“سيبي الشغل وتعالي نعمل فيديوهات على التيك توك ناكل من وراها الشهد” هذه الجملة التي قالها زوج زينب كانت بمثابة بداية النهاية لحياة زينب مع زوجها.

وقررت (زينب. م) 30 عاما وتعمل ممرضة، رفع دعوة خلع من زوجها أمام محكمة الأسرة بالتجمع الخامس بعد استغلالها ماديا. قائلة: “زوجي طالبني بالجلوس في المنزل لعمل فيديوهات على التيك توك بغرض التربح المادي السريع”.

حالة زوج زينب الميسورة ماديا لم تمنعه من الطمع والرغبة في الكسب المادي السريع من تلك التطبيقات. مستغلا زوجته في تصوير مقاطع فيديو بغرض الربح.

هكذا تحولت بعض البيوت الزوجية من ملاذ آمن لكثير من الزوجات إلى ساحات لاستغلالهن والتربح من ورائهن. وإجبارهن على بعض الأعمال، ومنها النمط الذي انتشر مؤخرا بعد تنامي مواقع السوشيال ميديا وبعض التطبيقات. بتصوير مقاطع فيديو وبثها عبر أحد المنصات لجلب الأموال.

وأغرت قصة زوجان هنديان هاجرا إلى مدينة ملبورن الأسترالية، حققا شهرة ومكاسب عبر تيك توك بعد أن لجأوا إلى نشر مقاطع فيديو لهما من المنزل أثناء إغلاق كورونا، ولديهم أكثر من 22 مليون معجب. كثيرون لاتباع نفس النهج طمعا في الثراء السريع.

التيك توك وغيره من التطبيقات التي تتيح بث فيديوهات مصورة ومشاركتها بمقابل مادي أصبحت وسيلة فعاله ومضمونة لجلب الأموال لأزواجهن بسهوله.

وتابعت زينب: “طموح زوجي الجامح ورغبته في الثراء السريع بدون عناء أو تعب، دفعه لاستغلالي وطلب مني تحمل عبء الإنفاق. وعندما رفضت قام بضربي وإهانتي وطردي من بيت الزوجية”.

وأوضحت زينب أن الأمر تطور ووصل إلى أنه خيرها بين إعداد فيديوهات أو الطلاق، قائلة: “أنا في انتظار القضاء ينهي معاناتي”.

هوس الثراء السريع

تجربة أخرى لسيدة وقعت تحت وطأة الاستغلال بسبب تلك التطبيقات، حيث أوضحت غادة منصور (اسم مستعار). البالغة من العمر 24 عاما، أن طليقها الذي يصغرها بعامين طلب منها عمل فيديوهات وبثها عبر منصة تيك توك محاولا كسب الأموال من وراء ذلك.

وقالت غادة إن زوجها عامل دليفري في إحدى الصيدليات بمدينة نصر وغالبا لا يستمر في أي وظيفة. مضيفة “بعد ثلاث سنوات على الزواج وتدهور الحالة المادية طلب مني تصوير بعض المقاطع ونشرها للمساهمة في مصروف البيت”.

وأضافت “جوزي مكنش بيفكر بالطريقة ديه بداية زواجنا بالعكس هو من أسرة محافظة جدا وهذا كان ذلك سبب موافقة عائلتي عليه”.

وبعد رفض الزوجة الشديد للفكرة، التي لا تتفق مع تربيتها فهي تتحفظ حتى على نشر صورتها عبر فيسبوك. تعرضت الزوجة لكل أنواع العنف الجسدي واللفظي قائلة: “كان بيضربني وبيشتمني بسبب وبدون سبب، واعتبر إني واقفة في طريقه وسبب فقره”.

وأخذت وتيرة المشاكل تتصاعد حتى وصل الأمر إلى التهديد بالطلاق وبالفعل تم الطلاق.

غياب القانون

من جانبها أدانت انتصار السعيد مثل هذه الوقائع وترى أن استغلال النساء يرجع إلى عدة أسباب أهمها غياب القانون. قائلة: “نحتاج لقوانين صارمة تجرم العنف ضد النساء بمختلف صوره”.

وأضافت “ما يحدث من استغلال للنساء وإجبارهن على تصوير تلك الفيديوهات يعد انتهاك صريح لهن ولحقوقهن وحريتهن في السيطرة على أجسادهن”.

وأشارت السعيد في حديثها لمصر 360 إلى الثقافة المجتمعية الخاطئة. قائلة “الرجل يستغل قوته عليها لكن الحقيقة أن هذا ضعف حقيقي” في إشارة منها إلى العادات والتقاليد التي ترسخ فكرة أن المرأة كائن أضعف من الرجل وهو المنطق الذي يدفع الأزواج على ممارسة العنف ضد زوجاتهم.

واعتبرت رئيس مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون طلب الرجل من زوجته تصوير فيديوهات وعرضها للعامة يرجع لازدواجية المعايير التي يعاني منها الرجل الشرقي.

جريمة اتجار بالبشر

وأوضح المحامي الحقوقي أحمد أبو المجد لمصر 360، أن ما يحدث للنساء من استغلال أو الضغط عليهن يعتبر جريمة اتجار بالبشر يعاقب عليها القانون.

وقال أبو المجد إن المادة 64 لسنه 2010 من قانون الاتجار بالبشر تنص على أن أي شخص يتعرض للضغط أو الاستغلال من قبل شخص آخر بغرض المكسب المادي يعتبر جريمة اتجار بالبشر يعاقب عليها القانون. وأضاف أبو المجد “خاصة إذا كان هذا الاستغلال له بعد جنسي أو يتم بشكل منظم بمعني أن يكون الاستغلال من قبل الزوج لزوجته او الاب لبناته او غيره”.

وتنص المادة 64 لسنه 2010 من قانون الاتجار بالبشر على أن “يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مئتي ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر”.

كما يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في أي من الحالات الآتية، إذا كان الجاني قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضمًا إليها، أو كانت الجريمة ذات طابع عبر وطني.

ويري أبو المجد أن هناك حالات مشابهة بالفعل، لكن لم يتم إخبار الجهات القانونية بها نظرا للثقافة السائدة في المجتمع. قائلا “معظم النساء في مصر لا يملكون درجة الوعي التي تقودهم إلى تقديم بلاغات، وتربين على الطاعة للزوج”.

كتبت: هنا الداعور