(1) نقلة الافتتاح

فجعتني القاهرة (أنا العائد) حين ألقيت عليها أول نظرة، لم تكن عاصمة بلد يحارب معركة “حياة أو موت”.. كان كل شيء فيها كما تعودت أن أراه، تسليما هادئا يكاد يغفي من النعاس، وأحسست بانقباض غريب في العاصمة المشغولة بالحياة العادية (*)

(1x) قد تصبح اللعبة ضد الحياة!

أنت لاعب شطرنج، لا تضيع وقتك في خطط تنتهي على رقعة من الخشب، فتفرح وأنت تقول لخصمك: كش مات.. خطط للحياة.. للمتعة.. للبهجة، أما السياسة فاركلها بقدمك غير مأسوف عليها.. ولا تكتب مذكراتك، فلن يصدقها أحد (+)

 

(2) الجامبيت

أنظر إلى الصورة: رجل يلعب شطرنج مع المجهول، يمكن أن يكون القدر ويمكن أن يكون مجرد خصم خفي أو خارج إطار الصورة، الصورة مثل كل شيء في حياة وممات هذا الرجل ساحة للخلاف والتناقض، مع أنها في حقيقتها مجرد “جامبيت” وكلمة “جامبيت” تعني “مناورة” أو خطة خداع، وهذه المناورة إما تكون مقبولة أو مرفوضة، وبالتالي يستمر الصراع حسب موقف الرفض أو القبول، فمن يقبل الجامبيت يرى في الصورة زعيما شعبيا وبطلا وطنيا محبوبا، ومن يرفضه لا يرى إلا الخداع مع أنه يناور ويلعب من أجل نفس الأهداف: رأس الملك والفوز بالدور.
بدأت فكرة هذا المقال في رأسي منذ سنوات، عندما رأيت الصورة منشورة وقرأت التعليقات المتصادمة تحتها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.. كانت حرباً طاحنة يطعن فيها المختلفون جثة رجل مات، ويدافع فيها الأنصار عن حلم مرسوم في صورة رجل مات، وكانت وصمة الهزيمة حاضرة بقوة، يسميها المحبون “نكسة” باعتبارها جولة خاسرة في حرب طويلة ضد أعداء أقوياء، وبالتالي فإن المهم هو التمسك بالقضية أكثر من النظر للنتائج الواقعية المرتبطة باختلال موازين القوة، بينما يحاول المختلفون وصم الرجل نفسه بالفشل والخسران، لدرجة توضح أن الرجل بشخصه ليس الهدف من الهجوم والتشويه، لكن الهدف هو الأفكار والطريق وموقع القيادة أيضا، بدليل أن فئات من المصارعين كانوا ذات يوم محبين لشخص الرجل، وفئات أخرى لم تعش في زمانه، وفئات ثالثة ترتدي ملابسه ولغته وتغني أغنياته بينما تنهال على الصورة طعناً وتتحرك عكس الاتجاه الذي تحكي عنه الأغنيات، ولما كنت مغرما بالشطرنج فقد استوقفني تحليل موضوعي يحاول أن يربط بين فشل الرجل السياسي والعسكري وفشله كلاعب شطرنج، فالصورة تكشف أن اللاعب الذي يظهر عادته وهو يلعب بالقطع البيضاء كدليل على المبادأة وقيادة الجامبيت، قام بتحريك عدد من البيادق بما يخلق ثغرات دفاعية كبيرة، بينما لم يهتم بتعبئة القطع الوسطى (الحصان والفيل) وهي القطع المهمة في أي تكتيك هجومي أو دفاعي، وشعرت أن هذا المدخل يستخدم المنطق لإثبات تهمة سياسية وعسكرية خطيرة لا تتوقف عند رقعة الشطرنج، فبدأت في تقصي حكاية الصورة، ربما تكشف لنا قصتها جانبا موضوعيا من حكاية “رجل الجامبيت” المختلف عليه، الذي صار اسمه وصارت صورته كصندوق اللعنات.

