فور إعلان مصلحة الضرائب المصرية عن إقرار ضرائب على المدونين والمتربحين من فيديوهات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي. أسرع البعض للحديث عن كيفية التهرب من هذه الضريبة المفاجئة. بعد أن حقق الكثير من مشاهير هذه التطبيقات أرباحًا تُقدّر بالملايين خلال الأعوام القليلة السابقة.
ويُعرف المؤثرون، أو ما يطلق عليهم “مشاهير مواقع التواصل”، بأنهم ينتمون في الأغلب إلى “جيل Z”، وفقًا لتعريف الأمريكي دون توبسكوت. صاحب المؤلفات الأكثر مبيعًا في تحليل ورصد التغييرات التي أحدثها الانترنت في تغيير العالم، والذي يرى أن هؤلاء الشباب “صاروا أصحاب الكلمة لأول مرة في التاريخ الإنساني. وصارت مشاركتهم الإيجابية بديلًا فعالًا عن المشاهدة فقط في وسائل الإعلام الأخرى”. وبالتالي تحولت مشاركتهم في نشر المعلومات والمواد الترفيهية إلى استثمار، يحققون ربحية من دعم منتج استهلاكي يقبل عليه متابعيهم عبر المنصات الإلكترونية المختلفة.
وكانت مصلحة الضرائب قد أعلنت عن إخضاع صانعي المحتوى على شبكات الإنترنت، ومشاهير منصات التواصل الاجتماعي، لقانون الضرائب على الدخل. وذلك ضمن الإجراءات الخاصة بحصر المجتمع ضريبيًا. وإعادة هندسة الاجراءات الضريبية. من بين الأنشطة الخاضعة للضريبة فيديوهات الطبخ والترفيه وغيرها، مادامت تحقق أرباحا لصاحبها.
“القرار يسري على كل المحتويات التي يقدمها المدونون على منصات التواصل الاجتماعي سواء فيسبوك- توتير- يوتيوب- إنسجترام- تيك توك- وغيرها. ويحقق صاحبها من ورائها أرباحا أو إيرادات”. وفق ما أكد الدكتور محسن الجيار، مدير إدارة ضرائب المسجلين بمصلحة الضرائب، في تصريحات صحفية.
أرباح الفنانين
وأوضح موقع Social Blade الأرباح الشهرية والسنوية للفنانين على موقع اليوتيوب. أكثرهم تأثيرًا هو الفنان محمد رمضان، الذي يبلغ عدد متابعيه 13.2 مليون متابع، وحقق أكثر من 4 مليارات مشاهدة على إجمالي 516 فيديو طرحها منذ إطلاق قناته في أكتوبر 2014. يبلغ متوسط أرباح رمضان شهريًا بين 251 ألف إلى ما يزيد عن 4 ملايين جنيه. بمتوسط سنوي بين 3 إلى 48.6 مليون جنيه.
أما الفنان عمرو دياب، فقد أطلق قناته الرسمية على يوتيوب في مايو 2006، والتي يتابعها 5.24 مليون شخص. وتضم 212 فيديو إجمالي عدد مشاهداتها حتى الآن 1.6 مليار مشاهدة. بمتوسط ربح شهري بين 133.3 ألف إلى 2.1 مليون جنيه. وسنويًا ما بين 1.6 مليون إلى 25.1 مليون جنيه.
في نوفمبر 2006 أيضًا أطلق الفنان تامر حسني قناته على يوتيوب، ووصل متابعيها إلى 7.1 مليون شخص، بإجمالي عدد مشاهدات 2.4 مليار. وفي الشهر الأخير حقق 30.4 مليون مشاهدة. وتبلغ الأرباح شهريًا بين 119.2 ألف إلى 1.9 مليون جنيه، وسنويًا بين 1.4 مليون إلى 23.5 مليون جنيه.
