قبل أكثر من عام كان لخطٍ رسمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عند منطقتي الجفرة وسرت (وسط ليبيا)، دور في منع حرب إقليمية كانت آخذة في التفاقم على الأراضي الليبية، ثم جاء “إعلان القاهرة” الموقع في الشهر نفسه (يونيو 2020) توطئة مهمة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي صمد إلى أن جرى تشكيل حكومة وحدة وطنية، انتقلت بأغلب وزرائها إلى القاهرة قبل أيام لتوقيع عقود إعادة الإعمار والتنمية.

زيارة تاريخية.. تذكرة العبور إلى إعمار ليبيا

تلك قصة مختصرة لدور مصري فرض نفسه سياسيًا واقتصاديًا في الجارة الليبية، ثم بدأ مرحلة جني الثمار، على خلفية زيارة تاريخية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة بصحبة أغلب وزرائه ورجال الأعمال، وحضور اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، الذي عُقد لأول مرة منذ العام 2009، وانتهت بتوقيع 13 مذكرة تفاهم مشتركة و 6 عقود تنفيذية.

https://www.youtube.com/watch?v=7x3jO6SPie8

وعندما انتهى من توقيع العقود مع ائتلاف الشركات المصرية (أوراسكوم للإنشاءات، رواد الهندسة الحديثة، حسن علام للإنشاءات)، زار الدبيبة أماكن حيوية في العاصمة الإدارية الجديدة للاطلاع على التجربة المصرية والإنشاءات التي شيدتها الشركات المتعاقد معها في ليبيا.

من العاصمة الإدارية الجديدة تحدث الدبيبة مع ممثلي ائتلاف الشركات المصرية، خاصة أوراسكوم، التي ستدخل ليبيا لأول مرة. وطلب سرعة التنفيذ وفق جدول زمني محدد، بالإضافة إلى الاستعانة بالأيدي العاملة الليبية، وتدريب كوادر ليبية. كما تحدث عن الثقة الكبيرة في الشركات المصرية والتي جعلت السلطات الليبية لا تتردد في التعاقد معاها، لتشغيل المصانع والورش وتوظيف الشباب الليبي.

كان الدبيبة واضحًا في طلب الشركات المصرية لـ”فعل كل شيء” في مجتمع (ليبيا) “يحتاج كل شيء”، من التنمية والتطوير وبناء الجامعات وإعادة التأهيل. كما كان رئيس الحكومة الليبية حاسمًا في رسالته لطمأنة تلك الشركات أمنيًا بقوله: “اللي بيعمل لكم مشاكل احنا كافلين به”، ليرد ممثلي الشركات المصرية: “التحالف إيد من الأيادي اللي هتبني ليبيا”.

هذا التناغم والتفاهم الواضحين في مستقبل التعاون المصري الليبي، يعكس ما قاله الدبيبة في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري مصطفى مدبولي على هامش اجتماع اللجنة العليا بين البلدين: “تواجد حكومة ليبيا على أرض مصر اليوم رسالة إقليمية لدور مصر الكبير والعظيم في المنطقة”.

وأبدى الدبيبة وحكومته حماسة شديدة تجاه سرعة بدء التنفيذ، حيث تعهد بتسهيل عملية إدخال العمالة والمعدات المصرية إلى ليبيا بسرعة قياسية، بالنظر إلى ثقته في الشركات المصرية قائلاً: “نحن مقتنعون للغاية أنها قادرة على ذلك، خاصة بعد ما رأيناه من تنفيذها للمشروعات الكبرى في مصر”.

“الفرصة الليبية”

تمثل ليبيا ما بعد الاستقرار فرصة مغرية على المستوى الدولي والإقليمي، خاصة أنّ الحرب دمرت مدناً بأكملها وشردت مئات الآلاف، ما بين نازحين داخليا أو خارجيا، في ظل بنية تحتية منهارة تماماً، حسب تقديرات مؤسسات محلية ودولية.

هذا الانهيار التام في البنية التحتية لدولة تملك أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا، بالإضافة إلى عدد سكانها الصغير نسبيًّا، الذي يبلغ سبعة ملايين نسمة، ما جلعها واحدة من أعلى نسب الناتج المحلي الإجمالي للفرد في القارة. هذه المقارنة بين الدمار والمقومات الاقتصادية تجعل ليبيا “فرصة ذهبية” أمام الشركات والحكومات لتبادل الاستفادة الاقتصادية، استثماريا وتجاريا.