عبدالناصر والشطرنج
عبدالناصر والشطرنج

(2x) لعبة الأمم

كان يبتسم، ولا يبدو عليه إجهاد اشتراكه في الفالوجة (…) وسمعته يردد بصوته المعدني: كذب.. تمثيل في تمثيل (+)
هكذا كانت الصورة، مجرد تمثيلية في جلسة تصوير صممتها وكالة “بيكتوريال براد”، لم يكن هناك مباراة ولم يكن هناك لاعب خصم، لم يكن هناك سوى الرغبة في كشف شخصية الثائر الذي جاء ليساهم في نقل مركز قيادة العالم من لندن إلى واشنطن.
وكالة بيكتوريال نشأت عام 1935 بين الحربين، وكانت في مقدمة الأدوات التي دشنت “عصر الصورة” الذي وصلنا إليه الآن، وكانت تعمل كأخطبوط عالمي ضخم له آلاف الأذرع من المصورين في كل مكان تشرق عليه شمس الإمبراطورية التي تمضي بألم وعناد نحو نهايتها الوشيكة، وحسب أرشيف “جيتي” الذي آلت إليه ملكية الصورة بعد شراء وكالة بيكتوريال فإن تاريخ الصورة يعود إلى الخمسينيات عموما دون تحديد قاطع، لكن إحدى النسخ مؤرخة في مطلع عام 1956 وهو العام الدراماتيكي في حياة الرجل وفي تاريخ الإمبراطورية البريطانية أيضا، لكنني عثرت على تأريخ أكثر واقعية في وثائق المخرجة التسجيلية ميشال جولدمان التي أرخت التقاط الصورة في 7 يونيو 1954، وحينها لم يكن “رجل الجامبيت” رئيساً للجمهورية الجديدة، لكنه كان قد خرج منتصراً من أزمة مارس 54، لكنه لا يرغب في هيمنة سريعة ومعيبة على السلطة الرسمية، كان يطمح إلى دستور وانتخابات شعبية، فالنظام صار جمهوريا ولابد من مراعاة الشكل في تنصيب قيادة البلاد.
هل يعني هذا أن رجل الجامبيت كان يناور وصولا إلى السلطة وليس حفاظا على الثورة، وبالتالي حرص على مراعاة الشعارات دون إيمان حقيقي بمبادئ الديموقراطية وتقاليد النظام الجمهوري؟!
يبقى السؤال واحداً من الأفخاخ التي ازداد فيها الخلط بين الاستراتيجية والتكتيك، أو بين الجامبيت والهدف الأساسي، فقد عرف الرجل في الفالوجة أن المناورة تفرض نفسها على جبهات المعارك، وليس هناك مفر من التعامل معها، ففي تلك الفترة تقريبا كتب يقول:
أذكر ذات يوم أنى التقيت بجندي من كتيبتنا أثناء حرب 48، وخطر فى بالى – دون سبب محدد – أن أوجه إليه سؤالا أحاول أن أعرف من ورائه مدى فهمه للذي نقوم به في فلسطين، وقلت له: احنا هنا بنعمل ايه يا عسكري؟
قال الجندي، ولن أنساها طول عمرى: احنا هنا بناور يا افندي!
ذهلت، وسألته: بناور فين؟
قال: في الدبيكي يا افندي (*)
وكانت الدبيكي هي منطقة التمرين والمناورة المعتادة للجيش المصري حينذاك.
مباراة الشطرنج كانت كذلك، مجرد تمثيلية تكفي لالتقاط الصورة، وقد ثبت ذلك من نتائج التقصي الطويل الذي توصلت إليها، حيث عثرت على صور “الميكنج” وطريقة ترتيب النظرة، ووضع الاستغراق في التفكير، وموضع اليد من الرأس، ثم إضافة علبة سجائر (كرافن إيه) التي كانت رمزا فاخرا للنخبة البريطانية القديمة قبل أن تؤول الشركة والماركة إلى روثمان الأمريكية ضمن التحول السياسي والاقتصادي لمركز القيادة من لندن إلى القوة الجديدة الصاعدة وراء المحيط، وفي تلك الأثناء كانت “بيكتوريال براد” تعبر المحيط مع “كرافن إيه” وشارلي شابلن وفيفيان لي وهيتشكوك، فيما كان مشروع مارشال يعبر في الاتجاه المعاكس نحو أوروبا ليغير مركز صناعة القرار الدولي والتأثير الخارجي على خريطة الأرض، لذلك فإن “صورة لاعب الشطرنج” تعبر عن أخطر مما يشتبك فيه المتراشقون، تعبر عن خريطة التحولات الدولية في تلك المرحلة الصعبة، وتكشف عن ملامح التبني الأمريكي للتنظيم العسكري الذي يسعى لتغيير النظام الملكي في مصر بما يقلص وجود بريطانيا في المنطقة اللاهية التي سميت إبان ذلك بمنطقة الشرق الأوسط.

