شهد الأسبوع المنقضي حراكا دبلوماسيًا شبه مكثف لإحياء مفاوضات سد النهضة، وفق الآلية التي أرساها مجلس الأمن الدولي، والتي تتمسك مصر والسودان إزاءها بمباحثات تقود إلى اتفاق ملزم قانونا، وهو ما ترفضه إثيوبيا حتى الآن، فيما أظهرت إيطاليا موقفًا لتحريك المفاوضات.
مصر تطلب عودة مفاوضات بدون شروط
قال وزير الخارجية، سامح شكري، إن مصر لا تضع شروطا مسبقة لاستئناف المفاوضات مع اثيوبيا حول سد النهضة، لكن المفاوضات “لن تكون بلا نهاية”. وأكد شكري، في تصريحات تليفزيونية، وجود رؤية واضحة مع السودان، تتفق على أن هذه المفاوضات لا يجب أن تكون “بلا نهاية”، ومصر تسعى دائما لإظهار “حسن النية في التفاوض، وبناء الثقة”.
لكن شكري جدد ثقة مصر بأن يتم استئناف المفاوضات وفقا لما تم اعتماده من مكتب الاتحاد الأفريقي وأيضا البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، بغرض الوصول إلى اتفاق قانوني وملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، ويتم خلال فترة وجيزة. وشدد على أن البيان الرئاسي عن مجلس الأمن “إنجازا كبيرا في هذه القضية”، لاسيما أنه أتي بعد فترة من الجهد المبذول حتى جرى التوافق بين 14 عضوا بمجلس الأمن بما فيهم دول دائمة العضوية.
واعتمد مجلس الأمن الدولي بيانا رئاسيا منتصف الشهر الماضي يشجع مصر والسودان وإثيوبيا على استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي للوصول لاتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد “خلال فترة زمنية معقولة”.
وتأتي هذه التصريحات على وقع جهود طرأت مؤخرا، لإحياء المفاوضات المتعلقة بالسد؛ إذ صرّح وزير الخارجية المصري سامح شكري، الجمعة الماضي، أن “هناك اتصالات تتم على مستوى الرئاسة الكونغولية (للاتحاد الإفريقي) الراعي للمفاوضات، لطرح الرؤى بشأن استئناف الحوار المتعثر منذ شهور”.
ولم يحدد الاتحاد الأفريقي موعدا لاستئناف المفاوضات، غير أن رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فليكس تشيسكيدي، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأفريقي، صرح الشهر الماضي أن المفاوضات ستستأنف في “المستقبل القريب”.
حديث للاستهلاك المحلي
وشدد سامح شكري على أن التوصل لاتفاق لا يتطلب أي وقت بشرط وجود “إرادة سياسية حقيقية من الجانب الإثيوبي”. وقال إنه إذا كان لديه الرغبة في التوصل إلى اتفاق “فنحن جاهزين تماما وإذا استمر على هذا التعنت فلا يؤشر إلى وضع مريح وينبئ بمزيد من التوتر على المستوى الإقليمي”.
وعن تصريحات المسؤولين الإثيوبيين برفض التوقيع على أي اتفاق ملزم بخصوص سد النهضة، قال شكري “إنه حديث للاستهلاك المحلي ولمواجهة الأوضاع الداخلية”.
سامح شكري: مصر ستتخذ الإجراءات لتأمين احتياجاتنا
وبشأن سيناريو رفض إثيوبيا المفاوضات وعدم الوصول إلى اتفاق ملزم، أوضح شكري أن المفاوضات مرتبطة “بالحفاظ على حقوق مصر واحتياجاتها المائية وعدم المساس بهذه الاحتياجات”. وشدد على أن مصر “ستتخذ من الإجراءات لتأمين احتياجاتنا، وسنرصد أي محاولة لانتقاص أو المساس بالحصة المصرية في المياه”.
