نجح المدرب البرتغالي المخضرم كارلوس كيروش في الاختبار الأول رفقة منتخب مصر الأول لكرة القدم. بعدما فاز مساء أمس الخميس على ليبيريا وديًا بنتيجة 2-0 على ملعب برج العرب بالإسكندرية. ورغم أنها مباراة ودية وأمام خصم في المتناول كرويًا بالقياسي بحجم الفراعنة. لكن كيروش أوصل رسالة طمأنينة لأغلب الجماهير المصرية على الفريق القومي قبل مباراتي ليبيا المصيريتين في تصفيات كأس العالم قطر 2022 يوم 8 و11 أكتوبر الجاري.
ومن المقرر أن تكون المباراة الأولى في القاهرة يوم 8 أكتوبر بالتاسعة مساء بتوقيت القاهرة. أما المباراة الثانية فستكون على الأراضي الليبية بعد 3 أيام فقط يوم 11 أكتوبر في التاسعة مساء بتوقيت القاهرة.
المنتخب الذي تفوق على ليبيريا بهدفي محمد شريف مهاجم الأهلي وهداف الدوري الممتاز الماضي، ظهر بصورة مختلفة تمامًا عن ظهوره الباهت بالعامين الماضيين رفقة المدرب حسام البدري. وقدم مستوى وأداء جيدا دون نجومه المحترفة التي ستضيف قوة كبيرة إضافية مع هذه المجموعة في تحدي ليبيا الصعب.
ظهرت أمور جديدة مع عمل المدرب كيروش لم تكن موجودة حتى لو بشكل بسيط باعتبار أنها بدايات فقط وأول مباراة. ولكنها تعكس مؤشرات إيجابية لما هو قادم، نتعرض أبرزها في النقاط الآتية.
شخصية وشكل خططي ومرونة كبيرة
أول شيء ظهر على المنتخب المصري هو شخصية الفراعنة المفقودة منذ زمن بعيد. فأظهر كيروش شخصيته القوية والكروية الواضحة وانعكس ذلك على شكل المنتخب القومي في أرضية الملعب. وكان ذلك أولى السمات والملامح الجديدة في حقبة المدرب البرتغالي الجديدة للمنتخب الوطني في أول ظهور له.
الأمر الثاني للافت للانتباه هو الأسلوب الخططي الواضح للمنتخب رفقة كيروش. وهو ما كان شبه معدوم مع البدري بالسنوات الماضية. حيث اعتمد المدرب طريقة 4-2-3-1 ولعب بكل اللاعبين في مراكزهم الأصلية دون ابتكارات ليس لها داعٍ.
مع الاعتماد على اللعب على الأجنحة والأطراف في الشق الهجومي والعودة للدفاع كذلك. بالإضافة لالتزام لاعبي الوسط بواجبات واضحة سواء في الهجوم أو الارتداد دفاعًا والتغطية على الظهيرين واللعب طولاً وعرضًا. وهو أسلوب كيروش المعروف وكان مفقودًا بشدة بالفترة السابقة وسبب أزمات عديدة لمنتخب مصر.
كذلك ظهر بالشوط الثاني تغييره طريقة اللعب، حيث أظهر مرونة خططية كبيرة وبدأ يتأقلم اللاعبون على طرق مختلفة. وذلك لتحقيق أقصى استفادة من قدراتهم وزيادة وعيهم التكتيكي. ولعب بطريقة 4-1-4-1 وكذلك 4-3-3 بمشتقاتها، ولعب أيضًا بمهاجم وهمي في آخر فترات اللقاء. أي أنه جرب أغلب الأساليب والطرق التكتيكية، حتى يستقر على الشكل الأمثل للمنتخب في مواجهتي ليبيا.
