كشفت صحيفة وول ستريت جورنال تفاصيل الأزمة التي وقعت سبتمبر الماضي بين رئيس بي بي سي العربية الأسبق حسام السكري وفيسبوك، بوقف بث برنامج يقدمه باسم صالون السكري. وقد حظر فيسبوك حساب السكري من بث برامج الفيديو لمدة شهر قبل وقت قصير من إذاعة برنامج يتحدث عن يهود مصر وعدد من الشخصيات المرموقة في الطائفة.
وقد حظي تحقيق وول ستريت جورنال باهتمام واسع وأعيد نشره في عدد من الصحف ومواقع البيزنس في العالم كما رد عليه كبار مسؤولي فيسبوك.
وتمكنت الصحيفة من الحصول على تقرير داخلي أعدته فيسبوك عن الحادث يكشف أن مواجهتها مع السكري كان لها تبعات تتعلق بكيفية تعاملها مع حسابات الصحفيين المؤثرين.
وكان حساب السكري على فيسبوك قد تعرض لهجوم شرس من متطرفين في أعقاب تحليله لحملة جمع تبرعات بدعوى بناء “مراكز إسلامية”. شارك فيها شخصيات “مشبوهة وممنوعة من دخول بريطانيا” على رأسهم الداعية ذاكر نايك. الذي سبق تغريمه في المملكة المتحدة أكثر من مرة بسبب خطاب الكراهية الذي تبثه محطات تليفزيونية مملوكة له في بريطانيا.
وقد تم تصعيد الهجوم على السكري وقتها بعد إعلانه عن حلقة خاصة من برنامج تتحدث عن يهود مصر. وقد تسببت هذه الحملة الهجومية على حساب السكري من خلال حسابات لمتطرفين شاركوا فيها من مختلف أنحاء العالم، في انطلاق خوارزميات فيسبوك بشكل تلقائي لتحليل صفحته. وكانت النتيجة عثور الخوارزميات على بوست قديم نشره السكري على صفحته في عام 2017 يدين فيه مسؤولا رفيعا في وزارة الأوقاف المصرية ظهر على قنوات إسلامية وهو ينعي زعيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن وينعته بالمجاهد والشهيد.
خطأ غير مقصود
وقالت “وول ستريت جورنال” في التحقيق الذي كتبه الصحفي جف هورفيتز: “في العام الماضي، أساءت خوارزميات فيسبوك تفسير منشور كتبه منذ سنوات حسام السكري، وهو صحفي مستقل سبق له تولي رئاسة القسم العربي في الخدمة الإخبارية التي تقدمها بي بي سي. وهذا طبقا لما جاء في تقرير عن الحادث سجلته الشركة في سبتمبر الماضي. في منشور على فيسبوك أدان السكري أسامة بن لادن. إلا أن خوارزميات فيسبوك فسرت ما كتبه باعتباره دعما للإرهابي، وهو ما يعتبر خرقا لقواعد المنصة. وتم حظر بث برنامج صالون السكري وفرضت عليه عقوبة منع بمقتضاها من البث، كما تم وضع حسابه تحت الرقابة باعتباره من الحسابات الخطرة”.
وعقب تظلم السكري من الإجراء أحيل الموضوع لـ”مراجعين بشريين” للبت في الأمر.
وتقول الصحيفة “المراجعون البشريون أقروا التفسير الآلي بطريق الخطأ ورفضوا اعتراضات السكري”.
وتضيف وول ستريت جورنال “بالتبعية تم منع حساب السكري من بث برنامج فيديو لايف قبل قليل من ميعاده المخطط. ردا على هذا الموقف أدان السكري فيسبوك على تويتر وعلى منصات فيسبوك في منشورات تلقت مئات الآلاف من المشاهدات. غيرت فيسبوك موقفها بشكل سريع ولكنها بعد ذلك وبطريق الخطأ أزالت مزيدا من منشورات السكري التي ينتقد فيها متشددين إسلاميين”.
خطوات تصعيدية
لم يكن أمام السكري وقتها سوى تصعيد المسألة من خلال تغريدات متعاقبة نشرها على حسابه في تويتر. اتهم فيها الفريق العربي بالانصياع لضغوط متطرفين تسللوا إلى صفوفه وبدأوا في تصفية حساباتهم مع الرافضين لخطاب الكراهية والتطرف. وبعد أسابيع تم فك الحظر عن حساب السكري الذي لم يتواصل معه أحد أثناء الأزمة بشكل رسمي.
وكشفت وول ستريت جورنال أن الأزمة التي حدثت مع السكري كان لها أصداء داخل فيسبوك استتبعت قيام المؤسسة مع تصعيده المستمر باستطلاع رأي العشرات بداخلها، على الأرجح من المتحدثين بالعربية أو المطلعين على ما يجري فيها، لمساعدتها في تحديد موقف مما يحدث ومن الاتهامات الموجهة لها بدعم التطرف.
وقالت وول ستريت جورنال: “في تعقيب للسكري وقتها على تويتر قال: يبدو واضحا أن المتطرفين تسللوا إلى فريق دعم فيسبوك العربي. وهو ما أدى إلى مزيد من الارتباك داخل فيسبوك. وبعد أن طلبت فيسبوك آراء 41 شخص من داخل المؤسسة قالت في تقرير لها عن الحادث إن نظامها لمراجعة المحتوى XCheck يظل في أغلب الوقت بحاجة إلى المتابعة. وانتهى التقرير إلى النظام لابد أن يتسع ليتضمن الصحفيين المستقلين المعروفين مثل السكري لتتجنب الشركة احتمالات الدعاية السلبية ضدها في المستقبل”.
مراسلات متبادلة
في مراسلات متبادلة مع كاتب التحقيق جف هورفيتز قال السكري إن فيسبوك لم تتواصل معه بشكل مباشر وقتها ولم يعلم بما حدث. وأكد أن وضعه على قوائم خاصة بالصحفيين ربما لم يفده كثيرا، حيث أن المجتمع الذي نشأ على فيسبوك حول الصالون كان مرشحا للاختيار ضمن برنامج الدعم الخاص الذي تنظمه فيسبوك سنويا تحت عنوان “Facebook Community Accelerator Program”. وكشف السكري أن البرنامج نجح في كل المراحل التي حددتها فيسبوك للاختيار، إلا أنه استبعد في اللحظة الأخيرة.
ويعتقد السكري أن الاستبعاد كان سببه هو أنه ذكر في المقابلة النهائية حادث الحظر والهجوم الذي تعرض له من المتطرفين، وهو ربما ما دعا فريق الاختيار “لتجنب المشاكل” باستبعاد الصالون في المرحلة الأخيرة من الاختيار، وبعد أن اجتاز كل مراحل الترشح بنجاح.
التحقيق الذي كتبه هورفيتز كان يركز بالأساس على قيام فيسبوك بتطبيق مجموعات متباينة من المعايير على مستخدميها. وانتقد في تحقيقه وضع فيسبوك لنظام يخضع حسابات المشاهير والنجوم والشخصيات المؤثرة.