صدمة كبيرة تلقتها إسرائيل هذا الأسبوع بعرقلة الكونجرس الأمريكي بندا قانونيا يتعلق بمنحها مليار دولار لتطوير منظومة القبة الحديدية ومنظومات دفاع جوي إضافية، حيث لم يسبق أن أوقف المشرعون الأمريكيون ثمة صفقات لدعم إسرائيل في المجال الدفاعي قبل ذلك، بحسب تعبير صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.
كان الحزب الديمقراطي الأمريكي أزال في جلسة الثلاثاء الماضي بنداً قانونياً يتعلق بمنح إسرائيل مليار دولار لتطوير منظومة القبة الحديدية ومنظومات دفاع جوي إضافية.
ولا تعني هذه الخطوة عدم توفير المليار دولار لدعم القبة الحديدية نهائيا، لكنه بالتأكيد سيتعطل لعدة أشهر إضافية عن الموعد المحدد لإقراراه.
وحصل وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، على تطمينات من جانب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، ستيني هوير، بأن هذا النص سيُقر في المجلس، وفق ما ذكرت وكالة “فرانس برس”.
القبة الحديدية.. دعم أمريكي لا ينتهي
ثقة هوير نابعة من رغبة الرئيس الأمريكي نفسه، الذي يشجع جميع القادة الديمقراطيين في الكونجرس على الموافقة.
وكشفت مصادر عبرية في هذا الصدد، أن جو بايدن وعد رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت عند لقائهما الأول في واشنطن، بتجديد مخزون صواريخ القبة الحديدية بعد أحداث غزة الأخيرة. حيث استخدمت كميات كبيرة من صواريخ منظومة القبة الحديدية، المضادة للصواريخ، في التصدي للقذائف التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة على المناطق الإسرائيلية.
ومنحت واشنطن العام الماضي إسرائيل مساعدات مالية تبلغ 3.8 مليار دولار، كجزء من التزام سنوي طويل الأمد، ضمن اتفاق وقّعه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عام 2016، ومنح بموجبه تل أبيب حزمة مساعدات تبلغ 38 مليار دولار خلال 10 سنوات، تخصص كلها لأغراض عسكرية.
من يقف وراء رفض دعم منحة القبة الحديدية؟
كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية نقلاً عن مصادر لها أن النائبتين المسلمتين إلهان عمر ورشيدة طليب وإلكساندريا أوكسي وغيرهن هم من هددوا بعدم التصويت لصالح قانون الموازنة في الكونجرس إذا بقي بند فيه لدعم القبة الحديدة، وهو ما دفع الحزب الديمقراطي إلى إزالته.
عقب الجلسة مباشرة، حدث انقسام كبير داخل الكونجرس بين الجمهوريين من جانب، والديمقراطيين من جانب، حيث اتهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي خصومه الديمقراطيين بالإذعان لنفوذ نوابهم الراديكاليين المعادي للسامية، في حين أعرب بعض الديمقراطيين الوسطيين عن أسفهم للخطوة التي أقدم عليها زملاؤهم.
ومن المعروف موقف إلهان المعادي لإسرائيل، وهجوم اليمين بشكل دائم عليها، ووصمها بمعاداة السامية. نظرًا لمواقفها الواضحة من دولة الاحتلال، باعتبارها دولة إرهاب.
وكانت دولة الاحتلال منعت إلهان وزميلتها طليب في عام 2019 من زيارة الأراضي الفسطينية المحتلة وهو ما اعتبرته “إهانة للقيم الديمقراطية” وغير مستغرب بالنظر إلى مقاومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لجهود السلام.
وآنذاك علقت قائلة “ما يدعو للسخرية في اتخاذ الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط لهذا القرار، هو أنه إهانة للقيم الديمقراطية وأيضا رد قاس على زيارة مسؤولين حكوميين من بلد حليف.
ما تفسير ما حدث؟
يدلل إزالة الحزب الديمقراطي بند تمويل القبة الحديدية على صحة رؤية الأصوات التي حذرت من تراجع النفوذ الإسرائيلي على السياسة الأمريكية، وخصوصا داخل الحزب الديمقراطي.
وسبق أن حذرت منظمة Pro-Israel America، من أن الانتخابات التي أجريت العام الماضي داخل الحزب الديمقراطي، أظهرت تراجع نفوذ أنصار إسرائيل على الناخبين الأمريكيين، لاسيما الديمقراطيين.
ويتجلى التغيير أيضا في استطلاعات الرأي الأمريكية التي كشفت عن تراجع تأييد أعضاء الحزب الديمقراطي لإسرائيل في مقابل تزايد التعاطف مع الفلسطينيين.
فوفقاً لنتائج استطلاع مركز جالوب خلال شهر فبراير الماضي، قال 42% من الديمقراطيين إنهم متعاطفون مع الإسرائيليين بينما قال 49% غنهم متعاطفون مع الفلسطينيين. بينما تصل تلك النسبة بين الجمهوريين إلى 79% و11% على الترتيب. كما تشير الاستطلاعات إلى أن الناخبين الديمقراطيين الأقل من 40 عاماً متعاطفين مع الفلسطينيين أكثر من كبار السن، وهو ما ينعكس بالضرورة على مواقف المشرعين أنفسهم، فشاهدنا التقدم بمشروع قانون يمنع صفقة بيع أسلحة أمريكية لإسرائيل، خوفاً من إطالة أمد الصراع.
سبب آخر ذهبتت إليه التحليلات هو تعبير عدد من المشرعين الديمقراطيين التقدميين عن إحباطهم من التزام الرئيس بايدن بقواعد السياسة الأمريكية التقليدية، التي تقوم على الدعم المطلق والكامل لإسرائيل، وكذلك طريقة تعامله مع التصعيد الأخير بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، واخفاق محاولاته لخفضه، وقد طالبوا بمواقف رئاسية أكثر قوة، وأن تكون علنية.