رغم المناوشات التي تشهدها العلاقة بين الولايات المتحدة والقاهرة بشأن الملف الحقوقي، إلا أن مسار التعاون بين البلدين لم يشهد تأثرًا كبيرًا كما كان يعول البعض. رغم تعليق واشنطن 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقاهرة، والضغوط الكبيرة التي تُمارسها بشأن الإفراج عن نشطاء وحقوقيين تمت تسمية بعضهم.

تتصاعد الأصوات الحماسية في كلا البلدين. أحدها ترفض منح أية دولارات للحليف المصري دون تنفيذ شروط واشنطن بالمتعلقة بالانتقادات الحقوقية، والأخرى ترفض أية منح أو معونة، معوّلة على الاقتصاد المصري المُتنامي خلال الأعوام الخمس الأخيرة. في الوقت الذي يستمر فيه مسار البرامج التنموية بعيدًا عن التأرجح السياسي.

تتخذ تلك البرامج منحى يتعلق بقطاعات التنمية المستدامة على المدى البعيد. كالصحة، والتعليم، والبرامج القيادية، والمرأة. حتى الملف العسكري، الذي لوّحت واشنطن بالضغط من خلاله، يشهد ثباتًا كبيرًا في العلاقة بين الجيشين.

 

أعضاء السفارة الأمريكية بالقاهرة خلال تسليم لقاحات كورونا

منح وبرامج

شهد الأسبوع الماضي تبرع الولايات المتحدة بـ 1.6 مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا لمصر. وهو ما يضاف لأكثر من مليار دولار من المساعدات الصحية أرسلتها الولايات المتحدة إلى القاهرة منذ عام 1978. من ضمنها أكثر من 50 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للحد من تأثير فايروس كورونا في مصر.

وللعام العشرين على التوالي، يستمر برنامج التبادل الدراسي للشباب، لطلاب المدارس الثانوية. والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا، للدراسة في الولايات المتحدة، لمدة عام دراسي كامل. يشمل الإقامة لدى أسرة مستضيفة بالولايات المتحدة.

يضم البرنامج، والذي يحمل اسم ” كينيدى-لوجر للتبادل الثقافي والدراسي للشباب”، ما يقرب من 13000 طالب من أكثر من 45 دولة، منذ انطلاقه في عام 2003. تهدف المنحة لتنمية المهارات القيادية والشخصية، وتشجع على الالتزام تجاه المجتمع والدولة. وتأكيداً على مبدأ تكافؤ الفرص، تتيح الفرصة للطلبة بجميع مدارس الجمهورية (حكومي– تجريبيي – لغات – أزهري – دولي – مدارس المكفوفين).

أما برنامج الدوائر العالمية لـ Soliya، يتم تمويله من قبل وزارة الخارجية الامريكية عن طريق مبادرة ستيفنز في معهد أسبن فهو متوفر عبر الانترنت، وهو عبارة عن عمليات تبادل مُسهلة عبر الإنترنت بشأن التحديات والأحداث العالمية الحالية. يجب أن تتراوح أعمار المشاركين في البرنامج ما بين 18 و35 عامًا ويجب أن يلتزمون بـ 10 أيام من التبادل النشط.

ويحصل المشاركون الناجحون على شهادة إتمام البرنامج. وفرصة للتواصل مع أقرانهم في الولايات المتحدة ودول أخرى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وسيتمكنون من التواصل مع شبكة أكبر من الخريجين.

 

الزائر الدولي

قبل أيام، احتفلت السفارة الأمريكية بالقاهرة بالخريجين الجدد من برنامج الزائر الدولي للقيادة. وعقدت جلسة للاستماع إلى تجاربهم في برامج التبادل الشخصي والافتراضي. حيث استمر البرنامج بتقديم لقاءات افتراضية منذ بداية الوباء لمواصلة بناء العلاقات، بالرغم من عدم إمكانية السفر.

كذلك تستعد دفعة جديدة من الملتحقين بالبرنامج لبدء لقاءات افتراضية خلال الشهر الجاري.

برنامج الزائر الدولي للقيادة، هو برنامج التبادل المهني الأول التابع لوزارة الخارجية الأمريكية. منذ بداية انطلاق البرنامج منذ 80 عامًا، تمكن القادة الحاليون والناشئون من إقامة علاقات دائمة مع نظرائهم الأمريكيين والدوليين. من خلال زيارات قصيرة إلى الولايات المتحدة.

 

برنامج الزائر الدولي

مدن آمنة

كذلك استثمرت الحكومة الأمريكية، عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، 8 ملايين دولار في مشروع المدن الآمنة على مدار السنوات الثماني الماضية. قدّم المشروع التدريب لأكثر من 3000 من مقدمي الخدمات القانونية والنفسية والاجتماعية، والعاملين بمراكز إيواء السيدات، على كيفية الاستجابة ومواجهة العنف ضد المرأة.

وفي عام 2020 وحده، استخدمت أكثر من 50.000 امرأة الخدمات التي تقدمها مراكز استضافة المرأة المتاحة بفضل برنامج مدن آمنة. كما أنشأ المشروع أول وحدة لمكافحة التحرش في الحرم الجامعي في مصر، في جامعة القاهرة، ونفذ ثلاث حملات توعية على مستوى البلاد.

وأعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية، على صفحاتها، عن استمرارها في دعم تمكين المرأة والنمو الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.

تحسين التعليم

خلال العام الجاري، تنشط الشراكة بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، حيث سيتم قريبا إنشاء 10 مدارس دولية للتكنولوجيا التطبيقية.

