بخطوات مماثلة، اِقْتَفَت موسكو أثر واشنطن في المنطقة، كلما رفعت الأخيرة قدمًا وضعت الأولى قدمها مكانها. في محاولة قد يراها البعض لـ”ملء الفراغ”، الذي أحدثته سياسة الولايات المتحدة الانسحابية من الشرق الأوسط، أو تخفيف الانخراط، وإعادة رسم خطوط مواجهتا إلى نحو جنوب شرق آسيا.

في بعض الحالات نجحت روسيا في مبتغاها، منذ أن اعتبرت الشرق الأوسط مكانًا مناسبًا لفرض نفوذها. لكنها ليست الولايات المتحدة، فمقاعد البعض قد لا تناسب الآخرين، حتى يتم إعادة تفصيلها من جديد. وهو ما قد يحتاج إلى فترة أطول من بضع سنوات وقَّعت خلالها موسكو اتفاقات عسكرية وأمنية مع دول الخليج العربية.

أظهرت السنوات الماضية فتورًا في العلاقة بين واشنطن ودول الخليج العربية، وصل في بعض محطاته إلى فقدان الثقة. فواشنطن لم تعد الضامن لأمن الخليج بعدما قررت أن تحول معركتها لمواجهة الصين. ودول الخليج هي الأخرى التفت إلى فاعلين آخرين لتنويع شراكتها، تحسبنًا للحظة تخلٍ أوسع نطاقًا من مجرد سحب معدات وجنود، أو إظهار مواقف فاترة تجاه خصوم دول الخليج.

لذلك ساهم تغيير ديناميكية العلاقات والتوازنات على ساحات التواجد الأمريكي في تنمية طموحات موسكو التوسعية بالمنطقة. كما كانت سياسة فلاديمير بوتين تتحين فرصة التراجع الأمريكي عن المناطق الاستراتيجية للتعجيل بملء الفراغ. ونشر الحضور الروسي بمختلف أدواته، السياسية والاقتصادية والعسكرية.

دوافع دول الخليج للتقارب مع روسيا

من الناحية النظرية تمثل موسكو ضامنًا مهمًا لأمن الخليج، في حال الاعتقاد بمنهج “الإحلال والاستبدال”، لكنها عمليًا تبقى أدنى درجة من القوة الأمريكية. ورغم ذلك فإن دول الخليج لن تجد بديلاً عن التعاون مع روسيا لهذه الأسباب:

فتور العلاقة الأمريكية والخليج

استكمل الرئيس الأمريكي جو بايدن سياسية إعادة ترتيب أوراق واشنطن في الشرق الأوسط. باعتبار أن الصراعات القائمة حروبًا استنزافية لا نهاية لها. ومن ثم استعادة القوات الأمريكية المنتشرة في مناطق النزاعات، من الصومال، وكذلك من أفغانستان.

هنا شعرت دول الخليج بأن الشرق الأوسط لم يعد بنفس درجة الأهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية. ومع هذا الفتور تراجعت عدد الزيارات الرسمية من جانب الأمريكيين. حيث جرى إلغاء اجتماع كان مقررا بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن. كذلك سحبت الولايات المتحدة منظومة الدفاع الصاروخي باتريوت من السعودية، إلى جانب سحب أنظمة باتريوت المضادة للصواريخ من الأردن والكويت والعراق. بالإضافة إلى نظام دفاع (ثاد)، فضلاً عن إسقاط الحوثيين من قوائم الإرهاب.

اقرأ أيضًا| “تأثير القلق”.. كيف غيّرت “11 سبتمبر” وما تلاها علاقات دول الخليج مع واشنطن؟

ووفق هذه التغيرات، سارعت دول الخليج نحو تهدئة التوترات مع قطر من خلال اتفاق العلا، وكذلك اتفاق أبراهام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، ومن هنا أفسحت دول الخليج المجال لقوى أخرى.

الهروب إلى المنافس

خلال عقود، وطدت دول الخليج علاقاتها مع الولايات المتحدة في مواجهة الخصوم الإقليميين. وعلى الجهة الأخرى، وجدت إيران في الصين وروسيا حاضنة قوية في إيجاد توازن لمواجهة التحالف الأمريكي الخليجي. حيث أمدت الصين طهران بالتكنولوجيا المدنية والعسكرية، مما عزز قدرات إيران الاقتصادية والسياسية والعسكرية. كما لم تنصاع الصين للعقوبات الأمريكية من حيث وقف التبادل التجاري مع إيران. مما ساعد طهران في مواجهة الحصار الاقتصادي والتقني والسياسي الأمريكي المفروض عليها.

