شهدت العاصمة الإدراية، اليوم، إطلاق تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في مصر للعام الحالي 2021، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتسلم الرئيس نسخة من التقرير من قبل الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، والدكتورة راندا أبو الحسن، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر.
الأمم المتحدة تعرف هذا التقرير عبر موقعها الرسمي، بأنه تقرير التنمية البشرية، ذو الاستقلال المتين والرأي المبين إلى حد أنه لا يعكس بالضرورة سياسات الأمم المتحدة أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. رغم رعاية البرنامج له، فقد اكتسب عبر السنين سمعة عالمية مستحقة في التفوق. وقد قامت هذه التقارير بدور محفز لا غنى عنه في المساعدة على تأطير وتطوير ردود ملموسة على المناظرات الرئيسية حول السياسات التنموية في زمننا الحالي. ويصدر تقرير التنمية البشرية نتيجة جهد جماعي في مكتب تقرير التنمية البشرية، حيث يوفر أعضاء وحدة تقرير التنمية البشرية القطرية تعليقات مفصلة على المسودات ونصائح بشأن المحتويات، كما يصلون التقرير بشبكة عالمية للأبحاث في بلدان نامية.
السفير بسام راضى، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، قال إن تقرير التنمية البشرية يعكس ما تقوم به الدولة من جهود تنموية شاملة وعميقة تمتد لجميع نواحي الحياة في مصر. كما يتناول بالشرح البيانات الدقيقة والمفصلة لتلك الجهود والإنجازات خلال السنوات الماضية. الأمر الذي يدعم قدرات الرصد والتحليل ودقة المؤشرات التي تصدر عن المؤسسات المتخصصة العالمية فيما يتعلق بعملية التنمية في مصر.
نتاج عمل باحثين متخصصين
خالد زكريا أمين، المؤلف الرئيسي لتقرير التنمية البشرية في مصر، أشار إلى أن التقرير يتحدث عن الزيادة السكانية، والحد منها من خلال خطوات نوعية. وتوفير فرص عمل بكافة القطاعات، ويأتي هذا التقرير في ظل جائحة كورونا، ليعكس التحديات التي مرت بها الدول.
وأعد التقرير باحثون متخصصون لا يمثلون رأي الحكومة كما أوضح أمين، فهو ناتج عن مجموعة من الخبراء المستقلين. من خلال أبحاث دعمت ببيانات دقيقة، كما أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا على مستوى الدول النامية التي تصدر هذا العدد من تقارير التنمية البشرية.
فريق العمل من خبراء الأمم المتحدة قام بجمع البيانات حتى نهاية العام المالي 2020-2021، وتطرق في بعض الأحيان إلى بعض التوقعات الخاصة بعام 2021-2022، وبالتالي قد يكون جرى بعض التحديث على الأرقام التي يذكرها
وشهد الرئيس، إطلاق منصة حقائق وأرقام، بدعم من صندوق الأمم المتحدة الإنمائي، على مواقع التواصل باللغتين العربية والإنجليزية. لتنشر رسائل تثقيفية بكل شفافية عن كيف تضع مصر سياسات التنمية والاستثمار في البشر، وكيف تعمل الدولة في كل شبر من أرض مصر لتحقيق الرخاء للمواطنين.
يأتي التقرير بعد انقطاع دام 10 سنوات، وقالت راندا أبو الحسن، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة في مصر، إن التقرير يسير على نهج تنموي، ويتضمن الإصلاحات السياسية وأيضا الاقتصادية التي قامت بها مصر، مشيرة إلى أن التقرير يعد الـ12 في سلسلة تقارير التنمية البشرية الوطنية التي تصدرها مصر منذ عام 1994.
ثورتي يناير و30 يونيو
تحدث التقرير عن ثورتي 2011، و30 يونيو، وتحدث أيضا عن الدستور الجديد الذي خرج في 2014، وصولا إلى حالة الاستقرار الاقتصادي التي بدأ الحديث عنها من خلال الإصلاح منذ عام 2016. وصولا لعام 2020 وجائحة كورونا وما تزامن معها من تحديات، وعلى رأسها التعطل الاقتصادي الذي مرت به كل دول العالم.
وتابعت الممثل المقيم للأم المتحدة في مصر، أن التقرير لم يغفل دور المرأة، وتمكنيها من المشاركة والمساواة مع الرجل. في شتى المجالات، لتفرد صفحاته الحديث عن كل الإساءات التي تعرضت لها المرأة من تحرش أو ختان وزواج للقاصرات.
