أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية السودانية الانشقاق عن قوى إعلان الحرية والتغيير. بعد اتهامات بسيطرة أربعة أحزاب عليه. وتشكيل فصيل سياسي جديد أطلق عليه تيار الإصلاح يتصدره قادة حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام. ليكون بمثابة حاضنة سياسية جديدة في مواجهة قوى إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي). الذي لا يزال الحاضنة السياسية لحكومة عبد الله حمدوك.

تصاعد التوتر بين المكون العسكري والمدني في السودان
تصاعد التوتر بين المكون العسكري والمدني في السودان

ويضم تيار الإصلاح بقوى الحرية والتغيير 81 حزبا وفصيلا سياسيا. كانوا ضمن إعلان الحرية والتغيير الأول وتم اقصاءهم. إضافة إلى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في جوبا. مع فتح الانضمام لكافة الأحزاب السياسية. فيما عدا المؤتمر الوطني المنحل. بدعم من القوات المسلحة، ويتصدرها مني أركو مناوي، الأمين العام لحركة تحرير السودان، وجبريل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة، والتوم هجو رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي ـ الجبهة الثورية.

منذ الإعلان عن تدشين تيار الإصلاح بالحرية والتغيير. بدأت الأطراف المتنافسة حشد الجماهير في محاولة لإظهار القدرة على السيطرة على الشارع السوداني. فيما سيطرة لغة التصنيف والتخوين في خطاب كلا التيارين.

يتهم المنتمين للأحزاب الأربعة المسيطرة على الحرية والتغيير المنشقين بأنهم أداة للعسكر لتفتيت أصوات المدنيين وإحداث الفرقة بينهم، وأن تحركاتهم هو جزء من محاولات فلول النظام السابق لإفشال التحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة. فيما اتهم المنشقين من تيار الإصلاح، ممثلي الأحزاب الأربعة والموالين لهم بمحاولة السيطرة على المناصب والاستئثار بالسلطة وحدهم واقصاء أي فصيل سياسي أخر باعتبار أنهم الأحزاب الأقوى في الشارع. منذ تدشين تيار الإصلاح تحت هدف توسيع الشراكة السياسية في قيادة المرحلة الانتقالية. والمطالبة بتمثيل عادل للقوى السياسية. إلا أن هذا الانشقاق لم يخلف إلى حالة من الاستقطاب الحاد بين القوى السياسية والموالين لهم في الشارع السوداني.

مسار ديمقراطي مهدد

منذ توقيع الوثيقة الدستورية في السودان في أغسطس 2019. بين المجلس العسكري وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير. وتعديلها لتضمين بنود اتفاق جوبا للسلام في 2020. لا تزال إدارة المرحلة الانتقالية تواجه العديد من التحديات. أبرزها التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني. وغياب العدالة وبطء تنفيذ اتفاق السلام مع الحركات المسلحة بخاصة بند الترتيبات الأمنية.

وفقاً للوثيقة الدستورية التي كانت بمثابة اتفاق لتقاسم السلطة بعد إزاحة نظام البشير في أبريل 2019. فإن المرحلة الانتقالية ستكون 39 شهرا. بدأت بتشكيل مجلس سيادة برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان. وتنتهي بحكومة مدنية منتخبة. إلا أن تنفيذ بنود الوثيقة أصبح مهدداً وهو ما وصفة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بالأزمة الوطنية.

 

البلاد تعيش واقعا معقدا وتشهد أزمة وطنية شاملة نجمت عن الفشل في تحقيق الإجماع الوطني الشامل منذ استقلال السودان في العام 1956.. قال عبدالله حمدوك

كان الخلاف بين المكون المدني. بدأ مع اعتراضات لحزب الأمة على تعطيل الإصلاحات. ووضع عراقيل من أجل تشكيل المجلس التشريعي من قبل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير. حيث اتهم حزب الأمة مجلس قوى الحرية والتغيير. بأنه لا يمثل إلا مجموعة صغيرة. مطالباً أجهزة الدولة بعدم اعتماد أي قرارات تصدر عنه. وظل تبادل الاتهامات ضد حزب الأمة بأنه هو من يريد تعطيل مسار إصلاح الحرية والتغيير بتمسكه بتمثيل أعلى على حساب المكونات الأخرى.