بوتين والملك سلمان
بوتين والملك سلمان

وكذلك ساندت موسكو البرنامج النووي الإيراني من خلال شركة “أتومسترويكسبورت” الروسية، حتى انتهت من محطة بوشهر للطاقة النووية. كما تتوسع استثمارات شركات النفط والغاز الروسية مثل (غازبروم) و(لوك أويل) في حقول الطاقة الإيرانية. وفي أكتوبر 2019، انضمت إيران إلى اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي إلى جوار روسيا.

وفي ظل تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها، رأت دول الخليج نفسها مدفوعة نحو حتمية التقارب مع هذا الحلف. أولا لتحقيق طمأنينة أمنية، والثاني حتى لا تترك المجال لإيران وحدها.

الانسحاب من أفغانستان والمخاطر الأمنية

أما قرار الانسحاب من أفغانستان بالطريقة التي جرت، مثلت رسالة شديدة القلق للخليج. وضاعفت إحساس عدم الثقة في واشنطن. كما أن التهديد الإرهابي المرشح للتنامي بعد استيلاء طالبان على الحكم، مع عالمية الحركات المتطرفة، يضع دول الخليج والشرق الأوسط عمومًا أمام فوضى محتملة.

روسيا استغلت الموقف لصالحها، وأعلنت استعدادها الاعتراف بطالبان بهدف احتواء الحركة، ومن ثم ملء فراغ واشنطن في أفغانستان. وهنا بدت أمام الخليج كورقة رابحة، باعتبارها من بات يمسك اللجام في المنطقة.

اقرأ أيضًا| شواهد على فقدان دول الخليج الثقة في واشنطن

مصالح روسيا لدى الخليج

ما سبق يبرر الاندفاع الخليجي نحو روسيا لإحداث شراكة متعددة الجوانب، اقتصادية وأمنية. لكنه لا يعني أن موسكو هي الأخرى لا تملك دوافع مماثلة، بحكم أنها تريد زيادة حصتها في أسواق السلاح، وجذب استثمارات ضخمة من الدول الغنية لإنعاش اقتصاديها، وغيرها كما يلي:

ساحة جديدة

تمثل دول الخليج لروسيا مسرحًا رابحًا، بعد تدهور علاقتها بدول أوروبا في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم. وتضييق الاتحاد الأوروبي الخناق على النفوذ الروسي، من خلال فرض عقوبات على موسكو. وبالتالي حاولت روسيا الدوران حول جبهة الناتو الجنوبية في كل من منطقتي شرق وجنوب المتوسط، والبحث عن شراكات وتحالفات جديدة، لتعويض ما فقدته من نفوذ على المستوى الأوروبي. وجاءت فرصة خروج القوات الأمريكية من مناطق تمركزها أمام روسيا بهدف ملء الفراغ الأمني ولعب دور سياسي لإبراز كونها قوة عظمى، خاصة منطقة الخليج باعتبارها ساحة حيوية للتنافس.

بوتين وبن سلمان
بوتين وبن سلمان

قوة الطاقة

تعلم روسيا جيدًا حجم المكاسب التي تجنيها من منطقة الخليج وهي كتلة نفطية رئيسية في تحديد أسعار النفط العالمية. وبالتالي أداء السوق العالمي، باعتبار أنها تحتوي على 56% من الاحتياطات العالمية. وتنتج المملكة العربية السعودية ما يقرب من 12 مليون برميل من النفط يوميا أي ما يقرب من 12% من الإنتاج العالمي. أما بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، تحتل المرتبة السابعة عالميا من حيث الإنتاج. وأيضا تنتج الكويت ما يقرب من 3 ملايين برميل من النفط يوميا.

ويمثل حجم الطاقة بمنطقة الخليج أداة اقتصادية جاذبة للشراكات الاقتصادية. كذلك التقارب الروسي الخليجي يمتد إلى مجال التنسيق الثلاثي بين السعودية والإمارات وروسيا في إطار “أوبك+” بشأن ملف النفط بهدف الحفاظ على توازن السوق. وبقاء أسعار الطاقة مرتفعة بالتنسيق مع الموردين الرئيسيين في دول الخليج.

سوق أسلحة متصاعد

يعتبر الشرق الأوسط السوق الأكبر لمنتجات الأسلحة في السنوات الأخيرة، لأسباب تتعلق بالمنافسة العسكرية بين الدول الإقليمية وارتفاع حجم التوتر في المنطقة. حيث زادت حصة واردات الأسلحة بالنسبة للمملكة العربية السعودية خلال الفترة 2016-2020 إلى ما يزيد عن 60% عن حصتها خلال الخمس سنوات السابقة. وكذلك ضاعفت قطر من حجم وارداتها بنسبة 360% خلال نفس الفترة وفقا لإحصائيات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام.

