في الخامسة والنصف مساء 31 أغسطس الماضي، كان المصري إسلام عيد الطباخ يسير بخطواته الثقيلة في شوارع مدينة لودي الإيطالية مرتديًا بنطالًا رياضي أزرق وقميصا أخضر. آخر ما ذكره لمن حوله كان نيته الذهاب إلى إحدى المقاهي لقضاء بعض الوقت، لكن في اليوم التالي تم العثور عليه ميتًا جوار شريط قضبان السكة الحديد.
كان ابن مركز تلا بمحافظة المنوفية يُقيم في عاصمة المقاطعة الواقعة شمال إيطاليا في جنوب وسط إقليم لومبارديا. سافر كأغلب الشباب من أجل بناء مستقبله، حيث تعد إيطاليا قبلة كثير من الشباب المصري. وتحديدا ممن يقصدوها بطريق غير شرعي.
وكما يحدث لكثيرين أيضًا، كان عمه في استقباله بمدينة لودي، ليتولى مسؤوليته، لم يُعرف عنه المُشاغبة أو السمعة السيئة، بل عرفه الجميع بخطواته الثقيلة الناتجة عن إصابة قديمة في قدمه.
لذلك كان من الغريب أن يتواجد في مكان وعر مثل قضبان السكك الحديدية، حيث التضاريس التي تجعل من مشي الإنسان العادي مغامرة “في بعض الأحيان كان يخلد إلى النوم في المحطات ولكن لم يعرف أنه مشى على القضبان لأن قدمه كانت عرجاء، وذلك يؤذيها أكثر من اللازم”، حسب ما نقل موقع ilcittadino عن أحد معارفه.
لم يكن إسلام قد أتم أسبوعا منذ عاد من الإجازة التي قضاها في مصر مع والدته وشقيقته، قبل أن يُعثر عليه أمام إحدى المزارع المنتشرة بجوار قضبان السكك الحديدية على بعد 4 كم من مدينة لودي، حيث نقلته سيارة الإسعاف إلى مستشفى مدينة بافيا الإيطالية. وقد عانى من جروح دفعت الشرطة للاشتباه في دافع جنائي خلف وفاته.
شبهة جنائية
وفق الصحف الإيطالية التي نقلت عن عم أحمد المقيم في المدينة نفسها، وكذلك بعض رفاقه، فقد اعتاد التسكع كثيرًا بالقرب من المنطقة، بل وشاهده البعض ينام في المحطات”، لذلك لم يتعجب البعض وجوده في هذا المكان؛ لكن بينما أخبر ذويه عصر الأحد 29 أغسطس أنه سوف يذهب إلى إحدى المقاهي، واختفى في الخامسة والنصف مساء، شاهده آخرون بالقرب من الموضع الذي اختفى فيه “هناك كاميرات، وأعتقد أن الشرطة يمكن أن تراهم، لكنهم لا يخبروننا بأي شيء، لا نعرف لماذا كان هناك؟!”، وفق ما قال عمه.
جاء التقدير الأولي للحادث بأن أحد القطارات المارة قد صدمه دون أن ينتبه هو أو السائق؛ لكن حتى الآن تتحفظ الشرطة الإيطالية كثيرًا حول الموضوع، حسبما أوضح الصحفي الإيطالي جيلبيرتو ماستروماتيو لـ”مصر 360”.
قال ماستروماتيو إن السلطات لا زالت تضع الشبهة الجنائية سببًا بارزًا للوفاة، وهذا هو السبب في أن يستغرق الأمر وقتًا حتى تم التصريح بإعادة الجثمان إلى القاهرة.
وفور إبلاغها بالحادث، صدر بيان مقتضب عن وزارة القوى العاملة حول الحادث جاء فيه: لقي المواطن المصري “اسلام عيد أحمد الطباخ – 19-10-1991 حتفه عقب عودته من إجازته التي قضاها في مصر، وتوجد شبهة جنائية في الوفاة، حيث وجدته السلطات الإيطالية متوفيا أمام مزرعة بجوار قضبان السكك الحديدية على بعد 4 كم من مدينة لودي، ونقلته إلى مستشفى مدينة بافيا الإيطالية”.
وأضاف البيان: “تلقى وزير القوى العاملة المصرية محمد سعفان، تقريرا عبر الملحق العمالي بميلانو محمود حمزاوي، أشار فيه إلى أنه سوف يحضر إلى القنصلية المصرية بميلانو لتسليم الأوراق الخاصة بالمتوفي ومنها تقرير المستشفى وشهادة الوفاة الإيطالية فور الحصول عليها من السلطات الإيطالية، وسوف توضح أسباب الوفاة وبيان ما إذا كانت طبيعية أم جنائية، تمهيدا لإرسال التقرير النهائي”.
وقد قام مكتب التمثيل العمالي المصري في ميلانو بالتواصل مع الجهات المسؤولة، حتى تم التأكد من أن جثمان إسلام سيغادر من مطار مالبينسا بمدينة ميلانو على رحلة شحن مصر للطيران رقم (MS: 533)، المقرر إقلاعها اليوم السبت في الساعة السابعة مساء. كما قام الملحق العمالي بإيطاليا بلقاء بعض أقارب المتوفي المقيمين بإيطاليا لإبلاغهم بأن الأمر يلقى متابعة واهتمام من السلطات المصرية.
اهتمام محلي في إيطاليا
رغم ما تم إعلانه عن وجود شبهة جنائية، لكن وفاة الطباخ لم تشهد اهتمامًا كبيرا من وسائل الإعلام المصري باستثناء نقل البيان الصادر عن وزير القوى العاملة، فيما حظى خبر مقتله بتغطية محلية في إيطاليا.
يوضح ماستروماتيو أن عدم الاهتمام الكبير على المستوى الإيطالي بهذا الحادث جاء من تكتم السلطات على الحادث لحين التأكد من سبب ودافع الوفاة: “لا يزال الحادث قيد التحقيق ولم يتم التصريح بأية تفاصيل. لذلك لن تجد الأمر منشور بكثافة، ربما المواقع المحلية في ميلانو من اهتمت بالخبر”.