أثار التطبيق الأول للمنظومة الجديدة في الثانوية العامة 2020\2021 مشكلات مع موجة نزوح من الطلاب تجاه التعليم الديني وصلت إلى تلقي الأزهر طلبات تقديم لمرحلة رياض الأطفال، بلغت  310 آلاف، بجانب نحو 20 ألف تحويل من المدارس الحكومية إلى المعاهد.

بلغ إجمالي عدد الطلاب المقبولين العام الحالي في مرحلة رياض الأطفال بالأزهر الشريف (128,978) طفلًا، بزيادة (17,298) طفلًا عن العام السابق، في حين بلغ إجمالي عدد التلاميذ المقبولين هذا العام في الصف الأول الابتدائي (237,520) تلميذًا، بزيادة (44,617) تلميذًا عن العام السابق.

ويرى خبراء أن إبقاء الأزهر على نظامه التقليدي في التدريس جعله مقصدا للأسر المصرية حاليًا، لكن الأزهر خاض هو الآخر موجة من التطوير لحل مشكلة لاحقت خريجيه لسنوات ورسخت مفهوما بأن خريج التربية والتعليم أفضل في الجانب الأكاديمي.

وفى عام 2013، أصدر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، القرار رقم 8، بتشكيل مجموعة لجان، لإصلاح وتطوير التعليم الأزهرى فى كل مراحله، والتي قررت حذف أبواب فى مادة الفقه على المذاهب المختلفة فى بعض مسائل لا تتصل بالواقع المعاصر، كما رُحّل باب الجهاد من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية، فيما أقر أبواب معينة فى مادة الحديث الشريف، ودمج بعض مواد الحديث والتفسير والتوحيد والسيرة.

تطوير مرحلي

أسس الأزهر في عام 2018 مجلسًا أعلى للتعليم الأزهري، والذي تولى استحداث مناهج تعليمية إلكترونية ومرئية لشرح المقررات الدراسية في الفقه وأصول الدين واللغة العربية والتجويد ونشرها على بوابة الأزهر الالكترونية؛ عبر تسجيل المناهج وتيسيرها ووضعها على اسطوانات مدمجة توزع مع الكتاب المقرر مجاناً، بالإضافة إلى تصميم برنامج إلكتروني لتعليم اللغة العربية لمرحلة رياض الأطفال.

التعليم الأزهري
التعليم الأزهري

كما وظف أيضًا الوسائل التعليمية بما يناسب المرحلة العمرية، بتصميم برنامج إلكتروني للمجسمات والأشكال الهندسية، التي تناسب الصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي والأول والثاني الإعدادي بالتنسيق مع كلية التربية جامعة الأزهر، ما يعني أن الأزهر يخوض هو الآخر تطويرا لكن بوتيرة بطيئة.

ويرفض الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي وأستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس، اعتبار الإقبال على معاهد الأزهر نوعًا من الرد على الثانوية العامة، واعتبر أنه سلوك ينم عن الاستسهال، فالتعليم الأزهري مرتبط بالحفظ والتلقين، كما يدل على وجود قطاع من الأسر مهتمة بالشهادة، وليس تنمية القدرات العقلية لأبنائها.

يرى شحاتة أن طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، يمثل فكرًا يسود أنظمة العالم كله بضرورة الاعتماد على بناء طالب قادر على التفكير  وهو نموذج سيلقى ممانعة من المنتفعين بالوضع القائم من مراكز الدروس الخصوصية التي تقلص دورها بالنظام الجديد، وكذلك دور نشر الكتب الخارجية التي لم يعد لها دور، على اعتبار أن الامتحان هو حصيلة فهم الطالب.

يدلل البعض على نجاح فكر طارق شوقي في الكم الكبير من الإقبال على كليات الحاسبات والمعلومات، التي أصبحت تستقطب طلبة علمي العلوم وليس الرياضيات فقط، وهو مجال تحتاجه سوق العمل بقوة وكان مظلوما بوضعه في مرتبة أقل من الطب والهندسة في السنوات الماضية، كما يجني التعليم الفني أيضًا ثمار تغيير الصورة النمطية له والتقليل من شأنه بمقارنته بالثانوية العامة بعد فتح مدارس جديدة أكثر ارتباطا بسوق العمل.

