حثت مؤسسات حقوقية، تتخذ من واشنطن مقرا لها، أعضاء الكونجرس والمسؤولين في الولايات المتحدة، على عدم عقد لقاءات مع جماعات الضغط الأمريكية العاملة لصالح حكومات تتمتع بسجل حقوقي سيئ في الشرق الأوسط، في إطار سعيهم لضمان الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي لها.

وقالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)، التي أسسها المعارض السعودي خمال خاشقجي قبل مقتله بقنصلية بلاده في أسطنبول، أواخر 2018، في بيان مشترك مع منظمة فريدوم فورورد ومركز السياسة الدولي، إنه يجب على أعضاء الكونغرس التعهد علنًا بعدم عقد لقاءات مع جماعات الضغط الأمريكية العاملة لصالح حكومات مسيئة في الشرق الأوسط والذين يحرّفون سجل هذه الحكومات.

وتأتي دعوة تلك المنظمات للكونجرس في الوقت الذي تطلق فيه منظمة الديمقراطية الآن قائمة وصفتها بقائمة العار لجماعات الضغط، لفضح الجماعات المساهمة في التغطية على انتهاكات هذه الحكومات.

تنشط في أمريكا العديد من جماعات الضغط التي تعمل لصالح دول وشركات للتأثير على دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، لخدمة قرارات معينة.

ووفقًا لإحصائية صادرة عن شركة statista، وهي شركة ألمانية متخصصة في البيانات والتسويق، بلغ العدد الإجمالي لأعضاء جماعات الضغط 11862 جمعية حتى 2019.

إدوارد نيوبيري.. صديق السعودية

يأتي اسم إدوارد نيوبيري، الذي يعمل في شركة سكوير باتون بوجز المعروفة التي يقع مقرها في واشنطن العاصمة، في صدر القائمة التي أعلنت عنها منظمة خاشقجي، وتم تسجيله كوكيل أجنبي منذ عام 2016 لصالح المركز السعودي للدراسات والشؤون الإعلامية.

ترأس المركز السعودي سابقًا سعود القحطاني، المسؤول السعودي الذي فرضت عليه الحكومة الأمريكية عقوبات لدوره الكبير في جريمة قتل جمال خاشقجي.

وقّع نيوبيري اتفاقا مع القحطاني في سبتمبر 2016 مقابل رسوم سنوية قدرها 1.2 مليون دولار للدفاع نيابة عن المركز أمام مسؤولي الحكومة الأمريكية. ولا يزال نيوبيري يمثيل المركز السعودي، كما تُظهر التقارير التي رفعها بتاريخ  29 يوليو2021 بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.

طبقت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات قانون ماغنتسكي على القحطاني، المستشار المقرب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لدوره في جريمة قتل خاشقجي، ومنعته من السفر إلى الولايات المتحدة وجمدت أصوله في الولايات المتحدة.

ويشير تقرير للمقررة الخاصة للأمم المتحدة أغنيس كالامارد حول جريمة قتل خاشقجي إلى أن القحطاني كان أحد العقول المدبرة وراء جريمة القتل. ووجه الادعاء التركي الاتهام إليه بـ “التحريض على القتل المتعمد من خلال التعذيب”.

وبحسب المنظمة، فمنذ عام 2016، تلقت شركة سكوير باتون بوغز 2.7 مليون دولار على الأقل من المركز السعودي. وحتى بعد أن تحدثت حكومة الولايات المتحدة علنًا عن تورط المركز السعودي في جريمة قتل خاشقجي وفرضت عقوبات قانون ماغنتسكي الدولي على القحطاني، وحتى بعد التقارير الإخبارية العديدة التي تكشف استخدام المركز السعودي للعنف لإسكات منتقدي الحكومة وتبديد التغطية الإعلامية غير المواتية للحكومة السعودية، يواصل السيد نيوبيري العمل كوكيل مسجل للمركز السعودي، وتبييض انتهاكات الحكومة السعودية.

في هذا الصدد، قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن، إن العاملين في جماعات الضغط مثل إدوارد نيوبيري يقومون بتبييض جرائم الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط ويلعبون دورًا في إقناع الحكومة الأمريكية بمواصلة دعمها على الرغم من انتهاكات تلك الحكومات المروعة لحقوق الإنسان”.

وأضافت: “يجب تحميل جماعات الضغط هذه المسؤولية عن عملها الإشكالي من الناحية القانونية والأخلاقية، ويجب على أعضاء الكونغرس رفض الاستماع إلى دعايتهم”.

