يقبع السياسي يحيي حسين عبد الهادي، خلف الجدران، لمدة قاربت الـ3 سنوات، لاتهامات جرت الكثير من السياسيين إلى السجن في السنوات الأخيرة.

ففي 29 يناير 2019، تم إلقاء القبض على المهندس يحيي حسين عبد الهادي للمرة الثانية من منزله بالقاهرة، وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة وظهر بعدها في اليوم التالي في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 277 لسنة 2019، والمعروفة إعلامياً بتنظيم “اللهم ثورة” وصدر قرار بحبسه احتياطياً لمدة 15 يوم على ذمة التحقيقات.

جاء القبض على عبد الهادي بعد ساعات من مطالبة الحركة بالإفراج عن خمسة آخرين من أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية. ألقي القبض عليهم في أعقاب احتفالهم بالذكرى الثامنة لثورة 25 من يناير. وأسندت النيابة للمتهمين في قضية “اللهم ثورة” ومن بينهم المهندس يحيى حسين عبد الهادي، اتهامات بالانضمام لجماعة أنشأت خلافا لأحكام القانون تعمل على منع مؤسسات الدولة من أداء عملها، والإعداد والتخطيط لارتكاب أعمال عنف خلال شهري يناير وفبراير، واستغلال ذكرى ثورة 25 يناير للقيام بأعمال تخريبية ونشر الفوضى في البلاد.

وكشف محامي الذي حضر التحقيقات مع المهندس يحي حسين عبد الهادي، أن النيابة حرزت 4 “فلاشات” مع موكله تتضمن تقارير طبيبة عن صحته وعملياته الجراحية، وأنه طلب من النيابة طبع أجزاء منها لتقديمها بشكل رسمي وإثبات حالته الصحية الحرجة، وحاجته للعلاج.

وبعد عامين من حبسه احتياطيا، ظهر المهندس يحيي عبد الهادي على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1356 لسنة 2019، من داخل محبسه، وذلك بتهم الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، والتي تأتي متقاربة وبنفس الاتهامات السابقة، التي حبس على ذمتها لعامين. 

جدير بالذكر بأن القضية 1356 لسنة 2019 أمن دولة هي نفس القضية المحبوس على ذمتها الحقوقي محمد الباقر والناشط علاء عبد الفتاح، والمحبوسين على ذمتها من نهاية سبتمبر 2019.

سنوات النضال.. حسين عبد الهادي

لم تغفر سنوات عمل المهندس الـ 15 عاما، بالقوات المسلحة، حيث ظل يخدم بها كضابط مهندس حتى عام 1992. شارك في تأسيس مركز إعداد القادة، وأصبح مديراً للمركز ووكيلاً لوزارة الاستثمار عام 2004. مركزه هذا، ومناصبه المتعددة، أهّلته لعضوية اللجنة الرئيسية لتقويم “شركة عمر أفندي”.

“كان الأمر ككل أشبه بمهزلة. من كان يجب أن أبلِّغ بهدر أكثر من 700 مليون جنيه من أموال المصريين، إذا كان كبار المسؤولين أنفسهم هم من يهدرون المال العام؟”، قال عبد الهادي تلك الكلمات.

ومن ضمن 15 عضوا من قيادات قطاع الأعمال والخبراء، قدر عبد الهادي والأعضاء تقويمهم لشركة عمر أفندي بنحو 1300 مليون جنيه جنيه، حيث فوجئ عبد الهادي بتجاهل هذا التخمين واعتماد تقويم آخر بـ450 مليون جنيه ارتفع إلى 550 مليوناً، إضافة إلى توقيع اللجنة على ما يشبه اعتذار عن تقريرها الأصلي، واعتماد القيمة المنخفضة. وقد بيعت الشركة إلى شركة “أنوال” السعودية.

لم يكف عبد الهادي صاحب الـ 67 عاما، يده عن الوضع، تقدم عبد الهادي ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الاستثمار محمود محيي الدين ورئيس الشركة القابضة آنذاك هادي فهمي بتهمة الضغط على لجنة التقييم التي كان عضوا منتدبا فيها لتسهيل الاستيلاء على المال العام لصالح الشركة السعودية وإهدار لـ600 مليون جنيه مصري، وهو البلاغ الذي أخرج القضية إلى النور. 

حارب عبد الهادي عملية بيع شركة عمر أفندي بعد عدوله عن قراره، حيث كان موافقا على تقييم لجنة الوزارة، ولكنه أعلن ندمه، وبالفعل نجح في تعطيل البيع لمدة 8 أشهر، في مقاومة انتهت بالخسارة وحرمانه من جميع مناصبه ليعود مرة أخرى  لمركز إعداد القادة مرؤسا ليس رئيسا.

صفحة أخرى بدأت في حياة عبد الهادي، حيث قام بقيادة الحركة الشعبية “لا لبيع مصر” باعتباره مناهضا للخصخصة، بعد أن اختاره المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري ليكون ضمن اللجنة التنسيقية لحركة كفاية، وقد اعتبر ما يحدث تنفيذ لأجندات خارجية لتدمير مصر وتخريب أصولها.

اشتهر عبد الهادي بالسياسي المعارض رغم عدم انتمائه إلى حزب سياسي، فلم تكن قضية “عمر أفندي” هي القضية الوحيدة التي ناضل فيها من أجل الحفاظ على ممتلكات الدولة والوقوف ضد نهب أموال الشعب، منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك، مثل تصديه لبيع بنك القاهرة، وبيع أراضي الدولة لهشام طلعت مصطفى بأثمان زهيدة.

وفى 27 يونيو 2013 أصدر وزير الاستثمار آنذاك يحيى حامد، قرارا بإقالة يحيى حسين من منصبه كمدير لمركز إعداد القادة بسبب استضافة المركز لرموز المعارضة ضد الرئيس المعزول محمد مرسى في هذا التوقيت، لتنتهي علاقته بالمركز بعد خروجه على سن المعاش ورفضه الاستمرار أكثر في 30 يناير 2014.

في نهاية عام 2014، تلقي عبد الهادي عرضاً للعمل مستشاراً لمجلس الوزراء الكويتي، في شؤون الإدارة والدراسات والبحوث، وتولى مهام منصبه بالفعل.

*عُرف عبد الهادي بمناصرته الشديدة لثورة يناير من خلال مشاركته في أحداثها، و في عام 2017 شارك عبد الهادي بشكل فاعل في تأسيس الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان عبد الهادي علي رأس الرافضين لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.

لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يمثل فيها عبد الهادي أمام السلطات القضائية، في ظل النظام الحالي، حيث تم إلقاء القبض عليه في شهر نوفمبر 2018، ولكن تم الإفراج عنه بكفالة عشرة آلاف جنيه بعد تحقيق في بلاغ تقدم به مواطن يتهمه بإهانة رئيس الدولة ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام.