خلال تسعينيات القرن الماضي، تفاءل الجميع بالتطور في تكنولوجيا المعلومات، باعتباره الطريق نحو عالم يتسم بقدر أكبر من الشفافية، ويزيل الحدود، وقدرة أكبر على التحرر المعلوماتي. وما إن حققت ثورة تكنولوجيا المعلومات هذه الانفراجة الديمقراطية الحديثة، حتى انقض عليها حكام العالم، لتتحول ثورة تكنولوجيا المعلومات من أداة للتحرر الإنساني، إلى خدمة الهدف المعاكس. استطاعت تركيبة الرأسمالية “النيوليبرالية” الاقتصادية الحاكمة لعالم اليوم. أن تقلب أدوات ثورة المعلومات لتخدم الهدف المعاكس، وتحولت الهواتف النقالة والإنترنت وكاميرات المراقبة في الشوارع والميادين والمحلات العامة، ودور السينما والمسارح، ووسائل النقل العامة، وحتى تاكسي تكنولوجيا المعلومات .. إلخ، تحولت إلى أدوات قوية للمراقبة واسعة النطاق في تعاون تام من قبل الشركات المخصخصة، وأجهزة ومؤسسات ووزارات الأمن والدفاع.
ما بعد 11 سبتمبر 2001
في أعقاب أحداث 11 سبتمبر2001، مباشرة. أطلقت القوى الحاكمة عالمياً، بقيادة أمريكية، “الحرب العالمية على الإرهاب“، ومع انتقال شركات التكنولوجيا من مجال الإعلام والاتصالات إلى مجال الأمن القومي، كانت النتيجة دمجاً وازدهاراً لشركات تكنولوجيا المعلومات في سوق “الحرب العالمية على الإرهاب”، وبخلق مساحات أوسع من الفوضى والاضطرابات الناجمة عن سياسات التجويع “النيوليبرالية” الاقتصادية. وتسخير كل وسائل الإعلام للتركيز على ما يفاقم مشاعر الخوف من الإرهاب لدى الجمهور. بات الخوف من الإرهاب فجأة أكبر بكثير من الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة. ومن ثم بات من الممكن بيع المعلومات الشخصية التي تم جمعها من بيانات تكنولوجيا المعلومات، ليس فقط للأغراض التجارية، بل أيضًا، وبقيمة مضاعفة، لأجهزة الأمن والدفاع المختلفة كبيانات أمنية. لقد قايضت “النيوليبرالية” الاقتصادية بواسطة سلاح “الحرب العالمة على الإرهاب”، الحرية الشخصية مقابل الأمن، فحقق عالم الشركات الخاصة “الشركاتية”، أرباحاً طائلة، ومازال.
“لدينا حكومة تقوم بمهمة مقدسة هى زيادة جمع المعلومات،ولدينا صناعة تكنولوجيا معلومات تستميت فى سبيل أسواق جديدة”.
بيتر سواير، مستشار لحكومة كلينتون،
من الأمثلة المدهشة، أنه مباشرة في أعقاب أي عملية إرهابية، تنزل قوات عسكرية مدججة بأحدث الأسلحة وملابس القتال الميداني، في شوارع باريس أو لندن أو أي مدينة أخرى، مع أن العملية الإرهابية قد تمت وانتهت بالفعل، وأصبحت المهمة استخباراتية بامتياز، سواء شرطية أو عسكرية، فتكون النتيجة الفعلية، هي إرهاب السكان ومشاهدي نشرات الأخبار، ونشر “فوبيا الإرهاب”!.
