تثير المناهج الدراسية الجديدة للصف الرابع الابتدائي تساؤلات حول قدرة المدارس الابتدائية على تدريسها على مستوى البنية التحتية ومؤهلات المعلمين بعد رفع العدد الإجمالي للمقررات إلى 12 مادة تعليمية، بينها أربعة جديدة تمامًا ونظام مختلف للأنشطة مع زيادة عدد الامتحانات إلى 6 في العام الواحد بدلاً من اثنين.

كان وزير التربية والتعليم طارق شوقي أعلن قبل أيام تبني نظام جديد للمواد الدراسية المقرر تطبيقها على الصف الرابع الابتدائي بجميع مدارس التعليم العام باستثناء الدولية. ليتضمن النظام الجديد المدارس الرسمية – الرسمية للغات – والرسمية المتميزة للغات – الخاصة بنوعيها العربي واللغات).

تتضمن المناهج المقررة: اللغة العربية، العلوم، الدراسات الاجتماعية، والرياضيات، واللغة الإنجليزية، التربية الدينية (إسلامية أو مسيحية)، والعلوم، والتربية الفنية، والموسيقية. قبل أن يتم استحداث مواد المهارات المهنية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والقيم واحترام الآخر.

تطوير مناهج الصف الرابع الابتدائي
تطوير مناهج الصف الرابع الابتدائي

بحسب الوزير، شكلت التغييرات المناهج القائمة لتكون أكثر تركيزا على فكرة بث الوطنية في نفوس الطلاب. فمنهج الدراسات الاجتماعية يتناول مصر ورموزها الوطنية بالمعنى الأوسع ليتضمن: المظاهر الطبيعية بها والمناخ، والموارد والخدمات بها، وأدوات تحديد المواقع، وموقع مصر بالنسبة للعالم، والمحافظات والأعياد القومية فيها وشعاراتها”.  فضلاً عن شخصيات مصرية مؤثرة، منها: جمال حمدان، وسيد درويش، وطه حسين، وطلعت حرب.

جمال حمدان
جمال حمدان

تم تضمين المنهج أيضًا شقا اقتصاديا وبيئيا وحقوقيا. بالحديث عن الحياة المستدامة والحرف التراثية. الذي يتماشي مع توجهات العالم حاليا للاهتمام بالتغير المناخي. كما يتضمن حقوق الأطفال مع التركيز على وضعهم الأسري، علاوة على مهن ومهارات المستقبل والمستثمر الصغير.

تتماشي الفكرة ذاتها، مع منهج اللغة العربية الذي يركز على الرموز الوطنية المعاصرة أيضًا. ويتصدره درس استماع عن الدكتور المصري مجدي يعقوب الطبيب العالمي عبارة عن حوار بطريقة “س” و”ج”، حول أسباب عودته لمصر وإنشاء مركز لجراحات القلب في مستشفى أسوان التعليمي الحكومي، ونصائحه للأطباء المصريين.

تخوفات مستمرة

يثير منهج العلوم، تحديدًا. تخوفات قطاع من المدرسين في المرحلة الابتدائية. فالمادة التي سيدرسها الطلاب لأول مرة  (الصفوف الثلاثة الأولى بالمرحلة الابتدائية لا تتضمن مادة علوم). خاصة أنه يتضمن حاليًا موضوعات مثل: أجهزة الإنسان الهضمي والتنفسي بأكملها بجانب خلايا النباتات والحيوانات والطاقة وأشكالها وآليات تحويلها، بالإضافة إلى بعض الدروس عن الكهرباء. ما يجعلها منهجا معقدا يتضمن أحياء وكيمياء وفيزياء.

تشمل المقررات الجديدة “تكنولوجيا المعلومات والاتصالات” التي تتضمن عددًا من الموضوعات حول البرمجيات وأنظمة التشغيل، وجمع البيانات وتحليلها والتعبير عنها في رسوم بيانية. وإعداد التقارير ونتائج الأبحاث، والمخاطر المرتبطة بالإنترنت والحماية منها. واستخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بطريقة صحيحة وأخلاقية.