على مدى السنوات الخمس الماضية، عززت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، جودة التعليم الفني في 63 مدرسة ثانوية مهنية في 11 محافظة. معًا. وساعدت في توظيف أكثر من 33000 خريج وباحث عن عمل، ثلثهم من الفتيات

في سياق آخر، اختتمت فعاليات برنامج “السفير لتحدي القراءة الصيفية 2021″، والذي يسعى إلى تعريف المصريين على الكتَاب الأمريكيين، بالإضافة إلى الأدب والتاريخ والثقافة الأمريكية.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، تلقت المكتبات التابعة لجمعية مصر للثقافة وتنمية المجتمع، وأميركيان كورنر المعادي، ومكتبة مصر العامة، مئات الكتب الأمريكية المعاصرة والكلاسيكية، مترجمة إلى العربية من خلال برنامج الكتاب العربي بالسفارة. كما شارك المصريون في نقاشات حول الكتب، عبر الإنترنت والمقابلات الشخصية، يديرها صناع محتوى الكتب، ومؤلفون، ونقاد كتب مصريون.

تعاون تكنولوجي

وللمرة السادسة، تم توقيع التجديد لبروتوكول التعاون العلمي والتكنولوجي بين مصر والولايات المتحدة. فعلى مدار 25 عامًا، شهدت العلاقات العلمية والبحثية المشتركة تطورًا ملحوظًا. وبرز ذلك في العديد من المشروعات البحثية الناجحة.

وتشمل الاتفاقية ثلاثة برامج. وهي، مشروعات بحثية مشتركة، وزيارات متبادلة للشباب الباحثين المصريين بأمريكا، بالإضافة إلى ورش عمل مشتركة بين الجانبين المصري والأمريكي.

ونتج عن التعاون البحثي المصري الأمريكي، خلال الأعوام العشرة الأخيرة، أكثر من 18 ألف بحثًا منشورًا. وهو ما يمثل 10% من إجمالي الإنتاج البحثي المصري خلال هذه الفترة.

خلال التوقيع، قال جونثان كوهين، السفير الأمريكي بالقاهرة، إن هذه الاتفاقية في مجالات العلوم والتكنولوجيا “هي شهادة أخرى على عمق العلاقة بين مصر والولايات المتحدة، في مجالات الشراكة المختلفة، والتنمية الاقتصادية، والحفاظ على التراث الثقافي، والتعليم”. مؤكدًا على اعتزاز بلاده بنقل خبرتها إلى مصر، والاستمرار في الشراكة معها، لتوسيع مبادرات العلوم والتكنولوجيا والمعرفة.

التعاون المصري الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا، يعد أول وأقدم برنامج تعاون دولي تم إسناده إلى هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار. منذ عام 2008، تم تمويل 139 مشروعًا بحثيًا مشتركًا، بقيمة تتجاوز 150 مليون جنيه من الجانب المصري. وكذلك تمويل ابتعاث 88 باحثًا من شباب الباحثين المصريين، للسفر والتدريب للجامعات الأمريكية، بإجمالي موازنات بلغت 17.2 مليون جنيه من الجانب المصري. بالإضافة إلى تنظيم عدد من ورش عمل بالشراكة مع باحثين أمريكيين ممولة من الجانب المصري

النجم الساطع 2021

تحرص الولايات المتحدة، منذ عقود، على المشاركة في التدريبات العسكرية مع مصر. خاصة في وجود دول أخرى. لذا، ورغم قرار إدارة الرئيس بايدن بحجب 130 مليون دولار من المعونة العسكرية المقدمة سنويًا إلى القاهرة، ظلت بلاده من أشد الدول انتظامًا في المشاركة في فعاليات تدريب “النجم الساطع”.

أقيمت هذا العام 2021، فعاليات التدريب العسكري الأكبر في الشرق الأوسط، والذي يُقام كل عامين، في قاعدة محمد نجيب العسكرية، الواقعة شمال غرب البلاد. حظيت أيام المناورات بزيارات قيادات أمريكية عديدة. منها السفير جوناثان كوهين، وكبير مسئولي الدفاع الملحق العسكري الجنرال جيليت، واللذان حضرا فعالية “الزائر المُميز”.

كذلك التقى الفريق / محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق أول كينيث ماكينزى، قائد القيادة المركزية الأمريكية. أكد رئيس الأركان حرص القيادة العامة على متابعة كافة الأنشطة التي تنفذ يومياً. فيما أشاد ماكينزي بالصدى الذى يحققه التدريب بكافة الأوساط العسكرية الدولية.

خلال التدريب نفسه، التقت اللواء تريسى نوريس قائد الحرس الوطني لولاية تكساس، كلاً من قائد القوات الجوية، وقائد قوات حرس، الحدود ورئيس هيئة تدريب القوات المسلحة. حيث أكدت قائد الحرس الوطني لولاية تكساس حرص بلادها على دعم علاقات التعاون العسكري، معربة عن تطلعها لمزيد من التنسيق، بما يلبى المصالح المشتركة فى ضوء عمق العلاقات بين البلدين.

تريسى نوريس قائد الحرس الوطني لولاية تكساس

وأُقيم النجم الساطع 2021 بقاعدة محمد نجيب العسكرية، ومناطق التدريب القتالي للقوات البحرية، والجوية، والمنطقة الشمالية العسكرية. بمشاركة 20 دولة صديقة. وهو أبرز الأنشطة التدريبية المشتركة الهامة التي تحرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تنفيذها، في إطار تعزيز العلاقات العسكرية بين مصر والعديد من الدول العربية والأجنبية. لتبادل الخبرات، وتنمية مهارات القادة والضباط، للحفاظ على الكفاءة القتالية وتوحيد المفاهيم العملياتية.