كاميرات المراقبة
لقد حدث ازدهار في صناعة الأمن القومي مع كاميرات المراقبة. حيث وضعت 204 مليون منها في بريطانيا، أي واحدة لكل 14 شخصاً، و30 مليون كاميرا في الولايات المتحدة تصور حوالى 4 مليارات ساعة تصوير في السنة!. ولكن ذلك ولد مشكلة: فمن كان سيشاهد ويحلل 4 مليارات ساعة تصوير؟!، وهكذا ظهرت سوق جديدة “لبرامج التحليل” تمسح الأشرطة وتخلق التطابقات. ما خلق أكثر العقود ربحية للشركات الخاصة. على سبيل المثال: دفع سلاح الطيران 9 مليارات دولار لمجموعة من هذه الشركات، في عقد واحد؛ لقد انفجرت صناعة الأمن القومي في غضون بضع سنين فقط– وهي كانت بالكاد موجودة قبل أحداث 11 سبتمبر –، وحينها تحولت المعلومات حول من يشكل تهديداً للأمن أو لا، إلى منتج يباع، عندها تتغير القيم الثقافية. ويولد دافعاً قوياً لتحقيق الأرباح، واستثمار المشاعر الانسانية بالخوف والشعور بالخطر الذين كانا وراء إنشاء هذه الصناعة أصلاً.
صناعة الهلع
لقد برز مجال أعمال جديد، ناجح ومربح، فكلما أصيب الناس بالهلع ظناً منهم أن الإرهابيين متربصون وراء كل مسجد في العالم. بعد أن كان الشيوعيون في السابق. انتشر نظام الهوية الإلكترونية. وازدادت مبيعات آلات رصد المتفجرات، وكاميرات المراقبة الالكترونية. وبعد أن كان حلم العالم “قرية صغيرة”، وخلو من الحدود. وكان مفتاح الأرباح في التسعينيات، التجارة الحرة “العولمة”. أصبح كابوس الجهاديين والمهاجرين “غير الشرعيين” الذين يهددون العالم الغربي، يلعب الدور نفسه، المدر للأرباح، بعد 11 سبتمبر 2001.
لم تعد الفوضى وعدم الاستقرار مكسباً لبعض تجار الأسلحة فقط. بل أصبح يولد أرباحاً طائلة لقطاع الأمن ذي التقنية العالية، ولصناعة البناء الثقيل، لإعادة الإعمار. ولشركات الرعاية الصحية المعنية بمعالجة الجنود المصابين، والمصحات النفسية. وحتى شركات دفن الموتى. ولقطاعي الغاز والبترول، وبالطبع شركات المتعاقدين، “الشركات الكبرى الخاصة”، من أجل الدفاع.
بعد حرب العراق، 22 جندى ينتحرون فى الولايات المتحدة، يوميًا
الاستفادة من الكوارث
يعتبر مهندسو الحرب على الإرهاب من أوائل المستفيدين من الكوارث. حين تشكل لهم الحروب وغيرها من الكوارث. هدفاً بحد ذاته، حين يخلط “ديك تشينى” و”دونالد رامسفيلد” بين ما هو جيد لـ”لوكهيد” و”هاليبرتون” و”كارلايل” و”غيلياد”. وما هو مفيد للولايات المتحدة والعالم، يعتبر تقييمهما ذا عواقب خطيرة، فالكوارث هي التي تزيد من أرباح تلك الشركات، – الحروب والأوبئة “كوفيد 19، مثلاً”. والكوارث الطبيعية “الزلازل، الحائق الهائلة، الفيضانات .. الخ”، وأزمات نقص الموارد، أي أن من مصلحة تلك الشركات زيادة واستمرار الكوارث.
استفاد “ديك تشينى”، نائب الرئيس، من أسهمه فى شركة “هاليبرتون”، حيث قفز سعر السهم بنسبة 300%، بفضل تحليق أسعار الطاقة وإبرام العقود، الذين نتجا كلاهما بشكل مباشر عن دفع “تشينى” بالبلاد الى شن حرب على العراق.
للأسف، تساهم الشركات الخاصة العالمية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات. في سياق سعيها الدائم والنهم لتعظيم أرباحها. في توفير أدوات فعالة في الرصد والتحليل والتعقب، لتشهد الساحة “الافتراضية”. صراعاً بين قوى الحجب والإخفاء والتضليل. مستعينة بأحدث انجازات تكنولوجيا المعلومات. وبين قوى الإباحة والشفافية والبحث عن الحقيقة، مستعينة بمبادرات شبابية خلاقة، مبعثها إيمانهم العميق بقيم الحرية.
