“لقد رأيتك الليلة في منامي.. تحتضني.. وتربت على كتفي.. وتعدني بأن نجلي سيكون متواجدًا معي في العيد.. والدموع تترقرق في عينيك.. لا أعلم إن كان ذلك من أضغاث الأحلام أم كان رؤيا حقيقية.. لكنه أوجب عليّ أن أُذكرك يا سيادة النقيب بموقف لنجلي معك منذ عشر سنوات.. أو ربما أكثر”.
رسالة كتبتها والدة الصحفي أحمد شاكر. المحتجز منذ نوفمبر 2019. وظهر في نيابة أمن الدولة بعد القبض عليه من منزله. ووجهت له اتهامات نشر أخبار كاذبة، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.
تكمل الأم رسالتها التي امتزجت بالدموع: جاءني أحمديومًا مهمومًا.. مكسور الخاطر.. والدموع حبيسة في عينيه من شدة القهر.. فخففت عنه، وقلت: مالك يا أبو حميد ؟ عساه ما شر، لأتفاجأ به ينفجر بالبكاء، مُجيبًا: إحساس بالقهر.. وعدم القدرة على فعل شيء.. مرير مرارة العلقم بالحلق.
رسالة لـ”شاكر”
وتابعت: وقتها قلت له: هون عليك يا ولدي.. ثم سألته: ما الخطب؟.. فروى لي ذلك الموقف. ساردًا: جاءنا اليوم أحد المرشحين على مقعد نقيب الصحفيين.. وتم الاجتماع بنا قبل حضوره إلى الجريدة.. ونُبه بشدة علينا بعدم استقباله.. أو المرور معه بالأقسام.. أو حتى مجرد إعارته أي شكل من أشكال الاهتمام.. لكن عند حضوره.. وجدتني وبدون أي مقدمات.. أقوم لكي استقبله من على الباب.. بل وصعدت معه منفردًا.. للمرور على الأقسام.. وحينها كاد أن ينفجر صدري من شدة الغيظ والقهر.. ولا حول لنا ولا قوة..
لتنهي رسالتها: مر هذا اليوم بعد أن خلف في نفسي حزنًا شديدًا.. والآن.. أسوق لك هذا الموقف أيها النقيب.. لعلك تتذكره.. ولا أطلب منك سوى أمرًا واحدًا.. وهو أن ابني “أحمد” يقضي العيد القادم معنا.. مثلما ستقضيه أنت مع أبنائك.. كل عام وأنتم بخير.
محمد شاكر، والد الصحفي المحبوس في سجن طرة، يمني نفسه بخروج نجله في أقرب وقت. مستبشرا بقوائم الإفراج. التي شملت من قبل عددا من المحبوسين معه على ذمة القضية نفسها. كما ناشدت الأسرة نقابة الصحفيين من خلال العديد من الخطابات والاستغاثات للإفراج عنه، ونيل الحرية.
انتظار وترقب
ينتظر الأب عودة نجله. ولا يجد مبررا ليرد به على حفيده ذو الخمس سنوات. لا يجد جوابا على سؤاله أين والدي. ولا يجد الأب أيضا طريقة للتهوين على زوجة ابنه التي أصبحت لا تقدر على التعامل مع باقي الناس، تتذكر لحظات احتضان زوجها لنجلهما عبد الرحمن.
كان من المقرر أن تعقد جلسة النظر في حبس شاكر في 13 سبتمبر الجاري. ولكن بسبب التعذرات الأمنية، تقرر تأجيل الجلسة، ولم يتم نقله من محبسه. ليصاحب هذا التأجيل انتظارا أيضا للأسرة على أمل حصول شاكر على إخلاء سبيل في الجلسة القادمة، ونيله حريته.
أصدقاء شاكر ومحبيه، دشنوا صفحة للحديث عنه، ونشر صوره، للمطالبة بحريته. كما يرسلون له رسائل تهنئة بفوز الزمالك ببطولة الدوري. وعبارات تحييه على الصمود أيضا، ليشاركون أسرته في انتظار عودته.
مؤشر حرية الصحافة
ووفقا لتقرير نشرته مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في اليوم العالمي للصحافة. ذكرت خلاله أنه رغم استمرار جهود نقيب الصحفيين ضياء رشوان في التوسط من أجل إخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين. التي أسفرت عن إخلاء سبيل ما لا يقل عن 9 صحفيين/ات في أقل من عام. استمرت الهجمات الأمنية على الصحفيين على خلفية ممارسة مهام عملهم.
حيث شهدت نفس الفترة تقريبًا القبض على أكثر من خمسة صحفيين، وحبسهم احتياطيًّا على ذمة قضايا مختلفة. وهو ما يجعل عدد الصحفيين القابعين خلف القضبان 13 صحفيًّا، وفق آخر رصد لمؤسسة حرية الفكر والتعبير. كما استمرت نيابة أمن الدولة في إصدار قرارات حبس الصحفيين بعد إخلاء سبيلهم، فيما يعرف بتدوير المحبوسين.
أدت هذه الانتهاكات إلى استمرار تراجع تصنيف مصر وفقًا لمؤشر حرية الصحافة الصادر عن مؤسسة “مراسلون بلا حدود”. حيث جاءت مصر في المرتبة ١٦٦ عالميًّا، كما حمل بيان صادر عن 31 دولة من الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. انتقادات شديدة بشأن وضع حرية الصحافة في مصر ومدى تمتع الصحفيين بحقهم في ممارسة عملهم بحرية.