بوجه متورم من الضرب وحالة صحية متردية، ظهر الأسير الفلسطيني زكريا الزبيدي، أحد الستة الذين نجحوا قبل أيام في الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي. وهو واحد من أربعة استطاعت أجهزة أمن الاحتلال العثور عليهم، بعد حملة وحشية ومكثفة استمرت لأيام. في سائر الأراضي المحتلة نتج عنها القبض على زكريا الزبيدي، ومحمود ومحمد العارضة، ويعقوب قادري.

رغم فظاعتها، لكن صورة الزبيدي الذي دخل المحكمة في حراسة عشرات من الضباط لم تكن مُفاجئة، فقد كان لابد للإسرائيليين من تفريغ الغضب الذي ملأهم. بعد أن تمكن ورفاقه من جعل نظامهم الأمني أضحوكة تُضاف إلى السخرية التي تتكرر مع عجز القبة الحديدية عن صد صواريخ المقاومة.

كسور وكدمات

تعرض الزبيدي للضرب والتنكيل خلال عملية اعتقاله مع الأسير محمد العارضة، ما أدى الى إصابته بكسر في الفك وكسرين في الأضلاع؛ حيث تم نقله الى أحد المستشفيات الإسرائيلية. وأعطي المسكنات فقط بعد الاعتقال، كذلك يعاني من كدمات وخدوش في مختلف أنحاء جسده بفعل الضرب، وفق ما أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين. اليوم الأربعاء، والتي حذرت من مغبة مواصلة عزل الأسرى الأربعة في ظروف صعبة وفي زنازين تفتقر لأدنى مقومات الحياة الآدمية وبعيدا عن المؤسسات الحقوقية والطواقم القانونية التابعة لها. ومن تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة والتنكيلية من قبل المحققين والسجانين.

الأسير محمد العارضة
الأسير محمد العارضة

كان محامي الزبيدي فلدمان قد تمكن اليوم من زيارة الزبيدي بمعتقل الجلمة، حيث كان من المفترض أن يلتقي الأسرى الأربعة محاميهم. لكن مخابرات الشاباك الإسرائيلية -جهاز الأمن الداخلي- قامت بعرقلة قرار المحكمة، وبعد جهود. استطاع محامي هيئة شؤون الأسرى خالد محاجنة زيارة الأسير محمد العارضة الذي يتم احتجازه حاليًا داخل زنزانة صغيرة تخضع لمراقبة كبيرة، بينما وصل فيلدمان لمقابلة الزبيدي.

ومدّدت محكمة الصلح الإسرائيلية في مدينة الناصرة اعتقال الأسرى الأربعة المعاد اعتقالهم، حتى 19 سبتمبر الجاري بحسب ما أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.
يقول محاجنة إن موكله تعرض للضرب والتعذيب، ولم يسمح له بالنوم سوى 10 ساعات منذ اعتقاله “كذلك حُرِم من الطعام الذي لم يتناوله إلا أمس فقط، وتم الاعتداء عليه بالضرب المبرح. ورطم رأسه بالأرض ولم يتلقى علاج حتى اللحظة، ويعاني من جروح في كل أنحاء جسمه أثناء مطاردة الاحتلال له ولزكريا الزبيدي”. ونقل عن الأسير قوله إن أحد المحققين قال له: أنت لا تستحق الحياة وتستحق أن أطلق النار على رأسك. بينما رفض العارضة التهم الموجهة إليه والتزم الصمت رغم كل التعذيب ومحاولات الضغط، ورد على محققي الاحتلال بأنه لم يرتكب جريمة. وقال: تجولتُ في فلسطين المحتلة عام 48 وكنت أبحث عن حريتي ولقاء أمي.

رحلة الهروب

وكشف المحامين اللذين استطاعوا مقابلة موكليهم عن تفاصيل تضمنتها رحلة هروب الأسرى والأيام التي سبقت إعادة القبض عليهما. فقد كشف الأسير يعقوب القادري خلال لقائه مع محامية هيئة الاسر أن البدء بحفر النفق بتاريخ 14-12-2020، أي قبل 9شهور من عملية الهروب.