عبدالناصر والشطرنج
عبدالناصر والشطرنج

(3) حرب.. أم لعبة شطرنج؟

في هذه الدنيا لا يكفي أن نتفرج، لابد أن نتدخل ولا نستسلم (+)
كانت لعبة الشطرنج في تلك المرحلة (مثل الكتاب والوظيفة الرفيعة) تفرض قيمتها وتمنح لاعبها مكانة ثقافية واجتماعية مميزة، وكان نابليون قد زاد من قيمتها عند العسكريين، برغم أن مناورته الشائعة ضعيفة ومكشوفة عند المحترفين، بل إن هزائم نابليون في الشطرنج تفوق هزيمته في واترلو، لكن للشهرة حساباتها، إذ تكفي مباراة يتفوق فيها الجنرال على جوزفين ليحكي عنها الناس بزهو وتفاخر، وفي أجواء تبلور طبقة جديدة من الضباط الوطنيين من أحفاد أحمد عرابي التقى ناصر وعامر والشيطان ثالثهما، إذا كان الطالب الثائر قد تعلم قواعد تحريك قطع الشطرنج دون استراتيجيات أو خطط، واكتشف أثناء لعبه مع الأصدقاء أنه يخسر كل مبارياته لسبب لا يعرفه، فليس المهم أن تعرف كيف تحرك القطع، المهم أن تجيد ترتيب قواتك لتحقق الهدف الاستراتيجي بصرف النظر عن الخسائر والمكاسب في إعداد القطع، ولما توطدت صداقة ناصر مع عامر توثقت معها علاقة ناصر بالشطرنج وبالسجائر، فقد ساعدت الصداقة القوية على تسرب بعض السلوكيات من عامر إلى ناصر، الذي تألم من فكرة الخسارة في الشطرنج، وقرر تغيير النتيجة مؤمنا أن الهزيمة ليست قدرا نهائيا، لكنها محصلة أفكار وممارسات، وخجل من فكرة طلب التعلم من صديق، واستبعد الاستمرار في التعلم الطويل بطريقة “التجربة والخطأ”، وكان من السهل أن يعرف أن هناك كتبا لتعلم الشطرنج ودراسة الأدوار العالمية، وبدأ يحرص على الذهاب إلى المكتبة لتعلم الشطرنج بالانهماك في النظريات وليس في الواقع، على عكس ما توصل إليه في السياسة بعد ذلك، حيث رفض الخضوع لنظريات مسبقة مفضلا التعاون المفتوح حتى يحدث الصدام أو تتضح التعارضات بين ما يريده ويؤمن به وبين ما يريده أو يسعى إليه الآخرون، وهذا المدخل يوضح إشكالية علاقة ثورة يوليو بأمريكا، التي تتحوصل عادة بين من يريد وصما بالانقلاب الأمريكي على غرار انقلابات جمهوريات الموز، في مقابل من ينفي العلاقة ويسعى لتطهير يوليو من أي ارتباطات أو تنسيق أو تفاهمات أمريكية، وهو أمر لا يمكن تصديقه في المتغيرات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية.
في أثناء حرب فلسطين ظهرت جوانب من نظرة الضابط جمال لأمريكا وطريقة صنع القرار الدولي، حيث وصلته أنباء عن هدنة وشيكة بقرار من مجلس الأمن فكتب في مذكراته يقول:
“كنا كتيبة من غير جنود، وذات ليلة سمعت في راديو القاهرة أن مجلس الأمن أمر بوقف القتال في فلسطين، وتوقعت أن يعود العدو فيكرر الليلة والغد نفس ما يصنعه من قبل: يحتل مواقع حاكمة في الساعات الأخيرة لكى يحتشد وراءها ويضربنا عندما يستريح… ويضرب معنا قرار وقف القتال الصادر من نيويورك
كنت أتابع الأخبار، وأنا قابع في أطلال معسكر بريطاني مهجور بلا نوافذ وبلا أبواب، لم يكن عندي ما أصنعه غير أن أتابع؛ فقد كنت أركان حرب كتيبة من غير كتيبة، كانت سرايانا كلها معارة للكتائب الأخرى، وكنا .. رياسة الكتيبة، وحدنا في المعسكر المهجور، ووقفت أمام المعسكر والخواطر تزحم رأسي: هدنة أخرى تصدر بها الأوامر من نيويورك ونطيع… أهي حرب حقيقية ، أم لعبة شطرنج؟!

