تمثل ذكرى الخامس من سبتمبر عام 2005. جرحا لا يندمل في قلوب المسرحيين المصريين. حيث ذكرى استشهاد 50 من فناني وأساتذة ونقاد المسرح الذين كانوا أخوة وأصدقاء وأساتذة. في قاعة الفنون التشكيلية بقصر ثقافة بني سويف إبان المهرجان الثالث عشر لنوادي المسرح.

وعلى إثر الحادث أقيل الدكتور مصطفى علوي رئيس هيئة قصور الثقافة آنذاك من منصبه. وتقدم الوزير فاروق حسني باستقالته ورفضتها القيادة السياسية.

وبعد أحكام إدانة في الدرجة الأولى صدرت بحق بعض الموظفين الصغار بقصور الثقافة. ونفي المسئولية السياسية عن وزراء الداخلية والصحة والثقافة. انتهت القضية ببعض أحكام السجن لعدد من الموظفين في قصر ثقافة بني سويف.

ورغم إشارة البعض لشبهة جنائية لم يلتفت أحد للأمر أو لم تثبت تلك الشبهة لدى النيابة العامة أو القضاء وبالتالي سجل الحادث إهمالا لبعض الموظفين وانتهى الأمر.

وفور الحريق عملت بعض الجماعات الأهلية مثل 5 سبتمبر وفنانين من أجل التغيير وغيرها على رفع مطالب منها اعتبار ضحايا الحادث شهداء. وتسمية بعض المسارح بأسمائهم خاصة في مكان نشأتهم. وعلاج المصابين. واعتبار الخامس من سبتمبر يوما للمسرح المصري. وتأمين المسارح بنظام إطفاء حريق حديث لضمان عدم تكرار الحادث الذي تحول لأشبه بسيف مسلط على الفعاليات المسرحية ويسمح بالتضييق عليها. خاصة في قصور الثقافة التي تعاني من الأساس من تهالك بنيتها التحتية نظرا لأسباب كثيرة وقتها.

 

عماد أبو غازي يصدر قرارا وزاريا باعتبار الخامس من سبتمبر يوم للمسرح المصري

يوم للمسرح المصري

وبعد سبع سنوات أصدر عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق قرارا باعتبار الخامس من سبتمبر يوما للمسرح المصري.  وأقيمت أول احتفالية في قاعة منف. المكان الذي شهد لقاءات معظم ضحايا الحريق كمبدعين لفن المسرح من نقاد وكتاب ومخرجين وممثلين.

عماد أبو غازي
عماد أبو غازي

اللافت للنظر أن احتفالية 2012. كانت شهدت مطالب المسرحيين لوزارة الثقافة ممثلة للدولة المصرية. التي تلخصت في ثمانية مطالب ألقاها المخرج ناصر عبد المنعم.

8 مطالب

تضمنت المطالب، اعتبار عام 2012/2013 عام التوثيق لأعمال ومشاركات شهداء ومصابي محرقة بني سويف. ومساواة ضحايا هذه الكارثة من شهداء ومصابين بمصابي وشهداء ثورة 25 يناير في كافة الحقوق والمزايا ويسري ذلك على أسمائهم وذويهم. وإعادة فتح الملف الجنائي للحادث وخاصة بعد أن علمنا أن كثيرا من الشهادات التي لم يؤخذ بها في التحقيقات السابقة تخص كثيرا من أيادي الاهمال والفساد في العهد البائد، فتم إقصاؤها وإفساد القضية

كما تضمنت المطالب. استكمال علاج مصابي المحرقة الذين لم يكتمل علاجهم رغم مرور 7 سنوات على الكارثة. واعتبار يوم 5 سبتمبر يوما للمسرح المصري هو افتتاح المهرجان القومي للمسرح من كل عام وتفتح فيه جميع المسارح للجمهور بالمجان.

أما المطلب السادس فتمثل. في الإعلان في 5 سبتمبر من كل عام عن دورات لشباب المبدعين من أبناء الأقاليم ويتم ترشيحهم للسفر في دورات تدريبية بالخارج بالتنسيق مع العلاقات الخارجية وتحمل كل دورة اسم أحد شهدائنا مثل حازم شحاته – صالح سعد – مؤمن عبده. وإطلاق أسماء شهداء المسرح على القاعات ودور العرض التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة. ووضع خطة شاملة للنهوض بالمسرح المصري بما يليق بحق من استشهدوا من أجله.

مطالب لم تتحقق

هذه المطالبات التي لم يتحقق منها سوى القليل. حتى الآن نجد أن يوم المسرح المصري يقتصر غالبا على تذكر بعض فناني الثقافة الجماهيرية لأحبائهم عبر إضاءة بعض الشموع أمام أحد قصور الثقافة أو إقامة احتفالية بالجهود الذاتية داخل أحد المواقع. وربما تقتصر على تجمع بعض المسرحيين أمام مسرح الهناجر أو المجلس الأعلى للثقافة يضيؤون الشموع ويترحمون على شهداء محرقة بني سويف.

