يأتي العام الدراسي الجديد بالتوازي مع بداية الموجة الرابعة من فيروس كورونا، ليتجدد الحديث عن أزمة العام الماضي بتوقف الدراسة بعد سداد المصروفات بالكامل، خاصة أن المدراس الخاصة طالبت أولياء الأمور بسرعة دفع المصاريف مع بداية شهر يوليو وسط تهديدات غير مباشرة بفصل الطلاب في حالة عدم الدفع.
سميرة أحد أولياء الأمور الذين عانوا العام الماضي من دفع المصرفات كاملة واشتراك الأتوبيس وشراء مستلزمات المدارس دون استفادة حقيقية بعد توقف الدراسة نتيجة جائحة كورونا. وتقول سميرة لمصر 360 “بعد انتهاء عيد الأضحى مباشرة طالبتنا المدرسة بدفع مصاريف ابنتي الطالبة بالصف الرابع الابتدائي. أي قبل الدراسة بثلاثة شهور وسط تلميح غير مباشر بفصل البنت في حالة عدم الدفع”.
بطبيعة الحال تفرض أزمة كوفيد-19 استراتيجيات خاصة يجب اتباعها خاصة أن الأزمة فرضت المزيد من الأعباء على المجتمع بشكل عام والأسر المصرية بشكل خاص. إلا أن وزارة التربية والتعليم لم تتدخل حتى الآن لحل الأزمة التي قد تتكرر هذا العام.
الدفع أو التهديد بالفصل
وتابعت سميرة “المدرسة عندنا لا تقوم بتقسيم المصروفات على أقساط متساوية أو متفرقة، لكنها تفرض دفع 90% من المصروفات كدفعة أولى”.
لم تلتزم سميرة بدفع المصروفات في الموعد المحدد الذي أعلنت عنه إدارة المدرسة قائلة “كنت متعثرة ماليا ولم أستطع دفع المصروفات، وفوجئت بأنهم يخبرونني بشكل متكرر عن موقف ابنتي من الدراسة والمدرسة ورغبتهم في فصلها دون مراعاة الظرف الذي نعيشه جميعا”.
وتجد سميرة نفسها مطالبة بدفع مبلغ مالي يفوق قدرتها، حيث تقوم المدرسة سنويا بزيادة قيمة المصروفات. موضحة “أن الزيادة لا يتم تحديدها إلا بعد القسط الثاني لتجد الأسر نفسها مضطرة للدفع وليس لديها أي فرصة للتراجع”.
من الدراسة للأتوبيس
فيما أشار فتحي علي، أحد أولياء الأمور إلى نقطة أخرى وهي اشتراك الأتوبيس، بعد إجباره على دفع اشتراك الأتوبيس بالكامل العام الماضي دون تعويضه بعد توقف الدراسة، قائلا “انا دفعت 7 آلاف جنيه قيمة اشتراك الأتوبيس والبنت لم تذهب للمدرسة نهائيا، ولم أسترد المبلغ أو حتى جزء منه، ليتكرر الأمر في العام الجديد”.
ويضيف فتحي “لا أعترض على تسديد مصاريف المدرسة لأنه في حالة الدراسة عن بعد فهناك خدمة نتلقاها، لكن مصاريف الأتوبيس تختلف لأنها مصروفات بدون خدمة”.
وفي الوقت الذي يرى فتحي أن المصروفات من حق المدرسة تعترض سميرة على ذلك لأن ابنتها لم تتلق خدمة التعليم عن بعد إلا في الشهر السابق على الامتحانات فقط وبالتالي تعتبر أن المدرسة تلقت أموالا دون وجه حق. موضحة “المدرسة لم تقم حتى بتجهيز موقع مفيد شامل للحصص. وما كان يتم هو الإعلان على جروبات الصف أن هناك حصة بعد ساعة، ويتم ذلك على فترات متباعدة بدون جدول محدد وملزم”.
زيادات مبالغ فيها
تقول عبير أحمد، مؤسس ائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة، إنها رصدت من خلال الائتلاف زيادة متفاوتة في رسوم المدارس الخاصة للعام الدراسي الجديد دون مراعاة الظروف التي تمر بها الأسر.
