“في طرقة تفصل بين قاعة المحكمة وغرفة المداولة وقفص الاتهام قال علاء أنا عارف القضية الجديدة هيحيلوها للمحاكمة. وكده أنا من 2011 مخرجتش من السجن سنة على بعضها، لو مطلوب إني أموت يبقى انتحر وخلاص”.. قال الحقوقي خالد علي ومحامي علاء إن الوضع كان مرتبكا وصاخبا لكنه أصر على الحديث مع علاء وخرج معه من القاعة وسمح الأمن له بالوقوف معه عدة دقائق.
وأضاف “لأول مرة أجد علاء في هذه الحالة النفسية السيئة التي دفعته لإخطارنا برغبته في الانتحار، وعلاء أعرفه عن قرب لا يكذب ولا يراوغ ولا يقول إلا ما سيفعله”.
هذا الحديث أثار مخاوف أسرة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، بعد تهديده بالانتحار لما يعانيه من أوضاع سيئة وظروف حبس غير آدمية. في سجن شديد الحراسة 2، ويأتي ذلك بعد يومين من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”. والتي وصفتها رئاسة الجمهورية بأنها أول استراتيجية ذاتية متكاملة وطويلة الأمد في مجال حقوق الإنسان في مصر.
جلسة التجديد
قال خالد علي، بعد لقائه بالمحكمة خلال جلسة تجديد حبسه: “بالأمس كان تجديد حبس علاء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر، حيث تجمعهما نفس القضية، وبدأت الجلسة دون حضور المتهمين. وطلبت حضورهم وكذلك كل المحامين طلبوا حضور الأربعة متهمين لأن الجلسة تعقد في غرفة المداولة وثلاثة متهمين داخل القفص وعلاء في زنزانة المحكمة بالأسفل وغير موجود بالقفص. ويتم نقله بحراسة خاصة بمفرده لا يخاطب أحد ولا يرى أحد”.
وتابع علي “رئيس المحكمة قال لنا أنا مقدرش أدخلهم الغرفة وإلا هضطر أدخل كل المتهمين في باقي القضايا ودا صعب عشان كورونا. وطلب إثبات دفاعنا ومرافعتنا وقال إنه هيخرجهم من القفص نتكلم معاهم براحتنا، فوافقنا على هذا الأمر وترافعنا. ثم خرجنا من المداولة بعد انتهاء كل المرافعات، وبعد عشر دقائق نادى عليا للدخول للمستشار رئيس المحكمة وبالفعل دخلت فأخطرنى المستشار محمد عبد الستار أن علاء رجع السجن لكنه طلب عودته للمحكمة عشان أشوفه وأتكلم معاه زي ما وعدنا”.
واستكمل “وبعد نصف ساعة تم السماح بخروج الثلاثة متهمين (باقر وحامد صديق وناجى زعطوط) من القفص واللقاء معنا كمحامين. لكن علاء مكانش لسه وصل من السجن، وبعد حوالي ساعة ندهوا عليا مرة أخرى للدخول للمستشار. والذي أخطرني قائلا (لا تقلق أنا عارف إنهم اتأخروا وأنا مش همشى غير بعد ما تشوف علاء وتتكلم معاه)، فشكرته وكل الهيئة القضائية”.
حضر علاء بعد فترة، حيث روى خالد علي تفاصيل ما حدث قائلا: “بعد ساعة جاءوا بعلاء في حراسة مشددة، وكان المفروض التقى به في القاعة وليس غرفة المداولة، لكنهم أدخلوه للغرفة، وبدأ علاء بالحديث عن وضعه في السجن وحرمانه من كل حقوقه. وقال (أنا في وضع زفت، ومش هقدر أكمل كدا مشوني من السجن ده، أنا هنتحر، وبلغوا ليلى سويف تاخذ عزايا). وكرر الجملة أكثر من مرة بكل حزن وغضب فرفع القاضي الجلسة”.
الأسرة تجدد البلاغات والمناشدات
بعد العبارة المقلقة التي قالها علاء، أيد محاميه تخوفه على حياته، وناشد كل الجهات لسرعة نقله من السجن، وتوفير علاج نفسي أيضا له قائلا: “أناشد النيابة العامة وكل المعنيين بأوضاع السجون والمسؤولين عن تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان. بسرعة نقل علاء من سجن شديد الحراسة 2 وخاصة أن هناك خصومة بين علاء وإدارة السجن بسبب تقديم بلاغ ضدهم بتعذيبه عند دخول السجن في بداية الحبس. وأناشدهم بتمكينه من حقوقه في التريض وإدخال الكتب والراديو ودخول مكتبة السجن وممارسة كل صور الحياة العامة داخل السجن وفقا للائحة السجون”.
وشدد محامي علاء على السماح بدخول استشاري من أطباء مركز النديم للقاء علاء، كما طالب التحقيق في الوقائع المذكورة. مناشدا المعنيين ببدء خطوات عاجلة لمعالجة ملف الحبس الاحتياطى طويل المدة وتشجيع استخدام بدائل توزان بين حقوق المتهم وحقوق المجتمع”.
المناشدات امتدت لأسرته أيضا، التي أبدت تخوفها على حياته بعد تهديده بالانتحار، وقالت شقيقته منى سيف لـ”مصر 360″ إنها لا تملك حاليا سوى التقدم ببلاغات ومناشدات جديدة للتحقيق في ما يعانيه. وهي التي تقدمت بها الأسرة من قبل لكافة الجهات المسؤولة والمعنية بداية من النائب العام ووزير الداخلية، ولم يتم الالتفات لها أو التحقيق فيهان كأن هناك نهجا لإيصاله لتلك المرحلة.
