الرؤية قاصرة والحقيقة متعددة الوجوه، لكننا لضيق البصيرة لا نرى إلا ما ترى أعيننا، وليتنا فتحنا قلوبنا، وأنرنا أرواحنا حيث تجلو البصيرة عمى البصر، ونفلت من الفخاخ، ونرتق قلوبنا من ثقوب الغدر والانكسار.
تتكرر الحكايات والنسوة يتناقلن قصصًا بعضها مفتعل، وبعضها الحقيقة به لا تتعدى عُشره، لكننا بحاجة إلى بطولات وهمية، وبطلات نستند إليهن، ونحن نحيك قصص الصمود في حياتنا.
ذات يوم قرأت قصة عن امرأة اكتشفت خيانة زوجها لها مع سكرتيرته، فما كان منها إلا ان تعاملت بهدوء، واتصلت بالسمسار الذي يتعامل معه، وسبقت الزوج إلى الشاليه الذي سيقضى فيه عطلته برفقة السكرتيرة، وطلبت طعام وكل ما ترغب، وعندما حضر الزوج مع العشيقة كانت الزوجة بانتظاره، بالطبع فرت العشيقة، وقضي الزوج أيامه برفقة الزوجة والأبناء.
لا يُمكنني الجزم بمدى مصداقية القصة، لكن قبل أن نصل إلى نقطة الخيانة والعلاقة الجديدة لماذا تصل العلاقات إلى هذه المنطقة؟
العلاقة مسؤولية مشتركة، وقبل أن نُلقي اللوم على الرجل فلنتحرى موقفنا نحن النساء، هناك نساء كثيرات المناقشة مع صديقاتهن، تلك المناقشات هي بداية المشكلة للأسباب التالية:
أولًا مع افتراض حُسن الظن والنية الحسنة، فإن من تتحدث وتُشير عليك يا عزيزتي لا تقف في نفسك مكانك ولا تعرف ضغوطك، وربما لو كانت في نفس موقفك لفعلت ما تفعلينه وربما أكثر، ولذا يا صديقتي حين تناقشين صديقاتك في مشكلة، لا تأخذك الحماسة وتنفذين كل اقتراحاتهن، فهن لا ترين كل الصورة.
ثانيًا: تربينا على الإخفاء، الغالبية تُخفي ما تشعر بها، تقابلين إحداهن وهي تعانقك وتتحدث عن الاشتياق بينما هي ستأتي على سيرتك وتصفك بالسوء، بعد أن تغادر مجلسك، لو أننا نُدرب أرواحنا على النقاء، نصفي قلوبنا من الضغائن لتمكن من معرفة صدق المحبة من زيفها، لكنه وللأسف كثيرات يأخذن الأمر بظاهره، وتصدقن الكلمات المعسولة، وتسارعن لإفشاء أسرارهن في قلوب من لا يحبهن، فتأتي النصائح بما يُفسد ولا يُصلح.
ثالثًا: البعض من النساء ضعاف النفوس، والبعض أضعفتهن الضغوط، فبتن تستكثرن على الأخريات ما لديهن، تختفي القناعة، ويخفت الرضا، فمن أعلمك بأن من حولك لا يستكثرن عليكي ما أنت فيه، وبعضهن تتمنين زوال النعمة؟ أنا أتفق مع الآية القرآنية “وأما بنعمة ربك فحدث” لكن هنا الحديث عن النعمة لا يعني أن نتكلم وأعتقد أن المقصود هو الفعل، الحديث عن نعم الله يكون بعدم الشكوى، يكون بفعل الخير، ودعم الآخرين، يكون بالصدقة، يكون بأن تنعمي أنت نفسك بنعم الله، لكن الحديث عما لديك سواء كان للمفاخرة بين قريناتك او الحديث العادي، فانت لا تعرفين ماذا تُثيري بداخل الأخريات بهذا الحديث؟ وما تأثيره.
الحكايات المنتشرة على مواقع السوشيال ميديا عن قدرة بعض النساء على الكيد، أو تدبير المكائد للزوج، أجدها مفتعلة، نعم هناك نساء قادرات على فعل ما هو أكثر من ذلك لكن هؤلاء استثناء، الغالبية تقعن في فجوة الغُلب، لا تأخذي النصائح في مطلقها، ولا تستمعي لجانب لا يعرف من شقائك إلا ما تحكينه.
في حياتنا يعيش بيننا الضباع البشرية، هؤلاء الذين يتغذون على مشاكلنا، ينعمون بأذي يصيب بعض منا، ويكسبون بينما نخسر نحن، هؤلاء المنتفعين الذين نجدهم حولنا في كل تفصيلة، وكل فعل، النية الصافية طيلة الوقت، أمر لا ينفع، وترك حياتنا مشاع، نحكي كل شيء أمر يُطمع الراغبين في الاستيلاء عليها، والمستكثرين عليك ما أنت فيه، وهم لا يعرفون معاناتك.
في فيلم الباحثة عن الحب (انتاج 1964- بطولة نادية لطفي- رشدي أباظة- محمد سلطان-تأليف عزت الخطيب- اخراج أحمد ضياء الدين) كانت الجارة تراقب العروسين الجديدين، وعندما دب شجار بين العروسين جاءت للزيارة تصف نفسها بأنها صديقة الزوجة، جاءت ولم تخرج فقد تزوجت العريس، ولم تترك له حتى فرصة ليرى وليده.
كثيرات تُصدقن الحكايات المتداولة، وتنبهرن بقدرة صديقاتهن على الكيد، لكن غالبية ما تسمعه ملفق وغير حقيقي، أن من تستقوي بمثل هذه الحكايات هي تستقوي بالوهم، فكل مشكلة لها ظروفها، وعندما تجدين الزوج التفت إلى الخارج لا تُسارعي في إلقاء الاحكام عليه والاتهامات، بل حاولي أن تضبطي نفسك، وتهدئي من غضبك، وفتشي في حياتكما لماذا فعل ذلك، لابد هناك تفاصيل دفعته لما يغضبك، الأحكام المطلقة غير صالحة للتطبيق، ونصائح من حولك ليست دومًا مقصدها خير، دومًا هناك منتفعون مما يُصيبك من أذى.