لجأت الحكومة المصرية، أخيرًا، إلى تفعيل أسلوب الشراكات الاستثمارية بأفريقيا، بدلا من الاعتماد على إنشاءات البنية التحتية كوسيلة لتعزيز تواجدها بالقارة، وضمان أمنها المائي على المدى البعيد.
وبدأت القاهرة تأسيس شركات مشتركة تملك النسبة الأكبر من أسهمها، وتوسيع تواجد البنوك المصرية كممول للمشروعات المشتركة بإنشاء فروع جديدة أو عبر الاستحواذ على بنوك قائمة.
وبحسب اتحاد الغرف التجارية المصرية، فإن الشركات المصرية تستثمر حاليًا أكثر من 20 مليار دولار في أفريقيا، في تحرك هدفه زيادة حجم التجارة البينية التي لا تزيد حاليا عن 15% فقط.
تتعاون “مصر للطيران” مع غانا لتأسيس شركة طيران “غانا آيروايز” بنسبة مساهمة مصرية تبلغ 75%، و25% لغانا ومن المقرَّر صدور تراخيصها قريبًا، على أن توفر الشركة المصرية أربع طائرات “بوينج” للشركة الجديدة.
وتعتزم “مصر” تكرار التجربة ذاتها مع دولة جنوب السودان عبر تأسيس شركة طيران مشتركة، تمثل مصر فيها شركة “آير كايرو”، ومن المرجح أن توفر الأخيرة عددا من الطائرات للشركة الوليدة لممارسة دورها.
مع امتلاك السودان وليبيا خطوطا جوية قائمة، قررت مصر توسيع تقديم خدمات لهما في الدعم، والمساندة، والصيانة، مع تسيير أربعة خطوط جديدة لإفريقيا، منها: السنغال، وبوركينا فاسو، وكينشاسا قبل مارس 2022، لتنضم إلى 37 وجهة منها 19 تلعب شركة “مصر للطيران” الدور الفاعل فيها.
على مدار السنوات الأخيرة، تحاول مصر استحداث جميع الصيغ الممكنة للتعاون مع أفريقيا خاصة في قطاعات الاتصالات والبنوك والخدمات المالية وتطبيقات المحمول، ووقعت 15 شركة مصرية اتفاقيات للتعاون مع 17 شركة من 6 دول إفريقية بمجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
توسع البنوك
تواصل البنوك المصرية خطتها التوسعية في أفريقيا، وآخرها إنشاء فرع لبنك مصر في جيبوتي بجانب خطط لدخول بنوك حكومية أخرى في دول مثل مدغشقر، جزر القمر، الكونغو ديمقراطية، أوغندا.
يعتبر البنك التجاري الدولي أول من أنهى استحوذا على وحدة أفريقية في أبريل 2020 بعدما اقتنص نسبة 51% من Bank Mayfair الكيني مقابل 35.35 مليون دولار سيتم استخدامها في زيادة رأسمال البنك الكيني.
يستهدف بنك مصر التواجد بفروع في الصومال وكوت ديفوار، حيث سيتم تحويل مكتب تمثيل بنك مصر لبنان بالأخيرة إلى فرع. بالإضافة إلى مكتب تمثيل البنك بكينيا، والذي سيتم تحويله إلى فرع بأسرع وقت ممكن.
ينهي “الأهلي المصري” إجراءات تأسيس بنك تابع له بالعاصمة جوبا بجنوب السودان، برأسمال 30 مليون دولار. بعد حصوله على موافقة السلطات بالبلدين. ليكمل تواجده في دول السودان، وجنوب أفريقيا وشبكة من البنوك المراسلة.
استحوذ “بنك القاهرة” على 100% من أسهم بنك “القاهرة – أوغندا” «كمبالا»، الذي يُعد أكبر استثمارات البنك بالخارج. ليصبح أول بنك مصري حكومي يمتلك بنكاً بالكامل بشرق أفريقيا.
بنية تحتية
تنشط العديد من شركات المقاولات المصرية حاليا في قارة أفريقيا في مشروعات ضخمةـ وتمثل شركة المقاولون العرب الذراع الطولي لمصر في ذلك الملف بحجم تعاقدات متاحة داخل السوق الأفريقية بقيمة 1.5 مليار دولار في حوالي 10 دول أفريقية.
تتواجد المقاولون العرب في 21 دولة أفريقية منها: السودان، تشاد، إثيوبيا، موريتانيا، الكاميرون، كوت ديفوار، أوغندا، نيجيريا، تنزانيا، غينيا، الكونغو، توجو، زامبيا، بتسوانا، مالي.
ونفذت مصر سد تنزانيا لتوليد الطاقة الكهرومائية بارتفاع حوالي 130 مترًا بمخزونات مياه متوقعة 33 مليار متر مكعب ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية. بقدرة 2115 ميجاوات ومحطة ربط كهرباء فرعية 400 كيلوفولت، بالإضافة لخطوط نقل الكهرباء 400 ك.ف لأقرب نقطة بالشبكة العمومية.