وتوضح “زيادات متفاوتة أدخلت على المصروفات غير معلوم نسبتها بالتحديد طالت كل المدارس”، قائلة: “ليس هناك داع لزيادة مصروفات المدارس الخاصة لأنها في الأساس تحصل على مصرفات كبيرة”.
ثورة غضب تظهر على صفحات السوشيال ميديا نتيجة زيادة المصروفات وعدم وضع ضوابط من قبل وزارة التعليم لهذه المرحلة في ظل احتمالية توقف الدراسة وتحولها لنظام الأون لاين، وعلى صفحات ائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة، واتحاد أمهات مصر، تفاعل العديد من أولياء الأمور والذي يصل عددهم إلى 13 ألفا معلنين عن رفضهم للعشوائية فيما يخص التعليم خلال فترة الجائحة.
وتقول إحدى أولياء الأمور: “مصاريف مدرسة ولادي كانت 16 ألفا وزادت لـ 22 ألفا وهي مدرسة تابعة لإدارة الخليفة مع العلم المدرسة تحت الإشراف المالي والوزاري”.
وأضافت: “الزيادة مبالغ فيها جدا حيث تم زيادة 15% كل سنة على مدار ثلاث سنوات على التوالي”.
وانطلق هاشتاج “أنقذوا مدارس النيل المصرية” وهي مدارس حكومية غير قابلة للربح تناسب الأسر المتوسطة، وفجأة زادت المصروفات بنسبة 35% دون سبب. وأشار أولياء أمور طلبة النيل، إلى أن المصروفات منذ 11 عاما كانت مقبولة، ولكن استمرت الزيادة المرحلية بجانب الزيادة السنوية دون أي اعتراض من قبل الدفعات الأولى. ليتم فرض رسوم اختبارات بزيادات غير مبررة وزيادة ألف جنيه أنشطة، وهو ما اعتبره أولياء الأمور “إتاوة مقننة”.
وأضافوا أن الزيادة لو استمرت على هذه الوتيرة فسنجد مصاريف العام المقبل تضرب كل أهداف الإنشاء في مقتل.
مبادرات لتبادل المستلزمات
زيادة المصروفات الدراسية لم تكن العائق الوحيد أمام الأسر، ولكنهم فوجئوا مع اقتراب الموسم الدراسي بارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية بجانب الزي المدرسي.
ومن جانبها أطلقت صفحة “أمهات مصر” مبادرة لتبادل مستلزمات المدارس هربا من ارتفاع أسعارها، وأوضحت عبير أحمد مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة، أن أسعار الكتب الخارجية ارتفعت مع حزمة ارتفاعات لكل ما له علاقة بالدراسة مما مما يمثل عبء مادي إضافي على الأسر.
وفي هذا الإطار اضطرت سميرة لإقناع ابنتها باستخدام الشنطة المدرسية للعام الماضي بعد ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ بها، بعد جولة في متاجر مختلفة.
وعن فكرة المبادرة توضح عبير أن هدفها مواجهة الزيادات والتخفيف عن كاهل الأسر، مؤكدة أن الطالب الذي انتهى من عام دراسي يقوم بتبادل تلك الكتب مع طالب آخر يحتاج لها وكذلك الزي المدرسي وكل المستلزمات، ويتم ذلك من خلال التنسيق بين أولياء الأمور.
ويبدو أن المبادرة لاقت استحسانا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث تفاعل أولياء الأمور مع المبادرة وقاموا بالفعل بالتنسيق لتبادل الكتب الخارجية ومستلزمات الدراسة.
وأمام مطالبات لجنة التعليم بمجلس الشيوخ لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني طارق شوقي، بعدم الرضوخ للآراء المطالبة بتخفيض عدد الأيام الدراسية من جانب أولياء الأمور. حيث قال النائب حسنين توفيق عضو لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، إن الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية بالمدارس مع تطعيم المعلمين بلقاح كورونا، وسرعة التعامل مع أي أحداث، كلها أمور من شأنها طمأنة أولياء الأمور بشأن حضور الطلاب بالمدارس.
وقال فريد ولي أمر “من المفترض أن الحضور اختياري لمن يرغب في إرسال أولاده أو لا يرغب، خاصة في ظل الوضع الحالي”، فيما اقترح آخر بتقسيم الفصل للحضور بالتبادل في أيام محددة.