(3x) تضحية وزير

الهزيمة تدفع الناس إلى الهرب من بعضهم بعضًا (+)
نجحت حركة تغيير النظام، لكن فرسان التغيير تنازعوا فيما بينهم، وفي يناير 1953 قال المقدم للواء “كش رئيس”، وبدأ تحجيم اللواء ومن معه وحظر جميع الأحزاب السياسية، ووضع العمل السياسي الشعبي تحت مظلة “هيئة التحرير”، وبعد تقارب اللواء مع الإخوان والوفد كقوى مناوئة، فكر المقدم في تنحية اللواء، وانتزع منصب وزير الداخلية حتى استقال اللواء في فبراير 1954 قبل شهور قليلة من “صورة الشطرنج”، فقد قبل المقدم الاستقالة ووضع اللواء تحت الإقامة الجبرية، وسرت حالة من العنف المتبادل والتظاهر المصنوع أدت إلى مناورة جديدة انتهت بوعد عودة اللواء في 4 مارس وتنصيب عامر بدلا منه كقائد للقوات المسلحة، ومن 5 مارس إلى أوائل يونيو قبل التقاط الصورة بأسبوع كانت الصراعات في أوجها لكن النتائج تنتهي لصالح المقدم الثائر الذي رفض محاولات الملك سعود للتدخل بغرض إصلاح العلاقة بين اللواء ومجلس الثورة، لكن هذه المرحلة العاصفة استلزمت جرأة كبيرة من التضحيات التي اضطر إليها لاعب الشطرنج:
امتدت يده إلى قطع الشطرنج السوداء أمامه، فأزاحها بيده وهو يقول: إنهم يتصورون أن كل شيء قد تحقق بمجرد أن جلسوا في مجلس قيادة الثورة.. أحدهم وقف على المائدة يرقص، والآخر صاح ونحن نتحدث عن النظام والأمن: آلو يا سماء ابعثي لنا الأمن والحماية، وآخر يريد الدولارات، والذي يجلس بجواره يريد الماركات الألمانية، وأمامه من يريد الروبلات، ونحن لم نكتشف ذواتنا بعد.. ما زلنا لا نعرف أنفسنا، نعرف الأحلام ولا شيء بعد ذلك (+)
يبدو الاعتراف الروائي مخيفاً، خاصة عندما تكررت في أعقاب يناير 2011 فكرة الصراع وممارسات الإزاحة وازدادت المناورات ميكافيلية وبدت كل الخطوات إما استرجاعية أو كابوسية، في مقابل الشرائط الضيقة والزنازين التي تبتلع الأحلام وتطلعات النصر مع كل ثورة، كأن الواقع التكراري ينذرنا دائما بوضع مغلق ونتائج محتومة تقودها آلات القوة المهيمنة عكس ما تذهب إليه في البداية أحلام الثورات
وفي رواية القط والفأر يرفض “رجل الجامبيت” قول اللاعب الغائب:
أنت تخلصت منهم.. تخلصت من معظم القطع!
فيقاطعه غاضبا: أبداً.. كل واحد منهم مازال يصرخ ويثرثر..
وكيف نتصرف؟
قال “رجل الجامبيت” بصوت غريب: زجزفانج
كرر الكلمة عدة مرات ثم شرحها لي: كلمة ألمانية لا تجد ترجمة لها في أي لغة، لكني عرفتها وذقت مرارتها، إنها تعني أنك أولا مضطر إلى أن تتصرف، لابد أن تمد يدك وتنقل قطعة الشطرنج فوق المربع المناسب لها، أنت لا تستطيع أن تلعب الشطرنج دون أن تحرك القطع، ولا تستطيع أن تقود ثورة وتحكم دون أن تتصرف وتصدر قرارات، هذا أمر لابد منه، وبعد ذلك عليك ثانيا أن تواجه أي تصرف تقدم عليه وأنت تعلم مسبقا أن أي إجراء تتخذه يسيء إليك وضرره أكثر من نفعه، ومع ذلك لابد من التصرف ولابد من قبول الأضرار حتى تجد نفسك في حالة اختناق، ومع ذلك لابد من الاستمرار، لا مفر من أن أصدر القرار بعد القرار، ولم يعد أمامي إلا أن أحافظ على الثورة، أحافظ على الذات، أحافظ على استقلال الذات التي أصبحت أهم من أي شيء آخر.. أهم من السد العالي، والإصلاح الزراعي، والوحدة…. فتحت صندوق الثورة، فانطلق الحرمان وانفجر الكبت وهجم الجائعون على الموائد، واختلط الحابل بالنابل، وعندما انقشع الضباب لم يبق أمامنا إلا هذا المجلس، لم نتحرك خطوة واحدة.. طلبنا أن نعيش أحرار ولم نعرف كيف نعيش أحراراً (+)
وكما دونت في بداية هذا المقطع: الهزيمة تدفع الناس إلى الهرب من بعضهم بعضاً (+)
فقد جاءت الهزيمة لتدفع اللاعب للتضحية بالوزير، ولا أحد يعرف هل كانت التضحية متسرعة ومتعمدة من اللاعب، أم أن الوزير وقع في فخ الموت بنفسه نتيجة دخوله منطقة خاطئة؟!
لكن الملاحظ أن اللاعب الذي ظهر في معظم الصور يلعب بالقطع الملائكية البيضاء ظهر بعد الهزيمة يلعب بالقطع السوداء، ربما إيمانا بفضيلة التداول، وربما للتمرن على تلقي الضربة الأولى، وربما تطبيقا لحقيقة واقعية مخيفة تؤكد لنا أن الأول لا يظل دائما هو الأول، وأن أحداً لا يمكنه أن يحتكر دائما ضربة البداية وحده، لذلك علينا أن نتعلم “رد السيرف” لأن النصر قد يتحقق بالصبر والانتظار كما يتحقق بالمبادرة والمبادأة… ربما

