يحدد البنك المركزي لائحة يطلق عليها “المحرومون من مبادرة التمويل العقاري” يتصدرها الذين حصلوا على دعم تمويلي في مبادرات سابقة للتمويل العقاري، والعملاء المتعثرين، فيما تخلو القائمة من أي استثناءات وظيفية أو تمييز لفئة عن أخرى. إلا في الجزء المتعلق بتقسيم الشرائح المادية لضمان الالتزام بتسديد الأقساط.
إلا أن الواقع يقول عكس ذلك من ناحية التنفيذ. حيث يعانى أفراد يزاولون مهن معينة، خاصة ممن يمتهنون المحاماة والصحافة، وغيرهم الذين لا يمتهنون مهن ثابتة أو يصعب إثبات حصولهم على دخول ثابتة. من الحصول على شقق بنظام التمويل العقاري. لأسباب لا تكشف عنها البنوك، لكنها تتضح في المعاملات.
المبادرة التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عدة أشهر ودخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي تمنع فئات محددة من التمتع بها. بجانب من حصلوا على دعم سابق أو المتعثرين ماديا. تمنع أيضا المحامين والصحفيين من الحصول على شقق بها. ما حدث مع عدة حالات التقت بهم مصر 360″.
دخل شهري يصعب إثباته
يعمل محمد أمين بإحدى الشركات الخاصة. يصل دخله الشهري 8 آلاف جنيه شهريا. ولكنه يحصل عليه بشكل متقطع من خلال الراتب الشهري والحوافز التي يحصل عليها شهريا. ليجد نفسه متطابقا مع هذا الشرط الذي يمكنه من الحصول على شقة بتلك المبادرة، فذهب بالفعل للبنك ليسأل عن الأوراق المطلوبة، ولكن البنك طلب منه أوراقا رسميا تفيد بحصوله على هذا الراتب شهريا.
رفضت الشركة منح أمين تلك الأوراق لأنه لا يحصل على مرتب ثابث شهريا :”لا أحصل على راتب ثابت ولكن راتبي لا يقل عن 8 ألاف شهريا ومن الممكن أن يزيد، فلماذا يتم حرماني من التقديم بتلك المبادرة التي يمكن وضع الضمانات المختلفة، والإمضاء على الأوراق المختلفة التي تضمن حق البنك وأيضا حق مالكي العقار”.
تمنع المبادرة عدة فئات من الحصول على الشقق من خلالها. من ضمنها ألا يكون المتقدم أو الأسرة (الزوج/ الزوجة/ الأولاد القصر) استفاد بقرض تعاوني أو دعم من المشروع القومي للإسكان أو إحدى الجهات العامة التي تقدم دعمًا للحصول على وحدة سكنية. وأن يكون المتقدم من أبناء المحافظة- الكائن بها الوحدة السكنية المُتقدم لها.
وتقوم البنوك برفض أي طلب مقدم من شخص حصل على تمويلات في مبادرات سابقة للتمويل العقاري. بعد خصم بعض الرسوم الخاصة بالاستعلام وفحص الأوراق. وفي حال حصول العميل على وحدة سكنية مدعمة وتم اكتشافها يتم سحب الوحدة وإٍسقاط ملكيته له لعدم الكشف عنها بشكل مسبق. وأيضا ألا يكون الشخص متعثرا ماديا أو تحت سن الرشد. ولكن البنك أيضا يطلب الأوراق الرسمية التي تثبت راتب الشخص سواء من الجهات الحكومية أو القطاع الخاص.
أخبر البنك أمين، أنه لم يبدأ في تلقي الأوراق بعد بشكل رسميا. ومن المقرر البدء خلال الأيام المقبلة، ليكون أمامه فرصة للبحث عن أوراق رسمية تثبت الدخل الخاص به، وهي نفس الحيرة التي يقع بها شوقي إبراهيم، محامي حر، حيث أخبره أحد العاملين في البنك على صلة قرابة به. أن تلك المبادرة لن تتيح التقديم للمحامين “أخبرني صديقي هذا الأمر بشكل غير رسمي، وقال لي إنه في حال تقديمي سيتم رفض الأوراق”.