 يشمل المقرر أيضًا دروسًا كيفية البحث على الانترنت. والأمان الرقمي والبرمجيات وأنظمة التشغيل ودعم الأشخاص ذوي الهمم، والتكنولوجيا وتطورها التاريخي، ومكونات جهاز الكمبيوتر. ومن المقرر أن يتولى  تدريسها مسئول غرفة مناهل المعرفة أو مشرف الحاسب في كل مدرسة بعد تأهيله، وهو أمر محل تساؤلات حول القدرة على توصيل تلك المعلومات المهمة والمعقدة لأطفال صغار.

منى عبدالهادي، الخبيرة التربوية، تؤكد أن الحكم على طلاب الصف الرابع الابتدائي حاليا لا يجب أن يتم وفق المنطلقات. فالأجيال الجديدة تتعامل مع التكنولوجيا من الخامسة بالتعامل مع الألعاب الإلكترونية وتحميلها. وبعض الأطفال في سن السابعة لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأعمار وهمية.

وأضافت أن تطور الاستغلال التكنولوجي للأطفال والاحتيال الرقمي يجعل تدريس مادة عنها بشكل مبسط أمرا ملحا لحماية الأسر كلها. خاصة أن الأبوين يتوليان مساعدة الأبناء في المذاكرة وبالتالي يمكنهم الاستفادة أيضًا من المقررات الجديدة.

القيم واحترام الآخر

وتشمل المقررات الجديدة منهج «القيم واحترام الآخر» الذي يتضمن 6 فصول عن (الحب والتعاطف واحترام الآخر وتقدير العمل والعلم والتسامح والسلام). وتستهدف منه الوزارة المحاربة المبكرة لأفكار التطرف، بجانب بعض الموضوعات القريبة من علمي النفس والاجتماع حول استقلالية الإنسان والتفكير الإيجابي في قراراته.

أما منهج المهارات المهنية. فيمثل محاكاة للنظام الألماني في الاستكشاف المبكر للأطفال لقدراتهم وإن كانت بعض دروسه أقرب إلى احترام الآخر خاصة ما يتعلف بالترابط الأسرى، والأدوار والمسؤوليات في الأسرة وطرق حل المشكلات فيها.

يتضمن المقرر دراسات حول مصادر المعرفة. والزراعة في المنزل. ورعاية نباتات الزينة، والمهن الصناعية، والاصلاحات المنزلية، والمهن الفندقية والسياحية، والمهن الأخرى في الأسر، والحياة والعمل من أجل التنمية المستدامةـ والموارد وإعادة التدوير وميزانية الأسرة)، مع شق عن الشخصيات المؤثرة مثل المهندس المصري هاني عازر، والمستكشفة ليلي سيداجات.

ويتكامل المنهج الجديد مع أنشطة التوكاتسو اليابانية. التي تتعلق بمفهوم التنمية الشاملة للطفل وتركز على بناء سلوكياته ومهاراته مع تنمية معارفه ومعلوماته ومهاراته العقلية، عبر «التعلم من خلال الممارسة» والتعلم من خلال اللعب»، ومن المقرر أن يتولى تدريسها رائد الفصل.

تتماشي فسلفة تلك المقررات كثيرًا مع التوجه العالمي لتطوير المناهج لكن الإشكالية في طبيعة بعض الدروس التي تتضمنها والتي لاتتناسب مع المرحلة العمرية لطلاب عمرهم 10 سنوات. خاصة ما يتعلق بالمشكلات الأسرية وكيفية علاجها والترابط الأسرى، والأدوار والمسؤليات في الأسرة.

مخاوف الأسر

يشكو أولياء الأمور من ارتفاع عدد المقررات التي تبلغ 12 مقررا دفعة واحدة. إذ لم يتم تأهيلهم لها في الأعوام الثلاثة الأولى بجانب احتياجها لمجهود مضاعف من الأسر. لمساعدة الطلاب على التحصيل خاصة مع تناقص دور المدرسة.

وتقول أمنية فرج، والدة طفلة في الصف الرابع الابتدائي. إن معلم الفصل لا يقوم بدوره. وزيادة أعداد المواد تعني المزيد من الدروس الخصوصية والمزيد من الضغط المالي على الأسر. خاصة مع عقد ثلاثة امتحانات في الفصل الدراسي الواحد.