(زجزفانج)

الوضع يبدو سليماً، لكنها سلامة الموت، فأنت مطالب بالحركة، وأي حركة تعني مزيد من الهزائم، وهذا الوضع الذي عاشه لاعب الشطرنج في حروبه وصراعاته، يشبه إلى حد كبير الوضع الذي كتب عنه في المجدل في فلسطين عندما عاد إلى كتيبته حزينا متسائلاً، فكتب يقول:
ولم يكن هناك شيء قد تغير.. كل شيء تماما كما تركته: سلم وسط الحرب.. حرب وسط السلام! وبين السلام الضائع والحرب الضائعة، كنا في خنادقنا نعيش في حيرة خطيرة، أخطر علينا من العدو الذى نحاربه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
(*) مقتطفات منقولة بتصرف أمين من مذكرات جمال عبد الناصر عن حرب فلسطين حسب النص المنشور في مجلة “آخر ساعة” شهري مارس وأبريل 1955
(+) مقتطفات منقولة بتصرف أمين من رواية “قط وفأر في قطار” للاعب الشطرنج الأديب الصحفي فتحي غانم
– أتعشم أن يتكمن القارئ من استكمال النواقص بفهمه وثقافته، فالمقال مختصر من كتابة ثقيلة وطويلة، أتمنى لو تجد فرصتها المناسبة للنشر مكتملة تحت عنوان: مقالات حول رقعة الشطرنج
– هناك تعمد مقصود لنشر المقال في 28 سبتمبر، فللتاريخ شؤونه وشجونه، رحمة الله على الحالمين، وحيا الله الأحلام