ويضيف: كان من المقرر أن تكون العملية بعد اسبوع، ولكن حدث خلل معين، حين جاء أحد السجانين ليدق بلاط الزنزانة، فرأى رمل مبلل بالماء فقال: سأفحص الامر. هذا دفع الأسرى إلى اتخاذ قرار بنفس اللحظة والتعجيل في تنفيذ عملية الهروب في ذات الليلة.

كذلك أوضح محامي الزبيدي أنه لم يشارك في أعمال الحفر، وانضم إلى غرفة الأسرى الستة قبل يوم واحد من خروجهم من النفق، الذي استغرق حفره قرابة العام، وأشار إلى أن الأسرى. وعلى مدار الأيام الأربعة التي تحرروا فيها، لم يطلبوا المساعدة من أحد حرصًا على أهل الداخل المحتل من أي تبعات أو عقوبات إسرائيلية بحقهم. وكانوا يأكلون ما يجدون من ثمار في البساتين كالصبر والتين وغيره؛ ولم يشربا -يقصد الزبيدي والعارضة- نقطة ماء واحدة، ما تسبب بإنهاكهما وعدم قدرتهما على مواصلة السير. وأضاف محامي العارضة: “محمد ذاق فاكهة الصبر من أحد بساتين مرج ابن عامر لأول مرة منذ 22 عاماً، خلال تحرره لأيام من سجن جلبوع”.

نفق الحرية
نفق الحرية

وأوضح المحامي حقيقة القبض على الأسيرين، مشيرًا إلى أن الأسرى حاولوا بقدر الإمكان عدم الدخول للقرى الفلسطينية في مناطق 48 حتى لا يتعرض أي شخص للمساءلة. وأن الستة كانوا سويًا حتى وصلوا قرية الناعورة ودخلوا المسجد، ومن هناك تفرقوا لثلاث مجموعات. وأن الزبيدي والعارضة حاولا الدخول لمناطق الضفة ولكن كانت هناك تعزيزات وتشديدات أمنية كبيرة.

ورغم أن عملية البحث عن الزيدي وعارضة قام بها عناصر الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع شرطة المنطقة الشمالية وأفراد حرس الحدود والوحدات الخاصة للجيش ومخابرات “الشاباك”. لكن أوضح المحامي رسلان محاجنة -نقلًا عن العارضة- أن عملية اعتقال الأسيرين حدثت بالصدفة ولم يبلغ عنهما أي شخص من الناصرة. وأنهما كانا يحملان راديو صغير لمتابعة ما يحدث بالخارج “عندما اقترب بحث قوات الاحتلال من الانتهاء في مكان احتماء محمد العارضة وزكريا الزبيدي، تم العثور عليهما بالصدفة عندما مرت دورية شرطة”.

التنكيل بالجميع

رغم أيام الحفر الطويلة التي بلغت تسعة أشهر منذ ديسمبر من العام الماضي، وفق ما أقر العارضة، وهو المسؤول الأول عن التخطيط والتنفيذ لهذه العملية. لكن الأسرى لم يحصلوا على أية معاونة من بقية الأسرى، ولا حتى من الزبيدي الذي لم يشارك في أعمال الحفر، وانضم إلى غرفة رفاقه قبل يوم واحد من خروجهم من النفق. المعاونة الحقيقية كانت الصمت الذي ساد بين السجناء حول الأمر لدرجة أدت إلى النجاح!.

وبكثير من الغيظ نشرت صحيفة هآرتس العبرية أن بقية الأسرى في سجن جلبوع كانوا على علم بأمر النفق الذي يجري حفره. لكنهم حافظوا على سرية الموضوع “الجميع كان يعلم إلا مخابرات السجن”، وفق الصحيفة التي نقلت عن أحد الأسرى قوله: كنّا في قسم 2 نعرف أن الأسرى يحفرون نفقاً في قسم 5.

