يبدو أن نادي برشلونة اعتاد على الظهور صغيرًا أمام خصمه الألماني الكبير بايرن ميونيخ بالسنوات الماضية، حيث خسر على ملعبه بثلاثية نظيفة مساء، أمس الثلاثاء. ضمن منافسات الجولة الافتتاحية لدوري أبطال أوروبا، دون أن يسدد حتى كرة واحدة على مرمى الحارس العملاق مانويل نوير، في لقاء مخز للغاية للمدرب رونالد كومان وكتيبة البارسا وجماهيره الغفيرة.
لكن النتيجة لم تكن الخسارة الوحيدة، فتراجع الفريق في هذا اللقاء جاء على مستوى الأداء والشكل والخطط الفنية للمدرب وأداء أغلب اللاعبين على أرضية الملعب. مما يعني أن برشلونة في محنة حقيقية لا تقتصر فقط على رحيل أسطورته ليونيل ميسي صوب باريس سان جيرمان بالشهر الماضي.
بايرن يفرض هيمنته من جديد
واصل بايرن ميونيخ ترسيخ عقدته لبرشلونة بإسقاطه في عقر داره بدون أن يبذل الفريق البافاري أقصى جهد لديه، رغم هيمنته المطلقة على مجريات اللعب. إلا أنه نجح في التفوق على مضيفه، الذي ظهر عجزه الواضح أمامه على مدار شوطي اللقاء.
واعتمد الهولندي كومان مدرب برشلونة على طريقة (3-1-4-2)، حيث وضع الثنائي ممفيس ديباي ولوك دي يونج في خط الهجوم. على الجانب الآخر واصل المدرب الألماني جوليان ناجلسمان الاعتماد على طريقته المعتادة (4-2-3-1). مفضلًا البدء بجمال موسيالا في الجهة اليمنى على حساب سيرجي جنابري وكينجسلي كومان.
الفريق الكتالوني بدأ المباراة برغبة في مباغتة ضيفه مبكرًا، حيث حاول فرض أسلوبه، فضلًا عن محاولة ضرب الدفاع البافاري من خلال المساحات الشاغرة في الخط الخلفي. ولم تدم هذه الرغبة طويلًا بعدما أحكم بايرن قبضته على المباراة بشكل كامل، مما أجبر لاعبي البارسا على التراجع للخلف.
وتنوعت هجمات بايرن، سواء بمحاولة اختراق الدفاع الكتالوني من الأطراف أو من عمق الملعب. حتى استطاع توماس مولر أن يضرب تكتل البارسا بلدغة من خارج منطقة الجزاء، ومعاناة برشلونة استمرت في الشوط الثاني. حيث بدا الفريق عاجزًا عن استخلاص الكرة من لاعبي بايرن، الذين أخذوا يتناقلونها في كافة أرجاء الملعب دون كلل.
واستمر اعتماد بايرن على التسديد من بعيد في ظل التكتل الدفاعي لأصحاب الأرض، مما أسفر عن الهدف الثاني بذات الطريقة. وبدأ برشلونة الدخول في أجواء المباراة متأخرًا وبالتحديد في آخر نصف ساعة بعدما أقحم كومان. الثنائي فيليب كوتينيو وأليخاندرو بالدي على حساب لوك دي يونج وجوردي ألبا المصاب.
في الوقت ذاته، لم يتوقف طوفان هجمات الضيوف نحو مرمى تير شتيجن، مما أسفر عن هدف جديد وسط عجز دفاع برشلونة أمام مهارات لاعبي البايرن. وكشفت المباراة بعد نهايتها عن حاجة البارسا لمهاجم آخر، قادر على مجابهة الكبار، بعدما عجز الثنائي ديباي ودي يونج عن توجيه أي تسديدة نحو مرمى مانويل نوير. ليخرج الفريق الكتالوني بدون أي تهديد على المرمى البافاري طوال أكثر من 90 دقيقة.
أرقام قاسية
طاردت الأرقام السلبية نادي برشلونة بعد تلك الهزيمة القوية والقاسية، لتكون المباراة الثالثة على التوالي التي يخسرها على ملعبه في البطولة. وبعد اللقاء ظهرت العديد من الأرقام السلبية للفريق الكتالوني سواء من داخل المباراة نفسها أو على المستوى التاريخي بشكل عام.
