تسلل متحور فيروس كورونا المعروف بـ”دلتا بلس” إلى المجتمع المصري، تزامنًا مع تزايد واسع لعدد الإصابات اليومية. تلك التطورات سمتها الحكومة “موجة رابعة” من الوباء، لكنها أشد فتكًا، ومستمرة في التزايد. ما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة بصدد اللجوء لعملية إغلاق للسيطرة على الوضع، أمّ تفرض قيودًا أقل على غرار الموجة الثالثة.

ومتحور “دلتا بلس” يعتبر من أخطر السلالات وأشدها انتشارًا. وحذرت منه منظمة الصحة العالمية، مؤكدة خطورته على الأطفال، بالتزامن مع اقتراب بدء العام الدراسي، وضرورة انتهاج الأطفال الإجراءات الاحترازية.

أول إصابة “دلتا بلس” في مصر

وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، أعلنت عن اكتشاف أول حالة مصابة بمتحور “دلتا بلس” في مصر بمنتصف يوليو الماضي. وأوضحت خلال مؤتمر صحفي قبل أيام، أن حالة السيدة التي تم اكتشاف إصابتها لم تستدع الذهاب للمستشفى. وأشارت إلى ارتفاع في أعداد مصابي فيروس كورونا خلال الأيام الماضية، وأن متحور “دلتا بلس” أسرع في الانتشار. لكنها قالت: “كل الدراسات أثبتت فعاليتها مع المتحور “دلتا بلس” وكل اللقاحات فعالة وآمنة ولا داع للقلق”.

يمنى صبحي، كانت تبحث عن مكان لاستكمال نجلها تمارين السباحة التي توقف بسبب فيروس كورونا. ومع عودة الحياة تدريجيًا- بحسب وصفها- خففت هي الأخرى الإجراءات الاحترازية، ليعاودها القلق مجددا مع ظهور السلالة الجديدة من الفيروس.

“مخاوف الإصابة كانت شديدة في بداية الأزمة. وبالفعل أغلب الأسر طبقت الإجراءات الاحترازية، ومع مرور أكثر من عام، بدأ الكثير أيضًا في العودة لما كانوا عليه”، تصف يمنى أن الالتزام بالإجراءات الاحترازية طوال تلك الفترة كان أمرًا قاسيًا. ومع عودة الحياة متمثلة في فتح النوادي وعودة الصلوات في المساجد، عادت الأسر أيضًا للبحث عن شكل الحياة الذي افتقدوه.

عودة الإجراءات الاحترازية

يمنى كانت واحدة من ضمن الأسر التي خففت القيود الاحترازية، ولكن مع عودة كورونا، قالت إنها ستعاود الإجراءات مجددا. خاصة أن المتحور الجديد من الفيروس يصيب الأطفال، وسريع الانتشار، ليتحول بحثها من النوادي لطرق الوقاية من الإصابة من الفيروس. وذلك بعكس رجاء شاهين، التي قررت عدم العودة لتلك الإجراءات الصارمة، ووصفتها بالـ”قاتلة”.

تقول شاهين: “أكثر من عام كامل دون حياة، وضع قاسٍ ومرهق لا يمكن لأحد التأقلم معه، مع مرور تلك الفترة”. ترى رجاء أن الخوف في بداية الأزمة كان سببًا لالتزام الناس بالإجراءات، ولكن “تعودت الناس على الإصابات والوفيات. وأيضًا ظهرت الأدوية التي تخفف حدة الأعراض عند ظهورها، والتطعيمات”. نافية عودتها للإجراءات الاحترازية التي طبقتها في بداية الجائحة، ووصفت ما تعيشه بأنه “تصالح مع الأزمة”، فعند إصابتها سيمكنها النجاة بالدواء، والتطعيم الذي حصلت عليه سيحميها أيضًا.

متحور “دلتا بلس” له أعراض عدة، منها الصداع الشديد، واحمرار في العين، مع آلام في البطن، وضيق في الصدر. وأيضًا الشعور بالخمول والشعور بالإرهاق، وانخفاض ضغط الدم، بجانب القيء، والطفح جلدي، وتظهر تلك الأعراض على الكبار والصغار. بعكس السلاسة الماضية التي كانت تظهر على الكبار فقط، دون أعراض واضحة على الصغار، وفق الدكتور مجدي بدران استشاري الأطفال.