المدارس ستعود لطبيعتها
من جانبه قال المستشار بدوي علام، رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة بمصر: ” لاتزال المدارس الخاصة تعاني من المديونيات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وأصبحت محدودة الموارد وهناك ارتباك من الناحية العملية في المدارس”.
وأشار علام في تصريحات لـ مصر360 إلى أن هناك نوعين من المدارس بعضها دولية وأخرى خاصة، قائلة إن 70% من المدارس الخاصة والتي توجد أغلبها بالمحافظات مصاريفها أقل من 6 آلاف جنيه وتعاني بسبب أزمات كورونا.
وعن الزيادات المفروضة على أولياء الأمور، أوضح علام أن تلك الزيادات لا تضعها المدارس ولكنها تأتي وفقا للكتاب الدوري لوزارة التربية والتعليم بموجب المادة 64 من قانون التعليم. والتي تؤكد أن كل ما يتعلق بالمدارس الخاصة يتم تنسيقه بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم تحت بند “حساب تكلفة الطالب” وهي مدارس لا تهدف للربح ولكنها تسعى إلى نشر التعليم.
ويضيف أن الزيادة يتم تحديدها لمن أقل من 2000 جنيه وتبلغ 25% سنويا. ومن 2000 إلى 3000 تقرر زيادة 20%، وحتى 5000 تقرر زيادة 15%. وحتى 10 آلاف تقرر زيادة 10%، وأكثر من 10 آلاف يتم زيادة 7% سنويا. مؤكدا أن الزيادة السنوية تقل كلما زادت المصروفات.
وأوضح علام أن الوزارة تحاول التخفيف على الأسر بزيادة عدد الأقساط المقررة عليهم لدفع كافة المصروفات. مشيرا إلى أن المدارس ستعود إلى طبيعتها لما قبل فترة كورونا بعد تطعيم العاملين وكافة المدرسين بحلول الأول من أكتوبر المقبل. قائلا: “سنعود بعام دراسي طبيعي لما قبل كورونا”.
الفئات معفاة من المصاريف
ومن جانبها أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، الفئات المقرر إعفائها من المصروفات المدرسية، في سبيل التخفيف من الأعباء. وتشمل الطلاب يتامى الأب وأبناء المطلقات، والمرأة المعيلة ومهجورة العائل على أن يتم تقديم الأوراق الثبوتية.
وكذلك يتم إعفاء أبناء مستفيدي معاش الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة. وأبناء شهداء ثورة 25 يناير، ومصابي الثورة، وأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما تقرر إعفاء أبناء شهداء وضحايا ومصابي العمليات الحربية والإرهابية وأبناء الذكور المفرج عنهم من السجون حديثا. بعد إجراء بحث اجتماعي يثبت أنهم غير قادرين وبدون دخل ثابت.
مشروع ربحي
عبد الحفيظ طايل، مدير مؤسسة الحق في التعليم، يرى أن المدارس الخاصة قائمة على استهداف الربحية وليس على أساس نشر التعليم.
وأضاف، لـ”مصر 360″، نحن نتعامل مع مشروع ربحي في المقام الأول، ومع بداية كورونا حدثت أزمات بين أولياء الأمور وإدارات المدارس لمحاولتها تقنين أوضاعها المادية والتزامها بدفع الرواتب والمصروفات، في حين قيامها بتسريح عدد من المعلمين.
وأشار: العام الماضي اضطر أولياء الأمور لتحويل أبنائهم إلى مدارس تجريبية وهذا خلق ضغطا كبيرا على تلك المدارس. مما جعل الوزارة تقوم بتوزيع الأطفال على إدارات بعيدة عن منازلهم، وبالتالي أصبح الأطفال مقيدون بمدارس لا يذهبون إليها.
ويؤكد طايل “على الوزارة أن تقوم بالتسهيل على المواطنين بتوزيع المصروفات الدراسية على أقساط أطول”، وفيما يتعلق بالزيادات. يشير إلى أن المدارس الخاصة لا تلتزم بالحد الأقصى للزيادة، حيث يرد لهم شكاوى متكررة سنويا. وهو ما يدفع المدرسة بالتحايل على الأمر بطلب إعادة تقييم مرة أخرى ليتم رفع المدرسة إلى شريحة أعلى من المصروفات.