فئات محرومة من المبادرة
نفس الموقف تكرر مع نجلاء محمد. صحفية في أحد المواقع الخاصة. التي ذهبت لسحب الأوراق من البنك لتقديمها. وعلى الرغم من أن دخلها الشهري يتوافق مع شروط المبادرة. إلا أن العاملين بالبنك أخبروها أنها من ضمن الفئات التي لا يمكنها التمتع بهذا المشروع، دون تحديد أسباب واضحة.
صحفيون كثر تحدثوا عن تعقيدات كثيرة واجهتهم مع نظام التمويل العقاري في السنوات الماضية. حتى أن البعض عدل عن قراره بالتقديم على شقق تابعة لوزارة الإسكان تمولها البنوك بنظام التمويل العقاري.
من جانبه، قال مصدر بالبنك التجاري الدولي، فضل عدم ذكر اسمه. إن الصحفيين شأنهم شأن المحامين، لا ترحب البنوك بالتعامل معهم في تلك المشاريع أو بطاقات الائتمان وغيرها. مشيرا إلى أن هذا الأمر يتم تطبيقه بقرار من إدارة البنك، ويطبق بشكل غير رسمي، فيوضع الصحفيين والمحامين تحت بند الفئات التي لا يمكنها الانتظام في الأقساط أو السداد. ويتم استبعادهم من القروض أو المشاريع المختلفة.
يحيى أبوالفتوح، عضو مجلس الإدارة التنفيذي، والمشرف على قطاع المخاطر والديون المتعثرة بالبنك الأهلي. يشير إلى أن البنك المركزي لم يعطِ أي تعليمات تقضى بمنع التعامل مع فئات بعينها وضخ القروض لهم. موضحا أن منع التمويل عن فئات بعينها أو ضخ التمويل لها سياسة داخلية خاصة بكل بنك.
برأي المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري، ووكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب. فإن المبادرة تحتاج لتدخل البنك المركزي لحل بعض الثغراث بها، ومنها أصحاب الدخول الحرة التي يمكنهم الانضمام لها وتنطبق عليهم الشروط. كما يجب تحديد توقيت زمني للعملاء المتقدمين في المبادرة للحصول على الموافقة أو الرفض، وفي حالة الرفض يجب على البنك ذكر السبب أيضا، وتابع شكري، أن هناك ثغرة يجب الالتفات لها، وهي أنه عند ارتفاع الحد الأقصى لتمويل الوحدات السكنية إلى 1.4 مليون جنيه، سيتسبب هذا في ارتفاع مقدمات الوحدات في المبادرة من 15 إلى 20%.
ثغرات جديدة
الدخل الثابت تواجهه أيضا أزمات أخرى لأصحاب المهن الحرة. كما أوضحها الخبير المصرفي محمد رجب، وهي “دخل صافي، ورصيد حركة البريد، ورصيد حركة الحساب البنكي إن وجد، وجود نمط استهلاكي معين”.
وأوضح رجب أن النمط الاستهلاكي يتطلب إثبات التزام العميل بالسداد. مثل التزامه بسداد فواتير الكهرباء أو أقساط السلع التي اشتراها. فتقييم الدخل لا يكتفي بالأوراق المقدمة فقط. ولكن أيضا من خلال تقييم الأعباء المالية التي يتحملها الفرد، لبيان مدى قدرته على السداد، مشيرا إلى أنها بنود يجب وضع تسهيلات لها لأنها ستمنع عدد كبير من القادرين على الانضمام لتلك المبادرة من الحصول على شقق.
في المقابل يرى أحمد البلشي عضو مجلس الشيوخ. أن تلك المبادرة هي فرصة ذهبية لفئات عانت من الحصول على شقق فترات طويلة، فتساعد تلك المبادرة على توفير شقق لمحدودي ومتوسطي الدخل. قائلا إن من يحرم من الحصول على شقق بتلك المبادرة سيكون فعلا غير مستحق لها. لتتيح المجال لآخرين للتمتع بالحصول على شقق سكنية، وتساعد أسر كاملة، وأشخاص مقبلين على الزواج في حل أزمة الشقق.