الشقيقة ليست بعيدة عن تلك الانتهاكات، ففي مارس الماضي هددت وزارة الداخلية منى سيف، شقيقة علاء. بعد أن تقدمت أسرته ببلاغ للنيابة العامة، أمس الثلاثاء، تطالب بالتحقيق فيما أثبته أمام القاضي أثناء جلسة تجديد حبسه، من سماعه أصوات تعذيب بالكهرباء في الزنازين المجاورة ما يشعره بالتهديد.
وأصدرت أسرة علاء بيانا موضحا “توجهت الأحد 12 سبتمبر ليلى سويف والدة علاء عبد الفتاح لسجن طرة لتسليم الطبلية الخاصة به (احتياجات وأكل) وجواب. وتسلم جواب منه يطمئن الأسرة على أحواله، وهو إجراء انتظم بشكل أسبوعي منذ القبض على شقيقته الصغرى سناء وحبسها في 23 يونيو 2020. لكن فوجئنا بامتناع إدارة السجن عن تسليمنا جواب من علاء، وتركوا والدته تنتظر بالساعات دون تقديم أي توضيح أو معلومة تفسر الوضع وتطمئننا عليه”.
انتهاكات بسجن شديد الحراسة 2
وتابع البيان “انتظرنا لليوم التالي والمفترض فيه انعقاد جلسة نظر تجديد حبس علاء لعل المحامين يأتون بأخبار تطمئنا. بأن منع التواصل مع علاء كان خطأ إداري أو لوجيستي وليس له أي دلالات أشد وطأة. لكن للأسف ما عرفناه عنما حدث في الجلسة. وكلام علاء للقاضي والمحامين أصابنا بالغضب والهلع”.
وقال البيان “علاء تم نقله اليوم لمعهد الأمناء بطرة في مأمورية تأمين خاصة منفردة. ورغم وجوده في الحبسخانة -في زنزانة منعزلة تفصله عن باقي المساجين- في قبو المعهد. لم يحضر جلسة نظر أمر تجديد حبسه نفسها، وفور انتهائها أعادوه لمحبسه بدون عرضه على القاضي أو لقائه المحامين. بعد تمسك المحامين برؤية علاء وشرح ملابسات ما حدث مع والدته وحاجتنا الاطمئنان عليه، طلب القاضي حضوره وتم بالفعل”.
وذكر البيان “فوجئ علاء أن نظر تجديد حبسه تم وانتهاء الجلسة دون حضوره، فتكلم عن استمرار الانتهاكات بحقه في سجن شديد الحراسة 2. وعن “استقصاد” ضابط الأمن الوطني له، وتخاذل النيابة عن حمايته والاستجابة لبلاغاته وشكواه المتكررة. وأنهى كلامه للمحامين برسالة لوالدته “قولوا لليلى سويف تاخد عزايا”.
اليوم يقترب علاء من إنهاء سنتين سجن في شديد الحراسة 2 بطرة على ذمة القضية 1356/2019 جنايات أمن دولة طوارئ، وهي المدة القصوى للحبس الاحتياطي طبقا للقانون المصري.
وتقول منى سيف “متوقع إحالة القضية للمحكمة قريبا لأن كل المؤشرات تؤكد إصرار الدولة على استمرار حبس علاء لأجل مفتوح”.
وأضافت “علاء محبوس في زنزانة بسجن شديد الحراسة 2 في ظروف شديدة السوء منذ ليلة وصوله السجن والاعتداء عليه حتى يومنا هذا. وقد ازدادت حدة -وفجاجة- الانتهاكات التي تمارسها إدارة السجن بشديد الحراسة 2 بشكل مضاعف خلال الشهور الأخيرة تجاه كل المساجين بشكل عام. وتجاه علاء بشكل خاص، بعد تقديمنا أكثر من بلاغ ضد مأمور السجن، ورئيس مباحث السجن وائل حسن، وضابط الأمن الوطني المسؤول بالسجن وليد أحمد الدهشان، والمعروف باسم أحمد فكري”.
علاء في خطر
واختتم البيان “نحن، أسرة علاء، سلكنا كل المسارات القانونية المتاحة، ناشدنا كل الجهات والمسؤولين، واستخدمنا كل سبل الاحتجاج السلمي. لعرض موقفنا وقضيتنا والمطالبة بوقف استهداف العائلة والتنكيل بأفرادها وبالأخص علاء وهو في خطر وشيك، صحته النفسية تتهاوى بعد سنتين من التخطيط المحكم والتنفيذ الدقيق من الداخلية والأمن الوطني. يبعث رسالة لوالدته أن تستقبل عزاه، وهو في سجن يعمل تماماً خارج مساحة القانون وفي تجاهل تام من كل المسؤولين وعلى رأسهم النائب العام ووزير الداخلية ووزير العدل، ورئيس الجمهورية بالطبع”.
شارك العديد من أصدقاء علاء ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي البيان، ودونوا تحت وسم “علاء في خطر” وأيضا “الحرية لعلاء عبد الفتاح”، و”انقذوا علاء عبد الفتاح”. وألقى القبض على علاء في سبتمبر 2019 ضمن حملة الاعتقالات الواسعة التي تزامنت مع احتجاجات محدودة وقعت في القاهرة ومحافظات أخرى. أثناء قضاء فترة المراقبة في قسم الدقي بعد حبسه 5 سنوات في قضية أحداث مجلس الشورى، ليواجه اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانتماء لجماعة إرهابية. ومنذ ذلك الحين يجدد حبسه دون إحالته للمحاكمة.
وقال خالد علي في تصريحات خاصة لمصر 360 إنه يتوقع إحالة قضيته للمحاكمة بعد استدعاءه لاستكمال التحقيق معه، وهو الإجراء الذي أصبح متبعا مؤخرا عند إحالة القضايا للمحكمة.