أسدل اتحاد كرة القدم الستار على الفصل الخاص بالمدرب حسام البدري في مسيرته مع المنتخب الوطني، بعد 717 يوما قضاها على رأس الإدارة الفنية للفراعنة.
لم ينتظر أحمد مجاهد، الرئيس المؤقت لاتحاد الكرة، وقتا طويلا بعد انتهاء مباراة الجابون في تصفيات كأس العالم، التي شهدت أداء متواضعا ومخيبا للآمال من قبل الفريق الوطني، ليعلن توجيه الشكر للجهازين الفني والإداري، في قرار توقعه الكثير من المحللين.
البدري يرفض الاستسلام
شهدت اللحظات الأخيرة من تجربة البدري دراما تعكس العقلية التي أدار بها المنتخب خلال العامين الماضيين، إذ رفض تقديم استقالته بعد الانتقادات الموجهة إليه من قبل النقاد الرياضيين وجمهور الكرة بشكله الواسع، ورأى أنه ناجح رقميا في مهمته، فكان القرار بإقالته هو الحاسم بالساعات القليلة الماضية بعد جلسة عاصفة بالجبلاية.
بلا شك ساهمت أخطاء حسام البدري المتكررة وعدم تعلمه منها في إصرار غريب فى إقالته بشكل رسمي من تدريب الفراعنة مساء اليوم، حيث لم يكترث بانتقادات النقاد أو الإعلاميين أو حتى الجماهير المهتمة بكرة القدم.
المدرب المٌقال لعب مع منتخب الفراعنة، 9 مباريات (مباراة ودية و8 مباريات رسمية) حتى الآن في عامين كاملين، حيث تولى المهمة رسميًا يوم 20 سبتمبر 2019 ليكمل بعد مباراة الجابون الأخيرة 717 يومًا على رأس القيادة الفنية للفريق القومي. ورغم أنه لم يتعرض لأي هزيمة حتى الآن، لكنه قدم نسخة سيئة من الفراعنة.
وكان التعادل مساء أمس الأحد أمام الجابون بنتيجة 1-1 بشق الأنفس بالدقيقة 90، ضمن الجولة الثانية من دور المجموعات في التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم (قطر 2022)، بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير. حيث طالب الجميع بتوجيه الشكر للبدري من أجل إنقاذ المنتخب الوطني من براثنه وأخطائه وعدم رؤيته و”عكه الفني” ومجاملاته في اختيارات اللاعبين والتشكيل، خصوصا أن كل شيء يسير في الطريق المعاكس الذي قد يودي بالفراعنة إلى الهاوية في الصعود للمونديال وكذلك في كأس الأمم القادمة مطلع العام الجديد، وهو ما حدث واستجاب له الاتحاد المصري لكرة القدم وأقاله بالفعل.
مستوى سيئ ونتائج كارثية وإهدار مال عام
منتخب مصر فاز تحت قيادة البدري بشكل عصيب أمام منتخبات تصنيف ثالث ورابع بالقارة السمراء، حيث فاز أمام توجو ذهابا وإيابا، وجزر القمر تعادل معها في مباراة وفاز في الأخرى، أمام كينيا تعادل ذهابا وإيابا، وجميع المباريات كانت بتصفيات أمم أفريقيا 2021، أما في مباريات تصفيات كأس العالم 2022، ففاز منتخب مصر على أنجولا بهدف دون رد، وتعادل خارج أرضه أمام الجابون بهدف لكل فريق.
وفي يوم 25 مارس 2021 ، قاد “بدريولا” منتخب مصر للتأهل إلى كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون، وخلال الفترة من 29 مارس حتى 31 أغسطس 2021 ، لم يخض المنتخب أي مباريات ورفض المدير الفني خوض أي مباريات ودية أو تجمعات في أجندة يونيو 2021 بالرغم من فترة الراحة للاعبي المنتخب وقتها.
وحصل مدرب الأهلي السابق منذ 20 سبتمبر 2019 حتى 30 مارس 2021 وخلال الـ17 شهراً التى أشرف فيها على تدريب مصر، على مبلغ مالي وصل إلى 13 مليوناً و600 ألف جنيه، وبإضافة 500 ألف جنيه مكافأة التأهل لنهائيات أمم أفريقيا 2022 بالكاميرون، ليصل إجمالي ما تقاضاه في هذه الفترة 14 مليون جنيه، دون أداء أو مستوى يذكر وهو بمثابة إهدار للمال العام.
