تخطط الدولة احتياجاتها التنموية. ثم تقوم بتقدير النقد الأجنبي المطلوب توفيره وفقا لتلك الاحتياجات، ومن ثم معرفة ذلك القدر من الدولارات الذي تحتاج إليه ولا تغطيه مواردها الرئيسية من العملة الصعبة، والتي تشمل  الصادرات، وجذب الاستثمارات الخارجية، وعائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وقناة السويس”.

توصيات.. الرقابة والمحاسبة هما الطريق

ضرورة توفر مزيد من الشفافية والرقابة والمحاسبة على أوجه إنفاق الدين الخارجي. كانت أول التوصيات التي طالب بها التقرير. إضافة إلى إعادة فتح النقاش العام للمفاضلة بين الديون الخارجية والديون الداخلية. وإعادة ملف الديون الخارجية إلى يد الحكومة، ووضعه تحت إشراف البرلمان، بحيث لا ديون خارجية بدون استئذان البرلمان، أيًّا كانت الجهة المقترضة.

ودعا التقرير إلى وضع خطة خمسية معلنة مسبقا للمشروعات المراد تمويلها بالاقتراض الخارجي. وخطة موازية لتنمية الموارد الدولارية التي تتيح السداد، يقرها البرلمان، وتحاسب الحكومة على درجة التزامها بتنفيذها. ووضع سقف قانوني للاقتراض الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وسقف آخر لاقتراض البنك المركزي الخارجي كنسبة من الاحتياطيات من النقد الأجنبي.

كما طالب التقرير، بإعادة هيكلة الدَّين الخارجي بغرض إطالة آجال السداد. والعودة إلى نسبة 90% ديون طويلة الأجل، ونشر شروط القروض وشروط سدادها..