ووصلت مشاهدات قناة الفنان محمد حماقي -والتي تم إطلاقها في أبريل 2013- إلى 42.2 مليون مشاهدة في الشهر الأخير، بينما يبلغ إجمالي عدد المشاهدات على القناة 816 مليون. ويصل متوسط أرباحه شهريًا ما بين 166.3 ألف إلى 2.6 مليون جنيه. وسنويًا ما بين 1.9 مليون إلى 31.4 مليون جنيه.
أما فناني المهرجانات، فحققوا بدورهم أرباحًا ضخمة عبر اليوتيوب. أبرزهم حسن شاكوش، الذي بلغ صافي أرباح قناته شهرًيا ما بين 175.7 ألف إلى 2.8 مليون جنيه. وسنويًا 2.1 مليون إلى 32.9 مليون جنيه. بعد أن حقق في الشهر الأخير 44.75 مليون مشاهدة.
وطرح مغني المهرجانات عمر كمال 206 فيديوهات على قناته، لتحقق إجمالي مشاهدات وصل إلى 554 مليونًا منذ إطلاقها في سبتمبر 2012. بمتوسط ربح شهري بين 72.2 ألف إلى 1.16 مليون جنيه، وسنوًيا ما بين 873.9 ألف إلى 13.9 مليون جنيه.
وتتراوح أرباح حمو بيكا شهريًا ما بين 39.2 ألف إلى 615 ألف جنيه، وسنويًا ما بين 461.2 ألف إلى 7.4 مليون جنيه. وحقق بيكا حتى الآن 9.812 مليون مشاهدة خلال الشهر الماضي، وبلغ إجمالي عدد مشاهدات قناته 651 مليون منذ إطلاقها في سبتمبر 2018.
ملايين الكفتة
رغم تعليق رمضان زوج أم نور، والتي اشتهرت على وسائل التواصل الاجتماعي باسم “سيدة الكفتة”، فور علمه بقرار المالية، بأنه لم يتربح حتى الآن أموالاً رغم وصول عدد المتابعين إلى 500 ألف. إلا أنه وفقًا لموقع Social Blade فإن القناة التي تظهر عليها زوجته تتربح شهريًا من 69 دولارا، حتى 1001 دولار، ما يعادل بين 1085 جنيها وحتى 15 ألفا و700 جنيه مصري. في حين تصل أرباحها السنوية من 824 دولارا، وحتى 13200 دولار، ما يعادل بين 13000 جنيه وحتى أكثر من 207 آلاف جنيه مصري.
واشتهرت أم نور بأنها صاحبة مقاطع طهي الكفتة في غرفة النوم، وتداول رواد مواقع التواصل فيديوهاتها بسبب الشكل التي تظهر به من غرفة نومها. التي وضعت فيها بوتاجاز صغير لطهي أصابع الكفتة.
كذلك يعد أحمد حسن وزينب من أشهر اليوتيوبرز في مصر، فبين الحين والآخر يتصدران الترند بسبب نوعية المحتوى الذي يقدمانه عبر قناتهم على اليوتيوب، وتصل أرباح قناتهما السنوية إلى مليون و400 ألف دولار. وحققت قناة حمدي وزوجته وفاء على اليوتيوب أكثر من 92 مليون مشاهدة خلال الشهر الماضي فقط، لتصل أرباحهما إلى 4 ملايين و400 ألف دولار.
أيضًا اليوتيوبر محمود الجمل، والذي لم يثر الجدل أو يتصدر الترند، استطاع بهدوء تحقيق عدد ضخم من المشاهدات على قناته على موقع يوتيوب وصلت لما يزيد على 200 مليون مشاهدة خلال الشهر السابق. كما تحقق ربحًا سنويًا قدره 9 ملايين و600 ألف دولار. ويقدم أحمد وندى قصص إنسانية حققت على موقع يوتيوب أرباح سنوية تصل إلى 9 ملايين دولار. أما قناة الطفلة كوكي ووالدها، التي تقدم محتوى ترفيهيا، متمثلا في مواقف بينهما، وصلت أرباحها السنوية إلى 2 مليون ونصف المليون دولار.