كما ارتفع الراتب الذي يحصل عليه خلال تلك الفترة ليصبح 800 ألف جنيها شهريًا بدلا من 730 ألف جنيه، وتقاضى خلال الفترة من 30 مارس حتى سبتمبر 2021، 4 ملايين و800 ألف جنيها، ليصبح مجموع ما حصل عليه في 717 يومًا هو 19 مليون جنيهًا.
وبالقياس بالثمانية مباريات التي لعبها المنتخب مع البدري، فيصبح سعر المباراة الواحدة له ما يعادل 2 مليون و100 ألف جنيهًا، والدقيقة في المباراة تعادل 23 ألفًا و500 جنيهًا، كل ذلك والمنتخب يظهر معه أسوأ صورة فنية عبر تاريخه الطويل.
غضب جماهيري عارم
صب جماهير وسائل التواصل الاجتماعي جام غضبهم على البدري، وخرجت هاشتاجات عديدة تطالب بإقالته فورًا من تدريب الفراعنة بعد هذا المستوى والشكل الذي لا يتغير أو يتطور معه على مدار عامين كاملين.
وكاد أن يخرج المنتخب خاسرا للمرة الأولى تحت قيادته لولا مجهود فردي من صلاح محسن ومصطفى محمد في هدف التعادل القاتل.
إعلام ونقاد يتبرأون منه وأجواء داخلية مشتعلة
الأمر لم يتوقف عند الجماهير فقط، بل حالة من السخط الكبير أبداها أغلب الإعلاميين مثل سيف زاهر وإبراهيم فايق وميدو، نجوم التوك شوز الرياضي، على أداء المنتخب مع البدري وأغلبهم طالب برحيله لعدم الجدوى من استمراره.
كما تعجب أغلب النقاد الفنيين والنجوم السابقة من البدري وتشكيله واختياراته وطريقة لعبه، فهاجم عماد متعب وحازم إمام ورضا عبد العال وشادي محمد وقبلهم طه إسماعيل وفاروق جعفر، المدرب بشكل واضح وبعضهم طالبه بالاستقالة فورًا والرحيل.
وهناك من طالب اتحاد الكرة المؤقت بإقالته لإنقاذ سمعة مصر ومنتخبها القومي ليفقد البدري كل الظهير الإعلامي الذي قد يسنده ويدعمه في أوقات الهجوم عليه من الجماهير، ليجد نفسه في العراء دون دعم أو مساندة لا جماهيريا أو إعلاميا.
أزمة مصطفى محمد
كما أظهرت مشكلة مصطفى محمد معه عقب تسجيله هدف التعادل القاتل وتلفظه عليه وذهابه تجاهه معترضًا، لولا تدخل أحمد حجازي وباقي اللاعبين لإيقافه، أن هناك أزمات عديدة بين البدري ولاعبيه ولا تفاهم أو كيمياء وتجانس بينهم كما هو الحال مع أفراد جهازه الفني وظهرت من قبل مشكلة طارق مصطفى واعتراضه على قراراته وعدم سفره.
إبراهيم سعيد نجم المنتخب السابق أكد أن البدري الذي تعامل معه كلاعب من قبل من النوع الذي يحب ويكره ويجامل لاعبين بعينهم ويبعد آخرين يستحقون لأمور شخصية خاصة به فقط، فهو لا يحب النجوم وطريقته جامدة وبها جفاء كبير معهم على مدار تاريخه وحدثت عدة مشاكل تدلل على ذلك من قبل مع عماد متعب وأحمد بلال، والآن مصطفى وطارق حامد اللذان لا يحبهما.
فهو يرى أنه كمدرب هو النجم ويفضل اللاعبين المؤديين فقط ولا يتحدثون أو يعترضون، مثل أيمن أشرف وحمدي فتحي وغيرهم، على حساب منتخب مصر باسمه الكبير في القارة، وهو ما ينعكس على الشكل والأداء والنتائج، مدرب صاحب أسلوب قديم “عفا عليه الزمن” فنيًا ويرتكب أخطاء كارثية تضعف فريقه وتضره.
كما أثيت أنه لا يجيد التعامل مع النجوم ويدخل معايير خارجية على الاختيارات والتشكيل والتغييرات، إذ اشتكى اللاعبون الكبار مثل محمد صلاح نجم الكرة المصرية الأول من طريقة تعاملهم معه.