اقرأ يضًا| 100 مليار دولار تنتظر مصر من استقرار ليبيا

تنافس دولي على “إعمار ليبيا”

خلّف عقد من الفوضى في ليبيا دمارًا يحتاج 200 مليار دولار لإعادة إعماره، وفق وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة محمد الحويج، الذي أرجع هذه الإحصائية إلى دراسات محلية وأخرى أعدها البنك الدولي.

ملف إعادة إعمار ليبيا واحدًا من أكثر الملفات المثيرة لشهية الحكومات والشركات الدولية، التي تتنافس للحصول على نصيب الأسد من كعكة إعادة الإعمار. ومنذ تولي حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة مقاليد السلطة في ليبيا استقبلت طلبات العديد من الشركات والدول للدخول في شراكة لتنفيذ مشروعات بنيوية، خاصة من تركيا ومصر وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين.

عندما زار وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الماضي العاصمة طرابلس، اصطحب معه رئيس شركة النفط الإيطالية العملاقة “إيني”، لمناقشة مشروعات جديدة، وبعدها بأسابيع قليلة استقبلت منظمة أرباب العمل الفرنسيين (ميديف) رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وطلبت مشاركة الشركات الفرنسية “بشكل فعال في إعادة الإعمار”، ثم في يونيو جاء رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز برفقة عدد من رجال الأعمال على أمل المشاركة في “إعادة الإعمار والتنمية” في البلاد.

فندق غير مكتمل بعد توقف تشيده عام 2011 في العاصمة الليبية طرابلس - 13 أغسطس 2021
فندق غير مكتمل بعد توقف تشيده عام 2011 في العاصمة الليبية طرابلس – 13 أغسطس 2021

وأمام منتدى اقتصادي لإعادة إعمار ليبيا، في تونس العاصمة مطلع يونيو الماضي، شاركت حوالي 90 شركة. طلبت أغلبها فرصًا للمشاركة في تنمية ليبيا. وكثف مسؤولون تونسيون دعوات لإعادة تنشيط التعاون الاقتصادي مع ليبيا، كما طالبت مجموعة سوناطراك الجزائرية استئناف نشاطاتها في ليبيا. واستفادت تركيا من قربها من نخب طرابلس وتموضعت في مشاريع كبيرة في الغرب.

وفي السابع من سبتمبر الماضي طلب السفير الألماني، ميخائيل أونماخت، تعزيز العلاقات مع ليبيا في مختلف المجالات، واستعداد المؤسسات والشركات الألمانية دخول السوق الليبي والمساهمة في تطوير البنية التحتية وإعادة الإعمار، ودعم قطاعات الصحة والتعليم. كل ما سبق كان لقاءات واجتماعات لم تنته إلى اتفاقيات رسمية. بينما كان لمصر باكورة الفوز بعقود التطوير والإنشاءات والتعمير في ليبيا.

اقرأ أيضًا| مدبولي في ليبيا.. اتفاقيات استثمارية وانفتاح تجاري ضمن زيارة تاريخية

جلسة مباحثات بين الجانبين المصري والليبي
جلسة مباحثات بين الجانبين المصري والليبي

وفي أبريل الماضي، انتقل رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي رفقة عدد كبير من الوزراء إلى العاصمة الليبية طرابلس، وجرى الغعلان عن اتفاقيات استثمارية وانفتاحًا تجاريًا يشمل خطًا ملاحيًا وعودة الطيران المباشر واستئناف عمل السفارة المصرية في طرابلس، والمشاركة في إعادة إعمار ليبيا.

وشهدت الزيارة وقتها التوقيع على 11 وثيقة للتعاون الثنائي في مجالات عديدة، منها الكهرباء والبنية التحتية والقوى العاملة، التي وصفها رئيس الحكومة المصرية بأنها ليست مجرد توقيع بروتوكولي، بقدر ما سيتم العمل على خطط تنفيذية لتفعيل مذكرات التفاهم.

نصيب مصر من حزمة إعادة الإعمار

وبينما كان التنافس على أشده، كانت مصر أول الفائزين بحصتها في حزمة إعادة إعمار ليبيا، من خلال 13 مذكرة تفاهم و6 عقود تنفيذية، بقيمة إجمالية 33 مليار دولار (حوالي 147 مليار دينار ليبي)، وفق حديث وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة محمد الحويج لقناة “الحرة” الأمريكية.