وتتنافس روسيا والصين مع الولايات المتحدة في التجارة العسكرية. إذ ترغب روسيا في زيادة حجم مبيعاتها، والنيل من حصة الولايات المتحدة في منطقة الخليج. وفي ظل التطورات الأخيرة، ترسخ لدى الدول الخليجية ضرورة تنويع مصادر الأسلحة ما يتلاقى مع أهداف موسكو.

ملامح التقارب

حاولت روسا اختراق جبهة الحلفاء الأمريكيين في منطقة الخليج من خلال التدخل التدريجي عبر بعض الأدوات:

الشراكة في مجال التسليح

تعتبر السعودية من أكبر الدول الخليجية من حيث نسبة استيراد السلاح. وخلال المنتدى العسكري التقني الدولي “جيش 2021″، بحضور وفود من دول الخليج كالبحرين والإمارات وغيرها، عملت روسيا على تعزيز علاقاتها العسكرية مع المملكة. ووقع نائب وزير الدفاع السعودي “الأمير خالد بن سلمان” مع نظيره الروسي “أوستن” اتفاقية عسكرية في 24 أغسطس تتضمن توطيد الشراكة والتعاون العسكري. ما يعني انفتاح السعودية بشكل أكثر جرأة على استيراد السلاح من مصادر مختلفة. كما اتخذت خطوات لتطوير برنامج نووي مدني لتوليد الكهرباء بمساعدة صينية.

وفي عام 2019، جرى توقيع “إعلان الشراكة الاستراتيجية” بين الإمارات وروسيا، والذي وضع أساس آفاق التعاون المستقبلي بين الطرفين. وتضمن التعاون على عدة مستويات منها التفاهم حول شراء مقاتلات “سو-35” الروسية. وخلال منتدى “جيش 2021” صرح “ألكسندر فومين الجابري” نائب وزير الدفاع الروسي بأن “روسيا مستعدة ليس فقط لتزويد المعدات والأسلحة، ولكن أيضًا لمشاركة التقنيات وتوطين الإنتاج في الإمارات العربية المتحدة.

الزيارات الرسمية

ركزت روسيا على دبلوماسية الزيارات مع دول الخليج. ففي أوائل مارس، قام وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” بزيارة لدول الخليج شملت قطر والسعودية والكويت والإمارات. وحرص على التفاهم بشأن عدة قضايا حيوية تتعلق بالاقتصاد والملف السوري والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبعد أيام من زيارة لافروف، أرسلت موسكو مبعوثها الرئاسي الخاص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، “ميخائيل بوغدانوف”، في زيارة أفريقية للدعوة إلى المشاركة في القمة الروسية الأفريقية المقبلة.

وزير خارجية روسبا سيرجي لافروف، يساراً، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان يحضرن مؤتمر صحفي في أبوظبي، 9 مارس 2021
وزير خارجية روسبا سيرجي لافروف، يساراً، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان يحضرن مؤتمر صحفي في أبوظبي، 9 مارس 2021

وعلى هامش الانعقاد الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، انتهز وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” الفرصة. وعقد جلسة حوار استراتيجي مع دول مجلس التعاون الخليجي للتباحث حول القضايا المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط. وكذلك المبادرة الروسية بشأن ضمان الأمن المشترك في منطقة الخليج.

الوجود العسكري

حاولت روسيا توسيع نفوذها العسكري في محيط الشرق الأوسط والخليج. واتجهت لعقد اتفاقية بصدد إنشاء قاعدة عسكرية في السودان على البحر الأحمر. كما تعتزم تأسيس مركز لوجيستي للبحرية في السودان، كذلك أعلن الكرملين عن خطط لبناء مركز لوجستي في إريتريا.

الحرب السورية

استطاعت روسيا منذ البداية أن تصبح فاعلاً رئيسيًا في الحرب السورية. حيث تدخلت لمساندة نظام بشار الأسد، وعلى الرغم من أن دول الخليج اتخذت موقفًا معارضًا، ساعد بوتين في ضمان انتصار الأسد. نجحت روسيا في إقناع دول الخليج بالتعاون مع نظام الأسد. وأعادت كلا من الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق في ديسمبر 2018. وتعهدت الكويت بإعادة فتح سفارتها في دمشق، كما تراجع الدعم العسكري المالي والعسكري الموجه من السعودية وقطر لحركات المعارضة السورية. كذلك أكد وزير الخارجية السعودي “فيصل بن فرحان” أهمية التنسيق مع روسيا بشأن عملية السلام السورية خلال زيارة لافروف إلى الرياض في مارس. وتأتي هذه الجهود الروسية في سبيل توحيد الموقف الدولي والخليجي تجاه نظام الأسد بما يخدم الأهداف الروسية في المنطقة.