الضرائب المصرية ليست الأولى
ليست مصر هي الدولة الأولى التي تفرض ضرائب على أرباح صناعة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي. فمصلحة الضرائب البريطانية لم تعد تصنف يوتيوب على أنه “مجرد هواية”، لذلك يجب الإعلان عن أي أموال تربحها من قناتك على يوتيوب من خلال إقرار ضريبي. وفق ما ذكر موقع تاكس سكاوتس.
أوضح الموقع: “إذا كنت مقيمًا في المملكة المتحدة وقد ربحت الأموال من خلال يوتيوب. فحينئذٍ، نعم، ستحتاج على الأرجح إلى دفع الضرائب. خاصة إذا كان شخص ما يدفع لك مقابل شيء ما، أو كنت تقدم خدمة أو منتجًا في المقابل. حيث أنك في هذه الحالة، ومن الناحية الفنية. تدير نشاطًا تجاريًا؛ حتى لو كان الأمر يتعلق بشيء تستمتع به، مثل إنشاء مقاطع فيديو على يوتيوب”.
كذلك أعلن موقع يوتيوب في أبريل الماضي أنه سيبدأ خلال الأشهر المقبلة في خصم ضريبة الدخل الفيدرالية الأمريكية من جميع عائدات منشئي المحتوى التي يتم توليدها عن طريق المشاهدين المقيمين في الولايات المتحدة. يرجع ذلك إلى التغييرات الجديدة التي تم إجراؤها على الفصل الثالث من قانون الإيرادات الداخلية للولايات المتحدة.
ويحكم القانون وسائل استقطاع الضرائب على الأجانب غير المقيمين والكيانات الأجنبية. والذي تطلب أن يقتطع يوتيوب الضرائب بشكل استباقي من أي منشئ محتوى في برنامج شركاء يوتيوب، ويكسب المال عن طريق المقيمين في الولايات المتحدة.
وأبلغت شركة جوجل في رسالة بريد إلكتروني جميع مستخدمي موقع الفيديوهات بأن تحصيل الضرائب لن يطال المواطنين الأمريكيين. بينما سيخصم نحو 24% من إجمالي أرباح صانعي المحتوى في جميع أنحاء العالم.
وأكدت جوجل أن الاقتطاع الضريبي يختلف حسب بلد الإقامة، وما إذا كان ناشر المحتوى مؤهلا للاستفادة من مزايا المعاهدات الضريبية بين الدول من عدمه. وما إذا كان فردًا أو يمثل نشاطًا تجاريًا.
الدخل غير المعلن
كذلك نشرت صحيفة “حريات” التركية، في فبراير الماضي، خبرًا يفيد بأن وزارة الخزانة التركية بدأت التحقيق فيما أسمته بـ “الدخل غير المعلن لمستخدمي يوتيوب”. وأوضحت الصحيفة أن ضباط من الوزارة يقومون بالتحقق من التحويلات المالية بين المقيمين الأتراك وشركة Google Ireland Limited، التي تشرف على العمليات الأوروبية.
وأضافت أن هناك من يجادل بأن دخل وسائل التواصل الاجتماعي يجب إعفاؤه من الضرائب، لأنه لا يوجد رأس مال مسجل. بصرف النظر عن جهاز كمبيوتر واتصال بالإنترنت، الا أن كل نوع من الدخل المتولد من خلال مؤسسة تجارية، سواء كان بسيطًا أو معقدًا، يجب أن يكون خاضعًا للضريبة.
أيضًا كانت دولة الإمارات من أوائل المعلنين عن فرض هذه النوعية من الضرائب. حيث أصدر المجلس الوطني للإعلام الإماراتي قانونًا يقضى بضرورة الحصول على ترخيص لممارسة أنشطتهم والتربح منها. بما في ذلك المواقع المرئية والمسموعة والمقروءة، يصل ثمنه إلى ما يقرب 4 آلاف دولار أمريكي في العام. بينما سيدفع المخالفون غرامةً قدرها 1300 دولار.