وتضمنت الاتفاقيات تعاقد جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق الليبي بطريق التكليف المباشر مع ائتلاف الشركات المصرية، لاستكمال الطريق الدائري الثالث بمدينة طرابلس بتكلفة 4.263 مليار دينار. بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات في مجال الكهرباء، سواء تأهيل محطات قائمة أو إنشاء محطات جديدة بقيمة إجمالية 2 مليار دولار. كما شملت الاتفاقيات تصميم وتوريد وتركيب مشروع محطتي درنة الغازية وميلتا الغازية، وصيانة طريق “أجدابيا- جالو” بطول 250 كيلومترا، وتنفيذ طريق أوباري غاد بطول 360 كيلومترًا.

العمالة المصرية إلى ليبيا

الاتفاقيات السابقة تلقي بظلال إيجابية على ملف العمالة المصرية، في ظل تقديرات بتشغيل قرابة 3 ملايين عامل مصري في المشروعات المتفق عليها، وفق تصريحات سابقة لوزير القوى العاملة محمد سعفان الذي قال إن “ثلاثة ملايين عامل مصري سيعودون إلى ليبيا للمشاركة في إعادة إعمارها”.

أما البداية فستكون، بـ مليون عامل مصري سيبدؤون دخول ليبيا مطلع أكتوبر المقبل، وفق تصريحات وزير العمل الليبي، علي العابد. بعدها أعلنت السلطات المحلية في البلدين إعادة تشغيل الرحلات الجوية بين القاهرة وطرابلس ومصراتة وبنغازي، والعمل على إعادة تأهيل معبر السلوم البري.

مصريون في معبر السلوم البري
مصريون في معبر السلوم البري

ولتنظيم هذه العملية، اتفقت مصر وليبيا على تدشين تطبيق الربط الإلكتروني “وافد”، والذي يساعد في معرفة عدد العمالة التي دخلت ليبيا، وأماكن عملهم وتخصصاتهم، سواء كان عملًا نظاميًّا لدى شركة، أو لدى أفراد، لضمان حقوقهم، ومنع الأزمات التي كانت تحدث في السابق.

ومن المقرر أن ينتقل فريق من وزارة القوى العاملة المصرية إلى ليبيا الأسبوع الجاري لمتابعة آليات الربط الإلكتروني، ومراحل تنفيذه وإنهاء الإجراءات اللازمة لانطلاق المنصة، بحيث يكون بعدها فتح الطيران المباشر بين المطارات الليبية والمصرية، وفق وزير العمل الليبي.

ولا توجد إحصائية رسمية حول عدد العمالة المصرية في ليبيا حاليًا لكن اللواء أبوبكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، قدر أعداد المصريين المتواجدين بها في 2015 بما يتراوح بين 200 و250 ألفًا مقابل مليون شخص في الفترة التي سبقت إعدام مصريين من الأقباط يعملون بليبيا.

كيف تمول ليبيا عملية إعمارها؟

هنا يتبادر إلى الذهن سؤال يبدو وجيها لبعض المتابعين للموقف الليبي: كيف تمول ليبيا عملية إعمارها؟ خاصة في ظل انقسام مؤسساتها الاقتصادية وإدارة البنك المركزي الليبي، وحتى تأخر اعتماد الموازنة العامة للدولة في مجلس النواب حتى الآن بسبب خلافات حول بنودها.

هنا يجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة جعل من خطة التنمية والإعمار رهانًا، لدرجة أن الليبيين انقسموا حول اهتمامه التنموي، البعض يعتبرها “دعاية انتخابية”، لاسيما بعدما خصص مبلغ مليار دينار كمنح للمقبلين على الزواج وآخرون قالوا إنها خطة رئيسية لإعادة ليبيا إلى مسارها الصحيح وإنهاء سنوات الحرب.

ترميم المناطق المدمرة جراء الحرب
ترميم المناطق المدمرة جراء الحرب

وفي إطار هذا المخطط التنموية أنشأت حكومة الوحدة الوطنية صندوقًا لإعادة إعمار ليبيا، يتمتع الصندوق بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، ويستهدف تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار للمناطق المتضررة من الحرب، سواء في جنوب طرابلس، أو بنغازي ودرنة وسرت، بالاضافة إلى مشاريع التنمية والبنية التحتية. واعتماد الصندوق خطة زمنية تمتد إلى 2023 كمرحلة أولى لإعادة الإعمار.

