تشير كثير من الدراسات الإعلامية التي أجريت خلال الأعوام السابقة إلى مدى انبهار الجمهور بالأخبار الزائفة والانجذاب نحوها، وكأن الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يفترضون كذب المواقع الإخبارية، ويشعرون بأن كافة الأخبار موجّهة لتوصيلهم إلى هدف معين، ويفضلون مشاركة المنشورات التي يرون أو يريدون أن تكون حقيقية، حتى وإن كانت هذه الأخبار والموضوعات مُختلقة.
يتضح ميل الجمهور نحو الخداع في دراسة حديثة تحدث عنها مؤخرًا تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، والتي أفادت بأن الأخبار الزائفة على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم “فيسبوك” حصدت زيارات أكبر بست مرات من تلك الزيارات للأخبار الحقيقية، مُرجعة السبب إلى أن المعلومات المضللة تشكل منزلا مريحا، وجمهورا منخرطا، على فيسبوك. هذه الدراسة تبدو مكملة لدراسة سابقة حول مدى انتشار الأخبار الزائفة، والتي كانت أبرز نتائجها أن الأمريكيين الأكثر كذبًا، بينما المصريين هم الأكثر انخداعًا!
6 أضعاف عدد الإعجابات
الدراسة التي أجريت في الفترة من أغسطس 2020 إلى يناير 2021، اعتبرها باحثون واحدة من المحاولات الشاملة القليلة لقياس تأثير المعلومات المضللة عبر مجموعة واسعة من الناشرين على فيسبوك، وأظهرت أن ناشري الأخبار المعروفين بتقديم معلومات مضللة حصلوا على 6 أضعاف عدد الإعجابات والمشاركات والتفاعلات على الموقع الذي يزوره عشرات الملايين يوميًا، مقارنة بما حصلت عليه مصادر إخبارية جديرة بالثقة، مثل شبكة سي إن إن الإخبارية أو منظمة الصحة العالمية، وفق ما أكد باحثون في جامعة نيويورك وجامعة جرونوبل ألب في فرنسا، قاموا بمراجعة النتائج.
ودعمت الدراسة الجديدة لسلوك المستخدم وقياس وعزل تأثير المعلومات المضللة عبر مجموعة واسعة من الناشرين على فيسبوك، وتناولت الانتخابات الأمريكية عام 2020، حجج النقاد طويلة الأمد بأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي صممتها الشركة تغذي انتشار المعلومات المضللة على مصادر أكثر ثقة، في تأكيد واضح على المزاعم التي انتشرت في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، حيث قيل بأن فوز الرئيس السابق دونالد ترامب اعتمد بشكل كبير على الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما الشركة نفسها، فلم تنف فيسبوك التقرير الناتج عن الدراسة، بل جاء على لسان جو أوزبورن المتحدث باسم الشركة ليحمل زاوية أخرى تدافع عن المنصة الأشهر في العالم: “التقرير قام بقياس عدد الأشخاص الذين يتفاعلون مع المحتوى، لكن هذا ليس مقياسًا لعدد الأشخاص الذين يشاهدونه بالفعل. يتناول هذا التقرير في الغالب كيفية تفاعل الأشخاص مع المحتوى، وهو أمر لا يجب الخلط بينه وبين عدد الأشخاص الذين يشاهدونه بالفعل على فيسبوك. عندما تنظر إلى المحتوى الذي يحصل على أكبر قدر من الوصول عبر فيسبوك، فإنه لا يشبه على الإطلاق ما تقترحه هذه الدراسة”، موضحًا أن الشركة لديها 80 شريكًا في التحقق من صحة المعلومات تغطي أكثر من 60 لغة تعمل على تصنيف المعلومات الكاذبة وتقليل توزيعها.
