6 أشهر، هي الفترة التي استغرقتها محكمة رواندية، لمحاكمة المعارض بول روسيسباجينا، البطل الحقيقي لفيلم “فندق رواندا” وهو واحد من أشد معارضي الرئيس الرواندي بول كاجامي.

وقضت محكمة العاصمة الرواندية كيجالي أمس الإثنين. بحبس روسيسباجينا، 25 عاما بتهمة الإرهاب، وهم الحكم الذي لاقى انتقادات دولية واسعة.

واستند فيلم “فندق رواندا” إلى قصة روسيسباجينا في سرد أحداث المجازر التي جرت هناك وأسفرت عن مقتل نحو 800 ألف شخص غالبيتهم من التوتسي، في 1994.

ووصف مؤيدو روسيسباجينا المحاكمة بأنها “سياسية”، فيما أعربت الولايات المتحدة. التي منحته وسام الحرية الرئاسي العام 2005. والبرلمان الأوروبي وبلجيكا عن قلقها حيال ظروف اعتقاله ومحاكمته.

وقالت بياتريس موكامورينزي، واحدة من القضاة الثلاثة في محكمة كيجالي، إلى أن المحكمة خلصت إلى أن دور روسيسباجينا في تشكيل جبهة التحرير الوطنية وتوفير الأموال للمتمردين وشراء أجهزة اتصال لهم كلها تشكل جريمة تصب في ارتكاب أعمال إرهابية.

وتابعت موكامورينزي: الإدعاء كان قد طالب بحبس المدير السابق للفندق في كيغالي مدى الحياة، لكن المحكمة قرّرت خفض العقوبة إلى الحبس 25 عاما. مشيرة إلى أن روسيسباجينا اعترف بارتكابه بعضا من الجرائم المنسوبة إليه وتقدم باعتذار عنها”، مؤكدة أن الإدانة هي الأولى له..

20 متهما 

وإدانة روسيسباغينا هي الأشد في هذه القضية التي حكم فيها على 20 متهما آخرين بالحبس لمدد تتراوح بين ثلاثة أعوام و20 عاما. ولم يحضر روسيسباجينا ولا فريق الدفاع عنه جلسة تلاوة الحكم، وكانوا قرروا  مقاطعة الجلسات اعتبارا مارس الماضي ونددوا بمحاكمة “سياسية” أصبحت ممكنة بسبب “عملية خطفه” التي نظمتها السلطات الرواندية وكذلك سوء المعاملة أثناء الاحتجاز.

وجرت محاكمة روسيسباغينا (67 عاما) في كيغالي من فبراير إلى يوليو، مع عشرين آخرين، بتهمة مساندة “جبهة التحرير الوطنية” المتمردة والمتهمة بشن هجمات دامية في رواندا خلفت تسعة قتلى في 2018 و2019.

وقالت ابنة رويساباجينا بالتبني كارين كانيمبا، إن حكم الإدانة على والدها “قرره” الرئيس بول كاجامي.

وأضافت: لم أفاجأ بتاتا كنا نتوقع ذلك بالتحديد. كاجامي خطف والدي. القضاة قرروا ما أراد الديكتاتور أن يقرروه”.

واعتبرت بلجيكا التي يحمل روسيسباجينا جنسيتها حيث يقيم في المنفى، أن الأخير لم يحظ بمحاكمة عادلة ومنصفة.

من جهتها، أطلقت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية يولاند ماكولو تغريدة جاء فيها أن “الروانديين باتوا يشعرون بأمان أكبر بعدما تم إحقاق العدالة”.

  شهادات متناقضة

يروي فيلم “فندق رواندا” الذي أنتجته هوليوود في العام 2004 كيف تمكن هذا المعتدل، المنتمي لعرقية الهوتو. من إنقاذ حياة أكثر من ألف شخص لجأوا إلى الفندق الذي كان يديره في العاصمة خلال الإبادة الجماعية التي أسفرت عن مقتل نحو 800 ألف شخص غالبيتهم من التوتسي، في 1994.

الحرب الأهلية الرواندية
الحرب الأهلية الرواندية

بعد إلقاء القبض عليه في ظروف مثيرة للجدل في كيجالي في أغسطس 2020. تمت محاكمة هذا المعارض الشرس لبول كاغامي مع 20 شخصا آخر من فبراير إلى يوليو. بعدما وجهت إليه تسع تهم منها تهمة “الإرهاب”.

أسس روسيسباجينا في 2017 “الحركة الرواندية الديمقراطية للتغيير”. التي يُعتقد أن لها جناحا عسكريا يدعى “جبهة التحرير الوطنية”. لكنه نفى أي ضلوع له في الهجمات التي نفذتها هذه المجموعة في 2018 و2019 وخلفت تسعة قتلى.

وشهدت جلسات المحاكمة التي استمرت خمسة أشهر شهادات متناقضة حول الدور الذي أداه. وقال متحدث باسم جبهة التحرير الوطني إنه “لم يصدر أوامر لمقاتلي جبهة التحرير الوطنية”. وأكد متهم آخر أن جميع الأوامر كانت تأتي منه.

  عقوبة إعدام

وأعربت الولايات المتحدة التي منحته وسام الحرية الرئاسي العام 2005 والبرلمان الأوروبي وبلجيكا التي يحمل جنسيتها عن قلقها حيال ظروف اعتقاله ومحاكمته.

ومطلع سبتمبر الماضي. قال الرئيس الرواندي بول كاجامي، في رده على الانتقادات في مقابلة تلفزيونية إن روسيسباغينا يحاكم بتهمة “إزهاق أرواح روانديين بسبب أفعاله وبسبب المنظمات التي ينتمي إليها أو التي يقودها”. وأضاف “الأمر لا يتعلق بالفيلم  وبشهرته”، مؤكدا أنه ستتم “محاكمته بأكبر قدر ممكن من الإنصاف”.

ودانت منظمة العفو الدولية في بيان الإثنين “الانتهاكات” الكثيرة لحقوق روسيسباجينا خلال توقيفه “بحجج واهية”. واحتجازه  القسري سرا.  فيما أعلنت مؤسسة جورج كلوني في بيان أنه “نظرا إلى سن روسيسباغينا وتدهور وضعه الصحي، تعد هذه العقوبة المشددة بمثابة عقوبة إعدام”.

ومدير الفندق السابق هو معارض لبول كاجامي منذ أكثر من عقدين. ويتهمه بالاستبداد وبتأجيج المشاعر المعادية للهوتو.

وسمحت شهرته في هوليوود بإعطاء صدى عالمي لمواقفه المناهضة للنظام.

وكان يعيش في المنفى بين الولايات المتحدة وبلجيكا منذ العام 1996. وتم توقيفه في كيجالي في ظروف غامضة. بعد خداعه وجعله يستقل طائرة ظن أنها متوجهة إلى بوروندي.

وأقرت الحكومة الرواندية أنها “سهلت الرحلة” إلى كيجالي، لكنها أكدت أن الاعتقال كان “قانونيا” ولم تُنتهك حقوقه أبدا.”.