وقفة بالشموع لإحياء ذكرى شهداء مسرح بني سويف
وقفة بالشموع لإحياء ذكرى شهداء مسرح بني سويف

فتارة نجد كلمة للكاتب الراحل لينين الرملي في الذكرى العاشرة. وتارة نجد كلمة للكاتب أبو العلا السلاموني عام 2016. وتارة يتبنى المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الثامنة فعالية كبيرة للاحتفاء بشهداء الخامس من سبتمبر. باعتباره يوم المسرح المصري إبان تولي المخرج ناصر عبد المنعم رئاسته. وتارة تفتح مسارح البيت الفني للمسرح بالمجان للجمهور. وتارة تقام احتفالية كبيرة وتارة يمر اليوم وكأنه لم يكن.

 

استعادة الاحتفال بيوم المسرح المصري في الذكرى الخامسة عشرة

قامت وزارة الثقافة المصرية العام الماضي بتفعيل احتفال يوم المسرح المصري. عبر احتفالية كبيرة ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دروته السابعة والعشرين أخرجها الفنان إسلام إمام.

وقدم المخرج ناصر عبد المنعم العرض المسرحي الخاص بيوم المسرح المصري وكتبه الدكتور مصطفى سليم.

وقرار تفعيل يوم المسرح المصري يحسب لوزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم. ولاقى ترحابا كبيرا بين  المسرحيين. وخفف وطأة الضغط على المهرجان التجريبي الذي تصدى مجلس إدارته لتنفيذه وسط جائحة كورونا. ولكنه لاقى هجوما كبيرا بسبب العروض المصورة والأون لاين.

تكريم رموز المسرح

وكرم خلال الاحتفالية رموز المسرح المصري ومن بينهم اسم الدكتور محسن مصيلحي أحد شهداء محرقة بني سويف. والمخرج حمدي طلبه أحد مصابي الحريق. ممثلا لمسرح الثقافة الجماهيرية، وعدد من القامات المسرحية الكبيرة.

وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم. قالت في كلمتها في احتفالية يوم المسرح المصري من خشبة المسرح القومي العام الماضي. إن الوزارة استعادت الاحتفال بالخامس من سبتمبر كيوم للمسرح المصري بعد توقف 9 سنوات.

إيناس عبد الدايم
إيناس عبد الدايم

وتمر الذكرى السادسة عشرة لكارثة بني سويف بلا أي فعاليات أعلن عنها سوى بعض فناني الفيوم الذين يعلنون عن إقامة احتفالية في قصر ثقافة الفيوم التي فقدت عشرات المبدعين في ذلك اليوم.

ولم تعلن الوزارة عن أية فعاليات تخص يوم المسرح المصري وبالتبعية قطاعاتها المختلفة وصولا لمسارح الدولة.  التي ربما بشكل شخصي سوف يقوم بعض المبدعين بالدعوة للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء المسرح المصري قبيل بدء العروض المسرحية.

مطالب بتشكيل لجنة للاحتفال بيوم المسرح

وكان المخرج ناصر عبد المنعم من قبل طالب بتشكيل لجنة لتنظيم الاحتفال بيوم المسرح المصري حتى لا يقتصر الاحتفاء بذكرى شهداء المسرح على أقاربهم أو بعض المسرحيين ببعض الشموع أمام أي مبنى مسرحي أو في ساحة الهناجر. بل يجب أن يكون الاحتفاء منظما ويشمل قصور الثقافة. وكل مسارح الدولة وأن تلقى كلمة في ذلك اليوم في جميع المسارح وقبل أن تقدم العروض المسرحية. حتى يعرف الجمهور حكاية يوم المسرح المصري ويترحم على شهداء المسرح. إضافة لتفعيل المطالبات التي سبق ذكرها وتكررت في بيانات عدة.

في النهاية طالما لم تشكل لجنة لتنظيم الاحتفال السنوي بيوم المسرح المصري كفعالية دائمة. فسوف يمر اليوم مرور الكرام.  ليبدو يوم المسرح المصري لافتة تستخدم حسب الحاجة وليس قرار وزاريا واجب التنفيذ من مسئولي الوزارة سواء اهتمت به الوزارة أم لا. فيوم المسرح المصري هو يوم وفاء لذكرى هؤلاء الذين أفنوا حياتهم بالفعل لتضيء مصابيح التنوير في أرجاء مصر عبر فن المسرح.

فهل كتب على المسرحيين أن يحترقوا مرتين: واحدة بفعل الإهمال والثانية بفعل التناسي؟. فهل من مهتم؟. وهل من مجيب؟