أما مخصصات الصندوق فتعتمد على جزء مخصص من الميزانية العامة، ومساهمات الشركات الكبرى العاملة في قطاع النفط والمساهمات المحلية والدولية. لذلك فإن الحكومة تعتمد في مخصصاته المالية حاليا على “رسوم يجوز للحكومة تخصيصها أو الحصول على موارد من الصناديق الاستثمارية أو الصرف بناء على آخر ميزانية”، وفق ما أوضح الوزير الحويج. بناء على ما سبق، قال الدبيبة خلال زيارته للقاهرة إن “مصرف ليبيا المركزي سيكون مسؤولاً عن تيسير عملية تمويل المشروعات”.

ويصل حجم المتوسط اليومي لإنتاج ليبيا النفطي إلى 1.3 مليون برميل، مقارنة بمتوسط 150 ألفا في 2020، بينما تطمح إلى زيادة الإنتاج لمستوى مليوني برميل بحلول 2022. كما تمتلك ليبيا احتياطات من النقد الأجنبي بقيمة 49.44 مليار دولار. كما تأتي ليبيا في المرتبة الرابعة عربيًا و34 عالميًا، من حيث حيازتها لاحتياطيات الذهب بكمية 116.6 طنا، وفق بيانات مجلس الذهب العالمي.

ماذا لو رحلت حكومة الوحدة الوطنية؟

وزير الاقتصاد الليبي محمد الحويج قال إن عقود الإعمار موقعة بين دولتي ليبيا ومصر بغض النظر عن الحكومتين، وبالتالي في حال رحلت حكومة الوحدة الوطنية الحالية ستبقى العقود سارية، ويستكمل التنفيذ مع الحكومة الجديدة. وردًا على سؤال حول الاتفاقيات طويلة المدى، رغم العمر المحدود للحكومة الحالية أجاب الحويج: “نحن دولة وكلنا يكمل مشوار الآخر، نحن نضع أساس لما يبنى في المدى الطويل”.

ووفق خارطة الطريق الموقعة في جنيف فبراير الماضي، فإن الحكومة الحالية تدير فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات في 24 ديسمبر المقبل، لكن الغموض لا يزال يحيط بمستقبل العملية السياسية والانتخابات، وما إذا كانت حكومة الدبيبة ستحظى بتمديد ولايتها أم سترحل بنهاية العام.

تأثير ملف الإعمار على الاقتصاد المصري

بالإضافة إلى ليبيا، فإن مصر اقتحمت السوق العراقية للمشاركة في إعادة الإعمار، على خلفية اجتماعات لا تزال متواصلة منذ عقدت اللجنة العليا المصرية – العراقية المشتركة اجتماعاً في نوفمبر 2020 بالعاصمة بغداد، وجرى التوقيع على أكثر من 15 اتفاقاً وبروتوكول تعاون مشترك، تمهيداً لتنفيذ مشاريع في قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول والثروة المعدنية والإسكان والنقل والتجارة والصناعة والاستثمار.

ومعروف أن ليبيا والعراق وسوريا سوقًا حيوية لتصدير المنتجات والعمالة المصرية منذ ثمانينيات القرن الماضي، ففي العام 2017، طلبت سوريا الحكومات والشركات الدولية للمساعدة في إعادة الإعمار، وأطلقت معرض “عمّرها 2017″، بمشاركة 162 شركة، من بينها 30 شركة مصرية، بحثت تعظيم دور القطاع الخاص المصري فى إعادة إعمار سوريا. وفي العام 2018 شاركت 20 شركة مصرية فى قطاع التشييد والبناء، في منتدى إعادة إعمار سوريا.

هنا يبرز الحديث عن مدى استفادة الاقتصاد المصري من المشاركة في ملفات إعادة الإعمار في المنطقة، والتي تتعدد ما بين تقليل مشكلة البطالة، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، وانتعاش حركة النقل والتجارة، ورفع معدلات الاستهلاك، ومن ثم تقليل حجم التضخم، وزيادة التجارة البينية، ثم انتشال قطاع صغار الحرفيين، الذي شهد تراجعا خلال الأعوام الماضية.

تدفقات النقد الأجنبي

الدكتورة سمر الباجوري أستاذ الاقتصاد، رأت في المشاركة المصرية بمشروعات إعادة الإعمار تأثير إيجابية على تدفقات النقد الأجنبي بالسوق المحلية، سواء ما يتعلق بتحويلات العاملين بالخارج أو تعاملات شركات المقاولات والبناء، أو شركات توريد مكونات البناء.