ولم يسدد لاعبو برشلونة أي كرة بين القائمين والعارضة طوال المباراة، وذلك للمرة الأولى طوال مشوار الفريق الكتالوني في تاريخه بدوري أبطال أوروبا.
كما تفوق لاعبو بايرن والعجز الهجومي للبارسا في المباراة وافتقاده للغيابات في خط الهجوم، عكس تأثير نجمه السابق وهدافه التاريخي ليونيل ميسي والذي رحل في الصيف الماضي صوب باريس سان جيرمان الفرنسي.
وكانت آخر مباراة لبرشلونة ضد بايرن في دوري أبطال أوروبا في موسم 2019-2020، وهي ربما تكون المباراة الأشهر بين الفريقين. حيث تمكن النادي البافاري من تحقيق انتصار مدوي بنتيجة 8-2، وبعدها لم يمكث البرغوث طويلا في النادي الكتالوني طالبا الرحيل.
وفي مباراة الثلاثاء، سدد برشلونة خارج المرمى 5 مرات، مقابل 17 لبايرن ميونيخ الذي سدد لاعبوه 7 تسديدات داخل الخشبات الـ3 لمرمى تير شتيجن، منها 3 أهداف.
وتعد هذه هي أول خسارة لبرشلونة في أولى مبارياته في “التشامبيونز ليج” منذ نحو 24 عامًا، حين سقط أمام نيوكاسل يونايتد الإنجليزي في سبتمبر 1997 بنتيجة 2-3. علمًا بأنه لم يفز أي فريق باللقب بعد خسارته لمباراته الأولى في المسابقة.
وأيضًا تعد هذه المرة الأولى التي يخسر فيها برشلونة الذي يقوده المدرب الهولندي رونالد كومان 3 مرات متتالية على ملعبه في “التشامبيونز ليج”. ليستهل البطولة بكل شيء ومحبط لجماهيره.
برشلونة في الصحف الإسبانية
انشغلت صحف الرياضة الإسبانية الصادرة اليوم الأربعاء بالهزيمة المهينة التي تعرض لها برشلونة الليلة الماضية في عقر داره على يد بايرن ميونيخ. واعتبرت أنها تمثل “الواقع الحزين” الذي يعيشه البلاوجرانا.
ولم تجد صحيفة (ماركا) عنوانا أنسب من “بارسا المسكين” لوصف الوضع الذي يعيشه الفريق بعد الخسارة بهذا الشكل على أرضه، مشيرة إلى أن البلوجرانا وجد نفسه مثقلا أمام البايرن الذي أمطر شباكه مجددا. في تكرار وإن كان بشكل أقل قسوة للهزيمة بنتيجة (8-2) أمام نفس الفريق في ربع نهائي التشامبيونز ليج 2020.
وفي كتالونيا معقل البارسا، اتشحت صحيفة (سبورت) بالسواد لتتحدث عن “الواقع الحزين”، معربة عن أسفها إزاء حقيقة أن “البارسا لعب وكأنه فريق صغير وكشف عن كل أوجه القصور التي يعاني منها، أمام البايرن الذي كان متفوقا بشكل كبير”.
كما اعتبرت الصحيفة أن “البلوجرانا أكدوا أنهم في الوقت الحالي بعيدين تماما عن أفضل الفرق في التشامبيونزليج”. من جانبها اختارت (موندو ديبورتيفو) الكتالونية أيضًا، افتتاح عددها الصادر اليوم بالتحليل الذي اتفق عليه كومان والمدافع جيرارد بيكيه بعد المباراة، حيث أكدا أن “هذا هو الموجود”.
وبهذا العنوان استهلت الصحيفة صفحتها الرئيسية التي ذكرت فيها أيضا “البايرن عاد لإثبات تفوقه أمام البارسا الذي ظهر عاجزا”، مبرزة أن “دخول الشباب كان هو الأمر الإيجابي الوحيد لفريق لم يسدد نحو القوائم الثلاث”.
وبهذه النتيجة فشل الفريق الكتالوني في رد اعتباره إثر خسارته التاريخية المذلة على يد العملاق الألماني بنتيجة (8-2). كما تربع بذلك بطل ألمانيا مبكرا على صدارة المجموعة منفردا برصيد 3 نقاط، مقابل نقطة لبنفيكا ودينامو كييف اللذين تعادلا سلبيًا في نفس اليوم، فيما يقبع البلوجرانا في ذيل الترتيب بلا نقاط.