وأضاف: “استمعنا للكونغو ورؤيتهم لاستئناف المفاوضات، ومفترض أنهم تواصلوا مع السودان وإثيوبيا ونحن في إطار الرد على الجانب الكونغولي وأيضا تلقى ردود كل من السودان وإثيوبيا، وعندما يتم ذلك سنقيم الأمر وسنحدد خطانا لما هو مقبل”. وتوقع وزير الخارجية أن يتم دعوة لاستئناف المفاوضات قريبا، وفى هذه الحالة “مصر على استعداد للجلوس على طاولة المفاوضات”.
مصر تعرض حثيثات موقفها على منظمات دولية
وفي سياق متصل، أبدت مصر رغبتها في استكمال المفاوضات المتعلقة بـ”سد النهضة” الإثيوبي، شريطة “حفظ حقوقها المائية” بهدف التوصل إلى اتفاق “عادل وملزم” لجميع أطراف الأزمة.
جاء ذلك في تصريحات لوزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، خلال استقباله وفدا من منظمات دولية تعمل بمجال إدارة الموارد المائية، برئاسة المنسقة المقيمة للأمم المتحدة إلينا بانوفا، والقائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيلفان ميرلن.
كما حضر اللقاء، الذي عقد بالقاهرة، ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وسفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا وفنلندا، وفق بيان لوزارة الري، اطلعت عليه الأناضول. وقال الوزير عبد العاطي، إن “مصر حريصة على استكمال المفاوضات (الخاصة بسد النهضة) مع التأكيد على ثوابتها في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق”.
وأكد ضرورة “السعي للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية”. وأضاف أن “سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل يعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حاليا، خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل السد، وما ينتج عنها من تداعيات سلبية ضخمة”.
السيسي يتسلم رسالة خطية من راعي المفاوضات
تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأحد، رسالة خطية من الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، الذي يرعى مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وسلم الرسالة إلى السيسي المبعوث الخاص للرئيس الكونغولي جان ليون نجاندو الذي أجرى زيارة إلى القاهرة، وفق بيان للرئاسة. وأوضح البيان أن تشيسيكيدي أعرب في رسالته للرئيس المصري عن “التقدير العميق لمساندة مصر للكونغو الديمقراطية في إطار رئاستها للاتحاد الأفريقي”، دون ذكر تفاصيل أخرى بشأن مضمون الرسالة.
ولفت إلى أن السيسي وتشيسيكيدي تباحثا، خلال اللقاء، بخصوص “تطورات عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحة القارية والتي تمثل أولوية على أجندة الاتحاد الأفريقي خلال الفترة الحالية”، دون التطرق لتفاصيل تلك القضايا، وما إذا كانت شملت من عدمه أزمة سد النهضة، التي تعد أحد الأبرز بالقارة السمراء حاليا.
وزير الري إثيوبيا تستهلك ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين
قال وزير الري المصري محمد عبد العاطي، إن حجم المياه الخضراء “مياه الأمطار” في إثيوبيا يصل إلى أكثر من 935 مليار متر مكعب سنويا.
وأوضح خلال استعراضه تطورات قضية مياه النيل، والموقف الراهن إزاء مفاوضات السد الإثيوبي، مع وفد دولي، برئاسة إلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، أن 94% من أراضي إثيوبيا خضراء، بينما الأراضي الخضراء في مصر تصل إلى ٤% فقط.
وأشار عبدالعاطي، إلى أن إثيوبيا تمتلك أكثر من 100 مليون رأس من الماشية، تستهلك 84 مليار متر مكعب سنويا من المياه، وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين. وأضاف أن إثيوبيا تستهلك أيضا المياه الزرقاء والمخزن منها 55 مليار متر مكعب في بحيرة تانا، و10 مليارات أمتار مكعبة في سد تكيزي، و3 مليارات في سد تانا بالس، و5 مليارات في سدود فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة.