انضباط والتزام تكتيكي وتثبيت عمود فقري
أظهر كيروش نسخة منضبطة ومتوازنة وملتزمة تكتيكيًا داخل الملعب وصنع شكلاً واضحًا للفراعنة من الجانب الخططي. وذلك بعد فترة تخطب فني وتكتيكي عميق للفريق القومي بالفترة الأخيرة. بمعنى أدق أعاد تنظيم المنتخب في هذا الجانب بشكل كبير وفعال، رغم قلة المدة التي عملها مع اللاعبين. هذا الانضباط التكتيكي أعاد الشكل والتماسك للمنتخب إلى حد كبير، وأظهر أن هناك فريقا متناغما يتحرك كتلة واحدة هجومًا ودفاعًا. كما يمتلك شكلا واضحا ومنظما دون عشوائية فنية سمة الفريق مع البدري وأجيري من قبل.
لوحظ أيضًا أن المدرب البرتغالي قام بتثبيت عمود فقري من اللاعبين في الفريق طوال المباراة. ولم يحدث عشوائية في التغييرات، ويلعب بفريقين كل شوط على حدا. بل نجده ثبت الشناوي حتى الدقيقة 70 ثم أخرجه وأشرك أبو جبل. وكذلك ثبت محمود الونش وأكرم توفيق بالدفاع وأيمن أشرف خرجوا في الدقائق الأخيرة من اللقاء فقط لإشراك عناصر أخرى يشاهدها.
كذلك في وسط الميدان ثبت عمرو السولية وطارق حامد حتى آخر لحظات المباراة ومحمد شريف في الهجوم. واستبدل ثلاثي الوسط الهجومي زيزو ومصطفى فتحي والسعيد وأشرك نجومًا آخرين مثل رمضان صبحي وأحمد سمير وإبراهيم عادل وأفشة. بل قام بتغييرات فنية داخل الملعب غير منتظرة باعتماد أحمد سمير الجناح ظهيرًا أيسر في آخر المباراة. وذلك من أجل تجريبه في هذا المركز الذي يعاني نقصا حادا بالفريق.
وكذلك باهر المحمدي كظهير وقلب دفاع وأحمد فتحي في الجزء الأمامي من وسط الملعب، ورمضان صبحي كمهاجم وهمي. وهي كلها أمور مبشرة من الجانب الفني والخططي للفريق تظهر إفادتها في قادم المباريات التي تحتاج لحلول مبتكرة للفوز.
روح ورغبة جديدة ومعنويات مختلفة
بعيدًا عن الجوانب الفنية والخططية، أظهر لاعبو منتخب مصر أمام ليبيريا روحًا مختلفة ودوافع جديدة لم تكن موجودة بالفترة الأخيرة. فقد قدم كل لاعب أقصى ما لديه دون تقصير أو رعونة. فالكل “جائع” للكرة ويريد إثبات نفسه للجهاز الجديد والمدرب العالمي الذي يقود المنتخب خلال الفترة الحالية والقادمة. الجميع يعطي كل ما لديه و”يأكل النجيلة” كما يقال بالمصطلح الكروي الدراج يحثًا عن فرصة في حسابات وتشكيل وقوام كيروش. مع الفراعنة بالفترة المقبلة التي تنتهي باللعب في كأس العالم بعد عام من الآن.
كذلك ظهر اللاعبون وكأنهم تخلصوا من أعباء نفسية كثيرة كان يثقلهم بها الجهاز السابق وحسام البدري. وظهر جليًا في مشهد مصطفى محمد عقب هدفه القاتل في الجابون. وأيضًا خرجت أنباء عن عدم اقتناع قطاع كبير منهم بالبدري كمدرب للمنتخب ولديه حب وكره لبعضهم ما يؤثر على عدالته في الاختيارات وبالتشكيل والمباريات. وهو الذي تخلص منه الجميع بعدما شعروا بعدالة وإنصاف كيروش وجهازه الجديد الذي سيختار الأكثر كفاءة وجهد لصالح المنتخب دون حسابات أو أمور أخرى بعيدًا عن كرة القدم.