ووفقا تقرير نشرته “بي بي سي”، فإن المصابين بسلالة دلتا يحتاجون لعناية استشفائية أكثر من غيرهم بنسبة تصل إلى الضعف. مقارنة بسلالتي ألفا وكينت. ويقول خبراء في الدراسة، التي نشرت في مجلة “لانسيت” المتخصصة، إن البيانات تؤكد أهمية أن يلتزم الناس بتلقي اللقاح.

ويقلل التلقيح من مخاطر المرض الذي تسببه كل السلالات، ولكن خطر سلالة دلتا أكبر حاليا. وكل حالات فيروس كورونا المسجلة الآن في بريطانيا هي من تلك السلالة. وتناولت الدراسة، التي أشرفت عليها هيئة الصحة العامة في انجلترا ومجلس البحوث الطبية، 43338 حالة إصابة وقعت بين مارس ومايو، عندما كانت السلالتان ألفا ودلتا متفشيتين في بريطانيا.

مخاوف على الأطفال

المخاوف من السلالة الجديدة تحيط بالأطفال أكثر من الكبار، ويظهر الأمر في الحضانات التي تستقبلهم. وهنا توضح سعاد السيد، مديرة إحدى الحضانات في منطقة المهندسين، أن أعداد الأطفال بدأت تتراجع مع الحديث عن المتحور الجديد.  ولكنها نسبة تعد أقل أيضًا من بداية الأزمة، التي كادت حينها تكون الحضانة خالية من الأطفال.

وتابعت: “تستقبل الحضانة يوميا 18 طفلا، وفقا للإجراءات الاحترازية، نقص هذا العدد ليصل لـ11 طفلا بعد الحديث عن مخاوف دلتا”. وأشارت إلى أنه منذ بداية الجائحة تلتزم الحضانة بالإجراءات الوقائية التي تضعها وزارة التضامن الاجتماعي. والتي قررت الحضانة زيادتها أيضا في الفترة المقبلة: “سيكون التشديد أكثر على قياس درجات الحرارة طوال الوقت للأطفال وتطهير الأيدي والأسطح”.

وتعتقد سعاد، من خلال تعاملها مع العديد من الأمهات، أنه رغم المخاوف الحالية لكن الشركات لن تغلق مجددًا. وبالتالي ستلجأ الأمهات للحضانات لاستقبال أطفالهن، وستستمر الحياة مع زيادة الإجراءات الاحترازية التي يمكن تطبيقها. ولكن لن نعود للإغلاق الكلي كما حدث سابقًا.

تحذيرات من موجة خطيرة

حذرت الدكتورة منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء السابقة، من الموجة الرابعة لانتشار فيروس كورونا. وشددت على ضرورة تلقي اللقاح المتاح للوقاية من الإصابة، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، ووصفت الفترة المقبلة بـ”الخطيرة”.

وفي مقابل تلك المخاوف التي أبدتها مينا، لم تخرج تصريحات أو بيانات رسمية عن إجراءات يمكن اتخاذها أو اتجاه نحو إغلاق. وهو ما يتفق أو يفسر مضي الكثير أيضًا فيما أصبحوا عليه. مثل أسرة سيف علي حيث تقول الأم: “منذ عدة أشهر عدنا للذهاب للنادي للتمارين الرياضية، والمدارس والجامعات والدروس وغيرها. وأظن أنه من الصعب العودة لفترة إغلاق جديدة، خاصة أنه لا توجد توجهات رسمية بهذا الإغلاق أو حديث حوله. فالأمور ستستمر كما هي مع الحفاظ على مسافات بيننا وبين الآخرين”.

الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، قال إن فيروس كورونا له تحورات متعددة. وأنه وصل إلى مصر في يوليو الماضي، وأن تلك السلالة سريعة الانتشار، ولفت إلى أن المريض من الممكن أن يصيب 7 أشخاص من المحيطين به.

وأكد حسني أن الإجراءات الاحترازية هي الأمان الوحيد لعدم الإصابة بمتحور “دلتا بلس”، وأن التطعيم يحمي من الأعراض الشديدة للمرض. كما يمنع دخول المستشفيات والوفاة، مؤكدا أن هناك 8 ملايين مواطن مصري حصلوا على اللقاح.