كما تنفذ في غينيا أول محطة لمعالجة المياه بطاقة 60 ألف متر مكعب يوميا لخدمة 5 آلاف منزل في المستقبل بعد عملية المعالجة الأولية والثانوية والثلاثية. بجانب قاعات احتفالات رسمية، وطرق أنجيما سيبوبو، بطول إجمالي يبلغ 14.6 كم وعرض 32.6 مترًا. و”بيكو” بطول 31 كيلو متر يصل إلى قمة بركان، وطريق ألنجيما كوبى، حول العاصمة نجامينا بطول 186.5 كم مطار مالابو، ومشروع لبناء قاعتي وصول جديدتين ملحقتين بمطار مالابو الدولي، وغرفة كبار الشخصيات بما في ذلك توريد الأثاث وتوريد وتركيب جميع المعدات الكهروميكانيكية اللازمة.
وفي أوغندا، يتم تنفيذ أعمال مدنية وكهروميكانيكية لمستشفي من مبني 8 أدوار علي مساحة إجمالية 26 ألف متر، بجانب مشاريع طرق تبلغ قيمتها 190 مليون دولار بإجمالي أطوال 152كم، وعدد من الأعمال الصناعية والكباري، لتصريف مياه الأمطار والفيضان.
وفي غانا، يتم تنفيذ مشروع استاد أكرا، وفي نيجيريا أعمال بنية تحتية لمدينة ويبي، وطريق أويري، وطريق مدينة كالآبار. بالإضافة إلى البنية الأساسية للمنطقة السياحية وشاطئ “ليكي”.
تحركات مماثلة
تأتي التحركات المصرية وسط تحركات مماثلة من أطراف إقليمية ودولية، من بينها منطقة الخليج العربي التي لديها خطط لإنشاء صندوق “خليجي أفريقي” مشترك لدعم الصادرات الخليجية لأفريقيا. وتشجيع إنشاء وإقامة شركات استثمارية في المجالات الزراعية بجانب خطط للبنوك التجارية الخليجية على فتح فروع لها في أفريقيا، وتأسيس مؤسسة لدعم الاستثمار بالتعاون مع بنك التنمية الأفريقي.
وانتهت الحكومة من دراسة تأسيس شركة شرق أفريقيا للوساطة بهيكل مساهمين يضم كلٍ من: شركة النصر للاستيراد والتصدير بنسبة 24%. و20% حصة شركة مشتركة بين بنوك الأهلي ومصر والقاهرة، و15% لرجل الأعمال نجيب ساويرس، و10% لرجل الأعمال رؤوف غبور، ومثلها للمهندس أحمد السويدي و10% أخرى لشركة ضمان الصادرات، و6% لرجل الأعمال محمد سعد الدين و5% لرجل الاعمال كمال الروبي، برأسمال مصدر ومدفوع يبلغ 150 مليون جنيه.
وتتعاون شركة الملابس الإندونيسية Pan Brothers Indonesia مع الشركات الصغيرة والمتوسطة في جنوب أفريقيا (MSMEs) في تأسيس شركة منسوجات مشتركة Pan Africa. والتي ستستورد ملابس معدات الحماية الشخصية نصف المصنعة من إندونيسيا ثم تنتهي من المعالجة في مصنع جوهانسبرج، كما تنشط شركات المقاولات التركية تساهم في بناء المطارات والمساكن والسدود التي بلغت قيمته نحو 70 مليار دولار. بقرابة نحو 1500 مشروع.
وخصص منتدى بناة مصر، الذي حضره رئيس الوزراء أخيرًا جلسة كاملة للاستثمار في إفريقيا تحت عنوان «التجربة المصرية.. ورؤية جديدة لمخططات التعمير بالدول العربية والأفريقية»، والذي توقع بلوغ حجم مشروعات البنية التحتية التكنولوجية في أفريقيا والشرق الأوسط نحو 3 تريليونات دولار.
قال المهندس حسن عبد العزيز، رئيس الاتحاد الأفريقي لمنظمات التشييد والبناء، إن الدولة تدعم توسع الشركات المصرية في أفريقيا، وكان غياب قطاع الطيران في هذا الملف مشكلة أساسية، فلابد من توفير طيران مباشر من مصر للطيران لتغطية عدد أكبر من الدول الأفريقية.
وأكد أن شركات المقاولات المصرية عند عملها في دولة أفريقية تكون حريصة على استخدام مواد البناء والعمالة المتوافرة في هذه الدولة، وذلك بعد وضع قواعد محددة لشركات المقاولات المصرية قبل الخروج للعمل بالخارجـ، ويوجد حوالي 47 شركة مقاولات مستوفية للشروط للعمل بمفردها خارج مصر.