التعاون الاقتصادي

عقدت روسيا مجموعة من الصفقات الاقتصادية مع الدول الخليجية. واستثمر صندوق الاستثمار الروسي (RFPI) في مشروع نيوم السعودي الاستراتيجي. كذلك من خلال اللجنة الحكومية المشتركة السعودية الروسية، اتفق الطرفان أثناء الجلسة السابعة في مايو 2021، على التعاون فيما يزيد عن 50 مشروعا في قطاعات الطاقة، والاقتصاد، والمعلومات وغيرها.

كما وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعلان الشراكة الاستراتيجية مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في عام 2018 من أجل التعاون السياسي والأمني ​​والاقتصادي والثقافي. ويشارك صندوق الاستثمار الروسي مع صندوق الثروة السيادية الإماراتي في عدد من المشاريع. كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات بنسبة 79% في النصف الأول من عام 2021. مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.

نقاط خلافية تضعف نظرية “ملء الفراغ”

رغم هذا التعاون الآخذ في التنامي بين دول الخليج وروسيا، لكن ثمة عقبات ونقاطا خلافية تحول دون تطابق كامل في الرؤى. وهو ما يضعف فكرة “ملء الفراغ” على النحو التالي:

علاقة روسيا وإيران

يصعب على روسيا أن تحل مكان واشنطن في الخليج دون أن تحدد موضع علاقتها بإيران، ذلك أن موسكو التي تعد أكبر موردي الأسلحة لإيران، وذراعها في المنطقة، ستبقى أمام معادلة متناقضة تمسك بطرفيها، في الطرف الأول تبيع السلاح لإيران وأذرعها التي تهاجم الخليج. على روسيا أن حل هذه الإشكالية إذا رغبت في لعب دور أكبر بالمنطقة. وينسحب هذا الملف على موقف روسيا من الملف السوري، بهدف الوصول لصيغة حل توافقية مع دول الخليج.

علاقة روسيا وإيران من النقاط الخلافية
علاقة روسيا وإيران من النقاط الخلافية

اقرأ أيضًا| هل تستطيع إيران والخليج العيش في سلام؟

عدم الثقة

لا يمكن تجاهل فقدان الثقة بين الطرفين، لاسيما أن جزءا كبيرا في روسيا لا يزال يحمل الخليج مسؤولية نشر الفكر المتطرف في الجمهوريات الإسلامية في الفضاء السوفيتي السابق. ومع التطور الحادث في أفغانستان فإن انفتاح روسي خليجي تتحسب له موسكو جيدًا كما ستفرض مراقبة دقيقة على ضلعها الضعيف في القوقاز. انطلاقا من هذا الجانب لا تنسى روسيا دعم السعودية ودول الخليج للجهاد الأفغاني.

محدودية قدرات روسيا

وبمقارنة الطرفين الروسي والأمريكي، تبدو الأولى غير قادرة على سد فراغ الثانية، باستثناء أنها اتجهت للبحث عن فرص أخرى، بعد فرض عقوبات الناتو. كما أنها لم تستطع التفوق على الولايات المتحدة من حيث بيع منتجاتها في الشرق الأوسط. كذلك لم تستطع روسيا الحصول على قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط باستثناء قاعدة طرطوس في سوريا. وحتى الآن بصدد مفاوضات لتنفيذ اتفاقية قاعدة بورتسودان.

نظام جديد.. ملعب متشابك ومُتهادن

لذلك، ثمة طرح يلوح أمام الخبراء لفهم مستقبل علاقة روسيا ودول الخليج، يرتكز على أن البديل لواشنطن ليس بالضرورة روسيا وحدها. وهذه الرؤية تعتمد على إمكانية بناء نظام جديد متعدد، يسمح بإشراك عدة قوى عالمية مناهضة لواشنطن في المناطق التي تشهد تخفيفا لحضورها.

لذلك يرى البعض أن الشرق الأوسط أو الخليج خاصة، يمكن أن يكون ملعبًا لجمع مختلف التوجهات، كروسيا وتركيا وإيران. وحتى واشنطن التي لم تنسحب كليا من المنطقة. وذلك وفق نظام يعتمد على المهادنة وخفض الصراعات، وهو ما يرشحه الحوار الاستراتيجي الجاري الآن في المنطقة.

ما سبق يعني أن روسيا لا تملك القدرات اللازمة لملء الفراغ الأمريكي، خاصة في جانبه الاقتصادي، باعتبارها أن رأس المال الخليجي هو من سيتحكم في مراحل معينة بطبيعة هذه العلاقات، بيد أن موسكو قطعًا تستفيد من التراجع الأمريكي في بعض المناطق، لكنها لا تسعى للعب الدور الأمريكي ذاته. ولذلك يمكن أن تكون أحد أطراف نظام متعدد يعمل معاً في المنطقة.