تفوق وهمي

يعتبر شحاتة أن النظام الجديد ينطلق من فكرة “الدرجات تعبير عن القدرات” وثماره ستنعكس على التعليم الجامعي بعد إلغاء التفوق الوهمي، فكثير من الحاصلين على 100% بالثانوية العامة كانوا يرسبون في العام الإعدادي في كليات الطب والهندسة، لكن الأمر سيتغير بعد تغير نمط تفكير الطالب ذاته وتطور مهاراته للتناسب مع المراحل الأعلى وأيضًا سوق العمل.

لكن ناجي الشهابي، عضو المجلس الأعلى للتعليم ومدير عام المعاهد القومية سابقًا، يختلف مع الرأي السابق، واعتبر أن الهجوم على التعليم الديني دليل على مشكلات النظام التعليمي الجديد، الذي لا يتضمن عناصر العملية التعليمية من منهج ومدرسة ومُعلم وإدارة مدرسية، خاصة وأن دورات المعلمين انحسرت في تعليمهم الحاسب الآلي  وليس طرق التدريس أو كيفية تغييرها لتتماشى مع النظام الجديد، واعتبر ما حدث هو تغيير الورقة الامتحانية فقط.

التعليم الأزهري
التعليم الأزهري

أضاف الشهابي، عضو لجنة التعليم بمجلس الشورى ونقيب المعلمين بمصر الجديدة سابقًا،  أن التكالب على التعليم الأزهري في مرحلة رياض الأطفال وكمية الانتقالات غير المسبوقة من التعليم العام والفني تضع علامات استفهام حول أفكار تطوير التعليم وضرورة التدرج في التطبيق لمدة 10 سنوات أو بمعنى آخر أن يبدأ التطوير على المراحل الأقل وليس الثانوية العامة.

وأوضح “وعد وزير التربية والتعليم بالقضاء على الدروس الخصوصية فزادت الدروس الخصوصية، وتعهد بتنمية قدرات المعلمين المهنية، فتم تدريبهم على برامج ليس لها صلة بالمناهج، ووعد بامتحان إلكتروني فعجز عنه ولجأ للبابل شيت الذي لم يتعود عليه الطلاب.

واعتبر أن التصحيح الإلكتروني لامتحانات الثانوية العامة ظلم الطلاب فكان يحتاج إلى وضع بار كود على ورقة إجابة الطالب ولم يتم تحديد طريقة الإجابات ما أدى لأرقام خيالية في التظلمات تصل لقرابة 6 ملايين ورقة إجابة امتحانات.

إصلاح التعليم الفني يجني مكاسب البرامج الجديدة والتأهيل لفرص العمل

 

ارتفعت أعداد المنضمين للتعليم الفني بوتيرة ملحوظة لدرجة إعلان محافظين النزول بمجموع الشهادة الإعدادية مرتين لملء الأماكن الشاغرة بالمدارس الثانوية، للمرة الأولى في تاريخ التعليم ما قبل الجامعي.

في الشرقية، انخفض الحد الأدنى لتنسيق القبول بالمرحلة الثانوية للناجحين في الشهادة الإعدادية العامة ليكون الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام للعام الجديد 230 بدلاً من 238 درجة.

وفي محافظة سوهاج، بلغ تنسيق القبول 248 درجة بعد أن كان حده الأدنى يتراوح ما بين 275 و280 درجة، وفي القليوبية انخفض أيضًا إلى 230 درجة.

أصبح التعليم الصناعي حاليًا بوابة سهلة للالتحاق بكليات الهندسة بعيدًا عن تعقيدات الثانوية العامة، خاصة بعد استحداث كليات جديدة تقبل بهم، جنبًا إلى جنب مع طلبة الثانوية العامة مثل برامج التكنولوجيا والتنمية، وهو ما قلل من النظرة الدونية لخريجي التعليم الفني التي صاحبتهم لعقود.

مدارس التعليم الفني
مدارس التعليم الفني

تملك وزارة التربية والتعليم خطة واضحة المعالم للتطوير التعليم الفني طُبقت مرحليا من یولیو 2018، وتتضمن تبني استراتيجية واضحة لإصلاح وتحويل وتطوير التعلیم الفني، على خمس ركائز تتمثل في تحسین الجودة عن طریق إنشاء ھیئة مستقلة لضمان الجودة والاعتماد في مجالات التعلیم الفني والتقني والتدریب المھني.

تتضمن الركائز تحويل المناهج الدراسية إلى مناھج قائمة على منھجیة الجدارات، والتي یتم تطویرھا عن طریق إجراء مناقشات مكثفة مع أرباب الأعمال للتعرف على المھارات والمعارف والسلوكیات التي یجب أن یكتسبھا الخریج حتى یتمكن من تلبیة احتیاجات سوق العمل، على أن يتم الانتھاء من تحویل وتطویر مناھج جمیع المھن وتطبیقھا في جمیع المدارس بحلول سبتمبر 2024.