ليس صدفة أنه قبل سنوات من سيطرة الولايات المتحدة وأوروبا على إمكانيات صناعة تكنولوجيا المعلومات. في مجال الأمن العالمي. كانت مصانع إسرائيل التكنولوجية المتقدمة منشغلة بتطوير صناعة الأمن القومي. باتت إسرائيل بفضل هذا التطور، مثالاً يجب اتباعه في سوق ما بعد 11 سبتمبر. وعندها نلاحظ تمتعها بازدهار اقتصادي من جهة. وبالحروب التي تشنها على البلدان المجاورة وتصعيد العنف في الأراضي المحتلة، من جهة أخرى. وشكل التوسع السريع لاقتصاد الأمن عالي التقنية. فاتح للشهية قوى جداً داخل إسرائيل للفئات النافذة، الغنية والحاكمة. للتخلي عن السلام من أجل القتال في حرب دائمة ومتوسعة على حركات المقاومة، وعلى اكثر من جبهة لدول فى الشرق الاوسط، والتى تسميها اسرائيل بـ”الإرهاب”، او داعمة او راعية للـ”الإرهاب”.
“نحن لا نبحث عن راية سلام، بل نهتم لسلام الأسواق”.
“شيمون بيريز” 1993.
وماذا عن مصر؟!
أخذ الرئيس المخلوع الراحل مبارك، يراوغ الأمريكيين سنوات. حتى لا يغير عقيدة الجيش المصري الى عقيدة “الحرب العالمية على الإرهاب”! .. لماذا؟!، بالطبع لم يكن مبارك يسارياً معاديا للإمبريالية الأمريكية. ولكنه كان يدرك قدر وخطورة أن ينتقل الجيش من عقيدة قتال خارجى “العدو”، الى عقيدة قتال داخلي “الإرهاب”، “الحرب العالمية على الإرهاب”، مدركا خطورة الاحتكاك الخشن بين الجيش وقطاعات من الشعب. وكما قال السيسي عن حق: “الجيش آلة قتل”!، تكوينه الوظيفي للقتل، بالإضافة إلى أنها مهام شديدة الحساسية تقع ضمن نطاق اختصاصات وزارة الداخلية. المهيأة وفقاً لدورها الوظيفي ولتركيبتها ونوعية أسلحتها وتدريباتها، لمثل هذه النوعية من المهام، والأهم، هو امتلاكها لخبرات ومعلومات على مدى عشرات السنين من التعامل مع مثل هذه المهام، في حرب تمثل فيها المعلومات السلاح الناجز في الانتصار؛ هذا بالإضافة الى مواجهة احتمالات مفزعة تستحضرها الـعقيدة الأمريكية للحرب العالمية على الإرهاب. التي تصيغ مفهوم فاسد ومضلل عن “الإرهاب”. يتضمن المقاومة المسلحة ضد الاستعمار، باعتبارها إرهابًا، كما يتضمن، أي مقاومة “تمرد” ضد السياسات “النيوليبرالية الاقتصادية”. سياسة إفقار الشعوب، التي تقودها الولايات المتحدة، تعتبره ارهابًا.كما تنبأ رادولف والش: ستختطف أرواح كثيرة بعد عن طريق البؤس المخطط له”، أكثر منه عن طريق الرصاص.