في المقابل، أظهر الداخل الفلسطيني حالة هائلة من الفرحة، ففي نابلس تم توزيع الحلوى في الشوارع وابتهج الأطفال وكأنه يوم عيد. وفي جنين خرجت السيارات لتطوف الشوارع، معلنة عن فرحة عارمة بتمكن هؤلاء الستة من فعل ما بدا لكثيرين أنه من أشد الأشياء استحالة.

الفرحة التي عمت الأراضي المحتلة دفعت أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى شن حملة تنكيل ضخمة، سواء بأهالي المناطق المحيطة بالسجن أو بقية الأسرى في السجون. حيث كشف نادي الأسير الفلسطيني الاثنين الماضي عن تعرض عشرات الأسرى الفلسطينيين قبل أسبوع للضرب المبرح من قبل قوات الاحتلال خلال نقلهم من سجن لآخر. وهم الذين تم نقلهم من قسم 3 في سجن جلبوع إلى سجن شطّة والبالغ عددهم نحو 90 أسيرًا، وهو الاعتداء الذي استمر بعد عملية نقلهم لساعات في سجن شطّة. كان قد تم نقل هؤلاء بعد مواجهة جرت بين الأسير مالك حامد وأحد السجانين.

ويتجاوز عدد الأسرى في سجن جلبوع 360 أسيرًا يتوزعون على أربعة أقسام يتكون كل منها من 15 غرفة، وبه نحو 90 أسيرًا. بينما يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نحو 4650. بينهم 40 أسيرة، ونحو 200 قاصر، إضافة إلى 520 أسيرًا إداريًا دون تهمة أو محاكمة، وذلك حتى 6 سبتمبر الجاري، وفق بيان لنادي الأسير.

وردًا على عمليات التنكيل، أعلن مكتب إعلام الأسرى في غزة أنّ “قيادة الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال. قرّرت وضع مديري سجني جلبوع وشطة وضابطي الأمن في السجن المذكورين إضافة إلى الضابط المدعو زاهر فارس في دائرة الاستهداف المباشر من قبل الأسرى”.

الهروب من الاحتلال ليس جريمة

“رأينا وقرأنا حجم الحقد والغضب، والرغبة الشديدة في الانتقام منهم، منذ نجاحهم في تحقيق المعجزة والتحرر من سجن جلبوع عبر نفق الحرية. وهذا متوقع نظرا لحجم الصدمة والضربة القوية التي تلقونها والفشل الذريع الذي ألحقه هؤلاء الابطال الستة بالمنظومة الأمنية الاسرائيلية. لذا عبرنا في وقت سابق عن خشيتنا عليهم وعلى مصيرهم من السلوك الإسرائيلي”.

بهذه العبارات يبدأ عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة، حديثه إلى “مصر 360”. والذي أشار إلى أن ما حدث في جلبوع، لم تكن محاولة الهروب الأولى من سجون الاحتلال “ولن تكون الأخيرة، لطالما استمرت دولة الاحتلال في إصدار الأحكام الخيالية بحق الأسرى وأصرت على احتجازهم في سجونها لسنوات طويلة وعقود عديدة. وحين تتضاءل الفرص الأخرى في إطلاق سراحهم، يبقى من حقهم ومجاز لهم انتهاج وسيلة الهروب”.

سجن جلبوع
سجن جلبوع

يلفت فروانة، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، إلى أن محاولات الهروب من السجون الإسرائيلية، سواء التي تُكلل بالنجاح أو يتم إحباطها. تعقبها إجراءات شديدة القسوة عقابية وانتقامية تجاه كافة الأسرى تتحول إلى ما يُشبه الحرب “يتم تفريغ الزنازين وحرمان الأسرى من كل ما يحتفظون به. ووقف الزيارات من الأهالي ومنع اللقاء مع المحامين وأي حقوق أساسية، مع الكثير من الضرب والتنكيل والحرمان من النوم كذلك”.