المصريون أكثر انخداعًا بالأخبار الزائفة
الدراسة التي أجريت مؤخرًا بجامعة نيويورك، تُشبه ما توصلت إليه دراسة أجريت قبل ثلاثة أعوام، أشرف عليها باحثون من معهد ماساتشوستس للتقنية، وكانت قد توصلت إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر على موقع تويتر بشكل أسرع، ويبحث عنها الناس أكثر من الأخبار الحقيقية. وكانت تناولت ما يقرب من 126 ألف إشاعة وخبر كاذب، انتشروا على موقع التغريدات الشهير لمدة 11 عامًا، موضحة أن الأخبار الزائفة جرى إعادة تغريدها من جانب البشر أكثر من “روبوتات الإنترنت”، وقد أشار الباحثون، الذين استعانوا بالبيانات اللازمة للدراسة من شركة تويتر نفسها، إلى أن الأخبار الزائفة غالبًا ما تكون غير مألوفة.
وتوصلت نتائج الدراسة التي نشرت عام 2018 في دورية ساينس العلمية إلى أن فرصة الأخبار الزائفة في المشاركة أكثر بنسبة 70% مقارنة بالأخبار الحقيقية، والتي تستغرق ستة أضعاف المدة التي تستغرقها الزائفة لتصل إلى 1500 شخص، فيما اتضح كذلك أن الأخبار الحقيقية نادرًا ما يُشاركها أكثر من ألف شخص، بينما قد يشارك بعض الأخبار الزائفة أكثر من 100 ألف شخص.
أما في 2019، نُشرت دراسة أجرتها شركة إبسوس، بتكليف من مركز الإبداع للحكم الدولي، وهو منظمة غير حكومية للتحليلات يوجد مقرها في كندا، بالاشتراك مع جمعية الإنترنت، ومؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة (UNCTAD)، أجريت بين 21 ديسمبر 2018، و10 فبراير 2019، أن 86 % من مستخدمي الإنترنت قالوا إنهم وقعوا فريسة أخبار زائفة مصدرها الأساسي فيسبوك، يوتيوب، وتويتر، والمدونات.
كذلك أوضحت الدراسة التي تمت على أكثر من 25000 شخص من مستخدمي الإنترنت، بمشاركة نحو 25 دولة في الأمريكيتين، وأوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا، ومنطقة آسيا- المحيط الهادئ، أن الولايات المتحدة هي مصدر أكثر الأخبار الزائفة، تليها روسيا والصين، وأن المصريون هم أكثر الناس انخداعًا بها، بينما الباكستانيون هم الأكثر تشكيكًا.
الزيادة.. التصفية.. الوفاة
من أبرز الشائعات التي انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرًا، ما نفاه المركز الإعلامي لمجلس الوزراء حول ما تردد من أنباء بشأن اعتزام الدولة تصفية بنك الاستثمار القومي، مؤكدًا أنه جارِ العمل على تنفيذ خطة لإعادة هيكلة البنك تتماشى مع الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري “وهي خطة وضعتها اللجنة المسؤولة عن إعادة الهيكلة تضم عدد من الخبراء والمتخصصين بما يتوافق مع دوره ومتطلباته في المرحلة القادمة، مع العمل على تنمية وتعظيم قيمة أصول البنك بما يمكنه من القيام بدوره المحوري في الاقتصاد القومي”، وفق بيان صدر عن المركز.
كذلك تجد وزارة التموين نفسها في مواجهة شائعة دائمة، تتمثل في الحديث حول رفع أسعار المواد التموينية في كل مرة يتم فيها رفع أسعار المواد البترولية (البنزين والسولار)، لتُصدر في كل مرة بيانًا يؤكد على استقرار أسعار السلع الغذائية بكافة المنافذ التموينية والمجمعات الاستهلاكية دون أي زيادات، مع توافر مخزون استراتيجي منها يكفي لعدة أشهر قادمة. البيان ذاته يكاد يتكرر كل فترة، في نموذج للشائعات التي يتم تدويرها.
أما أحدث شائعة تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الأحد، هي الشائعة التي نفاها قبل ساعات الإعلامي أحمد شوبير، نائب رئيس اتحاد الكرة السابق، حول ما تم تداوله في الساعات الأخيرة حول تعرض محمود الخطيب، رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي، لحادث سير. وكان قد انتشر في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن، تعرض رئيس النادي الأهلي لحادث أثناء عودته من أحد المدن الساحلية. كتب شوبير عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: “الكابتن محمود الخطيب بخير والحمد لله وما تم تداوله إشاعة سخيفة”.