مذكرة التفاهم في مجال الأمن
في يناير 2018، وقّعت مصر على اتفاقية مذكرة التفاهم في مجال الأمن وقابلية تبادل الاتصالات” والمعروفة بـ “سيزموا” (CISMOA) مع واشنطن. وتُعتبر هذه الاتفاقية شرطاً قانونياً من الولايات المتحدة لتزوّد الدولة الحليفة الموقّعة بأجهزة ونظم اتصالات مشفّرة. ما يمكّنها من استخدام وسيلة الاتصال المباشر خلال الوقت الحقيقي والفعلي. ويتطلّب هذا الأمر من الدول الموقّعة أن تسمح بدخول أفراد وعناصر من الجيش الأمريكي إلى مرافقها ونظم الاتصالات الخاصة بها. وكانت مصر قاومت سابقاً التوقيع على هذه الاتفاقية لمدة ثلاثين سنة. وعندما وقعت عليها تأخرت في الإعلان أنها قامت بذلك الأمر لمدة شهرين.”.
وكما لا يوجد طريقة لطيفة ورقيقة لاحتلال الشعوب رغم إراداتها. فما من طريقة رقيقة سلمية لسلب ملايين المواطنين لكرامتهم. وأمام الاحتمالات المقلقة عن مستقبل حالة الاستقرار الاجتماعي والسياسي. يأتى سلاح المعلومات على رأس أسلحة مواجهة القلاقل والاضطرابات “المحتملة”. حتى قبل أن تبدأ. في هذا السياق يأتي مثال بارز على ذلك، تمثل اختراق خصوصية المواطنين، من خلال تمرير المادتين التاسعة والعاشرة، من قانون “النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات”. والخاصتين بربط البيانات الخاصة بالمواطنين، – إلى أين ذهبوا، ومتى ذهبوا، وإلى أين عادوا ومتى. وبرط ذلك بمن ذهبوا إلى نفس المكان في نفس الميعاد، وكذا في العودة، يمكن ربط العلاقات أو الجماعات أو التنظيمات، وبالمعلومات المصرفية لهؤلاء الأشخاص، وكاميرات مراقبة المطاعم والكافيهات التي يترددون عليها، ومعلومات عن طريق الهاتف أو الإنترنت، تتشكل لدى الجهات الأمنية صورة تفصيلية عن حياتك الخاصة أو العامة، سواء كنت معارضًا أو لا. وفرض ربط هذه البيانات بالجهات المختصة “الأمنية”، (4 ملايين مستخدم و150 ألف سائق، دون اشتراط توافر أمر قضائي مسبب!)، وأن تكون خوادم البيانات داخل مصر، (مع العلم أن خوادم شركات تكنولوجيا المعلومات، “بيانات الإنترنت” عموماً. تكون موجودة عادةً في كل مكان في العالم. فيما يسمى بالخوادم السحابية وليست في مكان بعينه!). وهي المطالب التي رفضتها في البداية شركتى “اوبر” و “كريم”.
خصوصية المواطنين
وبالرغم من ملاحظات مجلس الدولة على مشروع القانون، واعتراضه على بعض المواد التي اعتبرها تنتهك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين التي يكفلها الدستور، صدر القانون!
لقد تم تمرير هذا القانون بهاتين المادتين، من خلال الـ”تكتيك” المعتمد عالمياً، والذى يمكن صياغته على الوجه التالى، بـ”تفعيل أزمة، يمكن تمرير ما لا يمكن تمريره”. فكان “توظيف” معاناة سائقى ومالكى التاكسى الابيض وأسرهم، وكذلك قلق 150 ألف سائق بخلاف ملاك السيارات التى تعمل مع شركتي أوبر وكريم، ومعظمهم محمل بأقساط السيارات التى اشتروها خصيصاً للعمل فى هذا المشروع، قلق التاكسى الابيض من جراء “خرق” السلطات للقانون والدستور، بتركها لشركتى أوبر وكريم، “متعددة الجنسيات”، تعملان لأكثر من عامين دون قانون!، مما أثر بالسلب على أرزاق سائقى ومالكى التاكسى الأبيض وأسرهم، (370 ألف سائق وملاك التاكسى الأبيض وأسرهم).