حمدوك
حمدوك

وفي بداية سبتمبر الماضي. حاول رئيس الوزراء. عبد الله حمدوك لم الشمل وحل الخلافات من خلال التوقيع على الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير. في إطار مبادرة وطنية تبناه حمدوك تحمل شعار “الطريق إلى الأمام”. من أجل توحيد قوى الشعب. مؤكداً أن النموذج السوداني القائم على الشراكة بين المدنيين والعسكريين. هو الطريق الوحيد للانتقال إلى وضع ديمقراطي مستدام.  وشارك فيها أكثر من ٤٠ حزبا وحركة وتحالفا سياسيا ومنظمات مدنية. إلا أنها لم تحظ بقبول قوى الكفاح المسلح وبعض السياسيين.

تيار الإصلاح والعسكر

أبرز الانتقادات الموجهة إلى لجنة الإصلاح المنشقة عن قوى الحرية والتغيير هي المولاة ودعم المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية باعتبار أنها تمهد له الطريق للاستئثار بالسلطة في السودان، خاصة بعد انتشار دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي موجهة من مجلس السيادة لدعوة ممثلي البعثات الأجنبية في الخرطوم بحضور الاحتفال بالتوقيع على لجنة إصلاح الحرية والتغيير.

عادل خلف الله
عادل خلف الله

في حديث صحفي لجريدة السوداني. نفى القيادي بالحرية والتغيير، عادل خلف الله، أي علاقة بين لجنة الاصلاح والمجلس العسكري رداً على الاتهامات بلقاءات اللجنة المستمرة بالفريق البرهان. مؤكداً أن هذه اللقاءات لم تكن محصورة على البرهان. لكنها في إطار لقاءات عديدة بالإدارات الأهلية. والطرق الصوفية، وأساتذة الجامعات، لطرح مشروعاً ورؤية. في ظل الأزمات المتعددة التي يشهدها السودان حيث لا يزال الشرق مهدد بالإغلاق. وسد مروي كاد يتوقف ولكن مجموعة الاختطاف الرباعي بالحرية والتغيير غير مشغولة بذلك، مؤكداً أن لجنة الإصلاح ضد مهزلة مجموعة الاختطاف التي وقعت الإعلان السياسي ، وأنها تيار عريض يضم أسر الشهداء، النقابات المهنية، لجان المقاومة و22 فصيلاً سياسياً ثورياً، وحركات كفاح مسلح .

بداية المواجهة

وبدأت ملامح الخلاف بين أطراف المكون المدني من جانب والمكون العسكري بعد شروط تداولتها الصحف السودانية اليوم. وضعها رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان ونائبة محمد حمدان دقلو. باستبعاد ممثل المكون المدني محمد سليمان الفكي من مجلس السيادة كشرط لاحتواء الأزمة. وبالتالي ابعاده من أي اجتماع لمجلس السيادة أو أي اجتماع مشترك لمجلسي الوزراء والسيادة. حيث كان المكون العسكري علق أي اجتماعات في أجهزة الحكم تجمعهم مع المكون المدني.

كان الفكي وهو العضو المدني في مجلس السيادة السوداني. أول من تحدث وندد بمحاولات الانقلاب داخل المكون العسكري. ومندداً بما أسماه “الانغلاق في العملية السياسية”. متزعماً التيار الذي ينادي بإقصاء العسكر عن المشهد السياسي. ما كان قد رد عليه البرهان في تصريح غير مباشر قائلاً : “لا أتشرف بالجلوس مع ناشط بقول أنا بخصم من رصيده السياسي”. بعد أن كان الفكي قد صرح أن “قبول التفاوض مع المجلس العسكري بعد مجزرة فض اعتصام القيادة كان فقد كبير من الرصيد السياسي للمناضلين”.

محمد الفكي سليمان
محمد الفكي سليمان

وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي أمس تغريدات تدعو لتولي محمد الفكي سليمان رئاسة مجلس السيادة الانتقالي عن المكون المدني، #الفكي_لرئاسة_السيادي.

ويرى مراقبون أن انشغال المكون المدني بالمعارك البينية سيكون بيئة غنية لتعزيز الصراع مع المكون العسكري وتصفيه الأسماء الرئيسية التي لا تزال تحظى بقدر من القبول الجماهيري في الشارع السوداني، وهو ما ظهر في الحرب على محمد سليمان الفكي، ليس فقط بعد التنعت ورفع تأمين القوات المسلحة للجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام المؤتمر الوطني، والتي يشغل الفكي منصب الرئيس المناوب لها ولكن في بمطالب صريحة باقصاءه وابعادة من المشهد السياسي.