في السياق ذاته، قال بن فريمان، مدير مبادرة شفافية التأثير الأجنبي في مركز السياسة الدولية: “إدوارد نيوبيري يتلقى مبالغ من مؤسسة سعودية ذكرت الحكومة الأمريكية أنها متورطة في جريمة قتل خاشقجي وهجمات أخرى لا حصر لها ضد نشطاء سعوديين، وقام بتمثل رجل كانت انتهاكاته شنيعة لدرجة أن حكومتنا منعته من دخول البلاد”.

وأضاف: “لماذا يجب على أعضاء الكونغرس، الذين يدفع دافعو الضرائب الأمريكيون لهم مقابل وقتهم، الموافقة على مقابلة إدوارد نيوبيري، الذي يكسب عيشه من التغطية على سجل إحدى المؤسسات السعودية الحكومية الأكثر تعسفًا؟”.

وذكرت المنظمة أنه بموجب القانون الدولي، تتحمل الشركات مثل شركة سكوير باتون جوبز مسؤوليات لتجنب المساهمة في الآثار السلبية لحقوق الإنسان من خلال أنشطتها التجارية. يتعارض الضغط نيابة عن الموظفين الحكوميين المسؤولين عن القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي والاحتجاز مع هذه المسؤوليات.

توصيات لجماعات الضغط

كما قدمت حزمة من التوصيات لجماعات الضغط والكونجرس ونقابات المحامين في الولايات المتحدة، من بينها إجراء مراجعة للعناية الواجبة لفحص سجل حقوق الإنسان والقانون الإنساني لحكومة أو وكالة حكومية أو مسؤول حكومي يسعون إلى تمثيله وتحديد مدى مساهمة تمثيلهم في أي من انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني، بما في ذلك تحريف المعلومات أو حذفها للجمهور أو مسؤولي الحكومة الأمريكية وممثليها حول سجل حقوق الإنسان الخاص بأولئك العملاء. كما يجب أن يتم جعل هذه المراجعات متاحة للجمهور.

وحثتها كذلك على رفض تمثيل حكومة أجنبية أو وكالة حكومية أو مسؤول حكومي حيثما توجد معلومات موثوقة حول تورطهم في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي، واعتماد توصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بما في ذلك تلك التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والصدق والدقة في المعلومات المقدمة من جماعات الضغط إلى المسؤولين الحكوميين. يجب على جماعات الضغط الأمريكية أيضًا تبني المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة.

ودعت منظمة خاشقجي جماعات الضغط إلى تقييم أنشطة الضغط القائمة الخاصة بهم بشكل منتظم للحكومات أو الوكالات أو المسؤولين الأجانب لتقييم ما إذا كانوا يساهمون في الآثار السلبية على حقوق الإنسان أو يستنفعون منها، وفقًا للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة. في حالة وجود مثل هذه المساهمة أو المنفعة، يجب على جماعات الضغط اتخاذ التدابير المناسبة لمعالجتها، بما في ذلك، عند الضرورة، إنهاء عقد ضغط ساري. يتضمن ذلك مسؤولية منع أو تخفيف الآثار السلبية لحقوق الإنسان التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بأنشطة الضغط، حتى لو لم تساهم جماعة الضغط في تلك التأثيرات.

وفي توصياتها إلى الكونجرس الأمريكي، ناشدت بتمرير “قانون من أجل الشعب لعام 2021 (R. 1/S.1): وتنفيذ لوائحه، خاصة تلك المتعلقة بالحكومات الأجنبية التي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وإجراء إصلاحات ملحة على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وتحسين لوائح شفافية جماعات الضغط: يجب على الكونغرس دمج مجموعتين منفصلتين من متطلبات الشفافية القانونية: قانون إفشاء جماعات الضغط وقانون تسجيل الوكلاء الأجانب.

التوصيات شملت المسؤولين المنتخبين في الولايات المتحدة وموظفيهم، إذ دعتهم إلى التعهد بالامتناع عن الاجتماع مع جماعات الضغط التي تعمل نيابة عن الحكومات أو الوكالات الحكومية أو المسؤولين الحكوميين الأجانب عندما تكون هناك معلومات موثوقة من قبل منظمات حقوق الإنسان أو في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي لحقوق الإنسان، تشير إلى تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي.

ونوهت المنظمة إلى أن قسم “لوبيات العار” في موقع منظمة (DAWN) الإلكتروني سيستمر في فضح جماعات الضغط الأمريكية، بحيث يشمل ذلك المحامين والمسؤولين الحكوميين السابقين والموظفين العموميين الذين يتقاضون مبالغ مالية من قبل حكومات الشرق الأوسط المسيئة، بما في ذلك الحكومات السعودية والإسرائيلية والمصرية والإماراتية، لجذب دعم الحكومة الأمريكية ومن ذلك المساعدات والمبيعات العسكرية والحماية الدبلوماسية.