يُضيف فروانة، الذي تحول من أسير سابق إلى خبير في شؤون الأسرى: “إسرائيل وفرت كافة إمكاناتها ووسائلها التكنولوجية وقوتها العسكرية والأمنية من أجل اللحاق بمن جعلوا من نظامها الأمني مثار للسخرية. رغم أن الهروب من السجن في زمن الحروب ومن سجون الاحتلال ليس بجريمة، ومسموح به ولا يعاقب عليه القانون. هكذا ينص القانون الدولي”. لافتًا إلى أن هذا الحقد تجسد في سلوك الاحتلال لحظة اعادة اعتقال أربعة من المحررين الابطال “واليوم وبعد زيارة المحامين لاثنين منهم يتضح انهم تعرضوا لتعذيب قاس وحرمان مستمر من ابسط الحقوق ومقومات الحياة”.

 

حياة الأسير

يؤكد الكاتب والشاعر والأسير السابق المتوكل طه، والذي قامت قوات الاحتلال بثلاثة اعتقالات إدارية في حقه استمرت عاماً ونصف. وإقامة جبرية داخل البيت لمدة عام ونصف أيضاً، في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، أن الفلسطيني يستطيع خلق حياة داخل الأسر.

يروي طه عن فترة اعتقاله فيقول: “لا علاقة بين السجن والصحراء، ولكن الاحتلال الاسرائيلي – ككل محتل مهووس- اختار أن يجعل سجن “كتسيعوت” في قلب صحراء النقب! وهكذا سمح لنا المحتل، دون أن يدري أن نرى شمس الله في انبعاثها المذهل صباحاً، وفي موكبها الجليل مساءً، وسمح لنا بغبائه أن نرى السماء السرمدية ونجومها الباسمات. هكذا سمح لنا المحتل باستعلائه وعنجهيته، نحن معتقلي الانتفاضة الكبرى عام 1988، أن نتابع حركة الغيوم القليلة التي تمر فوق خيامنا”.
يحكي الشاعر الذي تحول اليوم إلى مساعدة الأسرى وعائلاتهم عن بعض مواقف السجن “في اقتحام ما، هجم هؤلاء ببنادقهم وعصيهم وخراطيم الغاز المُسيل للعار والدموع. وأقنعة الزجاج وصفارات الاستنفار التي دوّت في أرجاء المعتقل. كُنّا عُزَّلاً من كل شيء، ولكننا كنا نكتب، وكنا نُنسّق فيما بيننا المواقف النضالية والسياسية. كنا ندير شؤوننا ونتصل بالخارج بطرق كثيرة، كان لنا موقف وكان لنا رأيٌ، وكان اقتحامهم لمصادرة أقلامنا ودفاترنا ومواقفنا! لم أشعر بنفسي إلاّ وقد وقفت وسط الخيمة واندفعتُ بقصيدة مرتجلة أردُّ بها البنادق والعصي والغاز والوحشية. كانت تلك أول مرة أقول فيها الشّعر مرتجلاً”!

يُتابع: “حشرني المحتل في زنزانة انفرادية، حشر في زنزانة أخرى شاعر آخر، ولما بدأ المحتل بضربنا، انفجر كلانا بالشعر، كنا نصمد بالشاعر. وكنا نحتفل بشّعر لا يفهمه المحتل، وكأنه تعويذة السحر أو طوطم الحكاية التي تحكى كل الأجيال. كانت القصيدة في تلك اللحظة ناري التي اصطلي بها ودثاري الذي أتغطى به. المحتل الذي كان يضربني اعتقد أنني أتوجع فاظهر اغتباطه. ولكن لما عرف أنى وصديقي ننطق بالشّعر جن جنونه. مكثت في الزنزانة الانفرادية أكثر من سبعين يوماً، لم ينقذني فيها سوى الله والشعر.