وليتم تفعيل الازمة الى الذروة، بعد اصدار حكم قضائى بوقف نشاط الشركتين، ثم الغائه بعد ساعات من صدوره، بناءاً على طلب من هيئة قضايا الدولة “الحكومة”!، أى التلويح بالوقف، دون وقف، تم “توظيف” مخاوف شرائح من المجتمع المصرى، خاصة من الطبقة الوسطى (4ملايين مستخدم)، من احتمالات وقف هذه الخدمة بعد ان وجدت فيها هذه الشرائح، حلاً لكثير من معاناتهم المزمنة فى الانتقال خاصةً فى القاهرة والاسكندرية؛ لقد تم الاستفادة من الأثر النفسي لحكم المحكمة بوقف نشاط الشركتين. وانتهى حتى بعد إلغاؤه. ولا يمكن بالطبع اعتبار أن ترك السلطات المصرية الشركتان تعملان لأكثر من عامين دون قانون، أنه كان من باب السهو!. إنه من أجل هدف استراتيجي.
هكذا تحولت تكنولوجيا المعلومات من سلاح للحرية. إلى سلاح معاكس لها. إذا ما أرادت الاستفادة من خدمة النقل البري المطور باستخدام تكنولوجيا المعلومات. عليك أن تسلمنا “الحق القانوني” في اختراقنا “لحقك الدستوري” فى حرمة حياتك الخاصة!.
“لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل،
واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.”
المادة 19 من الاعلان العالمى لحقوق الانسان 1948
الدستور المصري
من الملفت، تعمد الدستور المصري 2014، المعدل في 2019. أن يتجاهل حق المواطن في البحث والتنقيب عن الأخبار والمعلومات. كما يتجاهل حقه في تلقى هذه المعلومات والأخبار من الغير. وكذلك حقه في إذاعتها بكل الوسائل وفى كل الأماكن، هذا الحق للمواطن، ليس داخل الوطن فقط، وإنما خارجه أيضًا، وهى الحقوق الواردة في العديد من المواثيق الدولية والإقليمية، الموقّع عليها من قبل الحكومة المصرية منذ سنوات!، كالمادة 19 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” للأمم المتحدة، والمادة32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والمادة التاسعة من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
لقد اكتفت المادة 68 من الدستور المصري 2014، والمعدل في 2019. بأن “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة. حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية.. وفقاً للقانون”!، أي أن الدستور المصري اكتفى فقط، بالحق في الإفصاح –مجرد الإفصاح- عن البيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية، وتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية .. وفقاً للقانون!، انما حق المواطن فى البحث والتنقيب عن الأخبار والمعلومات، وتلقيها من الغير، وإذاعتها بكل الوسائل وفى كل الأماكن، داخل الوطن وخارجه، فإنكار تام لها، دستورياً!.
إن حق تداول المعلومات قد ظهر لأول مرة في المادة 47 من دستور 2012. أما في دستور 2014. فقد تم نقل الشروط المقيدة لحق الحصول على المعلومات (المساس بالحريات الخاصة، وحقوق الآخرين، والتعارض مع الأمن القومي). الواردة كنص دستورى فى المادة 47 من دستور 2012، قد تم نقلها الى القانون فى نص المادة 68 من دستور 2014!.. أى أنه خفض المرتبة التشريعية للشروط المقيدة لحق. “الحصول على المعلومات”، من مرتبة أعلى كحق دستوري، إلى مرتبة أدنى كحق قانوني فقط!.
غياب قانون حرية تداول المعلومات..”أوكسجين الديمقراطية”
بالرغم من مرور سبعة أعوام على إقرار الدستور المصري 2014، إلا أن هذه الحقوق الدستورية المنقوصة والمقيدة، لم تتحقق بعد، لعدم صدور القانون الذى ينظم العمل بها، وفقاً لنص الدستور نفسه!، أي لا ممارسة قانونية لهذه الحقوق المنقوصة!، إن الغياب الطويل لصدور قانون حرية تداول المعلومات، بدون “أكسجين الديمقراطية”، خنق للديمقراطية الموعود بها فى الدستور المصرى!.