لم يكد الشمال الإيطالي ينعم بليلة من الهدوء بعد وصول جثمان الشاب إسلام عيد الطباخ، الذي لقى مصرعه بالقرب من شريط القطار في مدينة لودي، إلى مصر، حتى استيقظ الجميع على جريمة بشعة أخرى، بمقتل رجل خمسيني على يد ابنه، في إحدى المدن الواقعة بالقرب من الحدود مع سلوفينيا، بعد أن طعنه في البطن والصدر 33 مرة.
وبينما اكتفت بعض المواقع مثل La Stampa بذكر أن الحادث يتعلق بمهاجرين أفارقة، قالت صحيفة Ilpiccolo إن المصري أشرف وهدان، البالغ من العمر 55 عامًا، والذي ينتمي إلى محافظة المنوفية، ويقيم في مدينة ترييستي، قد لقى مصرعه طعنًا على يد ابنه البالغ 25 عامًا، والذي لم يمر عام على وصوله للأراضي الإيطالية.
وأضافت الصحيفة: “تفاصيل القتل ليست واضحة للغاية بعد، لكن ليس هناك شك في أن الابن هو الذي قتل والده، فعندما وصلت الشرطة إلى المسكن لم يكن هناك سوى هو، وقام رجال الأمن باعتقاله”.
ولفتت إلى أن انتشار الدماء في عدة مواضع بالمنزل تدل على محاولة الأب الهرب والدفاع عن نفسه: “كانت هناك دماء في كل مكان في الشقة، وهي علامة على أن الأب كان يحاول الهروب والدفاع عن نفسه بطريقة ما، كان جسده مصابًا بجروح في جميع أنحاء جسده، الظهر والبطن، إنها مجزرة”.
شعرت بالتهديد!
ونقلت مواقع محلية إخبارية عن المتهم قوله خلال التحقيقات إن العلاقات بينه وبين والده كانت متوترة للغاية لفترة طويلة، قائلا: “شعرت بالتهديد”، لكنه لم يعترف بقتله.
وقال الجيران إن الأب شخص هادئ تمامًا، ولم يفتعل أية مشكلات أبدًا منذ عرفوه لمدة ثلاث سنوات على الأقل، حيث استقر وعمل في حانة كبيرة، وأشار البعض إلى أنه كان لطيفًا، على عكس ابنه الذي وصفوه بأنه “غير هادئ وكان يعالج من مشاكل نفسية” حسب أحد زملائه. كما لفتوا إلى اعتيادهم صوت الشجار والضوضاء القادمة من الشقة التي تقاسمها الأب والأبن مع شاب آخر من خارج البلدة.
وحسب الجيران، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها أشرف للهجوم من قِبل ابنه، وفي الفترة الأخيرة زاد الوضع بينهما. وليلة الحادث، سمع الجيران صراخ وأصوات صراع قادمة من الشقة نحو الثالثة مساء، ورغم استجابة الشرطة السريعة، وأن المنزل لا يبعد أكثر من 50 مترًا عن مدخل غرفة الطوارئ في أحد المستشفيات، إلا أن أشرف كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله.
الجالية التاسعة في إيطاليا
وتعتبر مدينة ترييستي الواقعة في شمال شرق إيطاليا قرب الحدود مع سلوفينيا، وهي عاصمة لإقليم فريولي، صاحبة ميناء شهير، جذب الكثير من المصريين لينضموا لسكانها البالغ عددهم 207.000 نسمة، ضمن الجالية المصرية التي وصلت لنحو 560 ألف مصري مقيم في إيطاليا حسب تعداد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017، ويمثلون ما يعادل 44.8% من إجمالي المصريين بالخارج وعددهم 1.2 مليون مهاجر.
ويشير معهد الدراسات الدولية الإيطالي المتخصص في تحليل البيانات الجيوسياسية والاتجاهات السياسية والاقتصادية العالمية إلى أن إجمالي عدد المهاجرين غير القانونيين في إيطاليا يبلغ 700 ألف مهاجر. ويرجح أن يكون عدد المصريين 5.8% من إجمالي المهاجرين غير القانونيين الذين تعقبتهم السلطات الإيطالية في إحصاءات 2012 وفقا لوزارة العمل والسياسات الاجتماعية.
وتأتي الجالية المصرية في المرتبة التاسعة مقارنة بالجاليات المهاجرة الأخرى، حيث تبلغ نسبتها نحو 3% من إجمالي المواطنين المقيمين في إيطاليا من خارج الاتحاد الأوروبي، ويعيشون بشكل مركز في شمال إيطاليا، وخاصة لومباردي التي يتواجد فيها ما يقرب من 70 % من إجمالي المصريين.
ويتميز التواجد المصري بالفئات العمرية الشابة، حيث يبلغ متوسط عمر المصريين نحو 27 عامًا وهو أقل بـ 4 سنوات من متوسط عمر الجاليات الأخرى، ويحمل 54% منهم تصاريح عمل، بينما الـنسبة الباقية هم مرافقون للعائلة.
ويأتي التعليم كثاني سبب لطلب الإقامة ثم التجنس بإجمالي 13 ألف طالب في العام الدراسي 2011-2012 وهم يحتلون المرتبة 13 مقارنة بعدد الطلبة من الجاليات الأجنبية الأخرى. ويحمل واحد من كل إثنين مصريين تصاريح قانونية للعمل والإقامة طويلة الأجل مٌنحت بعد أكثر من 5 سنوات من التواجد على التراب الإيطالي.
ويبلغ عدد القاصرين 32 ألف مصري قاصر يقيمون بانتظام منذ 2011 أي ما يعادل 29% من إجمالي المصريين في إيطاليا. ولهذا العدد الكبير نسبيا تفسير مرتبط بالقانون الإيطالي الذي يمنع ترحيل المهاجرين غير القانونيين من الأطفال دون سن الثامنة عشر.