تحسين مهارات المعلمين 

كما تعتمد استراتيجية تطوير التعليم الفني على تحسين مهارات المعلمين، لتقدیم التدریبات العملیة على التعلم عن طریق منھجیة الجدارات وإجراء تقییمات الطلاب حسب معايير ضمان الجودة التي سیتم اتباعھا عند التقدم للاعتماد، ومشاركة أصحاب الأعمال في تطویر التعلیم الفني عن طریق إبرام شراكات مع الوزارة تھدف إلى إنشاء مدارس جدیدة سُمیت “مدارس التكنولوجیا التطبیقیة”، وھي مدارس تجمع بین نظام المجمعات التكنولوجیة المتكاملة ونظام التعلیم المزدوج؛ بحیث تحصل برامج المدرسة على الاعتماد الدولي عقب تخرج الطلاب مباشرة.

تم تأسيس 20 مدرسة تكنولوجية خاصة بالتعليم الفني، توفر فرص عمل براتب جيد في سن مبكرة مثل: مدرسة العربي للتكنولوجيا التطبيقية، مدرسة الإمام محمد متولي الشعراوي للتكنولوجيا التطبيقية، مدرسة التكنولوجيا التطبيقية للميكاترونيات، مدرسة الشهيد أحمد تعلب الفندقية، مدرسة إلكترومصر، مدرسة الصالحية، مدرسة السويدي، مدرسة إيجيبت جولد، مدرسة آي تك، مدرسة الإنتاج الحربي بالسلام وحلون، مدرسة بي تك، مدرسة we، مدرسة HST، مدرسة الفنون للتكنولوجيا التطبيقية، مدرسة زيادة، مدرسة مجموعة “فولكس فاجن”، مدرسة غبور 1 و2، ومدرسة GIT.

إصلاحات التعليم الفني

وأمام الإصلاحات الجديدة في التعليم الفني، تحسن ترتيب مصر لدى مؤشر المعرفة العالمي الخاص بالتعليم الفني والتدريب المهني الذي ينشره سنويا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لينتقل من المرتبة 113 في عام 2017، إلى المركز 80 خلال عام 2020.

محاور إستراتيجية تطوير التعليم الفني وضعت مع الجهات الدولية المتخصصة، ودُمجت بشكل رسمي مع الإجراءات الهيكلية القصيرة ومتوسطة المدى التي أطلقها رئيس الوزراء في أبريل الماضي، من خلال المحور الثالث الخاص بكفاءة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني.

التعليم الفني
التعليم الفني

ويقول محمد خليل، الخبير التعليمي، إن التعليم الفني استفاد من حالة التوتر التي تحيط بالثانوية العامة، بجانب التوسع في البرامج التي تضمنها التي وصلت إلى 45 برنامجًا جديدًا في التعليم الزراعي والصناعي والفندقي وكلها مرتبطة بالسوق العالمية، والاهتمام بالصناعة.

وأكد أن التعليم الفني استفاد أيضًا من نظام الشراكة والتعليم بين الدولة والمنشآت التعليمية. عبر تدريب الطالب في المصانع والشركات والفنادق، حتى يخرج للبدء في سوق العمل فورًا، لامتلاكه خبرات عملية، مضيفا أن الإقبال عليه متماشي مع ما يحدث في أوروبا التي يحتل فيها التعليم الفني المركز الأول في الإقبال؛ لسهولة دمجه في سوق العمل.

وفي ألمانيا يسلك أكثر من 80% من الشباب طريق التعليم المهني في المدارس والمعاهد المتوسطة في حين لا يلتحق أكثر من 15% منهم بالجامعات. ويبرز من بين أنظمة التعليم المذكورة نظام التعليم المهني الثنائي الذي يتدرب فيه 70% من الشباب الألماني ويعد من أفضل نظم التعليم في العالم.

ويضم هذا النظام أكثر من 370 مهنة تؤهل للقيام بأكثر من 20 ألف عمل مهني بعد دراسة تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات. ويتم تحديد المهن وبرامجها التدريبية عن طريق التعاون الوثيق بين الحكومة وسلطات الولايات وغرف التجارة والصناعة. ويتم تطويره بشكل مستمر عن طريق مهن جديدة وفقا لما تتطلبه سوق العمل، وكان آخر المهن الجديدة التي انضمت لذلك المجال تكنولوجيا المعلومات والإعلام.