يتضمن التقرير أيضا الحديث عن الأجواء البيئية، فكما قالت أبو الحسن: إن مصر تبدى اهتماما كبير بالحفاظ على أصولها البيئية الحيوية خاصة مواردها المائية في سعي لإيجاد حلول مبتكرة لتأمين احتياجاتها المائية المستقبلية. يستعرض التقرير خطوات عملية لضمان الحق في التنمية، وتشمل تعزيز التمويل من أجل التنمية، وتطوير قاعدة المعلومات للتخطيط التنموي السليم. والتوسع في التحول الرقمي وتسريع وتيرته في الخدمات العامة والمالية، وتطوير المؤسسات التنفيذية لتعزيز كفاءة تقديم الخدمات العامة وجودتها.
ومن المقرر التحضير لبرنامج مشترك مع الحكومة المصرية بقيادة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تحت عنوان (برنامج المسار) لتنفيذ الآليات المقترحة في تقرير التنمية البشرية في مصر 2021.
الصحة والتعليم
تحدث التقرير عن الصحة وما حدث بها من تقدم فزاد متوسط العمر للإناث والذكور بداية من سن الولادة، بجانب عدد المبادرات الصحية التي أطلقتها الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة. وقال التقرير إن قطاع الصحة لا يزال يعاني من مشاكل هيكلية، منها فيروس سي، الذي شهد تقدما ولكنه يحتاج المزيد من التقدم.
كما تناقصت مؤشرات التسرب من التعليم مقابل زيادة معدلات الانتقال من مرحلة تعليمية إلى أخرى، وأيضا بالنسبة لمؤشرات القيد. وتلاشت الفجوة النوعية التي كانت موجودة بين البنين والبنات، كما تم البدء في التعامل مع الفجوات الجغرافية والمكانية التي كانت تتعامل مع مناطق ومناطق أخرى من الحضر والريف.
تحدث رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال إطلاق التقرير، وتطرق لعدة نقاط، منها أن الدولة المصرية استطاعت تجاوز العديد من التحديات وأصبحت اليوم أكثر انفتاحاً على المؤسسات الدولية. مع شرح للظروف التي مرت بها مصر خلال العشر سنوات الأخيرة، بجانب معدلات البطالة التي انخفضت، وزيادة قيمة الناتج الإجمالي في وقت قصير.
مصطفى مدبولي: مصر تسعى للوصل لمعدل نمو يتجاوز الـ7% في الأربع سنوات المقبلة، كما أنها أطلقت أكثر من 20 مبادرة استهدفت تحسين مستوى الصحة للمواطن المصري. مع إتاحة السكن اللائق لكل فئات الشعب المصري وهو أحد البرامج التي نستهدفها لتحقيق العيش الكريم للمصريين.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مصر لديها خطة كاملة حتى 2030 تستهدف عودة النمو الاقتصادي بشكل كبير، بجانب نسبة النمو الاقتصادي المصري في العام المالي المنتهي. بلغت 3.3% بإجمالي ناتج محلي تجاوز 408 مليارات دولار أمريكي وأوضح، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي وكل المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية. أثبتت قدرة الدولة المصرية على الصمود، فقد كانت مصر من الدول القليلة جدا التي نجحت في الحفاظ على معدل نمو إيجابي.
مزارع مصرية أفريقية
كما أكد رئيس الوزراء أنَّ مشروع إنشاء مزارع مصرية نموذجية مشتركة في القارة الأفريقية يعد أحد المشروعات التنموية المهمة لتفعيل العلاقات مع دول القارة الأفريقية. فيما يعد وسيلة من التقارب، ويتحدث وزير الزراعة عن هذا الأمر، مشيرا إلى أن إنشاء مزارع مشتركة مع الدول الأفريقية ليس مشروعا مستحدثا. بل ترجع فكرته إلى عام 1995 عندما تمّ تدشين المشروع من خلال الصندوق الفني لدعم أفريقيا بوزارة الخارجية المصرية. حتى تمت إقامة باكورة هذه المزارع بالنيجر عام 1998، ثم بدأت وزارة الزراعة تولي مسؤولية تنفيذها بدءا من عام 2007 باعتبارها إحدى أدوات القوة الناعمة المصرية نحو توطيد العلاقات. وخاصة في المجال الزراعي، مع دول وتجمعات القارة، كما أن هناك تخطيطا لإنشاء 4 مزارع في أفريقيا.
وتطرق الوزير إلى نوعيات المزارع المشتركة، مبينًا أنَّها تنقسم إلى نوعين أولهما المزارع الإرشادية النموذجية، والتي تتراوح مساحاتها ما بين 150 إلى 500 هكتار. وتهدف إلى تطبيق النموذج الإرشادي لجميع الأنشطة، سواء كانت محاصيل حقلية، أو بستانية، أو إنتاجا داجنيا، أو حيوانيًا، أو استزراعًا سمكيًا. أما ثانيهما فهي المزارع الإنتاجية، والتي تزيد مساحتها لتصل إلى 1000 هكتار، وتكون قابلة للزيادة. وتعتمد على نشاط الاستثمار الزراعي، وتخضع لقوانين الاستثمار في الدول الأفريقية المقامة بها.