“رمي الشبك حرفة لا يمتلكها إلا صياد ابن صياد” قال أحمد، الصياد بالمكس، الذي تعلم فنون الصيد منذ ثمانينات القرن الماضي. بعد تركه الدراسة في الإعدادية، حيث لا يعرف مهنة غيرها، وكعادة أهالي المكس الفتيات يتعلمن في المدارس والشباب يتعلموا في البحر.
وأضاف أحمد أنه عرف الصيد من والده وأجداده ولا يمتلك هو وأقرانه بالمكس سوى هذه المهنة مصدر دخلهم. مشيرا إلى خصوصية المكس حيث التقاء مياه النيل العذبة بمياه البحر، لذا يوجد بها أفضل سردين بالعالم.
ولا يتخيل أحمد حياته بعيدا عن المكس فلا يعلم ما هي وجهته الجديدة بعد هدم المنطقة وتطويرها، حيث تشكل وعيه وحياته على البيئة الذي نشأ بها.
أحمد واحد من مئات الصيادين الذين ينتظرون ببالغ الحزن مصيرا مجهولا ووجهة غير معلومة بسبب قرار هدم المكس.
زوروا المكس
“زوروا المكس” هاشتاج انطلق على صفحات فيس بوك منذ يومين وانتشر سريعا، حيث دعت صاحبة الهاشتاج. روتان خالد الإسكندرانية المهتمة بدراسة الثقافة والتراث. إلى “زيارة في وداع المكس.. أجمل حي للصيادين في الإسكندرية”.
وتفقد مهندس كامل الوزير، وزير النقل، أمس الإثنين، موقع ميناء المكس الجديد لمتابعة الأعمال الجارية بالمشروع. تابع الوزير، أعمال الرفع المساحي لموقع الميناء الجديد. وتفقد الأماكن الخاصة بالأولويات العاجلة للرفع المساحي شمال طريق المكس في المسافة من ترعة النوبارية حتى ميناء الدخيلة. وذلك لسرعة البدء في أعمال الرسومات التخصصية والتصميمية النهائية للميناء والبدء في التنفيذ كما وجه الفريق مهندس كامل الوزير بسرعة البدء في اعمال التطهير بالمناطق المتاحة من الميناء.
يأتي ذلك في ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بشأن إنشاء ميناء المكس بين مينائي الإسكندرية والدخيلة. وذلك خلال تفقد لمشروعات تطوير ميناء الإسكندرية أوائل الشهر الحالي.
وقالت روتان “بكل أسف عايزة أقول إن إدراج الأحياء التراثية تحت قائمة العشوائيات وهدمها حدث مؤلم بمثابة بتر في الذاكرة والهوية”.
ودعت روتان إلى ضرورة التعرف على أهالي المكس وصياديها وسماع قصصهم الملهمة عن البحر والصيد وكل تفاصيل الحياة بهذا الحي التاريخي. وأيضا زيارة الفنار الذي تم تسجيله كأثر عام 1865.
المكس أو فينيسيا الشرق نظراً لمشهد القوارب الكثيرة التي تتجول في القناة، وتقتصر الحياة اليومية للسكان على صيد السمك وتخزينه وبيعه.
المكس تاريخيا
هو أحد أحياء غرب الإسكندرية، يقع في دائرة حي العامرية في غرب الإسكندرية. سُميَ بالمكس من المكوس أي الجمارك. وكانت تٌحصل في هذه المنطقة للبضائع الواردة من الغرب، ورغم أنه لم يحصل على شهرة بين السياح إلا أنه يعد واحد من أجمل الأماكن في مصر.
ويقع حول قناة المحمودية ذات المياه العذبة، والتي حفرت في عام 1820 بأمر من الوالي محمد علي. من أجل جلب المياه من النيل إلى الإسكندرية ولتكون أيضا مسار سفن الشحن.
سميت القناة قديما على اسم السلطان محمود الثاني، سلطان اسطنبول إذ كانت مصر حينها جزءًا من الدولة العثمانية. ولعبت دورا هاما في الملاحة خلال القرن الـ19، حيث سمحت بعبور سفن الشحن من شمال وجنوب ووسط مصر إلى الإسكندرية دون المرور بمصب النهر. حيث غرقت العديد من السفن في المياه الهائجة. كما سمحت بخروج السفن التي تحمل المواد المصدرة من الإسكندرية إلى القاهرة.
اليوم يتم استخدام قناة المحمودية في المقام الأول لأغراض الري وتوفير مياه الشرب في الإسكندرية.
الطابع الشعبي هو السمة الرئيسية للمكان، وتعتبر منطقة المكس ذات طبيعة خاصة حيث تتراص مساكن الصيادين حول مصب مياه ترعة المحمودية العذبة وهي تصب في البحر المتوسط.
تجمعات الصيادين
مع إغلاق القناة للملاحة، اتخذت جماعة من الصيادين أرصفة النهر مكانا للإقامة، حيث أنشأوا منازل صغيرة تعانق مجرى المياه وتصطف القوارب على مداخل البيوت في مشهد رائع. ولعل أهم المشاهد المميزة في تلك المنطقة، هو تجمعات الصيادين على القوارب لحياكة الشباك وتجهيزها للصيد.
ويحترف معظم قاطنيه حرفة صيد الأسماك عبر قوارب صغيرة يتوارثونها من جيل إلى آخر. بينما تمتد منازلهم على مسافة كيلومتر ونصف الكيلومتر. وتتميز بطابع معماري بدائي يأخذ شكل المدرج، بحيث ترى كل البيوت مياه البحر بلا فواصل. ولعل أهم المشاهد المميزة في تلك المنطقة. هو تجمعات الصيادين على القوارب لحياكة الشباك وتجهيزها للصيد.
تستخدم قناة المحمودية في المقام الأول لأغراض الري وتوفير مياه الشرب في الإسكندرية ولكن في السنوات الأخيرة. أدى التلوث الذي سببته الصناعات الكيميائية والبترولية في المنطقة. إلى خسائر مأساوية على مجتمع الصيادين. وأصبح المكس واحدا من المناطق العدة التي تأثرت من جراء التلوث البيئي الذي تعاني منه مصر على مدى العقود الماضية.
المكس وصانعي الأفلام
المكس كانت منطقة جاذبة لصانعي الأفلام حيث سحرت المخرجين والفنانين وشهدت تصوير عدد من الأفلام. منها “إسكندرية ليه”، “زوجتي والكلب”، “الصعاليك”، “بلطية العايمة”، “صايع بحر”، و”رسايل البحر” وغيرها من الأفلام والمسلسلات.
وقالت روتان لمصر 360 إن عادة يتعلم الأولاد الصيد منذ الصغر وتتعلم الفتيات في المدرسة. فهي مهنتهم التي عرفوها وتوارثوها عن أجدادهم، ولا يتخيلوا حياتهم بعيدا عن هذا الحي العريق مسقط رأسهم.
وتضيف روتان “للأسف التطوير يتم دون مراعاة الطابع التراثي للمكان ويتم على أسس تجارية بحتة. دون مراعاة حق السكان الأصليين في ارتباطهم التاريخي والمعيشي بالمكان”، موضحة أن العالم بأكمله يعمل على تطوير المناطق التراثية بشكل يحافظ على هويتها ويضمن للسكان مصدر دخل يساعدهم على المعيشة.