ثوابت فلسطينية

كذلك يُشير الدبلوماسي والمحلل السياسي الفلسطيني عبد الله عيسى إلى أن عملية الهروب من سجن جلبوع، والتي وصفها بـ”الملحمة الملهمة” جسدت مجدداً قضيّة أسرى الحريّة “بوصفها ثابتاً وطنياً وثالث اثنين. كما أعتقد، لم يستطع الاحتلال، ولن يستطيع، محوها أو الغاءها: الذاكرة ومقبرة الشهداء”.
وأوضح عيسى، خلال حديثه لـ”مصر 360″ أن العملية “أزالت القناع في الأوساط العالميّة عن وجه المحتلّ المضلِّل بادعائه الديمقراطية. ورشّت الماء على وجوه أولئك المنافقين المهرولين للتطبيع بإنشاد تجميل صورته القميئة، طالما ما يزال يمارس على الأسرى أبشع أنواع التعذيب و التنكيل المتخيَّل. ويدير ظهره للشرائع الدولية والأعراف الإنسانيّة المتعارف عليها”.

وأضاف: “لزاماً في هذا المقام التوكيد على أن تبقى ذاكرتنا تروي إهانته وقتله لأسرى مصريين في نكسة يونيو والتي هزت ضمائر البشريّة”.

وتابع الشاعر والدبلوماسي المقيم في العاصمة الروسية موسكو: “آلاف الأسرى، بينهم أطفال ونساء، يعانون التعذيب والتنكيل منذ لحظة اعتقالهم. ويتفنن السجّان في ممارسة عاداته اليوميّة الساديّة عليهم بدء من العزل الانفرادي، والاحتجاز في ظروف لا هواء ولا ماء ولا سماء ولا غذاء ولا دواء فيها. مروراً بعمليات نقلهم المؤلمة بما يسمى “البوسطة”. حتى اقتحام المعتقلات والهجوم عليهم بالضرب ورشّهم بالغاز والتقييد لأيام. كثير من الأسرى من قضى تحت التعذيب، أو حرمانه من الدواء اللازم.

ولفت عيسى إلى أن مئات من الأسرى حكم عليهم أحكام قاسية كالمؤبد أو أكثر، ذلك أن الاحتلال يرى في حكم المؤبّد رادعاً في ظل غياب حكم الإعدام. ما يعني أنّ المحكومين لن يخرجوا لعناق الشمس إلا في صفقة تبادل أسرى “أضف إلى ذلك عملية القتل البطيء بإمعان الضغط الجسديّ والنفسي. عبر منع الزيارات والعلاج وسواها من الممارسات غير الإنسانيّة. لكن، وعلى الرغم من ذلك، يحيا أسرانا بفسحة أمل. ومساحات حياة خصوصيّة يصنعونها، فحوّلوا المعتقل إلى منصة للمعرفة والقراءة والكتابة والإبداع. فمنهم من أكمل دراساته الجامعية، أو أصدر أعمال فنية وابداعية أرّخت لتراجيدياهم وآلامهم في عتمة الجدران الثقيلة الصمّاء. ناهيك عن نقل روح الصمود من جيل إلى آخر في غياهب سجون المحتلّ، ليصبح المعتق مدرسة لصنع الحياة والأمل الذّي لا شفاء منه”.

ويختم بقوله: “الهروب الكبير هذا عفّر أنف إدارة السجون، ولهذا فإنّ حجم معاقبة أسرى الحريّة الّذين فرّوا بحيواتهم إلى الحياة، ودرجة الانتقام منهم ستكون أبعد من المألوف والمتوقّع. فإضافة إلى كل أشكال التعذيب والتنكيل، لعل محاكمات صوريّة جديدة تنتظرهم لإغداق أحكام قاسية للغاية في حقهم. لكنّ ذلك لن يثني شعبنا من الدفاع عن حقوقه العادلة وقضيته العادلة، وسيظلّ أسرى الحرية يسطرّون آيات المجد والفخار. ويشكّلون سراج إلهام لنرى الضوء في عيوننا وغدنا القادم، حيث نعيش على أرضنا بسلام وحريّة ككلّ أبناء البشر”.