وتمتلك مصر احتياطيات من النقد الأجنبي بحوالي 40.6 مليار دولار، وفق آخر إحصاء للبنك المركزي. ومع التخفيف من آثار جائحة كورونا وإعادة فتح الأسواق الخارجية ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج 45.2%، حيث قفزت في مايو الماضي إلى 2.6 مليار دولار من 1.8 مليار قبل عام.

تراجع البطالة

هنا تلفت الباجوري في تصريحات لـ”مصر 360″ النظر إلى نقطة أخرى مهمة تتمثل في كون المشروعات المتعاقد عليها، مشروعات بنية تحتية كثيفة العمالة، وبالتالي التأثير المباشر للمشاركة في إعادة الإعمار يتمثل في حل مشكلة البطالة، التي بدأت تشهد تراجعا خلال الأشهر الأخيرة ما إعادة عجلة الإنتاج مع تخفيف تأثيرات كورونا، حيث انخفض معدلها إلى 7.3% من قوة العمل مقابل 7.4% فى الربع الأول من عام 2021.

رفع معدلات الاستهلاك وتراجع التضخم

الأكاديمية المصرية تشير إلى أن ارتفاع معدلات التشغيل، ينعكس مباشرة على رفع معدلات الاستهلاك، وهي هنا تتحدث عن حجم العمالة الكثيف المقرر انتقاله للمشاركة في إعادة الإعمار بالدول العربية، ومردود ذلك على استهلاك الأسر المصرية التي تستقبل تحويلات أبنائها من الخارج. هذه النقطة تحديدا ستقود إلى تراجع معدلات التضخم في مصر، والذي ارتفع إلى 5.4% في يوليو على أساس سنوي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

المشروعات المحلية

أما عن تأثر المشروعات المحلية بالتعاقدات الجديدة خارج البلاد، تشير الباجوري إلى أن التأثير سيكون إيجابيًا وليس سلبيًا، نظرًا لحجم الفائض من  العمالة المصرية، كما أن توسعات الشركات الإنشائية يؤدي إلى تقوية ملاءتها المالية وبالتالي الوفاء بالتزاماتها المحلية بخصوص المشروعات المتفق عليها، والتي يمكن أن تسلمها قبل الموعد المحدد أيضًا.

صغار الحرفيين

كما أن الطفرة الإنشائية في السوق الليبية، تعني بالضرورة طفرة في قطاعات خدمية أخرى ستحتاج إلى قوى عاملة، سواء القطاعات الغذائية أو التجارية والنقل، والتي تسمح بتوفير فرص عمل في المخابز والمطاعم والمحال التجارية وقطاع نقل البضائع. فيما تكمن الاستفادة القصوى في استغلال صغار الحرفيين المصريين، خاصة أن فرصهم تراجعت كثيرًا خلال الفترة الماضية مع تزايد استحواذ الشركات الكبرى على المشروعات الإنشائية.

التجارة البينية بين مصر وليبيا

أما السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، والرئيس السابق لاتحاد المستثمرين العرب، يلفت الانتباه إلى أن أبرز الاقتطاعات المستفيدة من ملف إعادة الإعمار هو التجارة البينية، خاصة أن المشروعات الليبية ستعتمد بشكل كبير على المواد الخام ومواد الإنشاء من مصر، وبالتالي زيادة حركة التجارة.

وشهدت قيمة التجارة بين مصر وليبيا نموًا ملحوظًا خلال الربع الأول من 2021، مسجلة 245.017 مليون دولار، مقابل 171.118 مليون دولار خلال الربع الأول من 2020، بنسبة ارتفاع 43.2%.

ويقول بيومي في تصريح لـ”مصر 360″ إن حجم الاستفادة الاقتصادية سيكون متبادل بين مصر وليبيا باعتبار أن الجانب المصري سيعمل على انتشال الاقتصاد الليبي من أزمته، وفي الوقت نفسه استفادة الشركات المصرية من حجم الإسناد المباشر للمشروعات، وتشغيل العمالة.

ووفقا للتقييم الشامل للصادرات المصرية إلى إفريقيا شمل الفترة من 2011 حتى 2019،تتصدر ليبيا قائمة الدول التي تستحوذ على الصادرات المصرية إلى القارة السمراء،بنسبة 17.43% من إجمالي الصادرات، وبقيمة بلغت 830 مليون دولار،تليها تونس بـ15.51% من صادرات مصر لأفريقيا خلال 2019 بـ 739 مليون دولار،ثم المغرب بـ585 مليون،والجزائر بـ557 مليون،والسودان بـ467 مليون.