وتشمل عقوبات عدم الترخيص في الإمارات إلى غرامات تصل إلى 5000 درهم، ثم يتلقى صاحب الحساب تحذير رسمي. وإذا لم يستجب يتم غلق موقع الويب أو الحساب الشخصي.
كذلك ذكرت جريدة عكاظ السعودية أن الهيئة العامة للزكاة والدخل، نوّهت بضرورة دفع ضريبة القيمة المضافة على الإعلانات لنجوم التواصل الاجتماعي المتربحين من هذه المواقع. خاصة من تجاوز دخل الفرد منهم 375 ألف ريال سنويًا من الإعلانات.
ومن الممكن أن يصل سعر التغريدة الواحدة إلى 20 ألف ريال سعودي، والإعلان غير المباشر في صورة “إنسجترام” يبلغ نحو 15 ألف ريال سعودي، و20 ألف ريال للصورتين. بينما الإعلان غير المباشر في “سناب شات” -وهو التطبيق الأكثر شعبية في المملكة- يتجاوز الـ 60 ألف ريال، على أن تغطي الإعلان بـ 10 فيديوهات.
في الوقت نفسه، يُشار إلى أن مشاهير مواقع التواصل في المملكة، هم غير سعوديين، مثل اليمنيين بدر صالح، عمر حسين، إبراهيم صالح، رضوان الريمي. واللبنانيات دارين البايض، ندى كرك، ونيفين طبارة. والسورين صالح الأميري وأميرة العباس، والفلسطينية نوف عمر.
ملاذات آمنة
مع إعلان الطرق التي ستتم بها محاسبة صناع المحتوى هؤلاء، انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وغيره، العديد من المنشورات التي تقترح طريقة للتهرب الضريبي. والتي تُعرف عالميًا باسم “الملاذات الأمنة“، وهي ولاية قضائية، قد تكون دولة أو دويلة أو إقليم، تكون فيه الضريبة على الربح والدخل منخفضة جدّا أو معدومة، وتعمل على جذب الأموال اعتمادًا على هذه الميزة.
وعادة ما تمنح هذه الولايات القضائية ميزة أخرى، وهي السرية، وهي ضرورية لمن يريد أن يتهرب من دفع الضريبة في بلده، حتى لا تستطيع السلطات الضريبية في بلده الوصول إلى معلومات عن هذه الأموال. ووفقًا لشبكة العدالة الضريبية، يوجد حوالي 80 ملاذًا آمنًا حول العالم.
وتتمثل المعاملات في إنشاء شركة وهمية في واحدة من تلك الملاذات الآمنة، ثم يتم تحويل الأموال إليها -في هذه الحالة سيتم تحويل الأموال من يوتيوب ومنصات التواصل والتطبيقات الأخرى- مع إنشاء فيزا إلكترونية يتم إعادة سحب وتحويل الأموال من خلالها.
وتقدر شبكة العدالة الضريبية تكلفة ممارسات التهرب الضريبي المختلفة، ومن ضمنها الاستثمار السري الدائري ونقل الأرباح باستخدام الملاذات الضريبية حول العالم بنحو 32 تريليون دولار. وفي مصر بنحو 68 مليار جنيه مصريّ سنويّا.
ووفق موقع missing profits، تعد بورتوريكو أكبر الدول المستفيدة من هذه التحويلات، وبلغت قيمتها عام 2017 أكثر من 38 مليار دولار. أما جزر كايمان، فقد حلت في المركز الثاني، باجتذاب أكثر من 32 مليار دولار، لتصير سادس أضخم قطاع مصرفي في العالم. في حين حصلت بنما على 18.1 مليار دولار.