لكن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني. يقول إن النظام الجديد تم تطبيقه على طلاب الصفوف الأولى حتى الصف الثالث الابتدائي. ولكن الفرق الوحيد هو وجود امتحانات في الصف الرابع الابتدائي.

طارق شوقي
طارق شوقي

وأضاف الوزير أن المناهج الجديدة تمتلك فلسلفة جديدة، قائلاً: (يا ريت الناس تساعدنا وتتفهَّم أن هذا أعلى مستوى من المناهج بمعايير دولية.. بحيث نوفر للطالب ما يأخذه الطلاب في سنغافورة واليابان وأمريكا. فليس مطلوبًا من الطالب حفظ المنهج؛ حيث سيتم التقييم بطريقة مختلفة.

4 ألوان للتقيم

وتثير الامتحانات تخوفات الأهالي. فالتقييم من خلال أربعة ألوان، فالأزرق يدل على تميز الطالب في اكتساب المهارات المعارف بنتيجة تتراوح بين  85 و100.  أما الأخضر فيدل على النتيجة بين 65 و85، ويشير اللون الأصفر إلى الحاجة لبعض المساعدة ونتيجة بين 50 و65. أما اللون الأحمر  فيدل على قلة التحصيل ويعكس نتيجة أقل من 50.

أسلوب تقييم الطلاب
أسلوب تقييم الطلاب

تتضمن الاختبارات ثلاثة مراحل خلال الفصل الدراسي أولها بعد شهر من الدراسة والثاني بعد  شهرين. أما بالنسبة للاختبار الثالث فيأتي في نهاية الفصل الدراسي ويحصل الطالب على النتيجة من خلال جمع مجموع الاختبارات الثلاثة.

ويضاف إلى الاختبارات المهام الأدائية. التي تقيس كمية المهارات التي اكتسبها الطالب خلال السنة الدراسية وتقدم نتيجة واضحة على مدى استفادة الطالب خلال الفصل الدراسي الواحد، وتتمثل في حصتين دراسيتين؛ الحصة الأولى يقوم المعلم بتوزيع عدد من المهام التي لها علاقة بالمنهج الدراسي على الطالب ويقوم الطالب باختيار واحدة من هذه المهام خلال وقت يقدر بحصتين داخل المدرسة.

درجات الحضور 

أصبح الطلاب في النظام الجديد مجبرين الحضور للمدرسة. بعد استحداث 5 درجات بكل مادة يحصل عليها الطالب عند انتظامه بالحضور. فإذا تغيب 3 أيام بعذر مقبول يحصل على 5 درجات. وحال تغيبه نفس العدد من الأيام بدون عذر يحصل الطالب على 3 درجات، وحالة تغيب الطالب عن الحضور كثيرًا دون وجود عذر يتم منحه درجة واحدة فقط. كما يجب أن يكون معدل حضور الطالب لا يقل عن 80% بالنسبة لمادتي التربية الرياضية ومادة التربية الفنية والتربية الموسيقية، وعدا ذلك يعتبر الطالب راسبًا.

نوالي شلبي مديرة مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية بوزارة التربية والتعليم كتبت عبر حسابها الرسمي على الفيسبوك: المناهج الجديدة تتضمن دمجا لذوي الاحتياجات الخاصة. بوجود 6 شخصيات تمثل أبطال الكتب الدراسية بينهم طفل كفيف وآخر قعيد بصفتهم من نسيج المجتمع المصري وللتأكيد على أن كلنا واحد.

ووفقا لشبلي. فإن المعلمين مؤهلين للتعامل مع المنهج الجديد. كما طبعت الوزارة دليلاً خاصًا بالمعلم لتوضيح طريقة تدريس كتاب اللغة العربية للصف الرابع الابتدائي. وتوضيح الهدف من كل نشاط وكيفية تنمية المهارات التي يعالجها. وكذلك كيفية تقويمها. بجانب الوسائل المعينة في شرح الدروس، والاستراتيجيات التدريسية التي يستخدمها مع التلاميذ، وكيف يراعي الفروق الفردية لدى التلاميذ، فيضع برامج علاجية للضعاف، وأنشطة وبرامج لإثراء مستوى المتفوقين.