وأوضح وزير الري، أن هذه الكميات من المياه، بخلاف 74 مليار متر مكعب، من المخطط أن يختزنها سد النهضة. وألمح إلى زراعة 3 ملايين فدان زراعة مروية في إثيوبيا، بالإضافة إلى 90 مليون فدان زراعة مطرية، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا، بإجمالي 40 مليار متر مكعب سنويا، وتقع على أعماق تتراوح بين (20-50) متر فقط من سطح الأرض، وهي مياه متجددة، في حين تعتبر المياه الجوفية في صحاري مصر مياهها غير متجددة.
وزير الخارجية: نشكر روسيا على الموقف من سد النهضة
قال سامح شكري، وزير الخارجية، إن هناك العديد من الملفات موضع التقاء مع الجانب الروسي، بالإضافة إلى اهتمام البلدين بتطوير العلاقات والاستفادة المتبادلة من تنميتها، وتنفيذ المشروعات الكبرى سواء منطقة الضبعة أو المنطقة الروسية الصناعية.
وأكد سامح شكري، في تصريحات تليفزيونية، الاستمرار في العمل المشترك في الإطار المتعدد، واستمرار الجهد المشترك في تناول التحديات المختلفة ومنها قضية سد النهضة، والجهد الذي بذل لخروج البيان الرئاسي من مجلس الأمن.
وأوضح أن قبول روسيا بصدور بيان مجلس الأمن حول سد النهضة استدعى توجيه الشكر لها، خاصة أن روسيا دولة دائمة العضوية لها تأثيرها على أعضاء آخرين من حيث القرارات التي تتخذها، لافتا إلى أن روسيا متفهمة لاهتمام مصر بقضية سد النهضة والجهود التي بذلتها للتوصل إلى صيغة تحقق أهداف الدولة المصرية وتراعي الاعتبارات السياسية المرتبطة بروسيا ودول أخرى.
إيطاليا تدعم حلا تفاوضيا لأزمة سد النهضة
أجرت نائبة وزير الخارجية الإيطالية، مارينا سيريني لقاءات متعددة الأطراف لدعم التوصل إلى حل بشأن أزمة سد النهضة.، وفق وكاةل الأنباء الإيطالية “آكي”.
وأعلنت مارينا سيريني دعم إيطاليا للتوصل إلى حل تفاوضي بشأن النزاع حول سد النهضة بين دول حوض النيل الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا). وأكدت، في تغريدة على “تويتر”، بعد لقائها وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، الالتزام أيضًا بالاستجابة للأزمة الإنسانية وتسريع إطلاق الحوار الوطني في إثيوبيا، فضلاً عن دعم علاقة بناءة بين أديس أبابا من جهة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
كما كانت قضية سد النهضة حاضرة في لقاء آخر لنائبة وزير الخارجية الإيطالية مع الوكيل المساعد بوزارة الخارجية السودانية، إلهام إبراهيم محمد أحمد، جددت خلاله الأولى دعم بلادها للتحول الديمقراطي في السودان وللاستقرار الإقليمي. ويشارك مسؤولون أفارقة في الاجتماع الوزاري إيطاليا- أفريقيا في دورته الثالثة، الذي سينعقد غدًا الجمعة في العاصمة روما.
إثيوبيا.. تعيين “سيلشي بقلي” كبير مفاوضي ومستشاري سد النهضة
عيّن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الخميس، وزير المياه والري السابق، سيلشي بقلي، كبير مفاوضي ومستشاري سد النهضة.
جاء ذلك ضمن جملة قرارات لرئيس الوزراء الإثيوبي عيّن خلالها عددا من المسؤولين بدرجة وزير. وشملت القرارات تعيين “تيفري فكري” لمنصب وزير شؤون مجلس الوزراء.
والأربعاء، صادق البرلمان الإثيوبي على الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء آبي أحمد. وتضمنت 22 حقيبة، منها 3 لأحزاب المعارضة لأول مرة و7 سيدات ضمن التشكيلة الحكومية فيما تم إدخال 11 وزيرا جديدا والإبقاء على 11 آخرين.